ويقول التقرير إنه من غير المحتمل أن تشكل روسيا خطراً عسكرياً على الولاياتالمتحدة أو حلفائها بنفس القدر الذي شكله الاتحاد السوفياتي أثناء الحرب الباردة. ومع ذلك، يوجه البنتاغون تحذيراً دقيقاً من سكوت الولاياتالمتحدة على مبيعات السلاح الروسي وعلى الأعمال السياسية الروسية التي تدفع بسياستها المستقلة اقتصادياً دولاً أخرى نحو الاستقلال الاقتصادي والاندماج باقتصادها. وبالإضافة إلى ذلك، حذر مسؤول رفيع المستوى في وزارة الدفاع الأميركية من النزعة الديكتاتورية في الحكم الروسي. واعتبر المسؤول أن الأولويات الأميركية العسكرية الاستراتيجية الآن هي: إلحاق الهزيمة بشبكات الإرهاب ومنع انتشار الاسلحة غير التقليدية. \r\n \r\n \r\n خطر الصين علي المصالح الأميركية \r\n \r\n ويرى التقرير أن هذه الأولويات تتضمن في داخلها دراسة ورؤية الخيارات التي تتشكل عند المنعطفات الاستراتيجية لدول مثل الصين وروسيا والهند لأن ذلك يرتبط بالأمن الأميركي. ويخصص التقرير مساحة مهمة للنقاش الذي يدور في الولاياتالمتحدة تجاه الصين، ويتركز حول خوف الإدارة الأميركية من حدوث تطور تكنولوجي عسكري صيني يهدد التفوق العسكري الأميركي التقليدي في العالم. وعلى الرغم من تحذيرات مماثلة كانت وزارة الدفاع الأميركية قد نشرتها في العام الماضي (2005) حول الخطر العسكري الصيني الداهم، إلا أن هذا التقرير الذي تنشره مجلة البنتاغون «الربعية» موجه بشكل رئيس إلى الكونغرس من أجل دعوته إلى الموافقة على تعزيز البنية العسكرية الأميركية، وزيادة القدرة على مجابهة الأخطار الدولية. وبهذه الطريقة يحاول بوش إقناع الكونغرس بالخطر التقليدي الذي تشكله الصين على المصالح الأميركية وعلى المدى الطويل من ناحية عسكرية. ويعرب التقرير بشكل حذر عن تقديره للسياسة التي تتبعها إدارة بوش في تشجيع الصين على العمل مع الدول الآسيوية كشركاء في تطوير هيكلية أمنية إقليمية وفي التعامل مع الأخطار المشتركة مثل الإرهاب ومنع انتشار الأسلحة النووية والقرصنة البحرية. ومن المعروف أن السياسة الأميركية تحاول تشجيع الصين على انتهاج سياسة سلمية وتنمية اقتصادية وليبرالية سياسية بدلاً من تعزيز قدراتها العسكرية والأخطار التي تشكلها والمخاوف التي تبعثها. وهذا ما جعل الولاياتالمتحدة تتبنى سياسة تهدف إلى إقناع بكين بأهمية دورها كشريك اقتصادي لها وتحولها إلى دولة مسؤولة تتبنى سياسة رأسمالية. لكن الدراسة التي نشرها البنتاغون تسلط الضوء على التزايد المتسارع للصين في النفقات العسكرية خلال السنوات العشر الماضية وتنتقد في الوقت نفسه سرية التخطيط العسكري الصيني. \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n الصين وقضية تايوان \r\n \r\n فالصين ما زالت بنظر البنتاغون ساحة مظلمة يصعب فهم حوافزها وقدراتها، خصوصاً تجاه تايوان الحليف الأساسي لواشنطن. فالولاياتالمتحدة تراقب التحديث العسكري المتسارع الذي تقوم به الصين منذ أواسط التسعينات حتى نهايتها من أجل مواجهة أي سيناريو محتمل لقضية تايوان والخيارات العسكرية المرتبطة بها. ولذلك يرى التقرير أن زيادة القدرة العسكرية الصينية وحجم الصين الجغرافي في آسيا ستتطلب من الولاياتالمتحدة تطوير أنظمة أسلحة ونشر قوات على نحو يكفل لها استدامة العمليات العسكرية في أماكن بعيدة جداً ولمدة قد تطول. وهذا يعني نشر السفن الحربية وحاملات طائرات تحقق لها مراقبة دائمة، وإذا ما تلقت هذه الأسلحة أي هجوم من أي قوة معادية، فهذا يعني استمرار عملها في أراض معادية لفترات طويلة. وسوف يستلزم ذلك أسلحة من نوع الطائرات المقاتلة بدون طيار واستخدام أقمار صناعية تتولى التجسس من الفضاء وسفن حربية محصنة تستطيع العمل في مياه منخفضة العمق. وهذه الأسلحة هي التي تدعم الدراسة التي أعدها البنتاغون لاستخدامها بشكل مركزي في أي حرب مقبلة مع الصين. وفي 4 شباط/ فبراير الجاري سئل الرئيس جورج بوش عن الاستراتيجية التي سيتخذها من أجل احتواء الصين وطموحاتها العالمية، فلجأ إلى التهرب من الإجابة واتجه إلى التركيز على المشاكل الداخلية التي تجابه الصين مثل البطالة والنقص في الطاقة (البترول). وأعلن بعض المسؤولين في إدارة بوش أن الولاياتالمتحدة تهتم بالتركيز أيضاً على المشاكل التي تقلقها في الصين مثل المسائل الاجتماعية والبيئة وتريد العمل مع قادة الصين من أجل تقديم المساعدة في خلق بعض الخيارات التي توفر للصين استقراراً لا يدفعها إلى التوسع العسكري. فالتساؤلات والأسئلة التي يطرحها الوضع في الصين كثيرة ومنها: هل الاحتجاجات التي يقوم بها جمهور صيني ويلجأ فيها إلى العنف ستزداد وتخرج عن السيطرة؟ وهل سيؤدي النمو الاقتصادي المتصاعد في الصين إلى التسبب بمزيد من الكوارث؟ وهل ستتسع الفجوة الاجتماعية وتتسبب بالفوضى في أطراف البلاد وريفها؟ وكيف ستتعامل بكين مع الروح العدائية المتزايدة لدى الصين الوطنية التي تتمسك باستقلالها؟ \r\n \r\n \r\n تكاليف باهظة للنمو الصيني \r\n \r\n وفي هذا الصدد يقول جيمس كيث المستشار الأعلى في مكتب وزارة الخارجية الأميركية لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ إن المعجزة الاقتصادية الصينية قد تولد تكاليف باهظة لا تقتصر على مشاكل بيئية وصحية فحسب، بل تتعدى ذلك لتصل إلى تآكل في القيم الاجتماعية والأخلاقية. ويعتبر كيث أن هناك حالة من عدم الرضى المتزايد لدى الصينيين وأن هذا ما يجعل قادة الصين يقظين وقادة الولاياتالمتحدة يفتشون عن رد. وكان الرئيس بوش قد أعلن في مانهاتين أن إحدى المسائل التي تقلقه هي كيف سيتمكن الرئيس الصيني (هو) من إيجاد وظائف وعمل من أجل المحافظة على النظام الاجتماعي في بلاده. وقال بوش: «إن هذا الموضوع مثير للغاية لأن الصين مجبرة في كل عام على خلق وإيجاد 25 مليون وظيفة لكي تبقى، وهذه مسألة كبيرة. فأنا في الولاياتالمتحدة أبذل جهوداً كبيرة من أجل إيجاد 4 ملايين وظيفة في السنة وهذا عبء هائل فما بالك بالصين التي تستلزم إيجاد 25 مليون وظيفة؟». أما المشكلة الأخرى التي تقلق الرئيس بوش فتعود إلى حاجة الصين للطاقة وطلبها المتزايد عليها كلما ازداد نموها الاقتصادي سنة تلو أخرى. وحول هذه المشكلة قال بوش: «لا بد لنا من إيجاد نوع من المشاركة بالطاقة مع الصين لكي تصبح الصين قادرة على استخدام الطاقة بشكل أفضل لحماية البيئة. فإذا ظهرت كوارث بيئية في الصين سيزداد القلق من مضاعفات هذه الكوارث في آسيا والعالم. وقد استشهد جيري كليفورد أحد المسؤولين في وكالة حماية البيئة الأميركية بما حدث حين انفجرت منشأة كيماوية في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي وتسربت المواد الكيماوية إلى نهر تلوثت مياهه التي يستخدمها للشرب ملايين من الصينيين. فروسيا نفسها دقت أجراس الإنذار من هذا التسرب ومضاعفاته لأنه وقع قريباً من حدودها، ولم يدر الصينيون بما حدث إلا بعد أسبوع. وحين علم الرئيس بوش بما وقع سارع إلى عرض خدمات الولاياتالمتحدة، لكن الصين رفضت استقبال أي بعثة أميركية إلى المنطقة. وفضلت بكين استقبال بعثة خبراء من الأممالمتحدة للاستعانة بها والاطمئنان الى وجود سيطرة على الوضع في المنطقة التي وقع فيها الحادث. وقيل إن بعثة الخبراء هذه لم تأخذ عينة من مياه النهر ولم تزر موقع المنشأة الكيماوية. \r\n \r\n \r\n قادة المستقبل الجدد \r\n \r\n يقول وونغ كوول واه الكاتب الصيني في مجلة «آسيا تايمر» (4/2/2006) إن شاباً من القادة الصينيين الجدد يدعى لي يوان تشاو (55 عاماً) يحتل منصباً قيادياً في الحزب وليس في الصف الأول الآن لكنه رعى برنامجاً قدمته الصين لتسع عشرة دولة إفريقية حول تنظيم السكان ربما يصبح من قادة الصين في المستقبل. ولأن يوان تشاو من كوادر الحزب الشيوعي الموهوبين تقرر إشرافه على العمل مع قادة الدول الإفريقية التسع عشرة وهو يحمل درجة الدكتوراه وكان نائباً لوزير الثقافة وأميناً عاماً سابقاً لمنظمة الشبيبة الصينية التابعة للحزب، وهي أقوى قاعدة شعبية يعتمد عليها الزعيم الصيني في البلاد هو جينتاو.. لكن الطريف أن إمكانية استلام يوان تشاو لرئاسة الحكومة في الصين قد لا تحدث إلا في عام 2013، وهذا ما يجعل الانتظار لسبع سنوات زمناً طويلاً لكن هذا الزمن قصير في الصين. ويذكر أن وين جياباو رئيس حكومة الصين الشعبية اعتاد على زيارة منطقة يوان تشاو ومركز عمله قرب شانغهاي كل عام وزاره الزعيم الصيني هو جينتاو في عام 2004 و2005. وشهدت مقاطعة هذا الزعيم الشاب يوان تشاو وتدعى جيانغ سو أهمية كبيرة عام 2004 حين صوت ستة من أعضاء المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني الحاكم وهم تسعة لصالح إعطاء الأهمية الأولى لتطوير هذه المقاطعة. وسوف يظهر للجميع أن هذه المقاطعة ستتحول إلى نموذج في القانون والعمل والحياة في الصين، وخصوصاً في ميدان وسائل الاتصالات والإعلام ومحاربة فساد الحكام والمسؤولين. فالقانون الأول الذي تم تدشينه من أجل منع مخالفات وجنايات مكاتب الدولة والحكم اختيرت له مقاطعة جيانغ سو في عام 2001 وفي مدينة ووكسي. وبدأت مدن ومقاطعات أخرى بإنشاء نموذج مماثل استناداً إلى هذا القانون رغم أن جيانغ سو أكثر انفتاحاً على الإعلام وحريته. فخارج العاصمة بكين لا يوجد سوى صحيفتين يوميتين غير تجاريتين تقدم الحكومة الدعم لهما للتعبير عن سياسة الدولة. ولكي يعزز يوان تشاو شعبيته، قام في عام 2003 بزيارة للفلاحين في أكثر مناطق الصين الزراعية تخلفاً في مقاطعة نان جينغ وعمل على دفع خطط التطوير فيها. ومن تقاليد الحزب الحاكم إرسال بعض قادته لقضاء احتفال أيام السنة الصينية الجديدة مع الفلاحين في مقاطعات بعيدة. ومن الخطط التي سيجري تنفيذها في جيانغ سو وبشكل فوري زيادة مداخيل سكانها الذين سيبلغ عددهم حتى عام 2007 74 مليوناً. وحين تكتمل هذه الخطة ستنتقل إلى شانغهاي وغوانغ دونغ وربما يصبح يوان تشاو في العام المقبل عضواً في المكتب السياسي ثم نائباً لرئيس الحكومة ويتولى رئاسة الحكومة في عام 2013. تصورات جديدة للتعامل مع الصين يرى فرانشيسكو سيشي من صحيفة (لاستامبا) الإيطالية أن الغرب اعتاد في السنوات العشر الماضية على التعامل مع الصين بطريقة توجيه الانتقادات لها من أجل تغييرها. وهذه الطريقة ساعدت الصين على تجنب الأفخاخ الغربية التي تنصب لها وعلى اختيار أفضل السبل والوسائل في تنفيذ سياستها الداخلية والخارجية. ويعتبر سيشي أن الانتقادات الغربية الموجهة للصين حول سجل حقوق الإنسان والحريات فيها دفعت الصين إلى اتخاذ الحذر والدقة في مجابهة التظاهرات ونشطاء الدفاع عن حقوق الفرد في الصين ولذلك ساعد الغرب بطريقة غير مباشرة على خلق مجتمع متجانس ومنسجم في الصين. ويؤكد هذا الباحث الإيطالي أن مساعدة الغرب للصين بهذا الشكل غير المباشر دفعت عجلة تطورها الصناعي بنسب عالية كان على الغرب نفسه إجراء تغييرات فيه للحاق بمستوى تطورها المطرد. لكن الغرب لم يفعل ذلك بل ازدادت في مجتمعاته التناقضات والانقسامات ومشاكل الرأسمالية المعاصرة. فالصين أصبحت رأس حربة التطور والنمو الاقتصادي في قارة آسيا كلها خصوصاً في جنوب شرق آسيا ومنطقة الهند الواسعة. وقد خلقت الصين عالماً مختلفاً سيجعل الغرب لأول مرة منذ قرنين من الزمان أقلية اقتصادية. ويحذر الباحث الإيطالي الغرب من خطر تعرضه للموت إذا لم يبدأ بتغيير عاداته لمواجهة المضاعفات التي يولدها نمو الصين المطرد، فثمة تغيرات لا تنحصر في تحولات البيئة فحسب، لأن كل من لا يعد نفسه للتغيرات الشاملة التي تطرأ على هذا العالم سيفقد حجمه ودوره ومستقبله. وفي التاريخ القديم كان الكاتب البريطاني الشهير وليام شكسبير يعتبر البندقية في نهاية القرن السادس عشر من أكثر البلدان تطوراً وتقدماً، فدفع هذا الرأي بريطانيا إلى العمل على تغيير نفسها. وأصبحت لندن منذ ذلك الوقت تتولى قيادة التغيير في أوروبا. أما البندقية فقد كانت تعاني من مراحل التخلف والتراجع ولم تتمكن البندقية من إدراك ما يجري من تغيرات حولها فانتهت. ويقول سيشي: «إن عملية مشابهة نشهدها الآن من خلال الطريقة التي يتعامل فيها الغرب مع الصين فنحن غالباً نفشل في الاعتراف بتغير المناخ الذي تحمل الصين ريادته في النمو. أما الصين فتحاول قبول بعض انتقاداتنا فتحسن أداءها في التغيير والنمو وترفض انتقادات أخرى لا ترى أي فائدة منها. وكان راندي بيربوم قد نشر كتاباً حول الصين الحديثة بعنوان مثير: «هل تشكل الصين الحديثة تهديداً للغرب أم نموذجاً لبقية دول العالم؟». واللافت أن هذا الكاتب يعتبر النظام الديكتاتوري مفيداً للصين لأنه يساعد البلاد على التطور من جهة ولأنه يوفر فوائد للعالم من الجهة الأخرى. ويدعم بيربوم رأيه بالإحصاءات والأرقام والمعلومات التي تنسجم مع استنتاجه المذكور ويطالب الغرب بإعادة النظر بنفسه ومحاولة دراسة وقراءة الوضع الصيني بشكل موضوعي ودقيق. وينتهي إلى القول بأن الصين ربما تبتلع الجميع إذا لم يدرك الغرب ضرورة إعداد نفسه للتغيير.. ويبدو أن الولاياتالمتحدة من بين أهم الدول التي تعتبر الصين خطراً عليها وعلى مصالحها ودورها العالمي في المستقبل. ولذلك حاول البنتاغون طرح موضوع الخطر الصيني العسكري وغير العسكري على الكونغرس لاختيار الطريقة الأمثل في التعامل مع الصين. \r\n \r\n \r\n