\r\n من المثير ان نرى الالتزام بالهوية الاميركية وتقاليد السياسة الخارجية في رد فعل ادارة الرئيس بوش على هجمات سبتمبر ، واعتقد ان الكثيرين سيرون ذلك. مالت السياسه نحو الانفرادية عند التعرض للضغط ، وتميز خطابنا بالمثالية في تلك الظروف . لكن الثقافة السياسية الاميركية والضغوط الداخلية غير مسؤولتين عن القرارات الحاسمه للسياسه الخارجية الاميركية منذ الحادي عشر من سبتمبر. \r\n بعيد هجمات سبتمبر كان الاميركيون سيسمحون للرئيس بوش بتوجيههم في أي اتجاه شاء وكانت الامة مستعدة لقبول التضحيات وركوب الاخطار .لم تطلب الادارة الاميركية التضحيات من المواطن العادي ، لكن وبعد السقوط السريع لنظام طالبان ، غامرت تلك الادارة في حل مشكلة مستعصية من خلال خيط واه يربط القاعدة بالعراق. واثناء هذه المحاولة بددت الادارة الاميركية التأييد الكبير الذي حصلت عليه بعد احداث سبتمبر. وفي الوقت ذاته ، ابتعدت عن اقرب حلفائها الذين حاول بعضهم الوقوف بوجه التأثير الاميركي المتنامي وادى ذلك الى تحريك المشاعر المعادية لاميركا في الشرق الاوسط من جديد. وكان يمكن للادارة الاميركية ايجاد تحالف حقيقي للدول الديمقراطية لمحاربة التوجهات الرجعية في الشرق الاوسط . وكان بامكانها ايضا تنسيق الحصار الاقتصادي وضمان عودة مفتشي اسلحة الدمار الشامل الى العراق دون ان تدخل الحرب ضد العراق0 وكان بامكانها ان تنجح في ايجاد نظام عالمي جديد لمحاربة انتشار الاسلحة. كل هذه السبل كانت تتماشى مع تقاليد السياسة الاميركية الخارجية. الا ان الرئيس بوش وادارته اختاروا طريقا اخر . لم تكن خيارات سياسة ادارة بوش رهينة الضغوط الداخلية او الثقافة السياسية الخارجية الاميركية. قيل الكثير عن تطرف هذه الادارة وقيل ان ذلك هو السبب في اندفاع الولاياتالمتحدة وحيدة في قرارها في دخول الحرب وتحدث الناس عن زيادة اعداد المحافظين في الادارة الاميركية المسؤولين عن سياسه بوش الدولية. الا اننا نعتقد ان هذه الامور مبالغ فيها. \r\n حازت هذه العوامل التي لم تؤثر على سياسة الإدارة الاميركية على اهتمام كبير على حساب عوامل سياسة اخرى. ففي اوساط الحزب الجمهوري حصلت ادارة بوش في حربها على العراق على تأييد غير المحافظين ( الذين ليست لهم قاعدة سياسية خاصة بهم ، الا انهم يقدمون دعما فكريا كبيرا ) ومن الذين اطلق عليهم ولتر راسيل ميد اميركا الجاكسونية (نسبة الى الرئيس الاميركي الاسبق اندرو جاكسون صاحب مبدأ الديمقراطية الشعبية) وهم الوطنيين الاميركيين الذين سببت لهم فطرتهم انعزالية عدوانية. وعملت بعض الظروف على تقوية هذا التحالف الغريب. ان الفشل في العثور على اسلحة الدمار الشامل في العراق وفي ايجاد علاقة بين صدام حسين وتنظيم القاعدة دفع الرئيس بوش الذي كان يعد العدة لالقاء خطاء التنصيب الثاني الى تبرير الحرب من وجهة نظر غير محافظة فقط : جاءت الحرب ضمن سياق سياسة محكمة لاجراء التغييرات السياسية في الشرق الاوسط0 ان قاعدة الرئيس الجاكسونية التي تشكل السواد الاعظم من القوات الاميركية في العراق لا تربطها بهذه السياسة أي رابطة الا انها لا تريد ترك قائدها في منتصف المعركة ، خاصة وان النجاح في هذه المعركة في متناول اليد. \r\n ان تحالف هذه الحرب هش وعرضة للانفراط. فما ان يبدأ الجاكسونيون بالاعتقاد انهم لن يربحوا تلك الحرب او انها حرب فاشلة ، فلن يكون هنالك دعم لسياسة خارجية واسعة تتبنى نشر الديمقراطية. وهذا سيؤثر على حملة الجمهوريين للانتخابات الرئاسية القادمة وسيدفع باولويات هذه الحملة في اتجاهات ستؤثر على السياسة الخارجية الاميركية بأكملها. \r\n هل نواجه الفشل حاليا في العراق ؟ ذلك امر غير واضح حتى الان. يمكن للولايات المتحدة الأميركية السيطرة عسكريا على الموقف طالما أرادت البقاء هناك وبأعداد كبيرة من القوات ، لكن القدرات الاميركية محدودة على المدى البعيد. ان الاحتياط لم يكن مخطط له ان يحارب لفترة طويلة0 في حين يواجه الجيش والبحرية مشاكل على مستوى الاعداد والمعنويات. وطالما بقي الدعم الشعبي للوجود الاميركي في العراق مستقرا فان الاسباب العملياتية القوية ستدفع الادارة الاميركية الى تقليص عدد القوات خلال السنة القادمة. \r\n ومع الفشل في دعم الحشد السني للدستور والتصدع بين الشيعة فليس من المحتمل صعود حكومة عراقية قوية ومتماسكة الى سدة السلطة قريبا. في الواقع ان المشكلة الحالية تكمن في منع الفصائل العراقية من اللجوء الى ميليشياتها بدلا من اللجوء للحكومة للحصول على الحماية. اذا ما انسحبت الولاياتالمتحدة من العراق قبل الاوان ستعم فوضى اكبر في العراق. ان ذلك سيؤدي الى سلسلة من الاحداث المأساوية ستشوه المصداقية الاميركية في العالم وتبقى الولاياتالمتحدة معلقة في الشرق الاوسط على حساب مناطق اخرى ، آسيا على سبيل المثال , لعدة سنوات قادمة. \r\n لا نعرف العواقب في العراق. لكننا نعرف انه وبعد اربع سنوات على وقوع هجمات سبتمبر فان مصير سياستنا الخارجية برمتها ارتبط سلبا اوايجابا بنتائج حرب لا يربطها الا القليل بأسباب ما حل بنا في ذلك اليوم. لم نكن مجبرين على هذه الحرب لكن هناك الكثير من الامور التي يمكن ان نندم عليها في تلك الحرب. \r\n \r\n فرانسيس فوكوياما \r\n استاذ العلاقات الدولية في كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية0ورئيس تحرير مجلة اميركان انترست ( المصلحة الاميركية) \r\n خدمة نيو يورك تايمز خاص بالوطن \r\n