\r\n إذا حدث انفتاح ديمقراطي في بعض الأنظمة الديمقراطية على نحو سريع. \r\n ولم يعد الديمقراطيون العرب يتحدثون عن الانتخابات العراقية التي جرت في شهر يناير الماضي والتي شهدت مشاركة واسعة من أفراد الشعب العراقي. \r\n وأخبرني عدد كبير من أقطاب المعارضة في سوريا بعدم رغبتهم في حدوث تحول سياسي سريع في سوريا، وأعربوا عن تخوفهم من أن يؤدي هذا التحول السريع الى حدوث فوضى سياسية وأمنية عارمة مثلما حدث في العراق. وفي لبنان، أعرب الأعضاء البارزون في جبهة المعارضة عن قلقهم من إحتمال أن يؤدي تدهور الأوضاع السياسية والأمنية في العراق الى حدوث جو من الفوضى في منطقة الشرق الأوسط بأكملها. وفي مصر حذر المسؤولون الحكوميون من أن التحول السياسي السريع قد يمكن الاسلاميين من السيطرة على السلطة، وبرهنوا على ذلك بالاشارة الى فوز الأحزاب الشيعية الدينية في الانتخابات العراقية الماضية. \r\n ويراقب الديمقراطيون العرب في منطقة الشرق الأوسط بقلق بالغ تدفق الاسلاميين المتشددين الى العراق. وقد حذرت وكالة الاستخبارات الأميركية من احتمال أن تتحول العراق إلى أفغانستان جديدة تستوعب المتشددين الاسلاميين الذين يفدون اليها لتنفيذ هجماتهم الدامية على القوات الأميركية. \r\n وبالتأكيد؛ فان التوجه السياسي في المنطقة سوف يعتمد على نجاح المسؤولين العراقيين في توفير مناخ الاستقرار والأمن في العراق والقضاء على الجماعات المسلحة من عدمه وذلك بالاضافة الى نجاح العراقيين في تضييق هوة الفتنة الطائفية المتصاعدة والقضاء على النعرات العرقية التي تهدد بتمزيق أوصال العراق والقضاء على استقراره. \r\n ويضع المسؤولون العراقيون آمالهم على رغبة الأحزاب السنية بالمشاركة في العملية السياسية. وتشكل الأغلبية السنية التي كانت تحظى بصلاحيات كبيرة، \r\n ومميزات غير محدودة إبان فترة حكم الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين العمود الفقري للجماعات العراقية المسلحة. وقد اعترف عدد كبير من القادة السنة بأنهم أخطأوا في مقاطعتهم للانتخابات العراقية الماضية. ويبقى السؤال التالي يطرح نفسه بشدة بين المراقبين السياسيين في العراق: هل تؤدي مشاركة الأحزاب السنية في صياغة الدستور العراقي الجديد الى تخفيف حدة العنف الدائر حاليا في العراق؟ \r\n ولا يمتلك أي من المراقبين السياسيين إجابة أكيدة وشافية على هذا السؤال. \r\n ويتمثل هدف الأميركان والحكومة العراقية في الفصل بين القوميين السنة الذين يزعمون أنهم يحاربون من أجل إنهاء الاحتلال الأميركي للعراق وبين الجماعات المسلحة التي تسعى الى عودة نظام حزب البعث العراقي السابق للسلطة وتأسيس دولة اسلامية. وقال ليث كبة المتحدث باسم رئيس الوزراء العراقي إبراهيم الجعفري: لن نتفاوض مع هؤلاء الأشخاص الذين يقتلون المدنيين بطريقة همجية وعشوائية؛ لأننا يجب أن نهزمهم شر هزيمة. ولكن الأفراد الذين يستهدفون الأميركيين ويعتقدون أنهم يقاومون الاحتلال، هم أبناء العراق ويجب أن يكونوا جزءاً من العملية السياسية. \r\n وكان وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد قد أكد أن الجيش الأميركي عقد عدة اجتماعات مع بعض قادة حركات المقاومة. وأعرب بعض من زعماء الشيعة عن استعدادهم لاجراء مباحثات مع أعضاء حزب البعث السابقين إذا إلتزم هؤلاء الأشخاص بوقف العمليات المسلحة ضد قوات الأمن والشرطة العراقية وهو الأمر الذي يبدو مستبعداً الى حد كبير. \r\n والشئ المطلوب حاليا هو توحيد العراقيين بكافة فئاتهم وأطيافهم في مواجهة أبو مصعب الزرقاوي، رجل القاعدة في العراق الذي يقف وراء معظم العمليات الاجرامية البشعة من حوادث تفجير واختطاف وقطع رؤوس الرهائن. وكان الزرقاوي قد برر حوادث قتل المدنيين وذبح الشيعة الذين وصفهم بالمرتدين. \r\n وبعد العملية الانتحارية الدامية والبشعة التي وقعت يوم الأربعاء الماضي في بغداد والتي راح ضحيتها عدد كبير من الأطفال السنة والشيعة والمسيحيين، أعتقد أن السنة باتوا يرفضون أعمال الزرقاوي الاجرامية البشعة. وكان سلمان الجميلي أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد قد قال لي منذ عدة أسابيع: إن الزرقاوي ينشط في منطقة يوجد بها عدو أكبر وهو الاحتلال لأن العدو الرئيسي الذي أحضر الزرقاوي للعراق هو الاحتلال الأميركي. والجميلي هو ناشط سني دعاه المسؤولون في الحكومة العراقية للمشاركة في صياغة الدستور العراقي الجديد. \r\n ولكن، ماهي الدلائل والمؤشرات التي تدعم من الآمال التي يمتلكها البعض في القضاء على الجماعات المسلحة العراقية؟ \r\n تزايدت هذه الآمال بعد وصول السفير الأميركي الجديد زالماي خليل زاد الى العراق، فقد أعلن السفير الأميركي المتحمس الذي نجح من قبل في أداء مهامه الدبلوماسية في أفغانستان عندما كانت تمر بمرحلة عصيبة في تاريخها أنه سيعمل مع الزعماء العراقيين من أجل التوصل الى ميثاق وطني من شأنه أن يوحد الأكراد والشيعة والسنة المعتدلين. وقد تكون هذه هي اللحظة المناسبة لإعادة النظر في حجم الدور الذي تلعبه الولاياتالمتحدة في العراق. وإذا لم يتوحد العراقيون في مقاومتهم للعنف، فان هذا الداء العضال قد ينتشر في شتى أنحاء منطقة الشرق الأوسط. وبدلا من أن تكون العراق مثلاً يحتذى به في التحول الديمقراطي، فانها ستجر المنطقة الى دوامة العنف والفوضى. \r\n \r\n ترودي روبين \r\n عضو هيئة التحرير بجريدة فيلادلفيا إنكوايرار الأميركية.