\r\n اما انتخابات المجلس التشريعي الجديد فسوف تجري في موعد لاحق من العام. كل هذا يجري وسط اجواء متفائلة خصوصا بعد توفر اكثر من مؤشر على ان الحكومة الاسرائيلية سوف تعمل على تهيئة الشروط اللازمة لاجراء انتخابات عامة بما في ذلك السماح للفلسطينيين الذي يعيشون في منطقة القدسالشرقية بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية القادمة على غرار ما جرى في عام 1996 وبالرغم من قيام الاسرائيليين في وقت سابق بمصادرة سجلات الناخبين في المنطقة. \r\n \r\n بالنسبة لنا نحن الذين عملنا على مدى سنوات عديدة على مساعدة الفلسطينيين في تقوية مؤسساتهم العامة, لا نجد مفاجأة في ان نرى كافة الاليات اللازمة لاجراء الانتخابات تعمل بكفاءة ودقة تقدم الخدمات المنتظرة منها لحكومة كفؤة وديمقراطية والواقع ان الانتخابات التي اجرتها السلطة الفلسطينية عام 1996 اعتبرت في حينها حرة ونزيهة من قبل المجتمع الدولي وظلت السلطة التي انبعثت عنها واحدة من قلة من الحكومات ذات القيادات المنتخبة ديمقراطيا في المنطقة. \r\n \r\n ومما يزيد من قيمة الانجاز الديمقراطي الفلسطيني انه قد تحقق تحت ظروف الاحتلال وبالرغم عنه, وفي ظل اقتصاد متدهور وفي جو من العنف المتبادل ذهب ضحيته خلال السنوات الاربع الاخيرة وحدها اربعة الاف فلسطيني واكثر من الف اسرائيلي. \r\n \r\n وبقدر تعلق الامر بالانتخابات فان 67 بالمئة من الفلسطينيين المؤهلين للاقتراع قد سجلوا اصواتهم كناخبين على الرغم من توقف التسجيل في القدسالشرقية خلال شهري ايلول وتشرين الاول وتعتبر هذه النسبة اعلى بكثير من مثيلاتها في جميع دول المنطقة التي لا تعاني من الاحتلال, كما تعاني منه المناطق الفلسطينية وهي ايضا اعلى من مثيلاتها في العديد من الديمقراطيات الموحدة في اوروبا كما انها مساوية لما يقابلها من نسبة في الولاياتالمتحدة. \r\n \r\n ان عملية التسجيل مهمة لانها تظهر قدرة المؤسسات الفلسطينية كما تظهر عمق الارادة الديمقراطية في صفوف الشعب الفلسطيني وازاء هذا الاقبال على التسجيل فان الاقبال اللاحق على الاقتراع لن يعكس الرغبة الفلسطينية التي تحققت بالتسجيل بقدر ما سوف يعكس حرية الحركة التي سوف تتاح للناخبين وخلو الاجواء من عناصر التخويف والترهيب التي يمكن ان تعترض طريق الناخبين الى حوالي الفي مركز انتخابي موزعة في الضفة الغربية وغزة. كما سيتوقف اقبال الناخبين على الاقتراع على قدرة المرشحين على تنظيم الحملات الانتخابية في اجواء صافية وسليمة. \r\n \r\n كانت عملية تسجيل الناخبين قد تمت قبل وفاة الرئيس عرفات. كما ان لجنة الانتخابات المركزية كانت قد اقامت لها مقرات ادارية في رام الله وغزة اضافة الى مكاتب فرعية في 16 موقعا اخر وكان موظفوها البالغ عددهم 300 موظف قد ابتدأوا عملية تدريب جهاز يضم 14 الف شخص معني بمتابعة عملية التسجيل والاقتراع اضافة الى قيام اللجنة بتنظيم حملة تثقيفية عامة, وتطوير الخبرات الدعائية والاعلامية وخصوصا تلك المتعلقة بسلامة وامن عملية التصويت. كما قامت اللجنة بنصب الاجهزة الخاصة بتوفير المعلومات اللازمة. \r\n \r\n لقد كانت الحملات الانتخابية وعمليات التصويت وفرز النتائج واعلانها مناسبات تجتذب الرأي العام العالمي في كل زمان ومكان لكن عملية الانتخاب تشتمل في الواقع على كم هائل من الجهود المعنية والطويلة التي لا تطالها عدسات المصورين ولا تغطيها تقارير المراسلين. وهذه الجهود هي التي تهمنا في هذا المجال. فمنذ عامين او اكثر وجهود الفلسطينيين تلتقي بالمساعدات المقدمة من قبل برنامج التنمية التابع للامم المتحدة وبالدعم المالي القادم من اليابان وكندا والخبرة التي يوفرها فريق المساعدة الانتخابية التابع للامم المتحدة لكي تخرج الى الوجود هذه الثمرة التي يكثر الحديث عنها هذه الايام: الا وهي الانتخابات الفلسطينية. \r\n \r\n بعد اسابيع قليلة فقط من تعيين اعضاء لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية قام برنامج التنمية التابع للامم المتحدة بتوفير المكاتب والاجهزة والخبرات اللازمة. وقد كان من بين هذه الخبرات شخصيات دولية اضافة الى الشخصيات الفلسطينية وقد تم تطبيق انظمة للتسجيل واصدار الهويات وادخال المعلومات, كما زودت اللجنة ومكاتبها باجهزة تساعد المراقبين على القيام باعمالهم في متابعة تنظيم ونزاهة العملية الانتخابية. وسوف يكون برنامج التنمية التابع للامم المتحدة مسؤولا كذلك عن اقامة وادارة وحدة ارتباط تقدم كافة التسهيلات اللازمة للمراقبين الدوليين القادمين لمراقبة عملية انتخاب رئيس السلطة الفلسطينية الجديدة. \r\n \r\n ويمكن القول باختصار انه اذا لم يتعرض الناخبون لاي منع او اعاقة, فان الانتخابات الفلسطينية في شهر كانون الثاني القادم يمكن ان تكون نموذجا في الشفافية والديمقراطية. \r\n \r\n وسوف يتاح لاجهزة الاعلام الدولية ان تبرز الحقيقة التي عرفها جيدا كل من تسنى له العمل مع الشعب الفلسطيني وهي: ان الفلسطينيين يمتلكون العزم والقدرة على جعل دولتهم الخاصة بهم مثالا بارزا في الحيوية والديمقراطية والقيادة السليمة يمكن ان تتحول الى منارة في المنطقة.. فقط لو انهم يحصلون على الفرصة اللازمة لذلك. \r\n \r\n عن »كريستيان ساينس مونيتور«