مسؤول اميركي قال في تفسيره للتأكيدات الجديدة التي تقدمت بها وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، امام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، إن استكمال الطريق لم يعد يعتبر كافيا ولا استراتيجيا. ويلاحظ هنا ان اهم جوانب شهادة رايس هي توقيتها، وحقيقة انها فرضت وجهة نظرها على الموقف في العراق، بعد أن تزايدت الشكوك في الشهور الاخيرة حول من يدير العملية في واشنطن. وسواء كان ذلك من الافضل او الاسوأ فقد اصبح العراق مشروعها بطريقة لم تكن موجودة من قبل. \r\n لقد كشفت رايس، لأعضاء مجلس الشيوخ المتشككين، خطة عسكرية وسياسية معدلة ل «التطهير والاحتفاظ والاعمار» في المناطق المتنازع عليها، وأشارت الى انها ستبعث بالعديد من الدبلوماسيين الاميركيين والعاملين في مجال الاغاثة وغيرهم من المدنيين خارج المنطقة الخضراء المحصنة للعمل مع الفرق العسكرية الاميركية العراقية للتعمير في الريف. وتنوي زيارة جيران العراق العرب في الشهر القادم للضغط عليهم من اجل التعامل سياسيا وماديا مع الحكومة العراقية الدائمة التي ستشكل بعد انتخابات ديسمبر. \r\n ويعني ذلك ان رايس ومستشاريها يتحملون جزءا من الاحساس بالعجالة، الذي طرحه العديد من نقاد الحرب مثل السناتور تشاك هاغيل بقوله ان أمام الادارة فرصة تصل لستة شهور لإقناع الرأي العام الاميركي ان لديها القدرة للتأثير على النتائج في العراق، وإلا فستصعب مقاومة مشاعر الانسحاب. \r\n ويحمل هذا التقييم شيئا من الحقيقة. فقد بدأت فترة حرجة جديدة بإقرار الدستور العراقي قبل اسبوع مع توجه الناخبين للمرة الثانية هذا العام في انتخابات سلمية بصفة عامة ومنظمة، وهي علامة فاصلة في الشرق الاوسط العربي. \r\n ومن المتوقع أن يستخدم محامو صدام، الذين طلبوا تأجيل المحاكمة حتى 28 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، الماضي لإضعاف معنويات الرأي العام الاميركي، وعلى وجه التحديد سيركزون على استراتيجية الفضح والإحراج الرائجة في السياسة والثقافة العربية بغرض حمل المعارضين على الاستسلام والتنازل. يقول خليل الدليمي، وهو واحد من ابرز محامي صدام حسين، ان الاميركيين يريدون إلقاء مسؤولية المقابر الجماعية وقتل الأكراد على صدام حسين، ناسين انهم كانوا يؤيدون صدام في ذلك الوقت. \r\n الجدل حول العراق في واشنطن لا يعطي اهتماما للماضي، خصوصا المسؤولية الاخلاقية النادرة تجاه الشعب العراقي من جانب الادارات الاميركية المتعاقبة، وفشلها في الاضطلاع بهذه المسؤوليات. \r\n على الصعيد الرسمي ساعدت واشنطن صدام حسين على قهر العراقيين حتى يتمكن من مواجهة ايران (ريغان)، كما ناشدت واشنطن الشعب العراقي بالثورة ضد الدكتاتور ثم تخلت عنه (بوش الأب)، فضلا عن اعتماد ادارة اخرى على العقوبات التي طحنت الشعب العراقي وعدم اتخاذ أي خطوة ضد صدام حسين (كلينتون). يضاف الى هذه القائمة البؤس والشقاق السياسي والفساد بسبب الاحتلال. \r\n قبل زيارة كوندوليزا رايس المرتقبة، يجب تذكيرنا بما فعلته دول اخرى اعضاء في الجامعة العربية ازاء الدكتاتور صدام حسين، لأن ذلك سيساعدنا على فهم نوع العراق الذين يريدون بعد كل هذا النزاع. لكنني اشك في حدوث ذلك، رغم ان آخرين سيفعلون ذلك. يتناول كتاب جديد بعنوان Le Livre Noir de Saddam Hussein جرائم صدام حسين بتفاصيل مذهلة ، فيقول المؤلف، بيرنارد كوشنار، زعيم الحزب الاشتراكي الفرنسي، ان «اهم اسلحة الدمار الشامل العراقية هو صدام حسين»، ويقول انه من المهم ان نتذكر اؤلئك الذين ساعدوه بصورة عمياء او بدونها على نحو متعمد. \r\n * خدمة «مجموعة كتاب وشنطن بوست» \r\n خاص ب«الشرق الاوسط»