\r\n وبعد ساعات وصلت مجموعة أخرى من النساء الأعضاء في الجمعية إلى مكتب الجعفري، وكن يرتدين العباءات السوداء وكانت لديهن أجندة أخرى. فقد طالبن بإدخال جوانب من الشريعة الإسلامية في دستور العراق، بما في ذلك النصوص التي تسمح للرجال بالزواج بما يصل إلى أربع نساء وتقليص مبلغ المال المخصص لميراث النساء. \r\n وبينما يبدأ أول برلمان منتخب في العراق خلال عقود عمله، فان النساء اللواتي يشكلن ما يقرب من ثلث أعضائه يتفقن على شيء واحد: انهن يطالبن بمزيد من السلطة. وقالت كثيرات إنهن أبعدن عن المناقشات التي أدت إلى تشكيل الحكومة الجديدة. وفي قاعة مليئة بالجنرالات ورجال الدين الذين خط الشيب شعرهم، لم يكن الأمر يسيرا بالنسبة لهن. \r\n وفي الوقت نفسه هناك نساء الجمعية المنقسمات على نحو عميق. ففي جانب هناك الائتلاف الشيعي المهيمن الذي تشكل تحت رعاية آية الله علي السيستاني. ويرى كثيرون من أعضاء هذا الائتلاف في انتخابهم فرصة لجعل القوانين العراقية متوافقة مع الشريعة الإسلامية. \r\n ولا يعتبر الأمر مصادفة. فالزعامة الشيعية تعتمد، في الواقع، بحدة، هؤلاء النسوة في خوض الكثير من الصراع في الجمعية الجديدة حول دور الإسلام في المجتمع العراقي. \r\n وأثار هذا التوجه الكثير من أعضاء الجمعية العلمانيات، بمن فيهن الأعضاء من التحالف الكردستاني. وتقول هؤلاء الأعضاء ان قوانين العراق الحالية التي كانت، تاريخيا، أكثر ليبرالية من كثير من القوانين في المنطقة، يجب ان تكون أكثر ليبرالية لتلبية المزيد من حقوق النساء وليس الحد منها. \r\n ويتخذ المعسكران مواقف الحذر من بعضهما، بينما تستعد الحكومة الجديدة لتولي مهامها. \r\n وقالت صنكول جابوك عمر، التركمانية المتحدرة من كركوك، ان النساء الشيعيات «يردن إعاقة المرأة ووضع عراقيل أمامها. إنهن يزدرين النساء العلمانيات ويعتقدن أنهن مجرمات». ومن بين المعارك الأولى ستكون المعركة على الدستور العراقي الجديد الذي يجب على الجمعية أن تصوغ مسودته بحلول أواسط أغسطس (اب) المقبل. وكانت مسألة دور الإسلام في تلك الوثيقة من بين القضايا التي أخرت تشكيل الحكومة لفترة زادت عن شهرين بعد الانتخابات. \r\n وبدأ العلمانيون بدعوة المئات من المنظمات والجماعات النسائية في العراق للمشاركة في صياغة الوثيقة. وكانت حملة مماثلة قد أثبتت فاعليتها العام الماضي بعد أن اقترح الشيعة المتدينون في مجلس الحكم العراقي قانونا يوسع صلاحيات رجال الدين في إطار قانون الأحوال الشخصية. واتحدت النساء في المجلس مع الرجال العلمانيين ورفض القانون المقترح. \r\n وقد تكون المعركة المقبلة أشد لأسباب من بينها ان الموقف المحافظ تقف في طليعته هذه المرة نساء الى حد كبير. فقد أصبحت شذى الموسوي، على سبيل المثال، واحدة من أبرز أعضاء الائتلاف الشيعي. وهي أم مطلقة لديها ثلاثة أبناء وكانت تعمل لفترة عقد من الزمن في بيع الملابس في سوق بينما كانت تربي أبناءها في بغداد كأم وحيدة وتدرس في الكلية أيضا. \r\n وقالت شذى الموسوي في مقابلة أجريت معها أخيرا، وهي تتحدث الإنجليزية وترتدي العباءة السوداء «الحق أنني لست من أنصار حقوق النساء. لا أريد أن ارتكب الأخطاء ذاتها التي ارتكبتها النساء الغربيات. أود أن تكون العائلة هي المبدأ الرئيسي للنساء هنا». \r\n وتتحدث شذى الموسوي البالغة 37 عاما عن الحاجة إلى خلق التوافق في قوانين العراق مع التقاليد الإسلامية. \r\n وعندما سئلت عن اعتقادها بضرورة السماح للرجال بالزواج من أربع نساء، ردت قائلة «هل سمعت بنسرين برواري»؟ \r\n ونسرين برواري، المتخرجة في جامعة هارفارد، هي وزيرة البلديات والأشغال العامة في حكومة إياد علاوي المؤقتة، وقادت وفد النساء العلمانيات إلى مكتب الدكتور الجعفري الأسبوع الماضي. وهي أيضا الزوجة الثالثة لغازي الياور، عضو الجمعية والرئيس العراقي المؤقت السابق. \r\n ويمكن لشذى الموسوي أن تدافع عن وجهات نظرها بشأن الشريعة في إطار يمكن أن يفهمه العلمانيون. فهي تشير الى أنه بعد ثلاث حروب تشكل النساء العراقيات ما يزيد عن 55 في المائة من السكان وفق بعض التقديرات. وفي ثقافة تحرم العلاقات خارج الزواج تعيش نساء كثيرات حالة الوحدة والبؤس. وبالطريقة ذاتها توضح شذى الموسوي أن الرجال العراقيين، وليس النساء، يتوقع منهم أن يساعدوا الفقراء من الأقارب. وتجادل بأنه من الإنصاف منح النساء في القانون حصة اقل من الميراث. ويتفق كثير من النساء العلمانيات في الجمعية على أن النموذج الغربي لا يمكن أن يطبق على الدوام في العراق، وأن الإسلام يجب أن يلعب دورا هاما. ولكنهن يجادلن، شأن الدكتورة رجاء الخزاعي، طبيبة الأمراض النسائية، والعضو السابقة في مجلس الحكم والعضو الحالية في الجمعية الوطنية، ان هناك اتجاهات فكرية كثيرة داخل الإسلام، ومجالا واسعا لوجهات النظر المختلفة، ويخشين من عقبات يضعها الإسلاميون أمام قانون الأحوال الشخصية العلماني في العراق. \r\n وتقول بعض النساء العراقيات ان الوقوف ضد اقتراحات التقليديين ليس كافيا. فقوانين العراق توفر الآن غطاء لمرتكبي جرائم غسل العار. كما تشير فقرة أخرى في القانون الى ان ممارسة الرجل الضرب ليس مبررا مقبولا لطلب الزوجة الطلاق، بينما تضع فقرة ثالثة صعوبات أمام المرأة بشأن الاحتفاظ بالأطفال اذا ما تزوجت ثانية. \r\n وقالت أزهار رمضان رحيم، العضو الكردية في الجمعية من بغداد «يجب علينا معالجة هذه القضايا وليس العودة الى الوراء. أنا مسلمة وشيعية ولكن القوانين المكتوبة قبل قرون لا يمكن تطبيقها الآن». \r\n ولم يعد للولايات المتحدة نفوذ في القضايا الداخلية في العراق. ولكن دبلوماسية غربية في بغداد أوضحت أنه اذا ما اتخذت الجمعية إجراءات متطرفة فستكون هناك سبل لممارسة بعض الضغط من الخارج. \r\n ويمكن للتنوع في العراق أن يثبت أنه عامل قوة آخر في التسوية. فالدستور الجديد سيطرح على الاستفتاء العام في أكتوبر (تشرين الاول) المقبل واذا ما صوتت أغلبية من الناخبين في أي ثلاث من محافظات البلاد ال 18 ضده فستلغى الوثيقة. وهناك بعض الدلائل على امكانية ردم الهوة بين التقليديين والعلمانيين. وقالت شذى الموسوي «كانت لدى بعض النساء العلمانيات وجهات نظر سلبية جدا بشأن أحكام الشريعة، ولم يمنحونا فرصة للتوضيح. أما وقد توفرت لدينا فرصة للنقاش فاعتقد ان بوسعنا الوصول الى نقطة في الوسط». \r\n ومن ناحية أخرى تقول النساء انهن يسعين الى وسيلة لتعزيز وتقوية وجودهن المميز في الجمعية الوطنية. انهن يكتسبن الخبرة بصورة سريعة. ويقول البعض ان ما يوحدهن، الآن، أكثر مما يفرقهن. \r\n وقالت سلام سميسم، المستشارة الاقتصادية في وزارة شؤون المرأة المؤقتة «أشعر بأن النساء هنا متلهفات جدا الى العمل في الميدان السياسي حتى أكثر من الرجال. يمكنكم الإحساس بأنهن يكافحن من أجل شيء ما». \r\n * خدمة «نيويورك تايمز»