\r\n ومن أجل ضمان انتصار هاربر –أو على الأقل عدم تقديم أي شيء غير مرغوب به يشتت الانتباه عن حملة هاربر– قام ويريتش، والذي يرأس مؤسسة تفكير في واشنطن تسمى مؤسسة الكونجرس الحر، بإرسال رسالة بالبريد الإلكتروني قبل أيام قليلة من انتخابات 23 يناير ينصح فيها رفقاءه الأمريكيين أن يتجنبوا \"وسائل الإعلام الكندية اليسارية\". \r\n وقال ويرتش في الرسالة محذرا: \"لقد قاد البعض الناخبين الكنديين إلى الاعتقاد بأن المحافظين الأمريكيين أشخاص مرعبون، وإذا أمكن ربط الحزب المحافظ بنا فربما يمكنهم إضعاف انتصار المحافظين\". \r\n وبعد انتصار هاربر في انتخابات وجد ويريتش أنه \"من المثير مشاهدتها\" كتب ويريتش مقالا لموقع منظمته على الإنترنت يصف السيناريوهات المتشائمة والمتفائلة التي يمكن أن تخرج عن نتيجة الانتخابات. \r\n وبحسب ويريتش فإن المحافظين المتشائمين قد أخبروه أنهم ماداموا يفتقدون الأغلبية البرلمانية فإن أفضل ما يمكن لهاربر أن يقوم به هو أن \"يتبنى نظرة أكثر معقولية للولايات المتحدة، وأن يصحح بعض فرضيات الماركسية الثقافية التي أخذ بها الكنديون، مثل الزواج المثلي، والإجهاض بمجرد الطلب\". \r\n ومع ذلك فإن هاربر، حسبما يؤكد ويريتش، يمكنه أن يقوم بأكثر من هذا بكثير؛ حيث قال ويريتش: \"إن هاربر سعيد بأن وسائل الإعلام والعديد من الأشخاص في حزبه من المعارضين، معتقدا أن هذا التشاؤم سوف يخفض التوقعات ويعطيه مزيدا من حرية التصرف لتحقيق أجندته. يبدو من الواضح أن إستراتيجية هاربر إلى حد ما هي الليبرالية الفيدرالية في مقابل جبهة كويبك، وجبهة اللامركزية في مقابل الليبراليين في حكومة موسعة\". \r\n وحسبما يقول ويريتش فإن وسائل الإعلام الكندية تدرك أن هاربر \"سوف يقوم بتوسيع الإنفاق على الدفاع بشكل كبير، وأنه لا يرغب في اتفاقية كيوتو. وقد شن بول مارتن، الذي كان موجودا في السلطة وحل هاربر محله، حملة مناهضة للولايات المتحدة. وقد أفادته هذه الحملة في العام الماضي لكنها لم تفده هذا العام. والأكثر أهمية هو أن هاربر يفضل المشاركة في برنامج الدفاع الصاروخي الخاص بالولاياتالمتحدة، وهي المشاركة التي كان يعارضها مارتن\". \r\n وأضاف ويريتش: \"ليس من المعروف في هذا البلد أن رئيس الوزراء الكندي تكون لديه سلطة أكبر من رئيس أمريكي. إن هاربر يمكنه أن يقوم بتعيين خمسة آلاف مسئول (لا يتطلب هذا تصديقا من البرلمان الكندي.) ويمكن لرئيس الوزراء أيضا أن يقوم بتعيين كل قاض بدءا من المحاكم الابتدائية إلى محاكم الاستئناف إلى المحكمة الكندية العليا، عندما تظهر أماكن شاغرة\". \r\n \"وكما كان الحال في الولاياتالمتحدة فقد فُرضت الماركسية الثقافية على كندا من خلال المحاكم. فلو كان يجري تعيين القضاة الذين يحترمون الدستور لكانوا أكدوا أن هذه الحقوق لا يصحّ أن توجد في هذه الوثيقة. هل يبدو الأمر متشابها؟\" \r\n وهذه الكلمات من ويريتش أكثر من مجرد رأي عادي من أحد حكماء المحافظين. فخلال سيرته الطويلة والمثيرة كأحد السياسيين البارعين في وضع الإستراتيجيات كان ويريتش واحدا من المخططين الأوائل للبنية التحتية المتطورة للغاية والقادرة سياسيا من مؤسسات التفكير ومعاهد السياسات وجماعات النشطاء التابعة لحركة المحافظين الأمريكية. \r\n وقد ساعد ويريتش في تمويل مؤسسة التراث (هيريتيج)، والتي أصبحت الآن واحدة من أكثر مؤسسات التفكير نفوذا في واشنطن. وكان ويريتش هو الذي صك تعبير \"الأغلبية الأخلاقية\" للقس جيري فالويل، كما ساعد في جعل هذه المنظمة أكثر منظمات اليمين نفوذا في أوائل الثمانينات من القرن العشرين. وقد ساعد ويريتش فيما بعد القس بات روبرتسون في بناء الائتلاف المسيحي. \r\n وكان ويريتش هو العقل المدبر وراء إنشاء مجلس التبادل التشريعي الأمريكي، وهو منظمة تقوم برعايتها وتمويلها عدد من الشركات الكبرى، ومؤلفة من مئات المسئولين المنتخبين وغالبهم من الحزب الجمهوري. ويقدم مجلس التبادل التشريعي الأمريكي مشرعين للدولة بنماذج من التشريع تدعم الحكومة المحددة، والسوق الحرة، والفيدرالية، والحرية الفردية. \r\n وقبيل الحرب على العراق –في قمة المظاهرات الضخمة المناهضة للحرب في العراق والتي عمّت جميع أنحاء الولاياتالمتحدة– دعا ويريتش إلى إجراء تحقيقات في تمويل الجماعات \"الشيوعية الجديدة\" التي تقف خلف الحركة الأمريكية المناهضة للحرب. وقد اقترح ويريتش قيام لجنة من الكونجرس، تشبه لجنة مجلس النواب المعنية بالأنشطة المناهضة للمبادئ الأمريكية في خمسينيات القرن العشرين، واستدعاء النشطاء المناهضين للحرب وشيهم على بقايا جمرات المكارثية التي لم تنطفئ تماما حتى الان. \r\n لقد كان الأمر أكثر من مجرد مصادفة أن يستخدم ويريتش مصطلح \"الماركسية الثقافية\" لوصف المشهد الاجتماعي والسياسي الكندي. \r\n فقد شغلت \"الماركسية الثقافية\"، السابقة تاريخيا لمصطلح \"اللياقة السياسية\" الذي استُخدم بشكل نمطي، شغلت ويريتش ورفاقه في مؤسسة الكونجرس الحر لعدة سنوات؛ حيث تزعم المؤسسة أن \"الماركسية الثقافية\" كانت مشروعا للعلماء اليهود الأوربيين، الذي جاءوا بنظرياتهم الثقافية والسياسية إلى الولاياتالمتحدة قبل الحرب العالمية الثانية. وفيما يعتبر أكثر من إشارة على معاداة السامية في جوهره يُستخدم المصطلح لوصف مؤامرة يسارية تهدف إلى تدمير الثقافة والأخلاق الأمريكية. \r\n وقد عمل ويليام لند، وهو أحد أبرز المخططين السياسيين البارعين في الإستراتيجية في مؤسسة الكونجرس الحر التابعة لويريتش، عمل على الترويج لفكرة أن \"الماركسية الثقافية\" تهدف إلى إخراج الولاياتالمتحدة من المسيحية. \r\n ففي خطاب له عام 1998 قال لند [عن الماركسية الثقافية]: \"لقد سيطرت على الحزبين السياسيين، ويتم تنفيذها من خلال العديد من القوانين وقواعد الحكومات. إنها تسيطر بشكل كامل تقريبا على أقوى العناصر في ثقافتنا، وهي صناعة الفن. إنها تهيمن على التعليم العالي والتعليم العام... لقد سيطرت حتى على رجال الدين في الكثير من الكنائس المسيحية\". \r\n وفي تعريف بمؤسسة الكونجرس الحر أوضح مركز القانون المعني بالفقر في الجنوب، وهو منظمة بحثية تقوم بمراقبة منظمات أقصى اليمين، أوضح أنه \"في عام 1987 قام ويريتش بإطلاق الحركة الثقافية المحافظة: نحو أجندة وطنية جديدة، والتي أصبحت وثيقة لما أصبح يُعرف باسم 'حروب الثقافة‘.\" \r\n وفي غضون هذا ورغم أن حزب ستيفن هاربر المحافظ قد فاز في الانتخابات الكندية الأخيرة إلا أن الحزب لم يحصل على أغلبية مسيطرة؛ حيث حصل الحزب المحافظين على 124 مقعد من بين مقاعد البرلمان الكندي البالغة 308 مقعد، وسوف تذهب بقية المقاعد إلى الليبراليين الذين حصلوا على 103 مقعدا، وجبهة الديمقراطيين الاجتماعيين في كويبك، وهي الحزب المهيمن في إقليم كويبك، والتي حصلت على 51 مقعدا، ثم حزب الديمقراطيين الجدد ذي التوجه الاجتماعي الديمقراطي، والذي حصل على 29 مقعدا. أما المقعد المتبقي فحصل عليه أحد المستقلين من إقليم كويبك. \r\n أما فيما يتعلق بما إذا كانت إدارة هاربر سوف تحاول بشكل منظم تفكيك المكتسبات التي حصل عليها الكنديون في حقوق الإنسان والحقوق المدنية، فهذه قضية سياسية وإستراتيجية لازالت مفتوحة. \r\n أما بخصوص بويرويتش، والذي عمل لمدة عقود من أجل تفكيك شبكة الأمن الليبرالي الاجتماعي في الولاياتالمتحدة، والتي تم توريثها من خلال الميثاق الجديد منذ سبعين عاما، فكل شيء محتمل. \r\n * بيل بيركويتز مراقب طويل لحركة المحافظين، ويوثق عموده العمل من أجل التغيير (ووركينج فور تشينج) بعنوان \"مراقبة التيار المحافظ\" إستراتيجيات اليمين الأمريكي، ورموزه، ومؤسساته، وانتصاراته، وهزائمه.