وكيل تعليم الفيوم يشهد حفل ختام الأنشطة التربوية للعام الدراسي 2025    البورصات الأوروبية تغلق تعاملات الثلاثاء على ارتفاع جماعي    الجامعة العربية ترحب بتعيين كامل الطيب إدريس رئيسًا لمجلس وزراء جمهورية السودان    الجامعة العربية ترحب بتعيين كامل إدريس رئيسا للوزراء في السودان    تشكيل الإسماعيلي لمواجهة طلائع الجيش بكأس عاصمة مصر    كاميرات ترصد الكارثة.. سرقة ثروات نوال الدجوي في وضح النهار ( تفاصيل)    هربوا من الحر فاحتضنتهم الترعة.. نهاية مأساوية لثلاثة أطفال غرقوا بقرية درين في نبروه بالدقهلية    عرض فيلم «المشروع x» في سينما قصر ثقافة العريش بشمال سيناء    مسرحية "يا إحنا يا هى" تحيى ذكرى وفاة سمير صبري.. شاهد    أسماء بنات جميلة ونادرة مسلمة    محافظ الإسكندرية: توجيهات رئاسية بإعادة إحياء موقع أبو مينا الأثري    هل يجوز الجمع بين الصلوات بسبب ظروف العمل؟.. أمين الفتوى يُجيب    إزالة 88 حالة تعد ضمن المرحلة الأولى للموجه ال 26 بأسوان    ياسمين صبري تشارك متابعيها كواليس «فوتوسيشن» جديد    الإسكان: تفاصيل طرح سكن لكل المصريين 7 غدا ومميزات المبادرة    في جراحة دقيقة وعاجلة.. فريق طبي ينقذ يد مريض من البتر ب مستشفى السنبلاوين العام    بروتوكول تعاون بين جامعة جنوب الوادي وهيئة تنمية الصعيد    القائم بأعمال سفير الهند: هجوم «بهالجام» عمل وحشي.. وعملية «سيندور» استهدفت الإرهابيين    المحاولة الخامسة منذ 2008.. توتنهام يبحث عن منصات التتويج أمام مانشستر يونايتد    أول رد من بيراميدز على تصريحات سويلم بشأن التلويح بخصم 6 نقاط    اتحاد الكرة يستقر على تغيير ملعب نهائي كأس مصر للسيدات    «بعد حديث مهيب».. أسامة حسني يكشف تفاصيل تمديد عقد إمام عاشور مع الأهلي    بث مباشر.. الأهلي 13-11 الزمالك.. دوري السوبر للسلة    غدا.. طرح الجزء الجديد من فيلم "مهمة مستحيلة" في دور العرض المصرية    بآلة حادّة.. شاب يقتل والدته جنوبي قنا    شروع في قتل عامل بسلاح أبيض بحدائق الأهرام    إقبال منخفض على شواطئ الإسكندرية بالتزامن مع بداية امتحانات نهاية العام    عبد المنعم عمارة: عندما كنت وزيرًا للرياضة كانت جميع أندية الدوري جماهيرية    بعد 9 سنوات.. تطوير ملاعب الناشئين في نادي الزمالك    المشرف على "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" تستقبل وفدًا من منظمة هيئة إنقاذ الطفولة    خالد عبدالغفار يبحث تعزيز التعاون مع وزيري صحة لاتفيا وأوكرانيا    رئيس الوزراء يعرب عن تقديره لدور «السعودية» الداعم للقضايا العربية    محافظ سوهاج يسلم التأشيرات والتذاكر للفائزين بقرعة حج الجمعيات الأهلية    «الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية» يوضح مواصفات الحجر الأسود؟    رئيس جامعة أسيوط يتابع امتحانات الفصل الدراسي الثاني ويطمئن على الطلاب    «زهور نسجية».. معرض فني بكلية التربية النوعية بجامعة أسيوط    وزير الصحة: مصر تقود مبادرة تاريخية لدعم أصحاب الأمراض النادرة    طريقة عمل البصارة أرخص وجبة وقيمتها الغذائية عالية    بالصور.. يسرا وهدى المفتي من كواليس تصوير فيلم الست لما    شقق متوسطى الدخل هتنزل بكرة بالتقسيط على 20 سنة.. ومقدم 100 ألف جنيه    تشديد للوكلاء ومستوردي السيارات الكهربائية على الالتزام بالبروتوكول الأوروبي    جامعة القاهرة تستقبل وفدا صينيا بمستشفى قصر العيني الفرنساوي    5 فرص عمل للمصريين في مجال دباغة الجلود بالأردن (شروط التقديم)    مهرجان كان يمنح دينزل واشنطن السعفة الذهبية بشكل مفاجئ |صور    محافظ بورسعيد: المحافظة ظلمت بسبب إدراجها ضمن المدن الحضرية    ب48 مصنعاً.. وزير الزراعة: توطين صناعة المبيدات أصبح ضرورة تفرضها التحديات الاقتصادية العالمية    الإفتاء توضح فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة.. وغرة الشهر فلكيًا    استمارة التقدم على وظائف المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسى 2026    محافظة القدس تحذر من دعوات منظمات «الهيكل» المتطرفة لاقتحام المسجد الأقصى    بعد دخول قائد الطائرة الحمام وإغماء مساعده.. رحلة جوية تحلق بدون طيار ل10 دقائق    "أونروا": المنظمات الأممية ستتولى توزيع المساعدات الإنسانية في غزة    جامعة سوهاج تعلن انطلاق الدورة الرابعة لجائزة التميز الحكومى العربى 2025    مكتب الإعلام الحكومي بغزة: تصريحات يائير جولان إقرار واضح بجريمة الإبادة الجماعية ضد شعبنا    هل يجوز الحج عمن مات مستطيعًا للعبادة؟.. دار الإفتاء تُجيب    ماذا تفعل المرأة إذا جاءها الحيض أثناء الحج؟.. أمينة الفتوى ترُد    الحبس 3 سنوات لعاطلين في سرقة مشغولات ذهبية من شقة بمصر الجديدة    «الوطني الفلسطيني» يرحب ببيان بريطانيا وفرنسا وكندا لوقف العدوان على غزة    عاجل- الصحة العالمية تُعلن خلو مصر من انتقال جميع طفيليات الملاريا البشرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصي يحشد الاعلاميين الأجانب كالقطيع في 3 فنادق، البنتاغون يرصد تحركات المراسلين
نشر في التغيير يوم 18 - 03 - 2005


\r\n
وبدأ يوم 17 مارس بأخبار تفيد أن الولايات المتحدة وبريطانيا أوقفتا جهودهما للحصول على قرار جديد من الأمم المتحدة يخولهما شن الحرب على العراق، وأعلن أن بوش سوف يتحدث عبر محطة التليفزيون القومية في الساعة الثامنة مساء بتوقيت واشنطن، وكان من المفترض أن يعلن جدوله الزمني للحرب.
\r\n
\r\n
\r\n
وأصبح متوقعا أن يغادر بغداد آخر مفتشي الأمم المتحدة والدبلوماسيين في صباح اليوم التالي، وأن إحدى طائرات شركة الطيران الفرنسية ستحمل أيضا جميع من تبقى من الفرنسيين في العراق.
\r\n
\r\n
\r\n
وشاهد جون لي أندرسون إزدحام جميع الطرق المؤدية إلى خارج بغداد بالسيارات والشاحنات المحملة بممتلكات أصحابها، كما ازدحمت الطرق أيضا بالعائلات والدواب. وبدأ الناس يهربون من المدينة وأغلق بعضهم منازلهم قبل المغادرة.
\r\n
\r\n
\r\n
وطوال اليوم غادر المزيد من الصحافيين بغداد، بعد أن تلقي معظمهم أوامر من مؤسساتهم بمغادرة العراق بسبب ظهور عدد كبير من رجال الأمن في وزارة الاعلام، الذين قالوا إنهم يعملون تحت إشراف قصي نجل صدام حسين. وعندما علم مؤلف الكتاب بتلك الشائعة توجه إلى وزارة الإعلام ليعرف حقيقة ما يجري هناك.
\r\n
\r\n
\r\n
ويقول أندرسون إن ما رآه هناك ولّد لديه شعوراً بعدم الارتياح فقد انتشر في الوزارة رجال تنطق وجوههم بالبطش، ويرتدون ملابس مدنية، واحتلوا المبنى كله من الداخل والخارج، وبدت الحيرة والعصبية على المرافقين التابعين للوزارة، وأحجموا عن الكلام، وكانوا يتحاشون حتى التقاء نظراتهم بالمراسلين.
\r\n
\r\n
\r\n
وبدا وكأن وافدين جدداً قد احتلوا وزارة الإعلام، واختفت وجوه عديدة مألوفة، مثل مسلم المرافق الذي كلف بالعمل مع مؤلف الكتاب. وازداد قلق الصحافيين بعد أن حذرهم المسؤولون في الوزارة همساً من أنهم لن يضمنوا سلامتهم بعد اليوم، وحثهم البعض على الإسراع بمغادرة البلاد.
\r\n
\r\n
\r\n
ويبدو أن تلك التحذيرات كانت السبب المباشر لتخوف كل منهم من اعتقالهم كرهائن. وفي وقت ما من ذلك اليوم ظهر عدي الطائي نائب وزير الإعلام وقد ارتدى ملابس عسكرية، وأعلن أن على الصحافيين منذ الآن تحديد إقامتهم في ثلاثة فنادق، هي: الرشيد وفلسطين والمنصور وهي شديدة القرب من الوزارة.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي المساء قام معظم من تبقى من الصحافيين الأميركيين والبريطانيين والكنديين بتسوية حساباتهم في الفنادق، وتوجهوا بالسيارات نحو الحدود الأردنية. ووقف جون لي أندرسون يودع أصدقاءه من الصحافيين، ويصف ذلك المشهد في كتابه قائلا : «وبينما تحركت قافلة السيارات تخيلت نفسي واقفاً على سطح السفينة (تايتانيك) لأراقب قوارب النجاة وهي تبتعد بالناس».
\r\n
\r\n
\r\n
وقد أدى رحيل الصحافيين إلى انفجار أسعار النقل بشكل مخيف، وعند الظهيرة قفزت الأسعار من 200 دولار لرحلة الساعات العشر إلى عمان إلى 500 دولار للرحلة نفسها، ثم ما لبثت أن ارتفعت إلى 700 دولار في المساء. وبدأ فندق الرشيد يخلو سريعاً من رواده وأصبح مكاناً مهجوراً موحشاً.
\r\n
\r\n
\r\n
وبدا للمؤلف أنه من الأفضل له أن ينتقل إلى فندق فلسطين الذي احتشد فيه عدد كبير من الصحافيين والدروع البشرية والسائقين العراقيين والمرافقين ورجال الأمن السري. وكان الأجر السائد للغرفة الحقيرة سبعين دولارا عن الليلة، وقيل لأندرسون إن الموقف الرسمي هو عدم وجود غرف خالية.
\r\n
\r\n
\r\n
ولكنه يستطيع الحصول على إحداها مقابل رشوة قدرها 250 دولاراً. ورفض الصحافي هذا العرض، وفكر في التسلل إلى فندق السفير على الرغم من التعليمات المشددة بحصر إقامة الصحافيين في ثلاثة فنادق فقط، وعندما وصل إلى ذلك الفندق توجه إلى موظفي الاستقبال، الذين يعرفونه جيدا، فاعتذروا له قائلين إن لديهم تعليمات بألا يسمحوا للصحافيين بالإقامة في الفندق.
\r\n
\r\n
\r\n
عندما تبخر الوهم
\r\n
\r\n
\r\n
يقول المؤلف: «وهكذا.. في يوم واحد.. تبخر الوهم الذي سيطر على معظم الصحافيين بإمكان التخفي عدة أسابيع وغزو الرقابة الرسمية والحفاظ على سلامتنا عندما تنشب الحرب.وعندما خرجت من فندق السفير للمرة الأخيرة، تيقنت من أنني لم أعد سيد مصيري وكان قصي هو الذي أصدر الأوامر بحشدنا كالقطيع في الفنادق التي اختيرت لنا.
\r\n
\r\n
\r\n
ولم يعد لنا أي خيار في هذا الشأن. وأحسست بالضعف والقلق وأدركت أن هذه هي المرة الأولى في العراق التي أحسست فيها بالخوف الذي عاني مثله معظم المواطنين العراقيين طوال سنوات».ويذهب جون أندرسون مرة أخرى لزيارة الدكتور علاء بشير الذي أخبره بمكالمة ابن عمه الأخيرة. ووصف له أندرسون ما شاهده في وزارة الإعلام من نشاط غريب والجلاء الواسع النطاق للصحافة الأجنبية.
\r\n
\r\n
\r\n
وسأله: «هل تظن أن من الممكن أن يستخدمنا النظام كدروع بشرية»؟ ولم يوافق بشير على ذلك لأن النظام لم يفعل ذلك مع الصحافيين من قبل حتى أثناء حرب الخليج. فأشار أندرسون إلى أن هذه الحرب لها هدف مختلف تماما ولذلك فإن النظام قد يتخلى عن أمور كثيرة، وهز علاء بشير رأسه معبراً عن قلقه على سلامة الصحافي.
\r\n
\r\n
\r\n
ويقول المؤلف إنه أخبر صديقه بالضغوط التي تمارسها مجلة «نيويوركر» لكي يغادر العراق، وأنه لا يريد أن يفعل ذلك، ولكنه لا يريد أيضا أن يرتكب خطأ، وطلب منه مساعدته على معرفة نوايا النظام تجاه الصحافيين الغربيين، فوعد بشير بإجراء بعض الاستفسارات الحذرة عما يجري في وزارة الإعلام.
\r\n
\r\n
\r\n
وعندما تطرق الحديث بينهما إلى ما ذكره ابن عم بشير عن نوايا بوش توجيه إنذار إلى صدام حسين لمغادرة العراق، قال علاء بشير إنه لا يعتقد أن الرئيس العراقي سيفعل ذلك، وتبادل الاثنان الحديث عما إذا كانت الحرب ستكون قصيرة أم طويلة. وقال أندرسون إن الأمر يتوقف إلى حد ما على كيفية اختيار صدام لموقفه فيما إذا كان يخطط لاستدراج الأميركيين إلى حصار بغداد مع إلحاق خسائر كبيرة بالمدنيين.
\r\n
\r\n
\r\n
على أمل إثارة غضب الرأي العام العالمي ووقف الحرب، أو أن الأميركيين يستطيعون الإسراع بعزل صدام حسين ورجاله المقربين، وتحاشي خوض معارك كبيرة. وأعرب بشير عن اعتقاده بأن السيناريو الأخير هو الأكثر احتمالا، وأنه اتضحت له أمور أكثر مما كان يعرف من قبل. وقال: «أعلم أن أناساً كثيرين، ومن بينهم أصحاب مناصب عسكرية رفيعة.
\r\n
\r\n
\r\n
أعضاء في الحزب، لا ينوون القتال إلى جانب صدام حسين.. ماذا سيعود عليهم من ذلك؟ إنهم يعرفون كيف ستكون النتائج». وفي صباح الثلاثاء 18 مارس ظهر صدق توقعات قريب علاء بشير الذي كان قد اتصل به هاتفيا من أميركا، فقد أعطى بوش مهلة ثماني وأربعين ساعة لكي يغادر صدام وعائلته العراق وإلا واجه الحرب.
\r\n
\r\n
\r\n
وعندما رفض الإنذار الأميركي أصبحت الحرب على الأبواب. وذهب جون لي أندرسون إلى مستشفى الواسطي لزيارة علاء بشير، وعندما خلا المكتب من الناس قال له الطبيب: «يبدو أن ابن عمي على علاقة بمصادر معلومات جيدة»، وقبل أن يغادر أندرسون المستشفى أخبره بأن إذاعة مونت كارلو أعلنت الليلة الماضية هروب نزار الخزرجي من بيته في الدانمارك في اليوم السابق.
\r\n
\r\n
\r\n
ومعروف أن الخزرجي كان لواء في القوات المسلحة العراقية وهرب من العراق عام 1995، وبعد ذلك حددت إقامته في بيته شهورا عديدة، إذ كان خاضعا للتحقيق لإتهامه بإرتكاب جرائم حرب نظرا لمسؤوليته عن هجمات الغازات السامة ضد الأكراد في عام 1988 التي راح ضحيتها آلاف المدنيين.
\r\n
\r\n
\r\n
وأعرب بشير عن اعتقاده أن اختفاء الخزرجي يعتبر تطوراً مهماً جداً، وأن الأميركيين هم الذين دبروا هروبه. وأضاف أن الرجل الذي كان رئيس الأركان السابق لدى صدام حسين، هو عسكري محترف نال مكانته بالاسلوب القديم بناء على كفاءته من دون أن يعتمد على صلة قرابة بصدام، ولذلك كان يتمتع بإعجاب الكثير من العسكريين العراقيين.
\r\n
\r\n
\r\n
وكان من الواضح أن علاء بشير يكن احتراما كبيرا لهذا الرجل، وتوقع أن يعتبر العسكريون العراقيون نبأ اختفائه رسالة مشفرة من الأميركيين تفيد بأن الخزرجي معهم، وأن الوقت قد حان لكي يتحركوا ضد صدام، وأضاف بشير أنه يعتقد أن بعضهم قد يتحرك فعلا، وأن اختفاء هذا الرجل الكبير سيحمس أولئك الذين في حزب البعث.
\r\n
\r\n
\r\n
واصحاب الرتب الكبيرة في القوات المسلحة العراقية الذين يعتقدون آنذاك أنهم لا يستطيعون العيش إلا مع صدام حسين.
\r\n
\r\n
\r\n
وقال بشير إن الساعات أو الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة، وإذا لم تقع محاولة لاغتيال صدام، أو الانقلاب عليه قبل بدء الحرب فإنها قد تحدث أثناء الصراع. وأضاف علاء بشير أن الخزرجي كان قد أصيب أثناء حرب الخليج في معركة جنوب العراق، وأنه كان الطبيب المسؤول عن علاجه.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي المساء تلقى جون أندرسون مكالمة هاتفية من رئيس تحرير صحيفة «نيويوركر» ديفيد ريمنيك يطلب منه مغادرة العراق بأسرع وقت ممكن وأشار إلى قرار صحيفتي «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» سحب مراسليهما. ووعد أندرسون بأنه سينفذ القرار غير أن الوقت كان قد أصبح متأخرا، ولابد من الانتظار حتى الصباح.
\r\n
\r\n
\r\n
وحكى مادار لزميلين له تلقيا أيضا أمراً مماثلاً، فطلبا من خدمة السيارات تجهيز سيارتين من طراز جي إم سي لنقلهما إلى العاصمة الأردنية، وعلما أن السعر تضاعف بنسبة 100% منذ مساء اليوم السابق ووصل إلى 130 دولاراً . ثم بعد ذلك توجها إلى المركز الصحافي في وزارة الاعلام.
\r\n
\r\n
\r\n
وهناك كان عليهما إذا رغبا في المغادرة أن يدفع كل صحافي رسوماً إجبارية قيمتها 200 دولار بالإضافة إلى 50 ألف دينار عراقي يوميا. وكانت عملية دفع الرسوم بالغة الصعوبة، وتستغرق عدة ساعات إذ كان على الخزينة شخص واحد. وبعد إتمام هذا الإجراء على الصحافي انتظار مسؤولين آخرين لكي يوقعوا على الاوراق.
\r\n
\r\n
\r\n
وكان هناك شخص آخر وهو المسؤول عن تخزين هواتف الأقمار الصناعية التي كانت وزارة الاعلام قد منعت استخدامها من قبل. وكان واضحا أن أندرسون لن يستطيع المغادرة ذلك المساء لأن المكان كان مزدحما بالمراسلين الذين يحاولون إنهاء إجراءاتهم للسفر، وبالمرافقين والمترجمين، ورجال الأمن.
\r\n
\r\n
\r\n
كما كانت أعصاب الناس شديدة التوتر، وعندما حاول أندرسون شق طريقه، بين الحشد المجتمع، نحو موظف الخزينة للتحدث معه، طلب منه الموظف العودة في الغد. وتجمع بعض الصحافيين ليقرروا ماذا يفعلون، واتفقوا على التحرك معاً. وقد سمع كل الصحافيين التقارير التي أفادت أن الصحافيين المغادرين للعراق منذ أعلن بوش إنذاره قد اعتقلوا عند الحدود.
\r\n
\r\n
\r\n
وبدا أن معظمهم من «دول التحالف»: الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وإسبانيا، ولكن قيل إن نرويجياً واحدا على الأقل من العاملين في الخدمات الإنسانية كان من بين المعتقلين، وقيل أيضا إن المعتقلين تعرضوا للتفتيش الذاتي ووجهت إليهم تهمة إنتهاك قانون النقد الذي كان قد فرض سابقا (كان المراسلون الصحافيون يحملون مبالغ كبيرة من المال ).
\r\n
\r\n
\r\n
أو اتهموا بحيازة هواتف الثريا المحمولة الممنوعة. وبعد أن اعتقل هؤلاء الصحافيون أعيدوا رهن الاحتجاز إلى الرمادي غرب بغداد.وهنا يشير مؤلف الكتاب إلى أن كثيرا من الصحافيين قاموا بتهريب هواتفهم إلى البلاد ولكنهم أخفوها بعد أن استولى قصي على وزارة الاعلام. وقد لجأ أندرسون إلى إخفاء هاتفه مع صباح سائقه الذي خبأه بدوره في منزله.
\r\n
\r\n
\r\n
والمعروف أن تلك الهواتف مزودة بنظام جي بي إس ومعناه نظريا أن أي شخص يحمل واحدا منها على الارض يستطيع تحديد وإرسال مواقع يمكن أن تكون أهدافا للقصف بالنسبة للأميركيين وبينما ظل مصير الصحافيين المعتقلين مجهولا رأى أندرسون وزملاؤه أن مغادرة العراق لم تصبح خيارا آمنا خاصة مع الشكوك المحيطة بفتح الطرق ومخاطرة الإنتهاء إلى السجن في الرمادي إذا بدأت الحرب، وتأكد الجميع من أن فرصة مغادرة العراق كانت قد حانت ثم تبخرت.
\r\n
\r\n
\r\n
سكون ما قبل العاصفة
\r\n
\r\n
\r\n
في تلك الليلة، ليلة العشرين من شهر مارس، بدت بغداد صامتة صمتا غير معتاد، جلس جون أندرسون في غرفته في فندق الرشيد يكتب رسائله ويتلقى غيرها عبر البريد الإلكتروني، وحوالي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل قام زميله بول بلصق شرائط على زجاج النوافذ، وملأ الأواني البلاستيكية بالمياه.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي الثالثة والنصف صباحا اقترب وقت إنذار بوش من نهايته، ولم يسمع أندرسون شيئا إلا صوت إندفاع سيارة من وقت لآخر أو نباح كلب في ظلام الليل، وبعد الخامسة فجرا بنحو نصف ساعة سمع ضجة مدوية، واهتز سريره كما لو كان هناك زلزال بعيد ثم ظن إنه سمع أزير طائرة نفاثه تمرق على ارتفاع كبير.
\r\n
\r\n
\r\n
فقفز من سريره وطلب من زميله بول وسائقه صباح أن يأتيا إليه بينما كان يسمع أصواتا أعلى وأسرع ظن أنها قد تكون صادرة عن انفجار قنابل أو عن المدافع المضادة للطائرات ، ثم انطلقت صفارات الإنذار وتبعها دوي انفجارات أخرى، وتداخلت الاصوات، سيارات تمرق مسرعة، رجال يصرخون، مزيد من الانفجارات.
\r\n
\r\n
\r\n
ثم طلقات مدافع مضادة للطائرات تتوالى من كل مكان حول الفندق، ثم صوت انفجار قنبلة رهيبة تتلوها طلقات المدافع. وفي السادسة فجرا تبدأ خيوط لون أزرق في تبديد ظلام الليل، ويسود صمت لا يبدده إلا صياح ديك وزقزقة عصافير، وصوت مؤذن ينادي الله أكبر، الله أكبر. ولا مزيد من الانفجارات.
\r\n
\r\n
\r\n
تلك هي الصورة التي يرسمها مؤلف الكتاب للحظات الأولى لقصف بغداد. وبعد دقائق قليلة يتلقى بول مكالمة هاتفية من رئيس تحرير صحيفة «سيدني مورنينغ هيرالد» الاسترالية ليخبره أن وزارة الخارجية في استراليا بعثت برسالة إليه لتوها تفيد بضرورة ابتعاد مراسلها عن فندق الرشيد لأنه أصبح «هدفا ثمينا للغاية» والتوجه إلى فندق فلسطين الأكثر «أمانا».
\r\n
\r\n
\r\n
ويقول أندرسون إنهم حاولوا بعد ذلك تحذير زملائهم وأسرعوا يلتقطون في لهفة بعض أشيائهم مثل هواتف الاقمار الصناعية، وأجهزة الكمبيوتر، والنقود، وقليل من الملابس، واندفعوا نحو سيارة صباح، ثم طلبوا من السائق بول إحضار مولد الكهرباء والوقود وآنية الماء في سيارته.
\r\n
\r\n
\r\n
بعد ذلك انتشرت أنباء التحذير من خلال مصادر أخرى من بينها وزارة الدفاع الأميركية، وشملت التحذيرات أيضا فندق المنصور الذي يلي مبنى وزارة الإعلام باعتباره مكانا غير ملائم لأن الوزارة هدف أساسي لعمليات القصف. وأصدر البنتاغون مذكرة سرية إلى مسؤولي وسائل الإعلام الأميركية تطلب فيها منهم إخطار مراسليهم الذين لا يزالون في العراق بضرورة الابتعاد عن وزارة الإعلام العراقية خلال الساعات الثماني والأربعين المقبلة.
\r\n
\r\n
\r\n
وبعد عدة ساعات تلقى جون لي أندرسون رسالة بالبريد الالكتروني من رئيس التحرير في نيويورك شارون ديلانو تضمنت تحذيرات عاجلة غير منسوبة إلى مصدر معين، ولكنها صادرة عن مسؤولين في البنتاغون إلى وسائل الإعلام.
\r\n
\r\n
\r\n
وذكرت الرسالة أن ضربات جوية أثقل وأكثر استدامة في الطريق إلى العراق وقد تبدأ خلال ساعات.
\r\n
\r\n
\r\n
وقالت الرسالة لأندرسون: «إذا أردت إنقاذ طبلتي أذنيك (في بغداد) ابتعد عن شارع 14 يوليو مسافة ميلين على الأقل إلى الجنوب، وكذلك ابتعد عن محطة السكك الحديدية، وخاصة بالقرب من جسر الأعظمية، وذلك ابتداء من الساعة الثانية بعد منتصف ليلة الخميس (الجمعة بتوقيت بغداد) ولمدة ثمان وأربعين ساعة.
\r\n
\r\n
\r\n
وابتعد أيضا عن ضاحية الكرامة لمدة أسبوع».وبعد فترة قصيرة تلقى أندرسون رسالة أخرى من شارون تقول: «تسلمت على الفور هذه الرسالة من أحد المصادر في البنتاغون الذي لاحظ أن الصحافيين مستمرون في الذهاب إلى وزارة الإعلام في بغداد. أخبر فريقك في بغداد ألا يطمئنوا كثيرا إلى الوجود في الشوارع».
\r\n
\r\n
\r\n
ويعلق أندرسون في كتابه على هذه الرسالة بقوله إنه صعق من الدهشة وأخذ يتساءل: هل الرسالة تعني أن كل ما نفعله في بغداد كان مكشوفا لجاسوس أميركي في السماء يرى كل شيء أم أن لدى البنتاغون أشخاصاً على الأرض يرسلون المعلومات إليه؟!
\r\n
\r\n
\r\n
ليس بديلاً
\r\n
\r\n
\r\n
في نحو الساعة الثانية بعد منتصف الليل طرق أحدهم باب غرفة أندرسون ليحذره من أن رجال الأمن ضبطوا بعض مصوري التلفزيون والمصورين الصحافيين الذين تسللوا إلى سطح فندق فلسطين، وقد تصادف ذلك أيضا مع أخبار طرد فريق ال «سي.إن.إن».
\r\n
\r\n
\r\n
من العراق فورا انتقاما منهم لأن الشبكة أذاعت صور القصف المسائي التي التقطت من فندق فلسطين، وكانت تلك الشبكة من بين شبكات أخرى قد ظلت عدة أيام تناقش عدي الطائي لكي يمنحها تصريحا بالبث من الفندق نظرا لمخاطر البث القاتلة من مبنى وزارة الإعلام. وقد رفض عدي بإصرار السماح لهم بذلك، وأصر على أن مبنى الوزارة هو المكان الوحيد المسموح لهم بالعمل منه.
\r\n
\r\n
\r\n
ويرى مؤلف الكتاب أنه لاشك في أن وجودهم بذلك المبنى قد ينقذ وزارته من التدمير. وفي أعقاب أنباء ال «سي إن إن»، تلقى الصحافيون تحذيرا من أن ضباط المخابرات يفتشون كل طابق في الفندق بحثا عن هواتف الأقمار الصناعية. وفي الصباح توجه جون أندرسون إلى فندق الرشيد لكي يجمع ما تبقى له من حاجيات، وكان الفندق خاليا إلا من مجموعة من الصحافيين الفرنسيين والالمان ومراسل إيطالي كان قد وصل لتوه إلى بغداد ولم يجد غرفه خالية في فندق فلسطين، فجاء إلى الرشيد.
\r\n
\r\n
\r\n
وبعد ذلك توجه الكاتب الصحافي إلى المستشفى لزيارة علاء بشير الذي لم يكن قد رآه طوال يومين. ولاحظ أندرسون أن مكتب بشير قد خلا من جهاز الكمبيوتر فقال له إنه نقله كإجراء احتياطي، وأخبره بأنه سمع أن الأميركيين في كردستان بدأوا في التحرك مع قوات البشمرجة الكردية في اتجاه الجنوب.
\r\n
\r\n
\r\n
وأنهم يقصدون مدينة كركوك الغنية بالنفط، كذلك قيل إن عدداً من الكوماندوز الأميركيين والبريطانيين دخلوا إلى الصحراء الغربية ويحاولون إقامة قاعدة هناك. أما في جنوب العراق فقد تسللوا مسافة على الأرض بعد الاستيلاء على ميناء أم قصر وهم يتقدمون نحو الفاو متجاوزين البصرة.
\r\n
\r\n
\r\n
وابتسم علاء بشير ابتسامة مبتسرة وقال: «من الغريب أنهم يتخذون المسار نفسه الذي اتخذه البريطانيون من قبل عندما قاموا بغزو العراق في عام 1914». وقوطع حديثه بمكالمة هاتفية، وبعد أن انتهى منها، قال بشير إن المتحدث صديق له من خارج العراق، وقد اتصل به هاتفيا لكي يخبره بأن بعض القاذفات من طراز بي 52 قد انطلقت من مكان ما من أوروبا منذ نحو ساعتين، ونظر إلى الساعة المعلقة على الحائط وقال: معنى ذلك أن الطائرات سوف تكون فوق المجال الجوي العراقي نحو الساعة الثامنة هذه الليلة أي بعد نحو ست ساعات من الآن.
\r\n
\r\n
\r\n
وتطرق الحديث بين الاثنين إلى الظهور القصير لصدام حسين على شاشة التلفزيون العراقي في أعقاب عمليات القصف الجوي الأولى. وقال بشير: «أعتقد أنه كان مهزوزا جدا، وربما كان قريباً جداً من القصف» وسأله أندرسون عما إذا كان يعتقد أن الشخص الذي ظهر على التلفزيون هو واحد من أشباه صدام كما يشك الناس فأجاب بأنه صدام لا البديل، وأكد ذلك قائلا إنه يعرفه جيداً ويعرف كلماته ولغته.
\r\n
\r\n
\r\n
وهو في العادة كان يكتب جميع خطبه، ويستغرق بعض الوقت في كتابة كلمات الخطبة بحروف كبيرة، حتى لا يستخدم نظارة طبية، ويبدو أنه هذه المرة كتب كلمته بسرعة كبيرة، ونسى كتابتها بأحرف واضحة، وهذا هو سبب قراءته للورقة وهو يضع نظارته.
\r\n
\r\n
\r\n
كذلك لاحظ بشير أن صدام لم يكن يضع غطاء الرأس «البيريه» في وضعه الملائم المعتاد، وكأنه وضعه بسرعة ومن دون عناية. وأضاف علاء بشير: هذه هي الأشياء التي كان يوليها عناية كبيرة في العادة إن من ظهر على التلفزيون هو صدام بالتأكيد ولكنه لم يكن على طبيعته.
\r\n
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.