\r\n لقد كان موقف الولاياتالمتحدة الثابت منذ إدارة الرئيس دوايت آيزنهاور أن تتطابق حدود "إسرائيل" مع الحدود التي تأسست في عام ،1949 ومنذ عام ،1967 قضى قرار الأممالمتحدة رقم ،242 والذي وافق عليه العالم أجمع، بإلزام "إسرائيل" بالانسحاب من الأراضي المحتلة. ولقد أعيد التأكيد على هذه السياسة، حتى من قِبَل "إسرائيل" في عام 1978 ثم في عام ،1993 وشدد عليها كل رؤساء الولاياتالمتحدة، بمن فيهم جورج دبليو بوش. فبوصفه طرفاً في اللجنة الرباعية، التي تتضمن روسيا، والأممالمتحدة، والاتحاد الأوروبي، صادق بوش على "خارطة الطريق" من أجل السلام. لكن "إسرائيل" رفضت رسمياً المبادئ والأفكار الأساسية لتلك الخارطة، بما وضعته من تحسبات وشروط مسبقة، على نحو متعمد وواضح. \r\n \r\n كان مركز كارتر، بموافقة "إسرائيل"، قد تولى مراقبة الانتخابات الفلسطينية الثلاثة. وتحت إشراف لجنة رفيعة المستوى مؤلفة من رؤساء جامعات ورجال قانون بارزين، جاءت كل الانتخابات نزيهة وعادلة وسلمية، وتقبل نتائجها الفائزون والخاسرون. \r\n \r\n سوف تسيطر حماس على مجلس الوزراء ومنصب رئيس الوزراء، لكن محمود عباس سيظل محتفظاً بكافة السلطات والصلاحيات التي مارسها ياسر عرفات. فهو ما زال يترأس منظمة التحرير الفلسطينية، وهي الكيان الفلسطيني الوحيد الذي تعترف به "إسرائيل"، ويستطيع أن يتعامل مع قادة "إسرائيل" تحت هذه المظلة بصورة مستقلة عن سيطرة حماس. وكان عباس قد صادق على نحو لا لبس فيه على خارطة الطريق التي انتهت إليها الهيئة الرباعية. وتؤكد استطلاعات الرأي التي أجريت في أعقاب الانتخابات أن 80% من الفلسطينيين ما زالوا راغبين في التوصل إلى اتفاقية سلام مع "إسرائيل"، و70% من الفلسطينيين يؤيدون عباس كرئيس لهم. \r\n \r\n إن العقبة البارزة التي تعوق الطريق إلى السلام تتلخص في استعمار "إسرائيل" لفلسطين. فحين أصبحت رئيساً للولايات المتحدة كانت أعداد المستوطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة لا تتجاوز المئات، لكن حكومة الليكود عملت على توسيع أنشطة الاستيطان بعد انتهاء ولايتي. ولقد دان الرئيس رونالد ريجان هذه السياسة، وأعاد التأكيد على أن القرار 242 ما زال يشكل "حجر الأساس للجهود الأمريكية الرامية إلى إحلال السلام في الشرق الأوسط". حتى أن الرئيس جورج بوش (الأب) هدد بتخفيض المعونات الأمريكية إلى "إسرائيل". \r\n \r\n وعلى الرغم من الجهود الحثيثة التي بذلها الرئيس بِل كلينتون لتعزيز عملية السلام، إلا أن زيادة هائلة في أعداد المستوطنين حدثت أثناء فترة ولايته، حيث بلغت أعداد المستوطنين 225 ألفاً، وكانت أغلب هذه الزيادة أثناء تولي إيهود باراك لمنصب رئيس وزراء "إسرائيل". وكان أفضل عرض رسمي مقدم للفلسطينيين يقضي بسحب 20% من المستوطنين، وترك 180 ألفاً منهم في 209 مستوطنات تغطي حوالي 5% من الأرض المحتلة. \r\n \r\n والحقيقة أن نسبة ال 5% هذه مضللة إلى حد بعيد، حيث تم الاستيلاء على المناطق المحيطة بالمستوطنات أو تخصيصها للتوسع في المستقبل، وإنشاء الطرق التي تصل بين المستوطنات، وبين القدس والمستوطنات، هذا فضلاً عن الخطوط الشريانية العريضة المخصصة لتوصيل المياه، وتمديد مواسير الصرف، وتوصيل الطاقة الكهربية، وخطوط الاتصالات. وهذه البنية المعقدة من شأنها أن تقسم الضفة الغربية بالكامل إلى مناطق صغيرة متعددة غير قابلة للسكنى أو حتى الوصول إليها في أغلب الأحوال. \r\n \r\n أخيراً، اتخذ قادة "إسرائيل" قراراً أحادياً من دون إشراك الولاياتالمتحدة أو الفلسطينيين، بالانسحاب من قطاع غزة كخطوة أولى. لكن غزة بوضعها الحالي كمنطقة مطوقة معزولة، بلا طرق جوية أو بحرية أو سبيل إلى الاتصال بالضفة الغربية، تصبح كياناً غير قابل للحياة أو الاستمرار سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي. \r\n \r\n إن مستقبل الضفة الغربية أيضاً على نفس القدر من القتامة. ومما يثير الانزعاج على نحو خاص بناء "إسرائيل" لجدران عزل خرسانية هائلة على مناطق مأهولة بالسكان وأسوار عالية في المناطق الريفية وهي تقع بالكامل داخل المناطق الفلسطينية فضلاً عن التوغل داخل تلك المناطق في كثير من الأحوال بغرض احتواء المزيد من الأراضي والمستوطنات. والحقيقة أن هذا الجدار مصمم بحيث يخنق فلسطين تماماً، أما ما تبقى من أرض فلسطين فلسوف تخترقها شبكة من الطرق التي سيقتصر حق استخدامها على "الإسرائيليين"، والتي من المقرر أن تصل بين "إسرائيل" ووادي نهر الأردن. \r\n \r\n وهذا لن يكون مقبولاً على الإطلاق سواء بالنسبة للفلسطينيين أو المجتمع الدولي، ولسوف يؤدي لا محالة إلى تصعيد التوتر والعنف داخل فلسطين، وتفاقم حالة الاستياء والغضب والعداوة من قِبَل العالم العربي تجاه أمريكا، التي سوف تعد مسؤولة عن المحنة التي يعانيها الفلسطينيون. \r\n \r\n منذ أعوام مضت أشار إيهود أولمرت القائم بأعمال رئيس الوزراء وآخرون إلى أن دوام احتلال "إسرائيل" للأراضي الفلسطينية سوف يصبح متعذراً على نحو متزايد مع تناقص العدد النسبي للمواطنين اليهود ديموغرافياً، سواء داخل "إسرائيل" أو في فلسطين. وهذه حقيقة واضحة بالنسبة لأغلب "الإسرائيليين"، الذين يرون أيضاً في هذا الدور المهيمن تشويهاً لقيمهم الأخلاقية والدينية القديمة. وعلى مدار الأعوام ظلت استطلاعات الآراء تؤكد على نحو ثابت أن ما يقرب من 60% من "الإسرائيليين" يفضلون الانسحاب من الضفة الغربية في مقابل حصولهم على السلام الدائم. وعلى نحو مماثل فإن عدداً هائلاً من "الإسرائيليين" والفلسطينيين يرغبون في التوصل إلى حل دائم يقوم على وجود دولتين. \r\n \r\n لقد تزايدت الخسائر في الأرواح خلال السنوات القليلة الماضية مع فرض قوات الاحتلال قبضة أكثر إحكاماً على المناطق المحتلة. وخلال الفترة من سبتمبر/ايلول 2000 إلى مارس/آذار 2006 قُتِل 3982 فلسطينياً و1084 "إسرائيلياً" من جراء هذا الصراع، ومن بين القتلى سقط العديد من الأطفال: 708 من الفلسطينيين و123 من "الإسرائيليين". \r\n \r\n مما لا شك فيه أن التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين من شأنه أن يؤدي إلى اعتراف كامل من قِبَل العرب ب"إسرائيل" وحقها في الحياة في سلام. والحقيقة أن أي سياسة رافضة من جانب حماس لن تصمد أمام التزام عربي شامل بمنع المزيد من أعمال العنف وتعزيز رفاهية الشعب الفلسطيني. \r\n \r\n على مدار الأعوام رأيت اليأس والإحباط يتحولان إلى تفاؤل وتقدم، وحتى الآن لا ينبغي لنا أن نتخلى عن الأمل في سلام دائم "للإسرائيليين" وحرية وعدالة للفلسطينيين،. \r\n \r\n * تولى جيمي كارتر رئيس الولاياتالمتحدة الأسبق قيادة فريق مركز كارتر/المعهد الديمقراطي الوطني في مراقبة الانتخابات الفلسطينية التي جرت في يناير/كانون الثاني الماضي، والمقال ينشر بترتيب مع "بروجيكت سنديكيت" ومجلس العلاقات الخارجية. \r\n