\r\n هذا تصرف ليس نابعا من حاجة أمنية معينة. بل على العكس تماما، انما هو يضيف الوقود فقط الى مشاعر الانتقام عند الفلسطينيين.لذلك بادر القادة العسكريون الى عقد ندوات دراسية ودورات تعليمية إرشادية في قضية التصرف على الحواجز. هم حتى يُثنون على وجود ناشطات «محسوم ووتش» الى جانب الحواجز. لذلك هناك من يوهمون انفسهم بأن التربية والتعليم الصحيحين سيتيحان تحويل الحواجز الى حواجز انسانية. \r\n \r\n هذا وهم نابع من طريقة تفكير من أحبوا الاعتقاد في سنوات الخصب، بأن المستوطنات قد أقيمت فعلا للاحتياجات الأمنية. اليوم يحب من يوهمون انفسهم تناسي ان هذه الحواجز ليست حواجز على حدود اسرائيل السيادية وانما هي حواجز منصوبة في عمق الاراضي المحتلة. كم هو عدد القوى البشرية العسكرية التي كان بامكانها ان تدافع بصورة أفضل بكثير عن العمق الداخلي المدني انطلاقا من خط الحدود ذاته. \r\n \r\n والتي تُهدر على هذه الحواجز؟ هؤلاء الذين يوهمون انفسهم بأن الحاجز يمكن ان يكون انسانيا يتجاهلون دوره في تكريس المشروع الاستيطاني. \r\n \r\n هناك حواجز يكون فيها الجنود مؤدبون بصورة استثنائية: على سبيل المثال حاجز بيت ايل. هناك يمر الدبلوماسيون في سياراتهم والشخصيات الاعتبارية الفلسطينية بشتى صنوفها، وطواقم سيارات الاسعاف والصحفيين. التأخير والعرقلة في هذا الحاجز نادرة نسبيا. ربما يثير مظهر السيارات اللامعة والوثائق الدبلوماسية في نفوس الجنود شعورا بالاحترام، هذا الشعور الذي لا يشعرون به عندما يواجهون حشدا مكتظا يتصبب عرقا وغاضبا وملوثا بالغبار والأتربة. \r\n \r\n هذا الحاجز الذي يحظر مرور الفلسطينيين «العاديين» من خلاله ومن بينهم آلاف سكان القرى المجاورة، يهدف الى ضمان سلامة مستوطني بيت ايل وعوفرا وبسغوت والبؤر الاستيطانية جفعات آساف وميجرون. وليس فقط سلامتهم وحدهم، وانما ايضا قدرة مكاتب الحكومة الاسرائيلية على مواصلة توسيع المستوطنات بحيث تتمخض عن تواصل يهودي اقليمي في الضفة. هذا هو دور كل الحواجز المنصوبة في عمق الضفة. \r\n \r\n قلنديا، في المقابل، هو حاجز يهدف لتكريس الإلحاق الاسرائيلي لمساحات واسعة من شرقي القدس للخط الاخضر، في الوعي والارض معا. الحاجز مزروع بين الرام، الحي الفلسطيني المكتظ، والقرى الواقعة الى الغرب، وبين منطقة رام الله، الامر الذي تمخض عن بانتوستانين معزولين. حواجز الضم الاخرى التي تبتعد عن الخط الاخضر وتتكرس في الوعي كخط حدودي نُصبت مثلا شرقي الطيبة في المثلث، وجنوبي قلقيلية في مفترق الفواكه، وعلى شارع جفعات زئيف - موديعين (حاجز خربثا) أو حوسان (من اجل مصلحة بيتار عيليت). \r\n \r\n وحتى لو اجتاز الجنود عشرات الدورات حول السلوك اللائق فان مهمتهم لن تتغير: ضمان نظام الامتيازات المعطاة لليهود (بشكل أساسي: حق اليهود الأوحد في الانتقال من تل ابيب للسكن في الضفة بينما لا يُسمح للفلسطينيين بالانتقال للسكن في تل ابيب). \r\n \r\n حتى يتمكن الجنود من تغيير هذه الثوابت اللااخلاقية التي يتمخض عنها هذا الواقع يتوجب عليهم مجابهة الامور الاجماعية المتوافقة الموجودة في المجتمع الاسرائيلي صاحب الذرائع والتفسيرات. هذه مهمة صعبة لأبناء سن الخمسين، فلماذا يمكن ان تكون مُتاحة لمن وُلدوا سبعة عشر عاما بعد احتلال المناطق؟ \r\n \r\n اذا تعامل الجنود مع المارين في الحواجز كبني بشر مكافئين لهم، فقد يبدأون بطرح اسئلة حول خدمتهم العسكرية ذاتها. المجتمع الذي يعتبر فيه «تسميم الجيش» مصطلحا ايجابيا، تكون هناك قلة قليلة فقط تتجرأ على ترجمة الاسئلة الاخلاقية الى رفض يتمخض عنه دخول السجن. كثيرون آخرون يتملصون من الخدمة بوسائل غير ظاهرة للاعلام. الاغلبية التي تواصل الخدمة في الحواجز - شبان وراشدون - لا تستطيع الا ان تستوعب النفسية الفوقية التسيدية التي يتمخض عنها نظام الحقوق المفرطة والامتيازات. \r\n \r\n أي انهم يرون ان آلاف الفلسطينيين الذين يمرون من أمامهم أقل جدارة بالحقوق من اليهود، بمعنى انهم دونيون، ولذلك يمكن اعتبارهم عنوانا طبيعيا لشتى أنواع الإهانة والإذلال. \r\n \r\n \r\n هارتس