\r\n وللحقيقة فإن هذه المحاكمة تعد الأكبر من نوعها على الإطلاق في تاريخ محاكمة مجرمي الحرب في لاهاي. ويواجه خمسة من المتهمين تهمة الإبادة الجماعية التي تعد أقصى أنواع الجرائم وأفظعها في عرف القانون الدولي. وكما سبق القول فستدور المحاكمة حول دور الضباط المتهمين في أبشع مجزرة شهدتها القارة الأوروبية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. يذكر أن سربرينتشا كانت منطقة عزل آمن تابعة للأمم المتحدة وقتئذ. لكن على رغم ذلك, فقد شهدت مصرع ما يقارب ال8 آلاف رجل مدني وطفل وامرأة. أما عدد المقابر الجماعية التي تم الكشف عنها في تلك المنطقة فقد بلغ 60 مقبرة بالتمام والكمال. \r\n يشار إلى أن المتسببين الرئيسيين في تلك المجزرة هما الجنرال راتكو ملاديتش وشريكه القائد السياسي رادوفان كراديتش, وقد فر كلاهما وعاش في الخفاء لما يزيد على العقد الكامل من الزمان. بيد أن بعض الحاضرين هنا في قفص الاتهام اليوم, يعدون بين المقربين منهما في أوساط قادة قوات الشرطة والجيش التابعة لصرب البوسنة, وهي القوات التي اجتاحت منطقة سربرينتشا الآمنة وعاثت فيها قتلاً وذبحاً بين مدنييها الأبرياء. يذكر أيضاً أن هذه المحكمة جاءت بعد عدة أشهر من الاستعدادات لها, في غمرة اعتراضات قوية من عدد من المحامين, على تقديم هذا العدد الكبير من المتهمين بجرائم الحرب في قضية واحدة. وكان من رأي هؤلاء المحامين أن إدارة إجراءات المحكمة ومداولاتها, تعد مهمة قضائية في غاية الصعوبة بالنظر إلى مشاركة ما يزيد على العشرين من محامي الدفاع والاتهام, إضافة إلى عدد المتهمين البالغ سبعة. وليس ذلك فحسب, بل وأيضاً بحكم تعقيد وخطورة الاتهامات التي تنظر فيها المحكمة. \r\n غير أن الحجة التي استندت عليها هيئة الاتهام بقيادة كارلا ديل بونتي, هي أن تقديم المتهمين في قضية واحدة مشتركة العناصر والأركان والجرم, سيجنب المحكمة التكرار من جهة, ويخفف العبء عن الشهود, إلى جانب تأمين الاستمرار في جريمة ارتكبت خلال حملة واحدة من حملات الإبادة الجماعية من جهة أخرى. هذا وقد عقدت محكمة مشابهة أولى جلساتها يوم الاثنين الماضي, للنظر في الاتهامات الموجهة إلى ستة من الضباط العسكريين والساسة الصربيين, فيما يتصل باضطهادهم وترحيلهم لما يصل إلى حوالى 800 من مواطني إقليم كوسوفو ذي الأغلبية العرقية الألبانية من بيوتهم وديارهم في عام 1999. وتعد تلك المحاكمة ترجمة عملية للجهود الرامية إلى تقديم مجرمي تلك الحرب للعدالة وأخذ القصاص منهم. يبقى القول إن هذه المحكمة المخولة بالنظر في جرائم حرب يوغوسلافيا السابقة التي وقعت في عقد التسعينيات, تواجه ضغوطاً دولية متصاعدة, تطالبها بالنظر في كافة الملفات والقضايا المؤجلة وإنهاء عملها, بل وإغلاق أبوابها قبل حلول عام 2010. \r\n أما المتهمون الخمسة بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية –على نحو ما تمت الإشارة إلى ذلك آنفاً في صدر هذا المقال- فهم: الكولونيل لوجيبسا بيرا, رئيس قوات الأمن لجيش صرب البوسنة, ولجبومير بروفوكانين نائب قائد قوات شرطة صرب البوسنة, وفينكو باندروفيتش قائد اللواء الذي قاد الهجوم على سربرينتسا, ودراجو نيكوليك رئيس القوات الأمنية التابعة للواء صرب البوسنة, والمقدم فوجادين بوبوفيتش, وهو ضابط متهم بإدارة الشرطة العسكرية الصربية. إلى ذلك فقد جرى اتهام كل من راديفوج مليتتش والجنرال ميلان جفيرو بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بين بقية المتهمين الآخرين الذين تنظر في قضيتهم محكمة لاهاي الآن. وتشمل الجرائم المنسوبة للمتهمين الأخيرين, عرقلة وصول المؤن والمساعدات الإنسانية لعشرات الآلاف من لاجئي إقليم سربرينتشا. \r\n هذا ويتوقع أن يكون قرار المحكمة في هذه القضية –على نحو ما نشر عبر شبكة الإنترنت- القرار الأوسع مدى من نوعه على الإطلاق فيما يتصل بمحاكمة المجرمين المسؤولين عن مذابح سربرنتشا, التي طالت المسلمين البوسنة, فيما لو لم يظهر إلى حين الإعلان عنه بعد عام كامل من الآن, المجرمان الرئيسيان الهاربان: الجنرال ملاديتش وشريكه السياسي المتهم كراديتش. \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n