\r\n \r\n \r\n \r\n ولكن وكما تبين بوضوح وبشكل مؤلم من القتال الذي اندلع مؤخراً بين الجماعات المتمردة، فإن هذا الإنجاز المهم الذي يمثل نافذة فرص كما قلنا يمكن أن ينغلق في أي وقت تاركاً دارفور في وضع أشد سوءا مما كانت عليه من قبل. وإذا لم تحقق قصاصة الورق التي تم التوقيع عليها في نيجيريا نتائج ملموسة باتجاه السلام، بما في ذلك حماية شعب دارفور من مليشيات الجنجويد من جانب، والمتمردين من جانب آخر، فإننا سنفقد الزخم الدبلوماسي وما هو أكثر منه أيضاً. فالغضب العميق واليأس الشديد يمكن أن يؤديا إلى إحباط الجهود المستقبلية الرامية لتحقيق السلام، وإلى توفير تربة خصبة لنمو بذور الصراع العسكري لا بل وحتى الإرهاب، كما يتبين من التهديد الأخير الذي وجهه تنظيم \"القاعدة\" بنقل الجهاد إلى السودان. يوم الثلاثاء الماضي، وافق مجلس الأمن الدولي بالإجماع على قرار يدعم اتفاقية السلام، ويتم بموجبه تكوين فريق يقوم بالإعداد لمهمة لحفظ السلام تحل محل مهمة الاتحاد الأفريقي في الإقليم. \r\n للإمساك باللحظة، يجب على إدارة بوش ألا تكتفي فقط بدعوة الأممالمتحدة من أجل عدم التأخر في إعداد الخطط الخاصة بمهمة حفظ السلام، وإنما يجب عليها أيضاً أن تعطي حكومة السودان مهلة محددة وقصيرة كي يعلن خلالها موافقته على قبول تلك القوة. وكانت حكومة السودان أعلنت أنها ستفعل ذلك بمجرد التوصل إلى اتفاقية سلام، ولكنها عمدت إلى إطلاق تصريحات مبهمة حول هذا الأمر في الآونة الأخيرة، وهو ما يستلزم منا أن نوضح لها أنه يتعين عليها الالتزام بكلامها. \r\n ويجب على الرئيس بوش كذلك أن يقوم بتجهيز الدعم اللوجستي والاستخباراتي وتوفير القيادات التي يمكن أن تساهم بها الولاياتالمتحدة في هذه القوة. \r\n ويمكن للرئيس بوش أن ينضم إلى الرئيس النيجيري \"أوليسيجون أوباسانجو\" الذي لعب دوراً مفيداً في الدفع باتجاه اتفاقية السلام، من خلال قيامه شخصياً بالحصول على تعهدات من قادة الدول، بتقديم جنود لقوة الأممالمتحدة الخاصة بحفظ السلام في إقليم دارفور. وعلى الرغم من أن \"الناتو\" نفسه لن يكون مقبولاً من قبل حكومة السودان، فإن ليس هناك ما يمنع من قيامنا بضم قوات من بعض الدول الأعضاء في الحلف ضمن القوات التي تضطلع بعمليات للأمم المتحدة. \r\n علاوة على ذلك، يجب على الولاياتالمتحدة أن توضح بشكل جلي أنه إذا ما رفض السودان قوة الأممالمتحدة، فإننا في أميركا نقوم بالضغط على \"الناتو\" للعمل في دارفور، حتى من غير الحصول على موافقة من قبل الحكومة السودانية، بما في ذلك إنشاء منطقة حظر طيران في الإقليم. \r\n وفي الوقت الذي تعتبر فيه العقوبات التي فرضتها الولاياتالمتحدةوالأممالمتحدة ضد أربعة من المسؤولين السودانيين المتورطين في أعمال إبادة جماعية خطوة في الطريق الصحيح، فإن الحاجة تستدعي اتخاذ إجراءات أوسع نطاقاً بكثير ضد كبار الداعين لأعمال الإبادة الجماعية، والمقيمين في العاصمة السودانية الخرطوم، إذا ما قاموا بإعاقة إرسال القوة التابعة للأمم المتحدة. وهناك عقوبات أخرى تتجاوز العقوبات متعددة الأطراف حيث يمكن على سبيل المثال للولايات المتحدة أن تعمل مع الدول الذي يحتفظ فيه المسؤولون السودانيون بأصول أو التي يأملون في السفر إليها وذلك من أجل فرض جزاءات عليهم. \r\n في نفس الوقت نجد أن الأزمة الإنسانية تتفاقم وتغدو أكثر يأساً، ويرجع السبب في ذلك إلى أنه في الوقت الذي ازدادت فيه احتياجات سكان الإقليم، فإن الأموال اللازمة للوفاء بتلك الاحتياجات قد تقلصت. فنحن نجد مثلاً أن برنامج الغذاء العالمي قام بتخفيض المخصصات اليومية التي يقدمها لسكان الإقليم إلى مستوى خطر وهو 1050 سعرة حرارية يومياً. علاوة على ذلك اضطرت منظمة \"اليونيسيف\" إلى تقليص مستوى العمليات التي تقوم بها في الإقليم. \r\n على ضوء ذلك كله طلب الرئيس بوش من الكونجرس زيادة المساعدات الغذائية للسودان بقيمة 225 مليون دولار وهو الطلب الذي يجب على الكونجرس أن ينظر فيه دون إبطاء. \r\n أما بالنسبة للعديد من الأميركيين الذين أعربوا عن ثورة غضبهم بسبب تردد المجتمع الدولي في تقديم العون لدارفور، فإن الوقت قد حان كي يقرنوا الأقوال بالأفعال من خلال المساهمة في العديد من المنظمات الإنسانية مثل \"اليونيسيف\" ولجنة الإنقاذ الدولية، و\"أطباء بلا حدود\". إن أي فشل للإرادة الدولية سيكون معناه السماح باستمرار نزيف الدم في دارفور ودخول الإقليم إلى عام جديد من الاغتصاب، والذبح، والمجاعة. فقط القيادة القوية والعمل العاجل العازم، هما القادران على إنقاذ حياة الكثير من البشر في هذا الإقليم، قبل أن تضيع هذه اللحظة من لحظات الأمل. \r\n \r\n فرانسيس فوكوياما \r\n أستاذ الاقتصاد السياسي الدولي بجامعة \"جون هوبكنز\" ومؤلف كتاب: أميركا في مفترق الطرق \r\n \r\n أنتوني ليك \r\n أستاذ بجامعة \"جورج تاون\"، عمل مستشاراً للأمن القومي في إدارة الرئيس بيل كلينتون \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n