ضبط 625 كيلو "طحينة" مغشوشة داخل مخزن بالقليوبية    الرئيس السيسي يناشد القطاع الخاص الاستثمار في قطاع الزراعة    شراكة استراتيجية بين WE و«بي تك» لتوفير تجربة تسوق متميزة للعملاء    أسعار الحديد والأسمنت في السوق المصرية اليوم الأربعاء 21 مايو 2025    تقرير: شدة إطلاق النار في غزة ستزداد بشكل كبير الأيام المقبلة    4 شهداء ومصابون جراء قصف الاحتلال مدينة غزة    بالفيديو والصور.. مصرع 4 أطفال وإصابة 35 اخرين اثر هجوم استهدف حافلة مدرسية في باكستان    التشكيل المتوقع لقمة يونايتد وتوتنهام في نهائي الدوري الأوروبي    «حبة الكرز».. كيف علق جوارديولا على إهدار دي بروين لأسيست مرموش أمام بورنموث؟    صحيفة برازيلية: الأهلي ريال مدريد أفريقيا    بسبب سبرتاية قهوة.. التحريات تكشف عن تفاصيل حريق شقة بالهرم وإصابة سيدة    قبل أيام من حلوله.. تعرف على أبرز استعدادات السكة الحديد ل عيد الأضحى 2025    ضبط شركة سياحية غير مرخصة بتهمة النصب والاحتيال على المواطنين    وزير الثقافة يستقبل ولي عهد الفجيرة لبحث التعاون وصون التراث.. ويصطحبه في جولة بدار الكتب    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    الحل السحري لإنقاص الوزن.. طريقة الاستخدام الصحيح لخل التفاح (3 فوائد)    في لفتة إنسانية.. محافظ أسيوط يرافق سيدة إلى مستشفى الرمد ويوجه بعلاجها على نفقة التضامن    طالب بجامعة الجلالة يشارك في مؤتمر دولي للأمم المتحدة حول الأمن السيبراني    وزير بريطاني: لم يعد بوسعنا تحمل الهجوم الإسرائيلي على غزة    "القاهرة الفاطمية" ينجح في زراعة قرنية أعادت الإبصار لمريض يرى حركة اليد فقط    وزير الإسكان: بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات جنة للفائزين بمدينة القاهرة الجديدة    خلال 24 ساعة.. ضبط 417 قضية مخدرات 231 قطعة سلاح نارى وتنفيذ 85 ألف حكم    هل يجوز سفر المرأة للحج بدون مَحْرَم؟..الأزهر للفتوى يجيب    أحمد السقا يعلن انفصاله عن زوجته مها الصغير بعد 26 سنة زواج    عصمت داوستاشى رحلة فى نهر الفن والعطاء    تعرف على اسعار الفراخ اليوم الأربعاء 21 مايو 2025 فى أسواق الإسكندرية    ارتفاع أسعار الدواجن في الأسواق اليوم 21-5-2025 (موقع رسمي)    «التضامن» تقر تعديل وقيد 6 جمعيات فى 4 محافظات    محمود الخطيب يرد على تساؤلات من أين يأتي الأهلي بأمواله؟    تفاصيل رحلة بيراميدز من القاهرة إلى جنوب أفريقيا لخوض نهائي دوري الأبطال    البيدوفيليا؟!    طريقة عمل الكيكة الإسفنجية في البيت، النتيجة مبهرة    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 21-5-2025 فى البنوك الرئيسية    أمريكا وتركيا تؤكدان التزامهما بوحدة سوريا وتعزيز الشراكة الثنائية    نادي مصري يقترب من التعاقد مع معلول.. ومفاجأة بشأن مصير رضا سليم    "جيو تيان" تبدأ تجاربها 2025.. الصين تطلق أول حاملة طائرات مسيرة فى العالم    مصرع 3 أطفال غرقًا فى حادثين منفصلين بترع مركز المراغة سوهاج    ضبط 11 مخالفة تموينية وصحية في حملة مفاجئة بطنطا    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    اليوم.. أولى جلسات طعن المخرج عمر زهران على حكم حبسه    بتكلفة 175 مليار دولار.. ترامب يختار تصميما لدرع القبة الذهبية    حظك اليوم الأربعاء 21 مايو 2025 وتوقعات الأبراج    المستشار محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية اجتهاد وليس كتابا مقدسا.. لا شيء في العالم عليه إجماع    آداب وأخلاق إسلامية تحكم العمل الصحفى والإعلامى (2)    «غزل المحلة» يعلن مفاوضات الأهلي مع نجم الفريق    الإيجار القديم.. محمود فوزي: الملاك استردوا استثماراتهم.. الشقة كانت تُباع بألف وتُؤجر ب15 جنيهًا    وزير الخارجية يلتقي رؤساء وفود الاجتماع الإفريقي الأوروبي    ملحن آخر أغنيات السندريلا يفجّر مفاجأة عن زواج سعاد حسني وعبدالحليم حافظ سرا    محافظ الدقهلية يشهد حفل تجهيز 100 عروس وعريس (صور)    ننشر أسماء المصابين في حادث تصادم سيارتين بطريق فايد بالإسماعيلية    تقرير سعودي: نيوم يستهدف ضم إمام عاشور.. وتجهيز إغراء للأهلي    رئيس الجامعة الفرنسية ل"مصراوي": نقدم منحا دراسية للطلاب المصريين تصل إلى 100% (حوار)    محافظ الغربية يُجري حركة تغييرات محدودة في قيادات المحليات    لميس الحديدي عن أزمة بوسي شلبي وأبناء محمود عبدالعزيز: هناك من عايش الزيجة 20 سنة    نائبة تطالب بتوصيل الغاز الطبيعي لمنطقة «بحري البلد» بأسيوط    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    عضو مجلس يتقدم بطلب لتفعيل مكتب الاتصال الخدمي بنقابة الصحفيين (تفاصيل)    «منصة موحدة وكوتا شبابية».. ندوة حزبية تبحث تمكين الشباب وسط تحديات إقليمية ملتهبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تركة رامسفيلد و\"متلازمات عقدة العراق\"!
نشر في التغيير يوم 17 - 01 - 2005

والآن فقد جاء وقت المساءلة والمحاسبة. فهاهو يواجه تهمة خطيرة، تدور حول رفضه نصيحة كبار جنرالات الجيش بشأن عدد القوات المطلوبة لحفظ الأمن في العراق، في مرحلة ما بعد الحرب. تشمل هذه التهمة المروعة، تجاهل نصيحة وزارة الخارجية حول عملية إعادة البناء، اللامبالاة إزاء خطورة ممارسات النهب والسلب التي تعرضت لها المدن العراقية في أعقاب الحرب مباشرة، وما أسفرت عنه تلك الممارسات عن إشاعة فوضى عامة في البلاد، ودعم رامسفيلد لقرار حل الجيش العراقي، وعدم التحسب للعواقب الوخيمة المترتبة على تسريح الآلاف من الجنود المسلحين الناقمين على قرار الحل، وأخيرا التحايل على قوانين الحرب، لتبرير الاحتجاز غير المحدود زمنيا للسجناء، وإخضاعهم للتعذيب الدوري. وقد أسفر ذلك التحايل عن كارثة علاقات عامة، وتشويه لصورة الولايات المتحدة الأميركية في عيون العراقيين والعرب خاصة، والعالم بوجه عام.
\r\n
\r\n
وليس في وسع رامسفيلد أن يدعي أنه كان ضحية استشارة عسكرية ضعيفة. ذلك أن الاستشارة الوحيدة التي يستطيع سماعها، هي صوته وحده. من هنا تنشأ المقارنة والتشابه الكبير بين رامسفيلد، ونظيره الأسبق روبرت ماكنمارا الذي تولى المنصب ذاته في إدارة الرئيس الأسبق ليندون جونسون. فمثلما خرج ماكنمارا من فيتنام، مخلفا وراءه ما بات يعرف في التاريخ السياسي والعسكري ب \"متلازمات عقدة فيتنام\"، فقد خلفت الحرب العراقية التي قادها رامسفيلد، وراءها ما يمكن الاصطلاح عليه ب \"متلازمات عقدة العراق\". ومابين الشخصيتين تقاطعات وملامح مشتركة كثيرة في السلوك. فكلاهما مرتاب وغير آبه بما يقدم له من نصائح عسكرية. وكلاهما يمضي بشكوكه وارتيابه إلى ساحة العمليات والمعارك، مما يجعلهما عرضة للاتهام بالعجرفة والصلف. يذكر هنا أن توماس وايت، الجنرال السابق في سلاح الطيران، قد اشتهر بازدرائه لوزارة الدفاع في عهد ماكنمارا، لكونها وزارة مليئة بمدخني الغليونات، وأنها كانت أشبه بالشجرة المزدحمة بطائر البوم، وبمثقفي الدفاع، وغيرها من النعوت التي تشبه إلى حد كبير نقمة الضباط الرسميين اليوم في وزارة رامسفيلد، على \"مثقفي\" الدفاع الذين يحيطون رامسفيلد ويطوقونه من كل جانب، علما بأنهم من غير العسكريين بالطبع. والنقمة هنا، على تسيير المدنيين من غير ذوي الخبرة بشؤون الحرب والقتال،لأخطر الأمور والمهام في وزارة الدفاع!
\r\n
\r\n
السخرية والمفارقة هنا، أن أمثال استراتيجيي ومفكري التدخل العسكري في شؤون الدول الأخرى، المحيطين برامسفيلد اليوم، قد كابدوا معاناة وصراع ثلاثة عقود من الزمان، في سبيل
\r\n
\r\n
تجاوز \"متلازمات عقدة فيتنام\" بكل ما يتصل بهذه المتلازمات من تردد وتمنع عن التورط في خوض حروب خارج الحدود. الآن وقد بلغ هؤلاء لحظة انتصارهم خلال حرب أجنبية، كانت اليد العليا فيها للولايات المتحدة الأميركية مجددا، فقد أصبح أمامهم واقعيا، الكثير مما يحمل على الخوف والقلق. وهاهو الاعتقاد أوالخوف القديم نفسه، يواجههم من جديد، ويحيل نصرهم إلى سراب: المصير المحتوم لأي تدخل عسكري أميركي كبير الحجم، هو الفشل الأكيد على الصعيد العملي.
\r\n
\r\n
على سبيل المقارنة كان الرئيس جورج بوش الأب، قد صرح عقب انتهاء حربه على صدام حسين –في حرب الخليج الأولى- وخروج قوات صدام الغازية من الكويت قائلا: ها قد تمكنا من ركل وتجاوز عقدة فيتنام مرة واحدة وإلى الأبد. ومما لا شك فيه أن استراتيجيي التدخل العسكري في ظل إدارة بوش الابن، كانوا بحاجة إلى أرض يختبرون فيها مدى صحة استراتيجيتهم ونزعتهم التدخلية هذه، خلافا لأرض العراق. فما كان أحوجهم إلى أرض يثبتون من خلالها صحة افتراضاتهم القائلة بأنه ليس في وسع القوة الأميركية الضاربة، أن تكتسح جيش بلد صغير مستضعف في لمحة البصر فحسب، بل وأن تحيله بالكامل، بدلا من أن تكتفي باحتوائه عسكريا. الآن وعلى الصعيد الواقعي، فإن أفضل ما يمكن أن ينجلي عنه هذا المأزق الحقيقي الشائك في العراق، هو أن يستمر الحال على ما هو عليه، أملا في أن ينهك العدو وتستنفد قدراته أولا، قبل أن يحدث الشيء نفسه للأميركيين. أما أسوأ احتمالات هذا السيناريو المظلم، هو أن يصبح لزاما على القوات الأميركية مغادرة العراق، مخلفة وراءها بلدا يمور بالعنف والتطاحن والحروب الأهلية، إضافة إلى كونه بؤرة ومعقلا للإرهابيين. وعندها تكون قد حانت لحظة جديدة، تستدعي المراجعة وإعادة النظر في السياسات الخارجية المطبقة، والتحسب ألف مرة ومرة، قبل اللجوء لاستخدام القوة ضد بلد أجنبي.
\r\n
\r\n
خلافا لحرب فيتنام التي كانت حرب احتواء عسكري، فإن حرب العراق هي من نوع آخر تماما، لكونها حربا احترازية إستباقية. وبهذه الصفة فهي تمثل تحديا مضاعفا للسياسة الخارجية التي انتهجتها واشنطن في ظل الإدارة الحالية. كما تثير بالصفة ذاتها تساؤلات عديدة، ليس حول حكمة التدخل بحد ذاته، بل مدى كفاءة وتوحد أجهزة الاستخبارات الأميركية حول ما يمثل تهديدا جديا ومباشرا للأمن القومي للولايات المتحدة. الأسوأ من ذلك، ما يثار اليوم من مزاعم واتهامات، حول تجاهل إدارة بوش \"عقدة فيتنام\" وعدم تعلمها الدرس. وعلى أية حال، فإن التجربة العراقية، ليست من التجارب التي تستطيع الحكومات الأميركية الإقدام على تكرارها.
\r\n
\r\n
أما بالنسبة للحكومة الحالية، فإنها ليست بقادرة على ذلك تحت كل الظروف والأحوال، نظرا لعدم وجود ما يكفي من القوات، لخوض معارك كبيرة بهذا الحجم، في مكان آخر من العالم، سيما ونيران المعارك لم تنطفئ بعد في العراق نفسه. وما لم تتمكن أميركا من كسر شوكة المتمردين هناك، فإنها سوف تخسر كثيرا على الصعيد المعنوي. وليس من جديد في القول إن الثقة قد اهتزت سلفا في القوة الأميركية، التي بادرت بشن حرب لم تملها الضرورة على العراق. الجديد الذي أسفرت عنه تجربة العراق هذه على صعيد السياسات الخارجية هو، ما أن يصبح محتملا اللجوء للقوة العسكرية ضد بلد آخر، في لحظة ما، حتى ترتفع الأصوات المطالبة بألا تكون هذه الحر ب، عراقاً آخر بأية حال. وسوف تظل هذه التجربة \"فزاعة\" ومثيرة لحذر كافة دعاة التدخل المستقبليين.
\r\n
\r\n
\r\n
لورانس فريدمان
\r\n
\r\n
أستاذ الدراسات الحربية في كلية \"كينجز\" بلندن ومؤلف كتاب \"حروب كنيدي\"
\r\n
\r\n
ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.