\r\n من منظور واشنطن ليس هناك دولة بدت قابلة للتغيير عشية الحرب اكثر من إيران‚ كان من المفترض ان يعمل المثال العلماني الديمقراطي العراقي كمحفز للشعب الإيراني على التمرد على قادته الدينيين‚ \r\n \r\n وكان يظن ان عملية تطويق إيران بالقوات الأميركية في العراق وأفغانستان والخليج سيجبر حكام طهران على تعديل سلوكهم‚ بالطبع الجميع يأمل أن تحقق هذه الأحلام في ظل عراق مستقر في فترة ما بعد الحرب‚ والذي حصل ان العراق غرق في الفوضى وانعدام الأمن والقانون مما أدى إلى عدم اخافة النظام الإيراني بل إلى تقوية مواقفة‚ ويبدو حكام طهران الآن اكثر استقرارا واكثر قوة واكثر تحديا للضغوط الخارجية من اي وقت مضى‚ وكل ما تمتلكه واشنطن الآن هو توجيه النداءات لإيران لأن تكف عن التدخل في شؤون جارها العراق‚ \r\n \r\n خلال الأشهر القليلة الماضية بدأ المحافظون المتشددون في إيران الانقلاب على الاصلاحيين فلم يعد هناك تظاهرات للطلاب المطالبين بالديمقراطية والآمال التي علقها بعض الإيرانيين على المساعدات التي قد تقدمها الولاياتالمتحدة لهم ذهبت ادراج الرياح مع كل المآسي والفوضى الضاربة اطنابها في العراق وحل محل تلك الآمال شكوك‚ \r\n \r\n وقد عبر أحد سكان طهران عن ذلك افضل تعبير عندما قال «حينما نننظر إلى ما يجري في العراق أو حتى في أفغانستان‚ فإن الخيار الحقيقي لا يصبح بين الديمقراطية والشمولية بل بين الاستقرار والقلاقل‚ قد لا يكون الناس سعداء في إيران ولكن لا احد يريد القلاقل في بلاده»‚ \r\n \r\n وفي الوقت الذي لا يتمنى الشعب الإيراني حدوث الفوضى والقلاقل في بلاده‚ الا أن النظام الحاكم لديه مشاعر مختلفة تجاه ما يجري في العراق فهو يشعر بالقلق من ان يؤدي انهيار العراق أو اشتعال الحرب الأهلية فيه إلى ان تطال تلك النيران إيران وتنتقل إليها وهو أمر ممكن الحصول نظرا للحدود بين البلدين ونظرا للروابط السياسية والدينية والوثيقة الموجودة مع الكثير من الجماعات العراقية في نفس الوقت تستشعر إيران الخطر الشديد اذا ما تمكنت الولاياتالمتحدة من تحقيق نجاح شامل في العراق مما قد يشجع البعض في واشنطن على القيام بعمل ما ضد طهران‚ وعليه قررت إيران العمل على نشر فوضى «مسيطر» عليها في العراق من أجل اقناع الأميركيين بالتي هي أحسن بعدم السعي لاحداث تغيير للنظام في إيران وعدم تقديم المساعدة لاي جهة إيرانية من أجل احداث قلاقل وفتن في الداخل‚ \r\n \r\n وتحاول إيران تنويع علاقاتها داخل العراق ليس من خلال اقامة علاقات مع الاطراف الشيعية فقط من امثال آية الله السيستاني ومقتدى الصدر وأحمد الجلبي و«المجلس الأعلى للثورة الإسلامية» بل ايضا من خلال اقامة علاقات مع السنة بل ومع الجماعات الكردية‚ \r\n \r\n مع سقوط نظام صدام حسين وما صاحبه من فراغ سلطوي بدأت تظهر لدى البعض في طهران نوايا تجاه ممارسة الهيمنة الاقليمية‚ فبعد سنوات من تقديم المصالح الإسلامية على المصالح الوطنية فإن المحافظين الدينيين في طهران عكسوا الآية وقدموا المصالح الوطنية على المصالح الإسلامية‚ \r\n \r\n وبالرغم من الضغوط الدبلوماسية الأوروبية والتهديدات العسكرية الأميركية والإسرائيلية فإن إيران اظهرت ميلا قليلا للتوصل إلى حلول وسط بشأن برنامجها النووي ان هذه التصرفات لا تعكس تصرفات نظام خائف بل نظام متشدد واثق من نفسه‚ ان الجزء الإيراني من المقامرة العراقية قد فشل بل وأدى إلى نتائج عكسية ويتوجب على واشنطن الآن ان تعيد التفكير في مفاهيمها المتعلقة بالتعامل مع إيران‚ \r\n \r\n فالسياسة الأميركية بدأت بالتلويح بالمواجهة ثم تراجعت نحو اجراء روابط محدودة ثم انتهت إلى لا شيء‚ \r\n \r\n ان على الولاياتالمتحدةوإيران ان تعملا على تخطي عدم الثقة التي تراكمت بينهما على مدار ربع قرن والبدء باجراء صوار يهدف لخدمة مصلحة الجميع‚ \r\n \r\n وبالطبع يتوجب على واشنطن ان تتخلى عن احلامها بتغيير النظام القائم في طهران مع العمل على فتح حوار ثنائي والتعامل مع إيران بصورة مقبولة ومحترمة‚ \r\n