ولكن هناك قضية أكثر الحاحا يجب ان يتعامل معها الرئيس بوش وهى استعادة ثقة الاوروبيين فى قدرة الولاياتالمتحدة على الاستمرار فى ادارة النظام المالى العالمى. ويجب ان تكون هذه المسألة هى شغلنا الشاغل فى الفترة المقبلة. وسوف يمتلىء برنامج زيارة بوش بالاجتماعات الرسمية مع القادة السياسيين والعسكريين واعضاء الحكومات كما هو الحال فى معظم الزيارات الرئاسية. ولكن من الاهمية بمكان ان يطالب الرئيس بوش بتخصيص جزء من زيارته لمقابلة ابرز المسؤولين الاقتصاديين الاوروبيين. ولا يعتبر هؤلاء المسؤولون افضل الاصدقاء الاوروبيين لاميركا فى الوقت الذى تتصاعد فيه حدة الاصوات المعادية للولايات المتحدة فحسب، ولكنهم قد يؤثرون ايضا على رفاهيتنا وانتعاشنا الاقتصادى . ولم يغير الاهتمام الاميركى المتزايد والمسرف تجاه الصين والهند من الحقيقة القائلة بأن الولاياتالمتحدة واوروبا يشكلان أكبر شريكين تجاريين ، استثماريين ، وبشريين فى العالم. ومن الاهمية بمكان ملاحظة هذا الامر فى الوقت الذى نحتاج فيه الى 2 مليار دولار من رؤوس الاموال الاجنبية على نحو يومى للتغلب على الدين المحلى وفي الوقت الذى يفقد فيه الدولار قيمته على نحو منتظم فى الاسواق المالية وذلك بالتوازى مع تزايد انخفاض اجمالى الناتج الصافى من النقد الاجنبى فى البورصات والسندات الاميركية. ومع نهاية عام 2002، وصل المقدار الصافى للاستثمار الاوروبى المباشر في الولاياتالمتحدة الى تريليون دولار تقريبا. وتمثل هذا المبلغ في الاصول الثابتة ، طويلة الامد مثل المصانع والعقارات وبعض الكيانات الاقتصادية الاخرى. وتتكون الممتلكات الاوروبية الاخرى من سندات مالية مختلفة تتمتع بالسيولة التامة بحيث يمكن بيعها وشراؤها بكميات كبيرة خلال فترة وجيزة. ومع نهاية شهر يونيو عام 2003 ، وصلت قيمة الممتلكات الاوروبية من الاسهم الاميركية الى 816 مليار دولار فى حين وصلت قيمة سندات الدين طويلة الامد والتى تضم سندات وزارة الخزانة الاميركية الى ما يزيد على تريليون دولار. وعلى الرغم من اقتراب قيمة الممتلكات الاسيوية للسندات الاميركية طويلة الامد من القيمة الاوروبية ، فان معدل الامتلاك الاسيوى للسندات المالية الاميركية لا يتعدى نسبة الثلاثين بالمائة. ومن غير الوارد ان تبيع المؤسسات المالية الاسيوية السندات الاميركية على نطاق واسع وذلك لاسباب سياسية واقتصادية. ولكن هذه القيود لا تنطبق على القارة الاوروبية . فمن الناحية الاقتصادية ، ينظر الاوروبيون الى مسألة استثمار اموالهم فى الولاياتالمتحدة من خلال منظور انخفاض قيمة الدولار الاميركي. وإذا ما نظرنا بعين الاعتبار الى الانخفاض الحالى فى قيمة الدولار الاميركى والذى بلغ 30 % من سعره فى مقابل اليورو ، فان خسائر الاوروبيين الاخيرة بسبب انخفاض قيمة الاسهم المالية الاميركية التى يمتلكونها قد تصل الى مئات المليارات من الدولارات. ويبدى الاوربيون تشككهم فى ان الولاياتالمتحدة تبذل اقصى جهدها للعمل على تقوية الدولار ، اضافة الى التزامها بتخفيض عجزها المالى. وعلى الرغم من ذلك ، فان الاوروبيين قد يؤيدون بقوة دعوة الرئيس بوش الى اجراء اصلاحات اقتصادية. ويجب ان يؤمن الاوروبيون بأننا جادون فى التعامل مع مسألة عدم الاستقرار المالى فى الاسواق الاميركية والعالمية على حد سواء. ويجب ان تكون الخطوة الاولى فى هذا السياق هو تعهد الرئيس بوش بأن الولاياتالمتحدة سوف تواصل التزامها بالعمل على استقرار وثبات سعر الدولار الاميركي اضافة الى تبنى سياسات مالية تتفق مع هذا الالتزام والتوجه . ويبدى عدد كبير من الاقتصاديين الاوروبيين البارزين قلقهم ازاء السياسات الاقتصادية للادارة الاميركية. وعلى الرغم من اعجابهم بقدرتنا فى التغلب على الصدمة التى حلت بالبورصة الاميركية والكساد الذي نتج عن هجمات الحادى عشر من سبتمبر ، الا ان اقطاب الاقتصاد الاوروبي يبدون انزعاجهم من معدل العجز فى الموازنة الاميركية وتدني قيمة الدولار وعدم قدرتنا على احتواء الدين الخارجى. وبناء عليه ، فمن الوارد جدا ان يبدى هؤلاء الاشخاص قلقهم تجاه المقترحات الاخيرة التي ترمى الى زيادة الدين القومى من تريليون دولار الى تريليونين فى سبيل دعم برنامج الضمان الاجتماعى، وقد يحتاج الاقتصاديون الاوروبيون الى من يقنعهم بأن الاصلاحات الضريبية سوف تؤدى الى تخفيض نسبة العجز فى الموازنة الاميركية خلال السنوات المقبلة. ولكن اقطاب الاقتصاد الاوروبي يتفقون بقوة فى الرأى مع الرئيس بوش الذى يعتقد بأن الحاجة ملحة فى الوقت الحالى الى تحسن معدل النمو الاوروبى من اجل حل عدد كبير من هذه المشاكل . وقد يشجع هؤلاء الافراد حكوماتهم على الالتزام بتبنى سياسات اقتصادية طموحة . ويصب هذا الاجراء فى مصلحتنا المشتركة ويجب ان تشجع الولاياتالمتحدة هؤلاء الاشخاص على القيام بهذا الاجراء . \r\n \r\n فيلكس روهاتين \r\n اقتصادى بارز شغل منصب سفير الولاياتالمتحدة لدى فرنسا فى الفترة من عام 1997 : 2000 . \r\n خدمة ( واشنطن بوست ) خاص ب(الوطن).