وسيتعين على الحكومة العراقية أن تعتمد إلى حد كبير على عائدات النفط في إدارة شئونها اليومية وتنفيذ تصورها العريض لإعادة إحياء الأمة، ولابد للعراق من أن يجد سبيلاً لتوفير الأرصدة المالية اللازمة لخفض معدل البطالة السائد في صفوف العراقيين والمقدر ب 50%، وكذلك لتحسين البنية التحية المتداعية وإعادة بناء نظام الإمداد بالطاقة المتهالك. \r\n \r\n دع جانباً توفير مبلغ ال 120 مليار دولار الذي يشكل إجمالي ديون العراق المستحقة لجيرانه ولدائنيه الدوليين. \r\n \r\n ولكن العراق يسيطر على أكبر احتياطات النفط في العالم بعد السعودية، حيث تبلغ هذه الاحتياطيات ما يزيد على 110 مليارات برميل من النفط الخام، وحوالي 100 ألف تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي. وهذه الاحتياطيات، إذا استغلت بالطاقة الكاملة، تعدّ من الضخامة بحيث تكفي لتوليد عائدات مالية تقدر بمليارات الدولارات، ولوضع العراق على مسار الاكتفاء الذاتي. وقد قدّرت سلطة التحالف المؤقتة انه منذ نشوب الحرب في العام الماضي بلغت مبيعات النفط الخام العراقي ما يزيد على 8,10 مليارات دولار. \r\n \r\n وستكون هذه العائدات النفطية ضرورية بصورة مطلقة لإعادة بناء العراق ولتمويل حكومته الجديدة. وفي حقيقة الأمر ان تقريراً جديداً صادراً عن مكتب المحاسبة الأميركي العام يشير إلى أن الولاياتالمتحدة قد أنفقت خمسة مليارات دولار إضافية من أموال العراق في العام الأول من عملية إعادة البناء، إضافة الى الأرصدة الأميركية المخصصة من جانب الكونغرس. \r\n \r\n وجاء في التقرير انه اعتباراً من ابريل الماضي فإن السلطات قد أنفقت 3,8 مليارات من أموال العراق بينما أنفقت 3 مليارات دولار من الأموال الأميركية، وكان العراق قد تعهد بتقديم 13 مليار دولار لجهود إعادة الإعمار. وهكذا فإنه بالأرصدة القليلة المتبقية تعدّ العائدات المالية النفطية شيئاً بالغ الأهمية بالنسبة لمستقبل العراق. \r\n \r\n وقد كان من المتوقع أن يقوم العراق بإنتاج ثلاثة ملايين برميل من النفط يومياً بحلول نهاية العام، ولكن هذا الرقم يبدو أقل بصورة يومية من حيث إمكانية تحقيقه، ولسوف يكون من الصعب الوصول إلى هذا الهدف حتى ولو مضى كل شيء على ما يرام. ولسوف يحاول المخربون» بذل قصارى جهدهم لعرقلة الانتاج وقد نجح رجال حرب العصابات في العراق بالفعل في استهداف ومهاجمة أنابيب النفط، وفي حقيقة الأمر فإنه من الشهور السبعة الأخيرة تم شن 130 هجوماً على البنية التحتية النفطية العراقية، وقدّر رئيس الوزراء العراقي إياد علاوي قيمة هذه الهجمات على المنشآت النفطية العراقية بحوالي مليار دولار أميركي. \r\n \r\n وهناك عقبة كبرى في وجه الانتعاش العراقي تكمن في نظامه الخاص بالإمداد بالطاقة الكهربائية وهو نظام لا يمكن الاعتماد عليه، ومن دون حسم هذه المشكلة سيكون من الصعب على العراق الوصول إلى هدفه المتمثل في إنتاج 3 ملايين برميل نفط يومياً. \r\n \r\n وقد وصف روبرت إيبيل، مدير برنامج الطاقة والأمن الوطني في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن وصف نظام الإمداد بالطاقة الكهربائية المنتظم والذي يمكن الاعتماد عليه بأنه العنصر الرئيسي في انتعاش العراق، وقال: «من دون طاقة كهربائية مناسبة ليس بمقدورك القيام بتشغيل النفط لإنتاج النفط الخام. \r\n \r\n ومن دون الطاقة ليس باستطاعتك نقل النفط عن طريق الأنابيب إلى المصافي. وبدون الطاقة الكهربائية لا يمكنك أن تدير المصافي. وهكذا فإن الانتعاش الاقتصادي للبلاد يعتمد على استعادة الطاقة الكهربائية وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لصناعة النفط». \r\n \r\n وتقوم الولاياتالمتحدة في الوقت الحالي بضخ مليارات الدولارات في مشروع لتحسين نظام الكهرباء العراقي ولكن الشبكة العراقية لم تظهر أي تحسن حقيقي مقارنة بمستويات ما بعد الحرب مباشرة، بل إن الوضع قد تردى في بعض مناطق البلاد. وهناك آمال معلقة على زيادة توليد الطاقة في العراق لتصل إلى 6 آلاف ميغاواط ولكن في أول يونيو كان النظام العراقي أبعد ما يكون عن الوصول إلى هذا الهدف. \r\n \r\n لقد تم تحرير العراق بنجاح من ديكتاتور لا يرحم، ولكن لكي يكون العراق بلداً مستقلاً وذا سيادة حقاً فإنه يحتاج أولاً إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال أهم موارده الطبيعية، ويعتمد ما إذا كنا سنرى عراقاً حراً حقاً على النجاح العراقي في إصلاح نظام الطاقة الكهربائية المتداعي وزيادة صناعة النفط لتصل إلى العمل بطاقتها الكاملة. \r\n \r\n