\r\n ولعله حري بنا التذكير هنا بالقول المأثور \"الرجل الذي يرغَم على تغيير رأيه لا يغيره أبداً\". ولبوش موقفٌ مؤيد للهجرة منذ وقت بعيد، حيث أدرك عبر نشاطه التجاري السابق أن العمالة الأجنبية الرخيصة أمر جيد بالنسبة للاقتصاد؛ وأقنعه \"كارل روف\" بأن المهاجرين القادمين من أميركا اللاتينية يمكنهم أن يصبحوا \"جمهوريين\"؛ كما أقنعه والده – الذي وقع اتفاقية التجارة الحرة بين دول أميركا الشمالية سنة 1992—بأنه كتب على آل بوش أن يشهدوا تحسن العلاقات الأميركية- المكسيكية. ثم إنه كان فخوراً بإظهار أنه يتكلم الإسبانية حين كان حاكماً لولاية تكساس؛ وعندما أصبح رئيساً، لم يبد عداء تجاه الثنائية اللغوية. \r\n \r\n وعليه، كان من الطبيعي أن يبدي بوش معارضته لأولئك المتطوعين الذين تقدموا للقيام بما لم تعد الحكومة الأميركية مهتمة بالقيام به، ألا وهو الدفاع عن البلاد، حيث قال في مارس 2005 \"إنني ضد قيام المجموعات الأهلية بمراقبة الحدود\". وقد اتضحت رؤية بوش تجاه مسألة فتح الحدود بشكل أكبر بعد عام من ذلك، حين احتدم النقاش حول مشروع قانون جديد بشأن الهجرة، حيث أشار \"مقالٌ تحليلي\" في صحيفة \"واشنطن بوست\" في السادس من أبريل المنصرم، والذي من الواضح أن وراءه روف، إلى حالة الحيرة التي يوجد عليها البيت الأبيض. ومما جاء في المقال \"لقد سعى بوش على مدى السنوات الخمس الماضية إلى توسيع تحالف الحزب الجمهوري عبر خطب ود الأميركيين من أصول أميركية لاتينية\". غير أن ثمة مشكلة، يتابع المقال، ذلك أن \"انقسامات الحزب الجمهوري حول الهجرة تعرض مشروع بوش السياسي للخطر، حيث يجد الرئيس نفسه عالقاً في معركة بين من كانوا في ما قبل من بين ناخبيه – الجمهوريون المحافظون الغاضبون بسبب تدفق المهاجرين غير الشرعيين – ومن يعتبرهم بوش ومستشاروه، مثل روف، ناخبين جمهوريين صاعدين، أي المهاجرين القادمين من أميركا اللاتينية\". وبعبارة أخرى، ووفق وجهة نظر \"روف\" للمسألة، فإن الحاجز الوحيد الذي يقف بين بوش وائتلاف كبير هم أولئك \"اليمينيون\" المشاغبون. \r\n \r\n ومن بين هؤلاء المخرج السينمائي \"رون ماكسويل\"، الذي يعبر عن إجلاله الخاص للتقاليد الأميركية عبر أفلام حول الحرب الأهلية الأميركية من قبيل \"غيتيسبورغ\" و\"الآلهة والجنرالات\". ولعله من قبيل الصدف أنه في اليوم نفسه الذي نُشرت فيه \"المقالة التحليلية\" في ال\"واشنطن بوست\" بإيعاز من \"روف\"، نشر \"ماكسويل\" مقال رأي في صحيفة \"واشنطن تايمز\"، خاطب فيه الرئيس مباشرة وبكل تقدير واحترام قائلا \"أدرك أنك تؤمن في قرارة نفسك بأن الحدود ينبغي أن تكون مكاناً مفتوحاً يمر منه الأشخاص والبضائع بكل حرية بما يعود بالخير والنفع على الجميع\". وقال إنه لا يشكك في صدق بوش، وإنما في واقعيته، موضحاً أن فتح الحدود هو \"مذهب مثالي يجب التخلي عنه قبل فوات الأوان\". أما بالنسبة لموضوع العفو– عفواً، أقصد \"العمال الضيوف\"– الذين ورد ذكرهم في القانون الذي تقدم به السيناتور \"الجمهوري\" جون ماكين عن أريزونا والسيناتور الديمقراطي إدوارد كيندي عن ماساتشوسيتس، والذي يدعمه بوش، فيقول عنه ماكسويل \"إنه مشروع قانون يبدو كما لو أنه حرر من قبل بيروقراطيين في الأممالمتحدة، وليس من قبل ممثلين للولايات المتحدة\". وتتضح هذه الرؤية أكثر في ضوء ما أوردته صحيفة \"ذا ديلي بلتون أوف أونتاريو\" التي أفادت بأن دوريات الحدود الأميركية دأبت على إخبار السلطات المكسيكية بأماكن المتطوعين الأميركين الذين يسهرون على مراقبة الحدود. لماذا؟ لأن إدارة بوش تحرص على التنسيق مع الحكومة المكسيكية مهما كلف الأمر– حتى وإن كانت الحكومة المكسيكية تشجع على الهجرة إلى الولاياتالمتحدة. \r\n \r\n يقول بوش إنه يريد اليوم اللجوء إلى الحرس الوطني، ولكن مؤقتاً فقط. والواقع أنه بعد كل هذه السنوات من تبنيه لموقف واحد تجاه موضوع الهجرة، فمن الصعب تصديق أنه قد تحول حقاً إلى الموقف المعاكس. وبالتالي، فعلى الداعيين إلى تشديد مراقبة الحدود أن يتذكروا قولة مأثورة أخرى تقول \"ثق، ولكن تحقق\". وربما الأجمل منها، لا تثق ولكن كن حريصاً على التحقق دائماً. \r\n \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n \r\n