بروتوكول تعاون بين هيئة قضايا الدولة والجامعة الألمانية بالقاهرة    وزيرالدفاع يشهد مناقشة البحث الرئيسى للأكاديمية العسكرية    سكاي أبوظبي توقع اتفاقية مع شركة seven لتقديم حلول تمويلية مرنة للعملاء لتشطيب وحداتهم في مشروع ريزيدنس 8    الحكومة الفلسطينية تطالب بتحرك عربي ودولي عاجل ضد خطة الاحتلال لإقامة 17 مستوطنة جديدة    زيلينسكي: سنسلم خطة السلام النهائية من لندن إلى الولايات المتحدة خلال أيام    اتحاد الكرة يبلغ فيفا برفضه استغلال مباراة مصر وإيران في كأس العالم لدعم المثلية الجنسية    ضبط قائد سيارة سار عكس الاتجاه بالشرقية لتعريض المواطنين للخطر    تفاصيل محاكمة طفل المنشار.. مرافعة قوية ل النيابة العامة    قصيدة عشق مصرية فى الدوحة «كتارا» و«الألكسو» يكرمان عمر خيرت    السياح يتغنون ب«الأقصر» | مواكب زهور وفرق موسيقية احتفالاً بالعيد القومى    داعية تكشف طريقة فعالة للوصول للوفاء في العلاقة الزوجية(فيديو)    مستشار وزير الصحة: ننقل خبراتنا الطبية إلى جامبيا عبر المركز الطبي المصري    كرة طائرة - الزمالك يستهل مشواره بالخسارة أمام برايا البرازيلي في كأس العالم للأندية للسيدات    مدبولي يتابع مع وزير الاتصالات مستجدات العمل في عدد من ملفات الوزارة    لأول مرة في تاريخها.. أوقية الفضة تقفز إلى 60 دولارًا بالمعاملات الفورية    سقوط أمطار متوسطة على عدد من المناطق المتفرقة في دمياط    إطلاق نار وتخويف وتخريب... تفاصيل حادثة انتهت بالسجن 5 سنوات    أخبار الإمارات اليوم.. الإمارات تصدر مرسومًا بتعديل بعض أحكام قانون الشركات التجارية    أحدث تصوير جوي لمشروع إنشاء محطة تحيا مصر 2 بميناء الدخيلة    أبطال فيلم الست يحضرون العرض الأول في الرياض    رئيس الوزراء يستعرض مخطط تطوير المناطق المحيطة بالأهرامات والمتحف الكبير    فاركو يفوز علي المقاولون العرب 3-2 في كأس عاصمة مصر    هل يجوز صلاة قيام الليل في التاسعة مساءً؟ أمين الفتوى يجيب    هل يجوز غلق العين في الصلاة من أجل الخشوع؟.. أمين الفتوى يجيب    خبر في الجول - بيراميدز يحدد موعد سفره إلى قطر لخوض إنتركونتينينتال    وزير الصحة يترأس الاجتماع الدوري للمجموعة الوزارية للتنمية البشرية    صحة الإسماعيلية تجرى الكشف علي 830 مواطنًا خلال يومي القافلة الطبية بقرية الدوايدة بالتل الكبير    تصاعد حدة القتال بين تايلاند وكمبوديا على طول الحدود المتنازع عليها    توقف عضلة القلب.. وزارة الشباب والرياضة توضح تفاصيل إصابة لاعب بمباراة الدرجة الرابعة    فرق البحث تنهى تمشيط مصرف الزوامل للبحث عن التمساح لليوم الخامس    القومي للمرأة ينظم ندوة توعوية بحي شبرا لمناهضة العنف ضد المرأة    استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم لليوم الرابع في العصامة الجديدة    كوارث يومية فى زمن الانقلاب… ارتباك حركة القطارات وزحام بالمحطات وشلل مرورى بطريق الصف وحادث مروع على كوبري الدقي    ستكون العواقب وخيمة، وزير ري سابق يحذر إثيوبيا من المساس بحصة مصر في مياه النيل    تركيا تدين اقتحام إسرائيل لمقر أونروا في القدس الشرقية    نيللي كريم: مبقتش أعمل بطولات وخلاص عشان أثبت إني ممثلة كبيرة    اليابان: تقييم حجم الأضرار الناجمة عن زلزال بقوة 5ر7 أدى لإصابة 34 شخصا    شتيجن يعود لقائمة برشلونة ضد فرانكفورت في دوري أبطال أوروبا    وفاة شخص صدمته سيارة بصحراوي سمالوط في المنيا    القاهرة الإخبارية: قافلة زاد العزة ال90 تحمل أكثر من 8000 طن مساعدات لغزة    متحدث «الأوقاف»: مصر قرأت القرآن بميزة «التمصير والحب» لهذا صارت دولة التلاوة    محافظ أسوان يفتتح الندوة التوعوية لمكافحة الفساد    غدًا.. فصل الكهرباء عن قريتي كوم الحجنة وحلمي حسين وتوابعهما ببيلا في كفر الشيخ    حكاية "سعد الله" معلم الدراسات بالدقهلية صاحب تريند التعليم على طريقته الخاصة (صور)    ليوناردو دي كابريو يهاجم تقنيات الذكاء الاصطناعي: تفتقد للإنسانية وكثيرون سيخسرون وظائفهم    جامعة قناة السويس تقدّم خدمات علاجية وتوعوية ل711 مواطنًا خلال قافلة طبية بحي الأربعين    حزب الاتحاد: لقاء الرئيس السيسي مع حفتر يؤكد حرص مصر على استقرار ليبيا    مدبولي يتفقد مشروع رفع كفاءة مركز تكنولوجيا دباغة الجلود بمدينة الروبيكي    رياضة النواب تهنئ وزير الشباب بفوزه برئاسة لجنة التربية البدنية باليونسكو    صلاح وسلوت.. مدرب ليفربول: أنا مش ضعيف وقلتله أنت مش هتسافر معانا.. فيديو    وزارة الاستثمار تبحث فرض إجراءات وقائية على واردات البيليت    قرار عاجل لمواجهة أزمة الكلاب الضالة في القاهرة    البابا تواضروس الثاني يؤكد وحدة الكنيسة خلال لقائه طلاب مدرسة مارمرقس بسيدني    فحص 7.4 مليون تلميذ ضمن مبادرة الكشف المبكر عن «الأنيميا والسمنة والتقزم»    رئيس اللجنة القضائية: تسجيل عمومية الزمالك يتم بتنظيم كامل    غدا.. بدء عرض فيلم الست بسينما الشعب في 9 محافظات بأسعار مخفضة    وزير الثقافة يلتقي نظيره الأذربيجاني لبحث آليات تعزيز التعاون بين البلدين    بالفيديو.. القومي لحقوق الإنسان: نوجه التحية للقائمين على الانتخابات البرلمانية هذا العام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام أداة للتحديث
نشر في التغيير يوم 08 - 09 - 2005

في أوائل سبعينات القرن العشرين حين كانت ماليزيا ما تزال بلداً زراعياً إلى حد كبير وكانت الحركة الإسلامية قد بدأت للتو تكتسب الزخم بين الناس، شرعت ماليزيا في تنفيذ ما أطلقت عليه "السياسة الاقتصادية الجديدة". وكان الهدف من ذلك المشروع مساعدة أغلبية الشعب الماليزي على اكتساب حصة أكبر في ثروة البلاد. وبعد ثلاثة عقود من النمو الاقتصادي المذهل أصاب العديد من أهل ماليزيا الرخاء والازدهار وباتوا راضين مطمئنين، ليس فقط من خلال الرأسمالية العلمانية، بل أيضاً بفضل الشعور المتجدد بالهوية الإسلامية، تلك الهوية التي تقبلت التحديث واعتنقته في أغلب جوانبها. (مما لا شك فيه أن بعض المفارقات والمتناقضات تظهر من حين إلى آخر، مثل تلك المفارقة التي تمثلت في الدفاع عن العولمة والمناداة بتشديد الرقابة في الوقت ذاته).
\r\n
\r\n
لقد برز العديد من السياسيين ذوي التوجهات الفكرية الإسلامية مثل أنور إبراهيم حين انطلق التيار الإسلامي في سبعينات القرن العشرين. لكن الإسلام الذي روج له هؤلاء الساسة لم يكن رجعياً، بل لقد سعوا من خلاله إلى صياغة سياسة اقتصادية تحديثية تراعي المدارك والمشاعر الإسلامية.
\r\n
\r\n
في عام ،1982 وحين أدركت حكومة رئيس الوزراء مهاتير محمد آنذاك الشعبية الطاغية لهذه الحركة، قررت الحكومة اختيار أنور إبراهيم كعضو جديد في المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة، أو الحزب المهيمن داخل الائتلاف الحاكم. ولقد نجحت تلك الاستراتيجية وساعدت على نزع فتيل المعارضة الإسلامية للتغييرات المؤلمة التي صاحبت التحديث الاقتصادي السريع الذي شهدته البلاد.
\r\n
\r\n
ولكن أثناء التسعينات نجح أنور في زيادة نفوذه داخل الحزب، الأمر الذي أدى إلى انزعاج العديد من أفراد الحرس القديم. ثم بلغت الأمور حد الأزمة في أعقاب أزمة 1997 المالية حين تبنى أنور، نائب رئيس الوزراء آنذاك، توجهاً اقتصادياً أكثر تحرراً حتى من ذلك الذي تبناه مهاتير. ومن بين أسباب أخرى، أقيل أنور رداً على ذلك التحدي.
\r\n
\r\n
تمكن الحزب الماليزي الإسلامي من بسط نفوذه على ولايات مثل كيلانتان وترينجانو، وبات يشكل تهديداً خطيراً للمنظمة الوطنية الماليزية المتحدة في ولايات أخرى شمالية. وعلى هذا فقد أدى الخلاف الشخصي بين مهاتير وأنور إلى صدع كبير في العلاقات بين القوى السياسية الإسلامية وبين المنادين بالتحديث في المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة.
\r\n
\r\n
ومن هنا فقد شعر مهاتير بضغوط تدفعه من جديد إلى تبني استراتيجية تهدف إلى منع الإسلام من التحول إلى أداة للمعارضة. ولقد أثر ذلك الدافع بشدة في اختياره لخليفته حين قرر التنحي عن منصبه كرئيس للوزراء. والحقيقة أن اختياره لعبدالله بدوي، رئيس الوزراء الحالي، قد ساعد المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة على إعادة اكتساب المركز الأخلاقي الإسلامي المتفوق الذي كان الحزب الماليزي الإسلامي يسعى إلى الحصول عليه.
\r\n
\r\n
ولكن كانت بداية الحرب التي شنتها الولايات المتحدة على الإرهاب في عام 2001 سبباً في التوقف التام للمسيرة السياسية للأحزاب الإسلامية في ماليزيا، حيث قدمت للحكومة المبرر لتشديد قبضتها على اليمين في ماليزيا والحزب الماليزي الإسلامي.
\r\n
\r\n
لكن هذا لم يؤد إلا إلى تجدد رغبة المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة في تصوير ذاتها كحزب إسلامي إلى الحد الكافي. لذا فقد بادر مهاتير قبل أن ينحى إلى إعلان ماليزيا دولة إسلامية في واقع الأمر. عمت الدهشة بعد ذلك الإعلان وثارت الأسئلة بشأن المدى الذي قد يقطعه مهاتير سعياً إلى تحييد الجاذبية التي يتمتع بها الإسلاميون.
\r\n
\r\n
ولقد استمر هذا التوجه، حيث كان التحرك الأول الذي اتخذه بدوي بعد توليه منصب رئيس الوزراء في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2003 هو تقديم مفهوم "الإسلام الحديث" للناس. ولقد ظل هذا المصطلح غامضاً حتى تجسد أخيراً في سبتمبر/أيلول 2004 في هيئة قائمة تضم عشرة مبادئ، وكانت كل تلك المبادئ، باستثناء مبدأ واحد، بلا دلالة دينية. ومع هذا فقد بدا أن هذه الحركة تعبر عن كل ما كان يحتاج إليه الناخبون من ذوي التوجهات الإسلامية من أجل العودة إلى حظيرة الجبهة الحاكمة.
\r\n
\r\n
وفي الانتخابات العامة التي أقيمت في شهر مارس/آذار 2004 وهي الانتخابات الأولى منذ تنحي مهاتير بعد 22 عاماً قضاها في السلطة ساعد المسلمون المعتدلون عبدالله بدوي في تحقيق انتصار ساحق. ولقد أدى الإفراج عن أنور إبراهيم بعد ذلك مباشرة إلى رفع نفوذ وهيبة رئيس الوزراء الجديد باعتباره زعيماً تمكن من علاج صراعات كانت قائمة فيما بين الطوائف الماليزية والطوائف الإسلامية.
\r\n
\r\n
ومنذ ذلك الوقت حرص عبدالله بدوي على إضفاء الشعبية على مفهوم "التحديث" فعمل على صياغته كوسيلة لتحويل الإسلام من التركيز على الجانب التشريعي منه إلى التركيز على إمكانياته الحضارية وجعله أقل التصاقاً بالإيديولوجية. وفي ماليزيا يتم اليوم تقديم الإسلام كمحرك ومولد للحضارة والثقافة، وليس مجرد مصدر للإلهام الديني. ولقد ساعد هذا على عكس الميول المتطرفة على الصعيد الداخلي وتقديم برنامج سياسي يستند إلى مفاهيم واضحة للإسلام المعتدل. ويحاول برنامج "التحديث" الإسلامي التأكيد على أن التوجه المادي الوطني الذي يتبناه حزب المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة لا يتعارض ولا يتناقض مع الإسلام.
\r\n
\r\n
لقد نجحت ماليزيا بالاستعانة بالعديد من المناورات والاستراتيجيات في معالجة أسباب التوتر التي كانت قائمة بين جدول أعمال علماني تحديثي وبين العقيدة الإسلامية المتغلغلة في نفوس الشعب الماليزي. ومن خلال جعل الإسلاميين والمشاعر الإسلامية جزءاً من عملية التحديث، نجحت ماليزيا في البرهنة على إمكانية التوفيق بين العقيدة الإسلامية وبين النمو الاقتصادي إذا ما تحلى أهل السياسة بالبراعة الكافية وإذا ما حرصوا على عدم التعامل مع العنصرين باعتبارهما طرفي تناقض.
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
* زميل بمعهد سنغافورة لدراسات جنوب شرق آسيا، والمسؤول عن تنسيق برنامج دراسات ماليزيا بالمعهد. والمقال ينشر بترتيب مع "بروجيكت سنديكيت".
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.