\r\n \r\n لكن هذه المخاوف مبالغ بها على الأقل على المدى القريب، فحماس غير مهيأة بعد لتحمل كامل مسؤوليات الحكم، وسيستغرق الأمر شهوراً قبل أن تصبح في موقع يؤهلها لإدخال أي تغيير جذري على مسار الحكم الفلسطيني أو السياسة الإسرائيلية أو عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، لا بل إنه قد تكون هناك على المدى البعيد أسباب للتفاؤل بأن مسؤوليات الحكم ستحول حماس نفسها. \r\n \r\n لكن وعلى الأرجح، فإن حماس نفسها فوجئت كثيراً كما فوجئ الآخرون بهامش انتصارها الساحق في الانتخابات، ويحتاج زعماؤها إلى وقت لبناء إجماع داخلي حول كيفية قيادة الشعب الفلسطيني وبأي اتجاه، وهم يفهمون أن الفلسطينيين يتوقعون من قادتهم إيجاد فرص عمل وتوفير الخدمات الاجتماعية ووضع حد للفساد المستشري في السلطة الفلسطينية. ولهذا لم يقل مرشحو حماس شيئاً عن تدمير إسرائيل أو فرض القانون الإسلامي خلال حملتهم لكسب الأصوات. \r\n \r\n وتحاول الحركة الآن اجتذاب فتح للدخول في حكومة تحالف، لتعطي نفسها الوقت للتركيز على القضايا الاجتماعية، بينما يضطلع الآخرون بمسؤوليات التعامل المباشر مع المجتمع الدولي. وتحتاج حماس لبقاء الرئيس محمود عباس في مكانه لتوفير الاستقرار في العلاقات مع إسرائيل ومع الغرب، ولضمان استمرار تدفق المساعدات الدولية. وقد يبدو أنصار الحركة المفعمين بالحماسة بمظهر الثوريين، لكن قادة حماس يدركون أن عليهم توفير الأمن قبل أن يستطيعوا تحريك السياسة الفلسطينية في اتجاه جديد. \r\n \r\n وإضافة إلى هذا، فمهما كانت لهجة تل أبيب وواشنطن الآن، فإنهما ستجدان دائماً طرقاً جديدة للاستمرار في تزويد السلطة الفلسطينية بمساعدات التنمية، ومع أن الزعماء الأميركيين والإسرائيليين هددوا بوقف المساعدات المالية ما لم تعترف حماس بإسرائيل وتنبذ العنف وتلقي سلاحها، فإنهم يدركون في الوقت نفسه أن حدوث أزمة مفاجئة في الحكم الفلسطيني ليس في مصلحة أحد. وهم يعرفون أن إيران أيضاً ستسر سروراً عظيماً بتزويد الفلسطينيين بالمساعدات المالية التي يحرمهم منها الآخرون. \r\n \r\n وكذلك فإن فوز حماس لن يغير نتيجة الانتخابات الإسرائيلية في مارس المقبل. ويبدو واضحاً من الآن أن ذلك السباق سيكون بين الليكود في شكله الجديد بزعامة بنيامين نتنياهو وحزب كاديما الجديد بزعامة رئيس الوزراء بالوكالة إيهود أولمرت، وفوز حماس لم يفعل شيئاً سوى تقوية المتطرفين في كل من الحزبين. \r\n \r\n ولقد سارع نتنياهو إلى انتهاز الفرصة التي قدمتها له حماس، بحسب اعتقاده. وبعد أيام قليلة من الانتخابات، وصف نتنياهو الضفة الغربية وغزة بأنها «حماس ستان» للإيحاء بأنها أرض خارجة عن القانون قابعة على عتبات إسرائيل. وتعزف تلك الصورة على وتر مخاوف أولئك الإسرائيليين الأقل ميلاً لتأييد المفاوضات مع أي حركة إسلامية. \r\n \r\n وكذلك فإن أولمرت يستفيد أيضاً من نصر حماس، لأن العديد من أنصار كاديما المحتملين يرون فيه النائب المختار لشارون، والرجل الذي اعتبره شارون الأكثر أهلية لتولي مسؤوليات القيادة من بعده. \r\n \r\n ومن المؤكد أن نصر حماس الساحق دفن حزب العمل بزعامة عمير بيرتس، لكن لم يكن من المتوقع أصلاً أن يفوز بيرتس الميال للظهور بمظهر حمامة السلام. ولأن صعود حماس يفيد كلا الحزبين المتصدرين في سباق الانتخابات الإسرائيلية. \r\n \r\n فإن عوامل أخرى ستحدد كيف سيصوت الإسرائيليون في مارس. وإذا كان الفوز من نصيب نتنياهو فإن عليه إيجاد طريقة للرد على منتقدي سجله كوزير مالية في حكومة شارون، فالإسرائيليون الأثرياء يحترمون تقشف سياساته المالية وقدرته على إدارة المكونات الاقتصادية الأساسية للبلد. لكن العديد من الإسرائيليين الذين ينتمون للطبقة العاملة، ويشغل بعضهم جزءاً مهماً من القاعدة السياسية لحزب الليكود، يلقون باللوم على نتنياهو في توسيع الفجوة بين الأثرياء والفقراء في البلد. \r\n \r\n وإذا أراد أولمرت الفوز بالانتخابات، عليه إقناع الناخبين الإسرائيليين بأن حزب كاديما يستطيع البقاء من دون شارون. وفي مواجهة أولى معاركه الانتخابية، يبدو الحزب كمزيج غير متجانس، حيث يضم بعض الأسماء السياسية الكبيرة والمحبوبة ويضم أيضاً مجموعة كبيرة من المبتدئين في السياسة، وبعضهم يشتبه في تورطه بالفساد. \r\n \r\n ومهما يكن من أمر، فإن السباق الانتخابي سيكون على الأرجح قاسياً، على نحو سيجبر رئيس الوزراء المقبل على تشكيل حكومة ائتلافية. ومن المرجح أن تلعب المساومات السياسية التي يبنى عليها الائتلاف الحكومي دوراً في تعزيز الوضع الراهن، واستبعاد أي تغيرات سياسية كبيرة، خاصة في القضايا المعقدة مثل العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية. \r\n \r\n وإذا فاز نتنياهو بالانتخابات، فسوف يرفض التفاوض مع حكومة فلسطينية تقودها حماس، مما سيطيل الأزمة الإسرائيلية الفلسطينية. أما إذا فاز أولمرت فسوف يواصل تطبيق سياسة شارون للانسحابات الجزئية الأحادية. ولا يمثل أي من هذين الخيارين تحولاً استراتيجياً كبيراً. \r\n \r\n إذن، هل أحدث انتصار حماس أي تأثير يذكر على السياسة في المنطقة؟ في الحقيقة، ان هذا الانتصار ربما يعطي نتيجة إيجابية في نهاية المطاف. وبصورة عامة، عندما يفوز حزب ثوري بالسلطة ويقبل بتحمل المسؤولية المباشرة عن رفاه شعبه، فإنه يصبح أميل إلى الاعتدال في سياساته، وإلا فسوف يفقد مصداقيته لدى الجماهير، وهي نتيجة إيجابية في الحالتين بالنسبة لأولئك الذين يخشون أن تعمل حماس وفق أجندة متشددة. \r\n \r\n يعود نصر حماس، جزئياً، إلى الوعود التي أطلقها زعماء الحركة بتحسين الحياة اليومية للشعب الفلسطيني. ومن الواضح أن الناخبين (والساسة المنتخبين) لم يقدّروا بالفعل حجم هذا التحدي، وإذا بدأت شعبية حماس بالتراجع، فإن اللجوء إلى استفزاز الإسرائيليين، سيكون أكثر الطرق تكلفة لاستعادة مكانة الحركة لدى الفلسطينيين المحبطين. \r\n \r\n لقد غادر ياسر عرفات وارييل شارون المشهد السياسي، وعلى مدار الأشهر القليلة المقبلة، ليس من المحتمل أن تتعمد الحكومتان الجديدتان الإسرائيلية والفلسطينية إطلاق شرارة صراع من شأنه تقويض مصالح كليهما. \r\n \r\n لكن على المدى البعيد، يرجح أن تنجم مهام جديدة عن المشكلات القديمة نفسها، وستواجه المنطقة المتفجرة جولة أخرى من الشكوك. \r\n \r\n \r\n خدمة «لوس أنجلوس تايمز» خاص «البيان» \r\n \r\n