رئيس هيئة المحطات النووية يهدي لوزير الكهرباء هدية رمزية من العملات التذكارية    أحمد موسى: محدش يقدر يعتدي على أمننا.. ومصر لن تفرط في أي منطقة    عيار 21 الآن بعد الزيادة.. أسعار الذهب بالمصنعية اليوم الخميس 9 مايو بالصاغة (آخر تحديث)    توفر مليار دولار سنويًا.. الحكومة تكشف أهمية العمل بجدول تخفيف الأحمال (فيديو)    خبير اقتصادي: صندوق النقد الدولي يشجع الدعم المادي وليس العيني    حماس: إسرائيل غير جادة وتستخدم المفاوضات غطاء لاجتياح رفح    مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: 4 دول من أمريكا الجنوبية اعترفت خلال الأسبوع الأخير بدولة فلسطين    «الرئاسة الفلسطينية»: نرفض الوجود الأمريكي في الجانب الفلسطيني من معبر رفح    ولي العهد السعودي يبحث مع الرئيس الأوكراني مستجدات الأزمة الأوكرانية الروسية والجهود الرامية لحلها    «في ليالي الأبطال لا مثيل للريال».. مدريد في النهائي بسيناريو جنوني أمام بايرن    الزمالك يشكر وزيري الطيران والرياضة على تسهيل سفر البعثة إلى المغرب    قبل نهائي الكونفدرالية.. نجم الزمالك يسافر إلى اليونان للاتفاق مع فريقه الجديد    محمد فضل: جوزيه جوميز رفض تدريب الأهلي    فينيسيوس: الجماهير لا يمكنهم تحمل المزيد من تلك السيناريوهات.. ولم يكن لدينا شك بالفوز    «جريشة» يعلق على اختيارات «الكاف» لحكام نهائي الكونفدرالية    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. رئيس الزمالك يحضر حفل تأبين العامري فاروق وريال مدريد يبلغ نهائي دوري الأبطال    نماذج امتحانات الثانوية العامة 2024 بصيغة «PDF» لجميع المواد وضوابط اللجان    إنتل تتوقع تراجع إيراداتها خلال الربع الثاني    موعد إجازة عيد الأضحى 2024 في السعودية: تخطيط لاستمتاع بأوقات العطلة    ارتفاع ضحايا حادث «صحراوي المنيا».. مصرع شخص وإصابة 13 آخرين    العظمى بالقاهرة 36 درجة مئوية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الخميس 9 مايو 2024    "الفجر" تنشر التقرير الطبي للطالبة "كارولين" ضحية تشويه جسدها داخل مدرسة في فيصل    سواق وعنده 4 أطفال.. شقيق أحمد ضحية حادث عصام صاصا يكشف التفاصيل    نبيل الحلفاوي يكشف سبب ابتعاد نجله عن التمثيل (تفاصيل)    برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 9 مايو: مارس التمارين الرياضية    من يرفضنا عايز يعيش في الظلام، يوسف زيدان يعلق على أزمة مؤسسة "تكوين" والأزهر    محمود قاسم ل«البوابة نيوز»: السرب حدث فني تاريخي تناول قضية هامة    ليس مرض مزمن.. سبب وفاة والدة كريم عبد العزيز    استشاري مناعة يقدم نصيحة للوقاية من الأعراض الجانبية للقاح استرازينكا    وزير الصحة التونسي يثمن الجهود الإفريقية لمكافحة الأمراض المعدية    رئيس لجنة الثقافة: الموقف المصرى من غزة متسق تماما مع الرؤية الشعبية    حسام الخولي ل«الحياة اليوم»: نتنياهو يدافع عن مصالحه الشخصية    الأكاديمية البحرية تطلق المؤتمر الدولي للذكاء الآلي والابتكارات الذكية الأحد    التحالف الوطنى يقدم خدمات بأكثر من 16 مليار جنيه خلال عامين    سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء في ختام الأسبوع الخميس 9 مايو 2024    طالب صيدلة يدهس شابا أعلى المحور في الشيخ زايد    رئيس جامعة القناة يشهد المؤتمر السنوي للبحوث الطلابية لكلية طب «الإسماعيلية الجديدة الأهلية»    محافظ الإسكندرية يشيد بدور الصحافة القومية في التصدي للشائعات المغرضة    وكيل الخطة والموازنة بمجلس النواب: طالبنا الحكومة بعدم فرض أي ضرائب جديدة    بالصور.. «تضامن الدقهلية» تُطلق المرحلة الثانية من مبادرة «وطن بلا إعاقة»    لتعويض رحيل معلول المحتمل.. الأهلي يقترب من التعاقد مع نجم المغرب    «زووم إفريقيا» في حلقة خاصة من قلب جامبيا على قناة CBC.. اليوم    عبد المجيد عبد الله يبدأ أولى حفلاته الثلاثة في الكويت.. الليلة    مستشهدا بواقعة على صفحة الأهلي.. إبراهيم عيسى: لم نتخلص من التسلف والتخلف الفكري    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لنا في كل أمر يسراً وفي كل رزق بركة    دعاء الليلة الأولى من ذي القعدة الآن لمن أصابه كرب.. ب5 كلمات تنتهي معاناتك    تحالف الأحزاب المصرية يجدد دعمه لمواقف القيادة السياسة بشأن القضية الفلسطينية    وزير الخارجية العراقي: العراق حريص على حماية وتطوير العلاقات مع الدول الأخرى على أساس المصالح المشتركة    متحدث الصحة يعلق على سحب لقاحات أسترازينيكا من جميع أنحاء العالم.. فيديو    الكشف على 1209 أشخاص في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    أول أيام شهر ذي القعدة غدا.. و«الإفتاء» تحسم جدل صيامه    أيهما أفضل حج الفريضة أم رعاية الأم المريضة؟.. «الإفتاء» توضح    رئيس«كفر الشيخ» يستقبل لجنة تعيين أعضاء تدريس الإيطالية بكلية الألسن    موعد وعدد أيام إجازة عيد الأضحى 2024    بالفيديو.. هل تدريج الشعر حرام؟ أمين الفتوى يكشف مفاجأة    حزب العدل: مستمرون في تجميد عضويتنا بالحركة المدنية.. ولم نحضر اجتماع اليوم    «اسمع واتكلم» لشباب الجامعات يناقش «الهوية في عصر الذكاء الاصطناعي»    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يتفقد مستشفى الصدر والحميات بالزقازيق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإصلاح الأندونيسي.. انقلاب نخبة أم ثورة شعبية ؟
نشر في التغيير يوم 16 - 10 - 2004

فأندونيسيا أكبر دولة ذات أغلبية اسلامية ورابع أكبر دولة في العالم من حيث تعداد السكان تمر بعملية تحول سياسية عميقة فخلال الأعوام الخمسة الماضية، تم اصلاح نظامها الديمقراطي بهدوء ولكن بذكاء، وتم وضع الأسس لنظام حكم أفضل والحكومة التي ستتولى مهامها في 20 اكتوبر الحالي ستكون هي خيار الشعب اكثر من اي وقت مضى.
\r\n
\r\n
لقد بدأت عملية التحول الديمقراطي الاندونيسية المعروفة باسم «ريفورماسي» في 1998 ففي اعقاب عشر سنوات من الدكتاتورية المستعرة في ظل حكم الرئيس سوكارنو واكثر من ثلاثة عقود من حكم القبضة الحديدية من قبل الرئيس سوهارتو، كانت المؤسسات السياسية في البلاد ضعيفة وقد تكون عملية الاصلاح انقلاباً للنخبة اكثر من كونها ثورة للشعب.
\r\n
\r\n
ولكن هدفها كان العثور على طريق قابل للتحقق الى مجتمع عادل ومزدهر في 1999، تم اختيار برلمان وطني جديد في اول انتخابات مفتوحة منذ 1955، واصبح عبدالرحمن واحد رئيساً للبلاد عبر تصويت غير مباشر وفي منتصف 2001 اجبر واحد على التخلي عن منصبه بسبب قيادته غريبة الاطوار، واعتلت ميجاواتي سوكارنو بوتري، وهي الابنة البكر لسوكارنو سدة الرئاسة.
\r\n
\r\n
اظهرت نتائج انتخابات وطنية اجريت في 5 ابريل الماضي مدى عمق تأثير عملية الاصلاح على النظام السياسي الاندونيسي وبخوضها الانتخابات، فإن الرئيسة ميجاواتي كانت لديها جميع المزايا التي تؤهلها لشغل هذا المنصب، ولكن النتيجة عكست خيبة أمل واسعة من قيادتها فقد فاز حزبها، وهو حزب النضال الديمقراطي الاندونيسي (حزب وطني علماني)، بأقل من 20% من الاصوات لانتخاب البرلمان الوطني المؤلف من 550 مقعداً، منخفضاً عن النسبة السابقة في 1999 والبالغة 34% .
\r\n
\r\n
وجاء حزب غولكار وهو حزب الوسط البيروقراطي الذي انشأه سوهارتو في المقدمة، حيث حصد معظم المقاعد في البرلمان، مع ان حصته من الاصوات انخفضت قليلاً منذ 1999.وقد أفادت هذه النتائج الهزيلة للحزبين البارزين على نحو خاص الحزب الديمقراطي التقدمي العلماني، الذي يقوده الجنرال السابق سوسيلو بامبانغ يودويونو، وحزب العدالة والرفاهية، وهو حزب اسلامي يتمركز في المدن، اللذان خاضا الحملة الانتخابية بالاعتماد على برنامج يؤكد على الحكم النظيف.
\r\n
\r\n
وفي قلب عملية الاصلاح تعديل دستوري يتطلب الانتخاب المباشر للرئيس لفترة خمس سنوات تبدأ هذا العام ومن خلال مجموعة معقدة ومتناغمة جيداً من القواعد، حصدت الانتخابات البرلمانية في 5 ابريل القوائم الخمس للرئيس ونائب الرئيس التي تنافست في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في الخامس من يوليو وكانت النتائج علامة على التطور المتنامي للناخبين، فقد حل سوسيلو بامبانغ يودويونو في المرتبة الاولى بنسبة 34% من الأصوات.
\r\n
\r\n
ان الانتخابات في ابريل ويوليو اعادت التأكيد على قوة الاسلام المعتدل في اندونيسيا. فخمسة احزاب من بين الاحزاب الثمانية التي حصلت على أكثر من اثنين في المئة من الاصوات في ابريل كانت احزابا اسلامية، ولكنها جميعا لديها قادة معتدلون وبرامج معتدلة. اربع من بين القوائم الخمس التي تنافست في انتخابات 5 يوليو ضمت مرشحا اسلاميا معتدلا، ومع ذلك، فان ثلث الناخبين اختاروا القائمة العلمانية بالكامل والتي يرأسها سوسيلو يودويونو.
\r\n
\r\n
خلال الجيل الماضي، كانت عملية الوراثة السياسية تمثل تحديا رئيسيا للبلدان الاسيوية، واصبحت كذلك قضية الساعة في معقل المسلمين بالشرق الاوسط.وبالاضافة الى الانتقال الناجح خارج وصاية صندوق النقد الدولي وتخفيف ديون نادي باريس، فان الانتقال السلس الى حكومة جديدة في 20 اكتوبر الجاري، برئاسة يودويونو سيكون انجازا كبيرا لاندونيسيا، حيث يقدم لها فرصة لوضع نفسها بحزم على الطريق نحو الحكم الجيد ومستوى معيشة افضل لمواطنيها الذين بلغ عددهم 235 مليون نسمة.
\r\n
\r\n
ان حجر الزاوية في النظام السياسي الاندونيسي، والمتجذر في دستور 1945، هو الرئاسة القوية. ولكن في مناورة مذهلة في البناء السياسي، ادخلت مجموعة من التعديلات الدستورية التي تم تبنيها بين 1999 و2003 مراجعات وتوازنات حاسمة على هذا الاطار.
\r\n
\r\n
نص دستور 1945 على انتخاب برلمان وطني مؤلف من ممثلي الاحزاب كل خمس سنوات. وكان البرلمان الوطني بالاضافة الى مجموعة من الممثلين الاقليميين، والجيش و«الجماعات الفاعلة» الاخرى، تشكل الجمعية الاستشارية الشعبية، وكانت الوظيفة الرئيسية لها هي اختيار رئيس البلاد. وكان الرئيس يقوم بتعيين مجلس الوزراء ويحكم بشكل اساسي بموجب المرسوم.
\r\n
\r\n
وكان سوهارتو قد شكل وتلاعب بالاحزاب الثلاثة التي «تنافست» في انتخابات البرلمان الوطني التي جرت بين عامي 1977 و1997 وسيطر على عملية اختيار الممثلين الاخرين الذين شغلوا مقاعد الجمعية الاستشارية الشعبية. وكان حزبه المفضل هو غولكار، الذي تطور في بداية السبعينيات عن تنظيم معاد للشيوعية بقيادة الجيش. وكان البرلمان الوطني يصادق بشكل روتيني على التشريعات المقترحة من قبل حكومة سوهارتو، وكانت الجمعية الاستشارية الشعبية تعيد انتخاب سوهارتو حسب الاصول للرئاسة كل خمس سنوات من دون معارضة.
\r\n
\r\n
وبالاضافة الى تدشين عملية الانتخاب المباشر للرئيس ونائب الرئيس، فان التعديلات التي تم تبنيها بعد 1998 الغت الممثلين «الفاعلين» في الجمعية الاستشارية الشعبية. وهؤلاء حل محلهم مجلس شيوخ مؤلف من 128 عضواً غير متحيزين حزبيا يتم انتخابهم بصورة مباشرة، اربعة من كل واحد من أقاليم اندونيسيا التي يبلغ عددها 32. والجمعية الاستشارية الشعبية تتألف الآن من البرلمان الوطني ومجلس الشيوخ معا.
\r\n
\r\n
وتم تقييد صلاحياتها بشكل حاد لتنحصر فقط في تعديل الدستور وتقليد الرئيس ونائبه منصبيهما بحلف اليمين، واقالتهما بسبب انتهاكات محددة ونصت التعديلات ايضا على تشكيل محكمة دستورية لمراجعة القوانين وحل النزاعات حول نتائج الانتخابات العامة والقيام بأعباء تشكيل «لجنة عامة للانتخابات ذات شخصية وطنية، دائمة ومستقلة» ووضع اجراءات حماية أساسية لحقوق الانسان.
\r\n
\r\n
في 2001، مرت اندونسيا بواحدة من اكثر عمليات التحول اللامركزي للسلطة جوهرية في العالم.
\r\n
\r\n
اذ اصبحت السلطة المحلية الاقليمية تتجاهل التقسيمات الاوسع للاقاليم لتتركز في 349 مقاطعة و91 مدينة. وعلى الرغم من انه لا يزال من المبكر القول الى أي مدى ستسهم هذه التغيرات المؤسساتية في انشاء حكم افضل، الا انها تعتبر التركة الابرز للعملية الاصلاحية وينبغي ان تحسن من آفاق عمليات انتقال السلطة الروتينية بينما تقلل من احتمالات العودة الى الحكم المطلق.كان دستور 1945 جزءا من الاتفاق الذي تفاوضت عليه اندونيسيا للفوز بالاستقلال من الهولنديين.
\r\n
\r\n
وفي 1950، حل محله دستور اتحادي شكل حكومة برلمانية برئيس شرفي. غير ان الحكومات التي تشكلت في ظل دستور 1950 كانت عنيدة وقصيرة العمر، فاندلعت التمردات الاقليمية واصبح الشعب غير مبال بما يجري على نحو متزايد. وفي 1959، اعاد سوكارنو دستور 1945 بموجب مرسوم رئاسي.
\r\n
\r\n
في دراسته الكلاسيكية حول سبب التخلي عن دستور 1950، أكد المحلل السياسي الاسترالي هيربرت فيث على العواقب غير المقصودة لانتخابات 1955 حيث قال: «عملت «الانتخابات» على تقويض الثقة بالديمقراطية البرلمانية وتثبيت قدم اولئك الذين لديهم مصلحة في الاطاحة به، وحالما انتهت الانتخابات، عززت العوامل طويلة الاجل التي تعمل ضد النظام البرلماني وعقيدته من نفسها».
\r\n
\r\n
لا تزال هذه العوامل وبخاصة التوتر في اوساط الجماعات الاجتماعية والعرقية المختلفة عبر الارخبيل لا تزال موجودة وتمثل التحدي الرئيسي لنظام الاصلاح. ولا تزال الهيكلية الحزبية في تغير مستمر وقد لا تستقر على نمط قابل للتحقق قبل ان ينفد صبر الناخبين.يعمد المحللون السياسيون في الغالب إلى ربط الهيكلية الحزبية في اندونيسيا بهيكليتها الاجتماعية، من خلال مفهوم يعرف باسم «أليران» ويعني «التيار».
\r\n
\r\n
وبحسب هذا التفكير، هناك ثلاثة تيارات «أساسية» هي الفلاحون والارستقراطية العلمانية ورجال الدين المسلمين، وفي انتخابات 1955، انعكست التيارات الثلاثة في التعادل العام بين الحزب الشيوعي والحزب القومي والحزبين اللذين يتقاسمان الأصوات الإسلامية.وبعد الانقلاب الفاشل في 1965، تم القضاء على قيادة الحزب الشيوعي وحظر الحزب».
\r\n
\r\n
النتيجة الأبرز لانتخابات أبريل ويوليو كانت نجاح يودو يونو على الرغم من عدم تطابقه مع أي من التيارات.أعيد تشكيل الحزب القومي الذي أسسه سوكارنو تحت اسم الحزب الديمقراطي الاندونيسي خلال حكم سوهارتو ثم انقسم في 1996 عندما حاول سوهارتو اجبار ميغاواتي على التخلي عن السياسة. وحصد حزبها الجديد، حزب النضال الديمقراطي الأندونيسي، ثلث الأصوات في انتخابات 1999 استناداً إلى قوة جذوره العميقة وعلاقته الوثيقة بالمشاعر القومية في عهد سوكارنو.
\r\n
\r\n
غير ان انتخابات أبريل 2004 كانت كارثة على حزب النضال الديمقراطي الاندونيسي الذي شعر بالرضى إلى حد ما مع حلول ميغاواتي في المركز الثاني في يوليو. غير ان هزيمة ميغاواتي في الدورة الثانية للانتخابات في سبتمبر الماضي ستترك أثراً سلبياً على مستقبل الحزب. فليس هناك من وريث واضح لها يتولى مهمة لملمة أجزاء الحزب، وسيحتاج الأمر على الأرجح إلى أكثر من عام كي تظهر قيادة جديدة.
\r\n
\r\n
وفي عهد سوهارتو، ازدهر حزب غولكار بسبب استغلاله للرعاية وقدرته على تقديم وعود انتخابية، وحتى بعد سقوطه وخيبته، فان قوة آلة غولكار مكنّته من احتلال المركز الثاني في انتخابات 1999، متقدماً بشكل جيد على أقوى حزب إسلامي، وفي الانتخابات البرلمانية لهذا العام، برز غولكار في القمة، ولكن ذلك مرده فقط إلى الأداء الضعيف لحزب ميغاواتي والانقسام في الصوت الإسلامي.
\r\n
\r\n
أما مستقبل غولكار، فمن الصعب التنبؤ به لأسباب عديدة، بدءاً بالهزيمة المفاجئة لزعيم الحزب منذ فترة طويلة أكبر تانجونغ كمرشح الحزب لمنصب الرئيس، اعقبه الأداء الضعيف للرجل الذي هزمه، وهو ويرانتو، في انتخابات يوليو الماضي.ان هزيمة ويرانتو في الوصول إلى انتخابات سبتمبر، وضع تانجونغ في قيادة آلية الحزب مجدداً، وجعله في وضع جيد لاستغلال ثقله في الحزب لتقرير من يكون الرئيس المقبل لاندونيسيا. التحالف مع ميغاواتي قد يكون مغرياً، لأنه سيديم الشراكة الضمنية التي كانت قائمة خلال السنوات الثلاث الماضية، ولكن ذلك لم يحدث.
\r\n
\r\n
الأحزاب الإسلامية الرئيسية الخمسة حصلت مجتمعة على 36% من الأصوات في انتخابات 1999، متفوقة على حزب ميغاواتي بقرابة نقطتين، وفي أبريل الماضي، حافظت الأحزاب الخمسة نفسها على حصتها الجماعية عند 35% ولكنها زادت من هامشها عن أقوى حزب منفرداً وهو حزب غولكار، إلى أكثر من 12 نقطة، وهذه الأرقام تشير إلى ان تحالفاً من الأحزاب الإسلامية يدعم لائحة واحدة كان من الممكن ان يفوز بالرئاسة، ولكن مثل هذا التحالف لا يمكن تخيله. فالتيار الإسلامي يفرخ قادة ذوي خط مستقل يفضلون ان يخسروا على ان يتحدوا خلف منافس لهم.
\r\n
\r\n
على الرغم من ان الأحزاب السياسية البارزة في أندونيسيا يعود وجودها إلى أجيال عديدة، إلا أنه ينبغي النظر إليها على أنها أحزاب جديدة انشئت أو «أعيد تشكيلها» خلال عملية الاصلاح ويجري تعريفها من خلال الشخوص أكثر مما يتم ذلك من خلال القضايا، وعندما تصبح الأحزاب ذات طابع مؤسساتي أكثر، فانها ستبدأ بشغل مناطق أكثر بروزاً في الطيف السياسي، وتحت ضغط ثقافي قوي لتجنب المواجهة، فان الأحزاب الأصغر حجماً من المتوقع ان تنضم إلى تحالفات وزارية أوسع بدلاً من الاتحاد مع الآخرين في جماعة معارضة.
\r\n
\r\n
ولا تزال القوات المسلحة الاندونيسية تلقي بظلها الطويل على الحياة السياسية في أندونيسيا اليوم، وفي معظم الروايات، فان القوات المسلحة تصوّر على أنها القوة المهيمنة في عملية صنع السياسة الحكومية، حيث تملك فيتو فعالاً على القرارات المهمة، وتعزز حقيقة قيادة جنرالات متقاعدين لاثنتين من اللوائح المتنافسة في انتخابات يوليو هذا الرأي. غير أنه عند المعاينة عن كثب، تبدو القوات المسلحة وفي ظل عملية الاصلاح، اصبح الجيش ايضاً اكثر ضعفاً من الناحية العملياتية. وهذا يعود في جانب منه الى العديد من الاصلاحات، بما في ذلك الفصل الرسمي للشرطة عن القوات المسلحة.
\r\n
\r\n
وذلك نجم ايضاً عن مشكلات في التجنيد وتدريب ضباط على درجة عالية من الكفاءة وشراء عتاد جديد. ولا توجد حالياً اي خطة لتطوير القوات المسلحة الى قوة مقاتلة فاعلة تخضع لسيطرة مدنية. وكان وزير الدفاع قد اصدر في بداية 2003 تقريراً حكومياً سعى الى وضع اجندة اصلاحية، ولكنه اغفل قضايا اساسية مثل المبالغ الضخمة من الاعتمادات خارج الميزانية التي تذهب للجيش (وهي مبالغ يقدرها البعض بأنها ضعف مخصصات الميزانية الرسمية الخاصة به).
\r\n
\r\n
منذ الاستقلال، حافظت القوات المسلحة على هيكلية قيادة توازي الحكومة المدنية نزولاً الى مستوى القرية. وعلى الرغم من انها تؤكد على اهمية الدفاع عن الأمة ضد الاعداء الخارجين، إلا أنها نشرت قواتها بشكل اساسي لمكافحة التمرد الداخلي. ويدعم الاندونيسيون بوجه عام عمليات القوات المسلحة الهادفة لقمع عمليتي التمرد في اتشيه وبابوا، ولكن نهج القوات المسلحة يبدو اكثر تناغماً مع الاحتلال الدائم من كسب عقول وقلوب سكان هاتين المنطقتين.
\r\n
\r\n
لقد تراجع ايضاً النفوذ الاقتصادي للقوات المسلحة في السنوات الاخيرة. فمنذ ولادة الدولة الاندونيسية، ادارت وحدات الجيش خليطاً من نشاطات الأعمال المشروعة وغير المشروعة. وفي السبعينيات والثمانينيات، ظهرت شبكة من المؤسسات والجمعيات التعاونية العسكرية، التي تدير مجموعة من النشاطات الغامضة وتعتمد على مصادر تمويل مشبوهة.
\r\n
\r\n
ووصلت القوة الاقتصادية للقوات المسلحة الناجمة عن ذلك الى ذروتها على الارجح في منتصف الثمانينيات ثم تراجعت مع بروز شبكة الأعمال المملوكة والمسيطر عليها من قبل اقارب سوهارتو واصدقائه المقربين. وتم ملء الفراغ في الاقتصاد الناجم عن انهيار شركات سوهارتو من قبل آلاف المشروعات الصغيرة ومتوسطة الحجم، وليس من قبل الجيش. وعلى النقيض من دول آسيوية أخرى مثل كوريا الجنوبية، وتايلند، فإنه لا يمكن العثور على مؤسسة عمل واحدة ناجحة يديرها الجيش في المراتب الأولى للشركات الاندونيسية.
\r\n
\r\n
وبصفتها قوة سياسية، فإن القوات المسلحة تصور في الغالب على انها عنيدة في ملاحقتها للمصالح الضيقة، غير ان مشاركة الجيش في الحملات الانتخابية لهذا العام تكذب هذا التماسك.فعلى الرغم من ان الافراد النشطين في الجيش امروا بالبقاء على الحياد الى حد التخلي عن حقهم في التصويت الا ان الضباط العسكريين المتقاعدين كان لهم حضور لافت كمرشحين ومؤيدين.
\r\n
\r\n
غير انهم وبدلاً من الانكماش وراء حزب واحد، فقد توزعوا بين الاحزاب ال 24 جميعها. وهذا النمط يعكس انتهازية من جانب الضباط السابقين (الذين يرون في السياسة فرصة الحصول على جوائز مالية كبيرة على مجهود ضئيل) ومن جانب الاحزاب (التي تجد ان التجربة العسكرية تمنح المرشح سلطة لجمع التبرعات وفطنة تنظيمية). وفي غضون ذلك، تمثل المعارضة القوية للقيادة العسكرية صمام امان موثوق من العسكرياتية الزاحفة.
\r\n
\r\n
عندما تولت ميغاواتي الرئاسة في 2001، ورثت اقتصاداً ضعيفاً جداً. فقد ظل الناتج المحلي الاجمالي دون مستوى الذروة الذي بلغه قبل الازمة المالية في 1996. وتوترت العلاقات مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي واتحاد المانحين. وكانت البلاد تسعى للحصول على المزيد من اعفاءت لديون من دائني نادي باريس ونادي لندن بدلاً من جدولتها، وتم تعليق الاصلاحات الضرورية بسبب الصراع على السلطة بين الرئيس واحد والبرلمان.ومنذ ذلك الحين، كانت الانعطافة كبيرة، ذلك ان المستشارين الاقتصاديين الذين عينتهم ميغاواتي كانوا من التكنوقراط اكثر من كونهم من السياسيين.
\r\n
\r\n
وقد ارتقوا الى مستوى التوقعات في العديد من النواحي الاساسية فاطلق عليهم سريعاً وصف «فريق الاحلام» وعلى نحو خاص، فقد قاموا بقيادة وزير التنسيق دوروجاتون كونجوروجاكتي ووزير المالية بوديونو، بتهيئة الحلبة لعملية تحول ناجحة خلال 2004 انطلاقاً من تمويل صندوق النقد الدولي لميزان المدفوعات وتخفيف الديون. وهذه الخطوة كانت مؤشراً على نهاية الانتعاش من الازمة المالية في 1997 1998 والعودة الى علاقات طبيعية مع مصادر رسمية وخاصة للتمويل الخارجي.
\r\n
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.