غير ان جولة وين تعتبر ايضا تذكيرا بان التأثير الاقتصادي للصين يمثل اليوم عاملا من عوامل اقامة العلاقات بين دول جنوب اسيا بطريقة لم تتبعها الايديولوجية الصينية ابدا, وعلى هذا النحو تعرض الهند, وكلاهما تواقان الى تطوير علاقتهما مع الولاياتالمتحدة, والى ان يكونا قياديين للتكامل الاقتصادي لبلدان جنوب اسيا, بمعايير توازن عجيبة غربية. \r\n \r\n ستكون زيارة وين للهند في اخر الجولة, ولكن مدتها ستكون الاطول وسيتملق الانانية الهندية بزيارة مركز التكنولوجيا المتقدمة في بنغالور والاستماع الى الخطابات المنمقة من الهنود عن عهد جديد من التعاون المدفوع بالمصالح الاقتصادية فقد اتسعت التجارة بسرعة فعلا ببيع الصين للسلع المصنعة وشراء معدن الحديد الخام من الهند, وقد تتغاضى التجارة عن نزاعات الحدود, وعن مواقف بكين الغامضة حيال توسيع عضوية مجلس الامن الدولي- الذي نأمل من الهند الانضمام اليه. \r\n \r\n غير ان زيارة وين للباكستان وبنغلاديش, ربما تكون على قدر من الاهمية, عن طريق الايحاء للهند بان هناك حاجة لتوجه جديد من جانبها, اذا اريد لشبه القارة ان تعود الى قدم المساواة مع الصين, وقد اكد وين على قوة العلاقات مع باكستان, بالرغم من تحسين علاقاتها مع واشنطن, ودعمها السابق لطالبان. \r\n \r\n كما كان وين حريصا ايضا على ان تتعامل البلدان الجنوب اسيوية مع بعضها بالتساوي, وذلك غمزة طعن للهند التي غرقت في الباكستان, وهبطت في بنغلاديش التي اخذت تشعر بان الهند تعاملها كما تعامل الولاياتالمتحدةالمكسيك. \r\n \r\n ومما لا شك فيه ان بنغلاديش بشكل خاص بحاجة الى الدعم المعنوي من الباكستان في الفترة الاخيرة, قد ادى الى اعطاء الدعاية الهندية الجديدة والياتها الاستخبارية مزيدا من الاهتمام بالاخطاء المزعومة لجارتها الشرقية. ان تتهم بنغلاديش بادلة واهية, بايواء المتمردين في الولاياتالمتحدة الهندية الشمال شرقية المضطربة منذ زمن طويل, وباقحام اعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين عليها. \r\n \r\n وقد حاولت الهند, ولم تنجح, اقناع الولاياتالمتحدة بان بنغلاديش تسير في طريق ان تصبح دولة فاشلة من الاصوليين الاسلاميين والمسلحين المتجانسين. وهناك اعتقاد في بنغلاديش, ولا يقتصر هذا الاعتقاد على القوميين البنغلاديشيين, بان الهند لا تريد النجاح لبلدهم وهو يبدي امكانية اقامة ولايات متجانسة نسبيا في شبه القارة الهندية, وان الهند تعرض في سبيل ذلك الاخفاقات التي منيت بها ولاية بيهار وغيرها من الولايات المحاذية للهند. \r\n \r\n على ان بنغلاديش لا تستطيع التخلي عن الاعتماد على الهند, التي تحيط بها من جميع الجهات تقريبا, وهي بحاجة الى المزيد من الاستثمارات الهندية والتجارة عبر الحدود معها من اجل تكامل الاسواق, صحيح ان علاقاتها مع ميانمار وتايلاند والصين ستنمو, ولكنها ليست بديلا عن العلاقات مع الهند, ان الكثير من النزاعات الهندية- البنغلاديشية صغيرة وتافهة, او انها نزاعات حول مسائل لا سيطرة لاي من الحكومتين عليها, مثل تهريب البضائع والاشخاص. لكن هناك قضية كبيرة قد تدفع بنغلاديش الى اقامة علاقات اوثق مع الصين, وهي قضية الانهيار التي تشكل ماء الحياة بالنسبة لها. \r\n \r\n تشتمل برامج الهند لربط نظم الانهار على تحويل مجرى براهمابوترا مصدر المياه الاكبر والوحيد في بنغلاديش, الى نهر الغانغ, وعلى الرغم من انه جرى الالحاح على الهند, وفي تقرير صدر عن البنك الدولي مؤخرا, للتعاون مع جيرانها في اقتسام المياه وانشاء قدرات هيدروكهربائية, الا ان لديها الميل بمعاملة بنغلاديش كاحد اخوتها الصغار في احسن الاحوال, وكدولة تابعة في اسوئها, وهذا هو مدخل الصين اليها. ذلك ان منابع نهر براهمابوترا تقع في التيبت. فهل يجوز الا تكون الصين هي الاخرى طرفا في مباحثات اقتسام المياه? وعلى ما يبدو, لا وجود لهذا الامر على اجندة التعاون لدى حكومة نيودلهي. \r\n \r\n ومن الواضح انه ليس من مصلحة الصين التورط عميقا في النزاعات الجنوب اسيوية. غير ان هيبتها وظهورها المقتدر, وقوة الجذب التي لديها. والنجاحات التي حققتها توحي بان الصديق الموثوق الجديد ظاهريا, والمتمثل في الهند, بحاجة الى اساليب تقرب جديدة من جاراته فهل تستطيع الهند التعلم من التقدم المظفر الذي يحققه وين في منطقة تزعم الهند انها تقف على رأس قيادتها.0 \r\n \r\n انترناشونال هيرالد تريبيون \r\n \r\n