\r\n فقد أعلن قادة هذه البلدان عن تغيير وجهة سياستهم الخارجية نحو الغرب، وخاضوا سجالات ساخنة مع موسكو بعدما حملوها مسؤولية مصائب بلادهم الاقتصادية والاجتماعية كلها. ومن الضروري الاشارة إلى ان كثيرا من اتهامات حلفاء روسيا السابقين ليست ظالمة تماماً. فلو لم يعامل الكرملين شركاءه في دول الرابطة المستقلة انطلاقاً من ان هذه المنظمة ليست إلا صيغة لفك الارتباط بطريقة حضارية، ولو عرض عليهم بدلاً من السياسة الحالية الدخول في شراكة متكافئة تحقق مصالح الجميع، لقام على الساحة السوفياتية السابقة ما يشبه الاتحاد الأوروبي. \r\n \r\n ولكن ما حصل هو ان رابطة الدول المستقلة أصبحت قاب قوسين أو أدنى من اعلان وفاتها. وفي المقابل فإن الواضح ان أوروبا لم تسارع ( كما توقع البعض) إلى فتح أحضانها أمام من اداروا ظهورهم للرابطة المستقلة. وهذا هو مغزى احتجاج الفرنسيين الذين قالوا «لا» للدستور الأوروبي الموحد، إدراكاً منهم ان الاقتصاد الأوروبي لا يستطيع استيعاب عشرات الملايين من المواطنين الجدد. وهذا امر يدركه تماماً الأوكرانيون والجورجيون والمولدافيون. والآن بات سؤال «ما العمل؟» يقض مضاجع قادة هذه البلدان . \r\n \r\n الرئيس الكازاخي، نور سلطان نزارباييف، حاول لدى استقباله نظيره الأوكراني «الثوري»، فيكتور يوتشينكو في استانة، قبل أيام ان يقدم المخرج من هذا الوضع عندما وعد بأن بلاده ستبيع النفط والغاز إلى أوكرانيا. ولكنه لم ينس، حينذاك، الاشارة الى ضرورة بحث هذا الموضوع مع روسيا، وتساءل: ما المانع من ان يُفصَل في هذا الأمر داخل المجال الاقتصادي المشترك؟ (الاتفاقية الاقتصادية التي وقع عليها عدد من دول الرابطة المستقلة) \r\n \r\n ومن المعروف ان أوكرانيا ترفض توقيع الاتفاقيات ال 29 الخاصة بالمجال الاقتصادي الموحد، والجامع بين روسيا وأوكرانيا وبيلوروسيا وكازاخستان. وكييف تعارض خصوصاً الفقرات التي تدعو الى تأسيس هياكل لها صلاحيات تفوق سلطات الهيئات الحكومية للدول الأربع. فالساسة الأوكرانيون يرون في هذا حيلة تهدف إلى إعادة أوكرانيا إلى منطقة النفوذ الروسي. ولهذا لم ينفك الرئيس الأوكراني يؤكد للرئيس الكازاخي ان منطقة تجارة حرة أهم من المجال الاقتصادي الموحد. وأجابه نزارباييف بأن كييف تقول شيئاً وتعني شيئاً آخر، في ما يبدو. \r\n \r\n ومعلوم ان كازاخستان تؤيد جميع المشاريع التي تتزعمها روسيا على الساحة السوفياتية السابقة بما فيها مشروع إنشاء المجال الاقتصادي الموحد، ولكن لا يمكن ان يحقق هذا المشروع النجاح من دون المشاركة الاوكرانية. \r\n \r\n ومن الواضح ان أوكرانيا لا تنوي بعد التخلي عن فكرة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وهذا ما حملته كلمات وزير الخارجية الأوكراني، بوريس تاراسوك، عندما قال ان خطط تقديم طلب الانتساب الى عضوية الاتحاد لن تتأثر بنتائج الاستفتاء في فرنسا. غير ان محللين سياسيين أوكرانيين يرون ان أوكرانيا كانت قد أدركت ان الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في وقت سريع هو امر مستحيل . وقال المحلل ميخائيل بوغريبينسكي ان قسماً من أنصار الرئيس يوشينكو يعملون على منع إضاعة الفرص المتاحة للتحرك نحو الشرق. ويرى المحلل ان رابطة الدول المستقلة، في شكلها الحالي، استنفدت جدواها، في حين ان مشروع إنشاء المجال الاقتصادي الموحد سيكون له مستقبل واقعي. (...) \r\n \r\n وأكد رئيس الوزراء الجورجي، زوراب نوغايديلي، على أهمية التعاون الاقتصادي بين البلدان الأعضاء في رابطة الدول المستقلة، ودعا إلى ضرورة إصلاح هياكل الرابطة. \r\n \r\n اما في كيشينوف، عاصمة مولدافيا، فقد لوحظت حال من الارتباك. وبدأ عدد من الساسة المولدافيين يأخذون على الرئيس فلاديمير فورونين تسرعه في شن هجوم على الكرملين. وقال فاليري كليمينكو، قائد حركة «المساواة»، ان قطع العلاقات بالجار الشرقي أمر غير جائز ما دامت آفاق الغرب تبدو مظلمة. إلا ان نيقولاي كيرتواكي، مدير المركز الاوراطلسي، لا يرى لمولدافيا املا في مستقبل افضل إلا في الاتجاه الأوروبي. \r\n \r\n وهكذا هيأ الاتحاد الأوروبي لروسيا الفرصة لتجميع أنصارها السابقين. ولكن المطلوب، في سبيل انتهاز روسيا هذه الفرصة التي قد تكون الفرصة الأخيرة، ان تعرف روسيا ماذا تريد، وتنظر إلى جيرانها كشركاء متكافئين ومستقلين. \r\n