فقد قامت أربعة وزارات على الأقل –وهي الأمن العام، والبريد والاتصالات، والثقافة والإعلام، والتخطيط والاستثمار– بالتعاون من أجل \"تنظيم وتوحيد مشروعات مقاهي الإنترنت الناشئة والمسببة للمشاكل. \r\n \r\n غير أنه في الوقت الذي اتخذ فيه التقليديون والموظفون موقفا واحدا مرحبا بالقيود الجديدة التي فُرضت الشهر الماضي كأسلوب فعال في محاربة \"المخططات الشريرة\"، فإن المتشددين وذوي التفكير الحر يرون في هذه القيود محاولات تقوم بها الحكومة من أجل وضع المزيد من الحواجز أمام الوصول الحر إلى فضاء الإنترنت. \r\n \r\n ومنذ دخولها إلى الشبكة العنكبوتية العالمية عام 1997، تشرف حكومة فيتنام الشيوعية على الدخول إلى طريق المعلومات العالمي. ويؤكد أحد القوانين على عزم الحكومة على التحكم في الإنترنت والسيطرة عليه في فيتنام وكذلك في الخدمات المرتبطة بهذه الشبكة، وإدارة البوابات إلى العالم الخارجي للارتباط بالإنترنت، وكذلك التحكم في محتوى المعلومات على الإنترنت. \r\n \r\n لكن الأعداد المتزايدة من مستخدمي الإنترنت، ومن بينهم هؤلاء الذين يقومون برعاية مقاهي الإنترنت الشعبية، جعلوا جهود الحكومة الهادفة إلى التحكم في الوصول إلى محتوى الشبكة جهودا عسيرة. \r\n \r\n وفي العام الماضي أفاد تقرير لمركز الإنترنت في فيتنام أن أعداد المشتركين في الإنترنت قد قفز من 823 ألفا في عام 2003 إلى أكثر من مليونين. وفي المقابل تضاعف عدد متصفحي الشبكة في مقاهي الإنترنت، ليمثل الآن 7.35 من عدد سكان فيتنام البالغ 83 مليون نسمة. \r\n \r\n وفي أعقاب دخول الخدمات واسعة النطاق لخط المشتركين الرقمي غير المتزامن (إيه دي إس إل) أصبحت مقاهي الإنترنت أماكن رخيصة للشباب المعروف بسهولة تأثره بالآخرين من أجل الاتصال بالعالم الخارجي. \r\n \r\n ويشكو دو كوي دون، وكيل وزارة الثقافة والمعلومات، قائلا: \"إن المراهقين والشباب هم الزبائن الرئيسيون لمقاهي الإنترنت هذه، فماذا يفعلون هناك؟ إنهم عادة ما يلعبون ألعابا، أو يقومون بالدردشة، أو يكتبون رسائل البريد الإلكتروني، وهم نادرا ما يقومون ببحث أو دراسة شيء\". \r\n \r\n ويبدو أن الشرطة مستعدة لدعم فكرة أن هناك بعض \"الأشخاص السيئين\" ينتهزون فرصة السيطرة غير المحكمة على الإنترنت فيقومون بتنزيل أو تحميل \"المحتويات غير المشروعة\" بدءا من الصور العارية لمشاهير الممثلات وانتهاء بالوثائق المناهضة للحكومة. \r\n \r\n يقول فان، رئيس فريق مكتب التحقيق التابع للبريد والاتصالات في مدينة نجوين: \" إن ما يصل إلى 90 بالمائة من الشباب قد قاموا بمشاهدة مواقع إباحية، في حين أنه وُجدت أدلة على وجود مواقع جنسية في 26 مقهى من إجمالي 28 من مقاهي الإنترنت التي تم الإشراف عليها\". وأضاف أن الكثير من مواقع الإنترنت تسمح للمتصفحين بدخول مواقع جنسية. \r\n \r\n ومن أجل مراقبة مقاهي الإنترنت طالبت وزارة الثقافة والمعلومات في العام الماضي مزودي خدمة الإنترنت بتحسين التحكم من خلال إعداد جدران نارية أكثر فاعلية لاستبعاد صفحات الإنترنت غير المقبولة. كما طالبت وزارة الثقافة والمعلومات أيضا الأفراد والمنظمات بتقديم طلبات للحصول على تراخيص عندما يقومون بإعداد موقعهم الخاصة. \r\n \r\n أما آخر التوجيهات فتطلب من أصحاب مقاهي الإنترنت تسجيل بيانات العملاء، ومن بينها الاسم والعمر والعنوان ورقم البطاقة، وهذا من أجل مراقبة المواقع التي تمت زيارتها بمساعدة البرامج التي يقدمها مزودو خدمة الإنترنت. كما طُلب أيضا من أصحاب مقاهي الإنترنت أن يُغلقوها قبل منتصف الليل، وألا يسمحوا لمن هم دون ال14 عاما إذا لم يكن معهم أحد من البالغين. \r\n \r\n ويشرح الموضوع السيد دون، وزير الثقافة والإعلام، فيقول: \"إن هذه الضوابط تجيب على القلق الشعبي بخصوص البيئة السيئة التي تعرضها معظم مقاهي الإنترنت؛ فقد جاء الكثيرون طالبين منا أن نقوم بشي فوري إذا لم نكن نريد أن نتعامل مع \"أوكار سيئة\" فيما بعد. \r\n \r\n وقد كان دون بهذا يشير إلى الحملات التي جرت على حانات الكاروكي، والملاهي الليلية في العاصمة الوطنية وفي هانوي، حيث تم القبض على مئات الشباب يقومون بالرقص أو ممارسة الجنس تحت تأثير \"المخدرات\" أو غيرها من المسكرات. \r\n \r\n وفي السنين القليلة الماضية أصبحت المخدرات وأشرطة الفيديو الإباحية وحالات الإجهاض قضايا خطيرة في المدارس والكليات، وهو ما سبب قلقا كبيرا للآباء والمربين. \r\n \r\n ففي مؤتمر صحفي قال الكولونيل دوك نانه، المدير المساعد لشرطة هانوي في مدينة نجوين: \"إن العديد من الشباب، وبخاصة من الطلاب، بدءوا يستخدمون الأمفيتامين والمخدرات، وهذا توجه مزعج بين شباب الأمة. وإذا لم تُتخذ الإجراءات حيال هذا فإن الظاهرة يمكن أن تصل إلى نسب وبائية، كما يمكن أن تصبح جزءا من الثقافة السائدة بين شباب هانوي، وهو ما يقوض الاستقرار الاجتماعي الشامل\". \r\n \r\n ومن الواضح أن إجراءات مكافحة السيناريو الذي رسمه الكولونيل تتضمن قيودا أكثر إحكاما على مقاهي الإنترنت. \r\n \r\n وفيما يتعلق بهذه الإجراءات قالت ثاي ثونج، وهي ربة منزل في مدينة نجوين ل آي بي إس: \"إنني أقدّر هذه الضوابط الجديدة. إن ابنتي عادة ما تذهب إلى مقاهي الإنترنت لكنني لا أستطيع أن أعرف ماذا تفعل هناك\". \r\n \r\n كما قال با، 70 عاما، من مدينة نجوين إنه يعتقد أن قيام مقاهي الإنترنت بطلب إظهار المستخدمين بطاقات هوياتهم يمكن أن يحد كثيرا من سوء استخدام الإنترنت، وخاصة بعد منتصف الليل. ويضيف: \"ففي هذا الوقت تصبح مقاهي الإنترنت مجرد مكان للبحث عن شريك لممارسة الجنس على الإنترنت، حيث تقوم بعض بنات الهوى باستخدام كاميرات الويب في مقاهي الإنترنت من أجل تسويق مفاتنهن\". \r\n \r\n ومع هذا فإن أغلبية أصحاب مقاهي الإنترنت وعملائهم لا يتفقون مع هذه التأكيدات؛ حيث قال تران ترونج، صاحب مقهى ثان هو نت في شارع لي ثونج كيت بمقاطعة بينه بمدينة هوشي منه، مشيرا إلى وجوب قيام أصحاب مقاهي الإنترنت بطلب رؤية البطاقة الشخصية للعملاء: \"إننا لسنا رجال شرطة\". \r\n \r\n وأضاف ترونج، تعليقا على مخاوف الآباء من التأثيرات السيئة على عقول أبنائهم: \"إنه من الأفضل للمراهقين أن يأتوا إلى هنا وأن يقوموا بتصفح شبكة الإنترنت بدلا من أن يظلوا على الإنترنت وحدهم في البيت\". \r\n \r\n كما تساءل فان ثانه ترونج، 21 عاما، وهو طالب في السنة الثالثة بكلية الفنون في مدينة هوشي منه، قائلا: \"هل تريد أن تُطلب منك بطاقتك الشخصية عن دخولك إلى حانة أو ناد ليلي؟ فما الحاجة إذن إلى طلبها في مقاهي الإنترنت؟ وهل هي أسوأ حالا من حانات الكاروكي وأماكن الرقص؟\" \r\n \r\n وقال ترونج ل آي بي إس إنه يعتقد أن السبب الحقيقي للقوانين الجديدة ربما يكون سياسيا أكثر منه أخلاقيا، فقال: \"لقد طلبوا في العام الماضي من القائمين ببناء مواقع الإنترنت أن يتقدموا بطلب رخصة لكي تتم مراقبة المحتوى الذي يتم تحميله على الإنترنت. وهذا العام يطلبون البطاقة الشخصية ومسار صفحات الإنترنت من أجل مراقبة المحتوى الذي يتم تنزيله من الإنترنت\". \r\n \r\n ويقوم الحزب الشيوعي الفيتنامي بالإعداد لمؤتمره العاشر، والذي يُتوقع أن يضع توجهات جديدة وأن يختار قادة جددا من أجل قيادة الحزب في عصر العولمة والسوق الحرة. \r\n \r\n وقد انتهز العديد من المعارضين الفيتناميين ونشطاء الديمقراطية في داخل فيتنام وخارجها الفرصة لتكثيف الانتقادات الموجهة للحزب الشيوعي الفيتنامي على الإنترنت. وفي هذا السياق قال ترونج: \"إن هذه الأوقات الحساسة تتطلب سيطرة أكبر على الإنترنت\". \r\n \r\n وتساند الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي انضمام فيتنام إلى منظمة التجارة العالمية، وقد ظل هذا البلد يراجع قوانينه من أجل ضمان الوصل إلى هذا الهدف، رغم أن القيود الجديدة على الدخول على الإنترنت يبدو أنها تسير عكس اتجاه سياسة الانفتاح العامة.