\r\n وسوف يكون ذلك بمثابة تحية مناسبة لرئيس الوزراء البريطاني بصرف النظر عن نتيجة الاستحقاق الانتخابي في بلاده. ولكن بلير وسواء كان في الحكم أو خارجه، يجب أن يُكَرّمْ لتمسكه بالمبدأ فيما يخص قضية العراق في وجه معارضة كبيرة من مواطنيه. وفي الحقيقة أن موقفه في هذا الشأن يذكرنا بالموقف الذي وقفه الزعيم البريطاني الراحل \"وينستون تشرشل\" في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي، حينما أدرك بوضوح مدى الخطر الذي يمثله هتلر في ذلك الوقت وأشار إليه منبها، في حين كان بعض مواطنيه من الساسة ينظرون إلى الجانب الآخر متظاهرين بأنهم لا يرون شيئا. \r\n \r\n أعرف أن ما أقوله سوف يثير حفيظة جميع المعارضين لبوش وبلير، ولكن وقبل أن يبدأ الدخان في الخروج من فتحات آذانهم، دعونا ننظر هنا إلى بعض الحقائق. إن واحدة من أوائل الحجج التي سيتم تقديمها لمعارضة منح جائزة نوبل للسيدين بوش وبلير الحجة التي تقول إنهما قد حققا الحرية للعراق ولكن بعد أن قاما بشن حرب ترتب عليها مصرع عشرات الآلاف من العسكريين والمدنيين. ردي على هذه الحجة هو أن هناك سلسلة طويلة من أسماء الأشخاص الذين حصلوا على جائزة نوبل في السلام، على الرغم من أنهم انخرطا في الحرب والسلام، تشمل أسماء بارزة منها على سبيل المثال لا الحصر هنري كيسنجر، مناحم بيجين، ميخائيل جورباتشوف، ياسر عرفات، وكوفي عنان، وجيمي كارتر. \r\n \r\n الحجة الثانية أو الانتقاد الثاني هو أن الحرب في العراق قد تم شنها بحجة التخلص من خطر أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها صدام حسين. \r\n \r\n صحيح أنه قد تبين فيما بعد أن تلك الأسلحة لم تكن موجودة، ولكن جميع أجهزة الاستخبارات الغربية الكبرى كانت تؤمن قبل اندلاع الحرب بأنها كانت هناك، بل إن الأممالمتحدة كانت تؤمن بأنها موجودة كذلك. والإسرائيليون اعتقدوا أنها كانت هناك أيضا، والسعوديون كذلك بل إن الأكثر من ذلك هو أن بعضا من جنرالات صدام حسين كانوا يعتقدون أنها كانت موجودة لأن الرئيس نفسه قال لهم ذلك، في الوقت الذي كان يقول فيه للأمم المتحدة إنه لا يوجد شيء منها بحوزته. وأجهزة الاستخبارات الأميركية كانت تؤمن طبعا بأنها هناك، وفي مقابل كل ذلك لم يكن أمام بوش وبلير من خيار سوى أن يؤمنا بالخطأ أن تلك الأسلحة كانت موجودة. \r\n \r\n وإذا ما كانت هذه المقدمة المنطقية خاطئة، فإن إطاحة صدام حسين تبقى مع ذلك ميزة لأي أحد يتطلع إلى تحقيق الحرية للجميع. \r\n \r\n إن بوش وبلير، والسياسيين من المحافظين الأميركيين، ومن حزب العمال البريطاني، اتفقوا فيما بينهم على الإطاحة بنظام طالبان الظلامي في أفغانستان، وعلى وضع ذلك البلد البائس على طريق الديمقراطية وهو ما قاموا به بالفعل. إن التخلص من صدام حسين، وخروج الملايين ممن تحرروا حديثا في العراق للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التي جرت هناك بداية هذا العام متحدين التهديدات والموت، كان هو الذي أطلق شرارة تلك الحركات التي اجتاحت العالم العربي مطالبة بالحرية، وبالتخلص من وطأة القمع وأغلال التخلف. \r\n \r\n وهكذا رأينا الفلسطينيين يبدأون سلسلة منظمة من الانتخابات الديمقراطية بدأت بانتخاب رئيسهم محمود عباس. وبعد رحيل عرفات شهدنا خطوات صغيرة، ولكنها مشجعة، في اتجاه السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين الذي يمثل قضية دافع عنها بلير دفاعا قويا. \r\n \r\n وهناك حليفان عربيان رئيسيان للولايات المتحدة الأميركية هما السعودية ومصر قاما بعد ضغط من قبل بوش باتخاذ بعض الخطوات المترددة في الاتجاه الصحيح. \r\n \r\n فالسعودية أجرت انتخابات محدودة - ولكن مرحب بها مع ذلك- للمجالس المحلية. \r\n \r\n أما الرئيس المصري حسني مبارك فسيقوم بعد أن أحس برياح التغيير بالسماح لأول مرة بإجراء انتخابات رئاسية متعددة الأحزاب في شهر أكتوبر القادم. ومن المرجح أن تسفر هذه الانتخابات المرتب لها بعناية عن إعادة السيد مبارك إلى السلطة، ولكن الأحزاب المعارضة تأمل أن يعقب ذلك إجراء المزيد من الإصلاحات. \r\n \r\n وهناك أحداث استثنائية وقعت فجأة في لبنان. ففي الأسبوع الماضي انتهى وجود قوات الاحتلال السوري القائم في ذلك البلد منذ زمن طويل، وذلك بعد ضغط دولي قوي على النظام السوري. وسيقوم لبنان بإجراء انتخابات برلمانية في الشهر الحالي فاتحا بذلك فصلا جديدا في تاريخه. وهذه الأحداث، تمثل نكسة للرئيس السوري بشار الأسد، الذي يرى شعبه ثمار الديمقراطية ليس فقط في العراق، ولكن أيضا في لبنان الذي خرجت جماهيره الحاشدة إلى الشوارع والساحات متغنيةً بأناشيد الحرية. \r\n \r\n وحتى في إيران ستجرى الانتخابات الرئاسية كما هو مقرر الشهر القادم. \r\n \r\n ليس هناك سوى قدر بسيط من التفاؤل بشأن ما ستسفر عنه تلك الانتخابات، لأن النظام الحاكم هناك مارس القمع ضد الصحف المناوئة والسياسيين المعارضين، كما كان حريصا على إقصاء المرشحين المنادين بالتغيير، وحرمانهم من دخول الانتخابات. مع ذلك، وعلى الرغم من أن الإيرانيين ليس أمامهم سوى فرصة ضئيلة قريبة لقلب نظام الحكم بالوسائل التقليدية (من خلال الانتخابات) إلا أن هناك موجة من السخط في أوساط الإيرانيين ممن هم دون الثلاثين من أعمارهم والواعين في الحقيقة بالتغييرات الإيجابية التي تحدث في الدول المحيطة بهم. \r\n \r\n وعندما يشتد عود الديمقراطية في المنطقة، فإنه لن يكون بمقدور أحد أن يتجاهل مساهمات القادة الغربيين القيمة في ذلك مثل بوش وبلير. \r\n \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\"