\r\n والأمر كله يتعلق بالمواربة والتلفيق ومحاولة تحسين مؤشرات استطلاعات الرأي قليلاً باستغلال الأنباء عن مقتل الزرقاوي، زعيم فرع القاعدة في العراق، وحقيقة أنه بعد خمسة أشهر من المماحكات، تمكنت القيادة العراقية الجديدة أخيراً من تعيين وزيرين للداخلية والدفاع. \r\n \r\n \r\n لماذا على الإدارة أن تعبأ بأي حديث صريح مع الأميركيين إذا كان كل ما تحتاج إليه هو تلفيق الأمور بطريقة بارعة. \r\n \r\n \r\n في هذه الأثناء، وفيما تتوجه أنظار الجميع إلى الجهود المبذولة لإظهار أن العراق يسير في اتجاه أفضل، لا يبدو أن أحداً يلاحظ أن أفغانستان - أتذكرون أفغانستان، الوجه الإعلامي لنجاح حملة إدارة بوش في الحرب العالمية على الإرهاب؟ تسير في الاتجاه الخاطئ بوتيرة تنذر بالخطر. \r\n \r\n \r\n فحركة طالبان بقيادة الملا عمر، بدأت تستجمع قواها مجدداً وبشكل عنيف هذا الصيف، حيث راحت تشن عملياتها في وحدات كبيرة منضبطة وحسنة التسليح في الجنوب. وبالاستفادة من تجربة المسلحين العراقيين، بدأت قوات طالبان أيضاً بتوظيف عبوات متفجرة يدوية الصنع أكثر تطوراً، إضافة إلى الألغام والكمائن ضد قوات الحكومة الأفغانية والقوات الأجنبية ومسؤولي الإغاثة الدوليين. \r\n \r\n \r\n وهذا كله يحدث قبل شهر واحد فقط من الموعد المقرر لبدء قيام القوات الأميركية بتسليم المسؤولية عن هذه المنطقة المتفجرة إلى بعض حلفائها في الناتو. \r\n \r\n \r\n ومن المؤكد أن الضربات الجوية الأميركية تلحق دماراً كبيراً بالوحدات العسكرية الكبيرة التابعة لطالبان، عندما تخرج للقتال. لكن الأضرار الجانبية، من قبيل الموت والدمار الذي يطال المدنيين، قد تعاظمت أيضاً. \r\n \r\n \r\n ولقد دفعت هذه التطورات البنتاغون لتأخير أو إلغاء خفض قوام القوات الأميركية بواقع 3000 جندي من أصل ال 18 ألفاً المنتشرين الآن في أفغانستان. \r\n \r\n \r\n والعديد من القرويين في المنطقة الفقيرة، والذين سئموا من انتظار تحسن الأمور حتى ولو قليلاً في ظل حكومة حميد قرضاي، المدعومة أميركياً، بدأوا يرحبون بعودة الطالبان. \r\n \r\n \r\n لماذا يحدث هذا الآن، بعد مرور حوالي خمس سنوات على هجمات 11 سبتمبر 2001 التي أدت إلى غزو أفغانستان والإطاحة السريعة بنظام طالبان؟ \r\n \r\n \r\n في حينها، لم يساور الشك أحداً في ضرورة التحرك بشكل حاسم وسريع رداً على هجمات القاعدة الإرهابية على الولاياتالمتحدة. وكانت المهمة رقم واحد استئصال نظام طالبان الذي قدم المأوى والدعم لأسامة بن لادن بينما كان يحضر للهجمات التي قتلت أكثر من 3000 أميركي. \r\n \r\n \r\n ويمكن القول إن إدارة بوش لم ترسل قوات أميركية كافية لسد منافذ هروب طالبان إلى باكستان. ولم يتم بذل جهود كافية لبناء جيش أفغاني وقوة شرطة أفغانية ذات مصداقية للبدء في فرض الأمن في البلد. ولم تبذل جهوداً كافية للبدء في إعادة بناء بلد مزقته الحروب منذ ربع قرن. \r\n \r\n \r\n وفي الواقع أن ما حال دون القيام بكل هذه الأمور التي كانت ضرورية وحيوية هو بكل بساطة أن الإدارة الأميركية كانت منهمكة في التحضير لحرب أخرى على مستوى أكبر بكثير في العراق- حرب تظهر للأشرار قوة العضلا ت الأميركية وتنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط وتجعل العالم مكاناً أكثر أماناً. \r\n \r\n \r\n وقبل أن ينتهي عام 2001، بدأت الإدارة في تحويل بعض الموارد الضرورية لإنجاز المهمة رقم واحد في أفغانستان إلى مهمة التحضير لغزو العراق. وهكذا تم نقل طائرات «بريديتور» التي يتم التحكم بها عن بعد، قوات العمليات الخاصة، الجنود، الأموال والمخططون العسكريون من المهمة رقم واحد غير المنجزة إلى المهمة رقم اثنين. \r\n \r\n \r\n وستذبل أفغانستان كمنطقة متخلفة معزولة عن العالم الخارجي، كفكرة متأخرة، ك «نصر» في الحرب العالمية على الإرهاب يتم الاستشهاد به بين الفينة والأخرى لتحويل الانتباه عن العراق. \r\n \r\n \r\n والمكان الذي كان يجب أن يحظى بكامل تركيزنا واهتمامنا هو أفغانستان. والهدف الذي ما كان ينبغي لنا تحويل أنظارنا عنه بحال من الأحوال هو أفغانستان. كان ذلك هو الدرس الصعب الذي تعلمته الجيوش الغازية من الإسكندر إلى الإمبراطورية البريطانية إلى الاتحاد السوفييتي. \r\n \r\n \r\n خدمة «لوس أنجلوس تايمز» \r\n \r\n \r\n خاص ل «البيان» \r\n \r\n \r\n