\r\n منذ انتقال السلطة الى حكومة عراقية مؤقتة والاكراد يتساءلون عن مدى سلامة القرار الذي اتخذه زعماؤهم السياسيون بالعودة الى الانضمام لبقية الاجزاء العراقية بعد ثلاثة عشر عاما من استقلال شبه تام في كردستان. \r\n \r\n تنطلق مخاوف الاكراد من اختلاف جوهري في وجهات النظر فاكراد العراق يشعرون بالفخر بالدور الذي لعبوه في مساندة القوات الامريكية وتسهيل مهمتها في العراق. وهم يشعرون بامتنان كبير لتلك القوات لما يعتبرونه »تحريرا« للعراق. في حين ترى قطاعات كبيرة من عرب العراق ان القوات الامريكية جاءت غازية ومحتلة وان العمل على انهاء الاحتلال يتصدر اجندة الحركات السياسية الوطنية. \r\n \r\n والى جانب الموقف من الوجود الامريكي في العراق, يتوجس الاكراد من موقف مواطنيهم العرب ومدى جدية الطرف الاخير في التعامل مع الهموم الكردية وقد اطلق شرارة هذا التوجس الموقف المعارض الذي اتخذته بعض القوى غير الكردية في مجلس الحكم المنحل ازاء فقرة من الدستور العراقي المؤقت تضمن للاكراد ممارسة حق الفيتو على ما لا يروق لهم من قرارات, وقد تطور هذا الموقف الى ضغوط مارستها الجماعات الشيعية اثناء عملية استصدار قرار دولي جديد بنقل السيادة للعراقيين وهي الضغوط التي نجحت في جعل القرار يغفل الاشارة الى الدستور المؤقت. \r\n \r\n ويرى الاكراد في هذا الموقف دلالة على رغبة العرب في معاملتهم بصفتهم »الاخ الصغير« في الاسرة العراقية ويستشهدون على ذلك بحصول العرب على المنصبين الاولين في التشكيلة الجديدة وهما منصبا رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء. \r\n \r\n واخيرا, هناك الخلاف حول هوية مدينة كركوك والمحافظة الغنية بالنفط التي تقع فيها. فهذه المحافظة التي تحمل اسم »محافظة التأميم« كانت تضم غالبية من السكان الاكراد والتركمان قبل ان يلجأ نظام الرئيس صدام حسين الى »تعريبها« عن طريق ترحيل اعداد من سكانها الاصليين وتوطين سكان عرب مكانهم. \r\n \r\n وعلى الرغم من شعارات الاخوة والوحدة الوطنية التي ينادي بها الزعماء السياسيون من عرب واكراد على حد سواء, فان علامات الاختلاف تبدو واضحة في كثير من الحالات. فالميليشيا الكردية المسلحة التي تضم اكثر من خمسين الف مقاتل يجري توزيعها حاليا على الجيش العراقي الجديد وقوات الشرطة وحراس الحدود. لكن هؤلاء الافراد ما زالوا يحملون على بزاتهم الرسمية الجديدة علم كردستان وليس العلم العراقي الرسمي. ومن المرجح انهم سيتحولون الى جيش داخل الجيش النظامي يمكن بكل سهولة دعوتة الى القتال دفاعا عن كردستان اذا ما اقتضى الامر. \r\n \r\n ويرتفع علم كردستان, كذلك, على جميع المباني الحكومية في الشمال. وقد رأينا في طريقنا الى كركوك رجلا بالزي الوطني الكردي يقف على الطريق الخارجي المؤدي الى المدينة وهو يرفع بيده علم كردستان. \r\n \r\n وفي مقر قوات »البشمرغة« خارج مدينة السليمانية التقينا بقائد هذه القوات مصطفى سيد قادر الذي قال لنا:ان قواته مستعدة للمساعدة في المحافظة على الاستقرار في جميع انحاء العراق ثم اضاف متندرا, »اعطونا الفلوجة وسوف نرتب الامور فيها في ظرف شهر واحد«. \r\n \r\n وزير الداخلية في اقليم كردستان عثمان حاجي محمود قال: ان بوسع كردستان ان تقدم للحكومة المركزية »مزايا« جهازها الامني القوي وجيد التدريب لكن ما يراه محمود اكثر اهمية من ذلك هو امكانية استفادة العراق من التجربة الديمقراطية التي عاشتها كردستان على مدى السنوات الثلاث عشرة الماضية عندما وفرت القوات الامريكية والبريطانية »جيبا امنا« للاكراد في شمال العراق تمتعوا فيه باستقلال ذاتي بعد حرب الخليج الاولى .1991 \r\n \r\n في السليمانية, التقينا ايضا بشاعر كردستان الاول شيركو بيكس الذي اعرب شكوكه بصدقية التطلعات الديمقراطية لدى العرب. وكان بيكس قد قاد في الربيع الماضي حملة لجمع التوقيعات على عريضة تطالب باجراء استفتاء عام حول موضوع انضمام كردستان الى العراق او المحافظة على استقلال الاقليم. وقد وقع على العريضة 1.8 مليون شخص كان بينهم من وقعها بالدم ويرى بيكس ان الاكراد الذين تعرضوا لمذبحة جماعية اثناء عملية »الانفال« التطهيرية التي شنها عليهم العراقيون العرب حسب تعبيره سيكونون في وضع افضل لو انهم اتخذوا طريقهم الخاص. ويرى بيكس ان »الاكراد« قد ظلموا منذ ثلاثة وثمانين عاما عندما تم ضمهم بالضد من رغبتهم الى هذا العراق حسب تعبيره. ويضيف قائلا: »بعد عقود من القهر, لا نجد في داخلنا ما يحملنا على الاحساس بالارتباط بالعراق. \r\n \r\n ويوضح عمر فتاح, القائم باعمال وزير الداخلية في اقليم كردستان في السليمانية, نقطة الخلاف الاخرى بين الاكراد والعرب والتي تتركز حول الموقف من الامريكيين. \r\n \r\n يقول فتاح: عندما جاءت قوات التحالف رحبنا بها لانها جاءت لتحرير العراق وتحرير الشعب العراقي, وسوف يظلون في قلوبنا كمحررين لا محتلين. \r\n \r\n الا ان هناك قلقا متزايدا في صفوف الاكراد من احتمال اقدام الولايات المتحدةعلى التخلي عن الاكراد ارضاء للعرب الذين لا يرتاحون للوجود الامريكي. ويرى فتاح ان هذا القلق قد وصل ببعض الاكراد الى حد القول: دعونا نبدأ بتقتيل الامريكيين فقد يدفعهم ذلك الى احترامنا. \r\n \r\n \r\n كما يتميز الاكراد عن العرب بموقفهم من اسرائيل فعلى النقيض من غالبية العراقيين العرب, لا يوجد بين ابناء كردستان العراق من يعتبر اسرائيل عدوة له. \r\n \r\n لكن هذه التطلعات والاختلافات لا تجد طريقها الى الموقف الحالي الذي يتخذه الزعماء السياسيون الاكراد. فعلى الرغم من الامكانيات العديدة التي تجعل الاستقلال في متناول اكراد العراق, فان زعماءهم السياسيين يرون ان الوقت غير ملائم لذلك بسبب الضغوط الشديدة التي تمارسها جارات العراق ذات الاقليات الكردية وفي مقدمتها تركيا. \r\n \r\n لكن من يتجول في الشارع الكردي يلمس بوضوح ان الموقف الرسمي الكردي بات متعارضا مع ارادة العديد, ان لم نقل الاغلبية, من الاكراد العاديين. \r\n \r\n وقد اخبرنا فتاح بان الزعماء الاكراد يدركون جيدا مدى القلق والاحباط الذي يتفشى بين اتباعهم واختتم القائم باعمال وزارة الداخلية في اقليم كردستان حديثه معنا بالقول:» نحن نرغب في ان نكون جزءا من عراق ديمقراطي فدرالي, موحد. لكن شعبنا الكردي قد وضع شرطين اساسيين من اجل ذلك هما: الديمقراطية الكاملة, والفدرالية الكاملة«.0 \r\n \r\n عن »لوس انجلوس تايمز« \r\n