\r\n بالنسبة لمعظم الاحتلال العراقي افترض القادة العسكريون الأميركيون أن إبقاء «حضور» لها من خلال دوريات مكثفة والقيام بمداهمات كبيرة إضافة إلى القيام بعمليات مرئية، وكل ذلك حسب اعتقادهم يزيد من الاستقرار. وهذا الأسلوب تم استنساخه من الدروس المستخلصة من مهمات حفظ السلام في البوسنة وكوسوفو. لكن بعض الضباط الكبار يقولون الآن إن عمليات من هذا النوع تزيد من المشاعر المعادية للولايات المتحدة بين العراقيين أكثر من تحقيق الأمن في الشوارع، وقد يؤول النقاش الدائر بين المسؤولين العسكريين إلى صياغة هيكلية الجيش وتكتيكاتها المستقبلية في العراق. \r\n وقال الجنرال بيتر شومايكر رئيس أركان القوات البرية أمام لجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس النواب في الأسبوع الماضي «أحيانا تكون الطريقة المثلى في حضور عسكري أقل وأن تكون مركزا على وجودك وناجحا فيما تقوم به... وقد لا يكون كشف تكوينك أكثر فأكثر أمام حرب العصابات أسلوبا ذكيا. ونحن نعمل بشكل مكثف للقيام بذلك من خلال آمري الوحدات الموجودين هناك». \r\n ويأتي التغيير في أسلوب الوجود على الأرض ليمثل تحديا جديدا لمعارضي سياسة إدارة بوش حول العراق، مثل السناتور الجمهوري جون ماك كَين والنائب الديمقراطي جون مورتا وهذان طالبا بزيادة عدد الوحدات الأميركية في العراق. وفي شهر مايو (أيار) الماضي قال مورتا، الذي سبق له أن تقلد أوسمة لمشاركته في حرب فيتنام، إن على الإدارة الأميركية أن تقوم بواحد من الإجراءين; إما زيادة قوة وحداتها في العراق أو سحبها. وحتى الآن وافق القادة العسكريون الأميركيون على أن هناك حاجة لوحدات عسكرية جديدة وقاموا بتأجيل تنفيذ الخطط الهادفة إلى تقليص النفقات العسكرية في هذا الصيف وبدلا من ذلك إبقاء مستوى من الوجود العسكري هناك بحوالي 145 ألف جندي. \r\n كذلك تقدم المراجعة المتأخرة للحضور العسكري الأميركي في العراق عدة إضافية لأسلوب وزير الدفاع دونالد رامسفيلد في العراق والذي بدأ حملته العسكرية بإسقاط الحكومة العراقية السابقة في ربيع عام 2003 مفضلا في إنجاز ذلك الهدف استخدام المناورات والسرعة على حساب الوجود العسكري الضخم من حيث عدد الجنود. \r\n ويقف وراء الحجة المعارضة للحضور المرئي كهدف عسكري بالدرجة الأولى من قبل كيث ماينز الضابط السابق في القوات الخاصة والذي كان ممثلا لسلطة الاحتلال في محافظة الأنبار الواقعة في غرب العراق. وقال ماينز الذي يعمل حاليا دبلوماسيا في وزارة الخارجية إن «وجود قوات الأمن الأجنبية يحرض على عدم الاستقرار الشديد الذي يجب أن يتضاءل من أجل أن تبدأ عملية الاستقرار بالتحقق... لم تفشل قوات التحالف في منع معظم أعمال العنف بل هي نفسها قوة فعالة في التحريض على وقوعها». وجاءت آراء ماينز ضمن مقالة نشرها معهد بحوث السياسة الخارجية. \r\n \r\n ويوافق على وجهات نظر ماينز بعض ضباط الجيش خصوصا أولئك المتخصصين في الشؤون المدنية وفي فنون العلاقات العسكرية مع السكان المحليين. وقال الميجور البري كريستوفر فارهولا العامل ضمن وحدات الاحتياط في العراق في بداية هذا العام والذي يكتب حاليا دراسة أكاديمية عنوانها «الوجود العسكري الأميركي في العراق: هل نحن أسوأ أعداء لأنفسنا؟»، إنه يتفق مع طروحات ماينز. وقال «بالتأكيد أظن أن ماينز على حق». وقال إنه على قناعة بأن عمليات الجيش الأميركي في العراق قد أدت «إلى نفور بعض شرائح المجتمع العراقي وهي مستمرة بالقيام بذلك». \r\n \r\n لكن ليس كل الضباط الكبار في الجيش يؤيدون هذا الرأي، فالكابتن أوسكار استرادا المتخصص في الشؤون المدنية قد ترتب على نشره لمقال في «واشنطن بوست» الشهر الماضي ضمّن فيه مخاوفه حتى من تلك المهمات الجيدة مثل تصليح محطات المياه وهي مؤذية، إذ كان على الجنود أن يطلقوا النار على العراقيين في طريقهم إلى إنجاز مهمة لصالح السكان. ونتيجة لذلك تم نقله إلى موقع قريب من الحدود الإيرانية. وقال له آمره الكولونيل دانا بيتارد إن ما كتبه «يساعد العدو». \r\n كذلك هو الحال مع البريغادير جنرال مارك هرتلينغ آمر الفرقة المدرعة الأولى التي شاركت في احتلال بغداد لأكثر من عام، إذ أنه يحاجج ضد وجهات نظر ماينز معتبرة بأنها «طريفة لكنها منحرفة أيضا وتميل أكثر إلى اعتبار ما شاهده في الأنبار مقياسا موحدا لكل أجزاء العراق الأخرى». \r\n في الوقت نفسه قال الجنرال هرتلينغ إن الجيش قطع عدة خطوات فيما اقترحه ماينز. وقال إن الفرقة المدرعة الأولى ظلت منذ فترة طويلة بالعمليات التي اعتبرها ماينز ضرورية. وأضاف «إذا كانت لوحداتنا مهمة محددة فإن جنودنا لا يذهبون لها». وقال إنه إضافة إلى ذلك تم تقليص عدد المخافر الأمامية الواقعة في العاصمة العراقية من 60 في سنة 2003 إلى 8 في بداية هذا الصيف. \r\n وقال الميجور جنرال تشارلس سواناك الذي قاد الفرقة الثانية والثمانين المحمولة جوا في غرب العراق لمعظم أشهر السنة الماضية، إنه يؤيد بشكل عام وضع قوات الأمن العراقية في المقدمة بينما تتحرك الوحدات الأميركية إلى الخلف. لكنه قال إن البرنامج الأميركي لمساعدة الطرف العراقي بطيئة جدا في تحويل النظرية إلى واقع. وأضاف « لم أصل إلى النقطة التي أستطيع أن أقول فيها إننا نمتلك عدة مناسبة لتأدية ذلك، فأنا لا أمتلك سترة واقية من الرصاص أو أجهزة اتصال أو عربات». \r\n مع ذلك فإن وجهة النظر الجديدة قد بدأت تكتسب زخما متزايدا. وقال المحلل الدفاعي مايكل فيكرز الذي ظل نصيرا لتقليص كبير في عدد القوات الأميركية داخل العراق إن المسؤولين في البنتاغون يتفقون معه على إمكانية امتلاك نفس الفعالية في العراق بنصف عدد القوات الموجودة حاليا هناك. وقال «إنهم يسيرون في الاتجاه الصحيح» لكنه قال إن إدارة بوش لن تقوم بتخفيض حاد للقوات الأميركية الموجودة في العراق خوفا من أن يفسَّر ذلك بأنه هروب من العراق. \r\n وكسب الأسلوب البديل دعما من النائب الديمقراطي جيم مارشال الذي قال إنه تعلم من عمله كعريف في فصيلة الاستطلاع أثناء حرب فيتنام «مجرد التنقل هناك أمام الناس له نتائج سلبية من الناحية الاستراتيجية». \r\n ومع تقليل ظهور الوحدات الأميركية أمام السكان في بعض أجزاء العراق قد بدأ يقلل من الإصابات الأميركية، وهذا سيكون له تأثير في العراق والولايات المتحدة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية. مع ذلك فإن التحول التكتيكي سيطرح إشكالات جديدة على قوات الأمن العراقية التي أثبتت في عدة حالات أنها غير قادرة على القيام بدورها وهذا كما حدث في شهر أبريل الماضي عند تفشي أعمال العنف بشكل كبير. \r\n وقال النائب مارشال الذي قام بزيارتين للعراق خلال السنة الماضية إن التحدي المطروح أمام قادة الجيش في العراق هو أن يجدوا طريقة تمكنهم من تخفيض الحضور العسكري الأميركي من دون جعل المتمردين يسودون في الحلبة. وأضاف «المشكلة الحقيقية هي حينما تفرغ فراغا. لأن مناخ غياب القانون سيجعل المتشددين يملأونه، لذلك يجب تحقيق توازن بين الحاجات». \r\n \r\n * خدمة «واشنطن بوست» خاص ب«الشرق الأوسط»