وقال مسؤولون شاركوا في المداولات ان تسليم السعوديين الذين كانوا في معتقل غوانتانامو قوبل في بداية الامر باعتراضات من «البنتاغون» ووكالة الاستخبارات المركزية «سي آي ايه» ووزارة العدل الاميركية، بدعوى ان بعض المعتقلين ربما يشكل خطرا. وقال مسؤول اميركي أيد الإفراج عن المعتقلين ان الإفراج عن معتقلين كانوا يشكلون خطرا في السابق يعتبر في حد ذاته مسعى جديدا، لذا تعاملت كل الاطراف بحذر مع هذه المسألة. وأضاف ان تلك كانت المرة الاولى التي اتخذت فيها خطوة كهذه وان البعض لم يشأ اتخاذها. يشار الى ان المعتقلين السعوديين نقلوا الى الرياض في مايو (آيار) 2003، فيما افرج عن البريطانيين الخمسة وشخصين آخرين في اغسطس (آب) الماضي. ولا يبدو الآن ما يشير الى وجود علاقة بين حالتي الافراج. الى ذلك، نفى متحدث باسم مجلس الأمن القومي الاميركي الجمعة الماضي ان يكون تسليم المعتقلين السعوديين قد جاء مقابل الافراج عن سجناء بريطانيين. ووصف المتحدث، شون مكورميك، الافراج عن المعتقلين السعوديين بأنه «جزء من السياسة العادية لتسليم معتقلي معسكر غوانتانامو بغرض محاكمتهم او استمرار حبسهم». وكانت السلطات الاميركية قد صادقت في البداية على الافراج الفوري عن واحد من المعتقلين السعوديين بعد تسليمه لبلاده كجزء من الترتيب الذي جرى الاتفاق عليه، إلا ان مسؤولا اميركيا صرح بأن السعودية ابقت على هذا الشخص في الحبس عقب وقوع هجوم ارهابي في المملكة. ورفض مسؤولون اميركيون وسعوديون الكشف عن هوية هؤلاء الخمسة، او تفاصيل الشبهات التي جعلت الولاياتالمتحدة تحتجزهم في غوانتانامو. وقال مسؤول اميركي ان اثنين من المعتقلين السابقين شاركوا في تدريبات بأحد معسكرات تنظيم «القاعدة» في افغانستان. ودافع عدة مسؤولين شاركوا في المفاوضات التي ادت الى إطلاق سراح المعتقلين عن هذه الخطوة. وقال مسؤول اميركي «لقد تصرفنا بما تمليه علينا المصلحة الوطنية فيما يتعلق بخفض عدد المعتقلين في معسكر غوانتانامو في وقت توصلت الولاياتالمتحدة فيه الى عدم وجود حاجة الى الإبقاء على هؤلاء المعتقلين في الحبس». وأضاف ان هذه الخطوة خدمت ايضا اغراضا دبلوماسية مفيدة مع كل من السعودية وبريطانيا مؤكدا ان السلطات الاميركية لا يمكن ان تقدم على إطلاق سراحهم اذا كانت هناك حاجة لاستمرار حبسهم. إلا ان مسؤولين سابقين وحاليين بوزارة الدفاع زعموا ان الجهات المسؤولة لم تكن تنظر في ذلك الوقت في الإفراج عن معتقلين سعوديين قبل التوصل الى اتفاق بشأن الترتيب المزعوم. وفي لندن رفض متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير التعليق على هذه القضية، فيما قال مسؤول بوزارة الخارجية البريطانية انهم يشعرون بارتياح بالغ ازاء الافراج عن البريطانيين المحتجزين في السعودية. تجدر الاشارة الى ان وزارة الدفاع الاميركية افرجت عن 35 معتقلا افغانيا من معسكر غوانتانامو، بمن في ذلك رجال كبار في السن، وذلك اثر توصل السلطات الاميركية الى ان هؤلاء لم يعودوا يشكلون خطرا. ولم يسلم أي من هؤلاء الى حكومة اجنبية سواء كان لمواصلة حبسهم او تقديمهم للمحاكمة. ومنذ تسليم السعوديين، أعادت ادارة الرئيس جورج بوش عددا اخر من المعتقلين في غوانتانامو الى اوطانهم بمن فيهم اسباني ودنماركي وخمسة بريطانيين. وتجدر الاشارة الى ان المبادرة الدبلوماسية التي ادت الى عملية التسليم بدأت في يوليو(تموز) 2002، عندما زار وفد سعودي غوانتانامو. وذكر المسؤولون الاميركيون ان المسؤولين السعوديين استجوبوا 130 معتقلا سعوديا تقريبا في غوانتانامو. وكان عدد من كبار المسؤولين السعوديين، بمن فيهم الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية، حاولوا اقناع الجانب الاميركي لعدة اشهر بأن العديد من الاشخاص في غوانتانامو ابرياء وانهم كانوا في المكان الخاطئ في الوقت الخاطئ. \r\n ووصف مسؤول سعودي العديد من المعتقلين بأنهم «مجرد أفراد يعملون لصالح جمعيات خيرية ولا يشكلون اية تهديدات». \r\n وفي الوقت الذي كان السعوديون يحثون الجانب الاميركي على الافراج عن المعتقلين، كان بلير يواجه مشكلة سجناء خاصة به. ففي صيف 2002، انتقدته الصحافة البريطانية بخصوص مصير السجناء البريطانيين الخمسة، الذين اتهموا مع كندي وبلجيكي، بتنفيذ عدة هجمات ضد غربيين في الرياض. وادت واحدة من هذه الهجمات في نوفمبر(تشرين الثاني) 2000 الى مقتل مهندس بريطاني، وقد حكم على اثنين من البريطانيين بالاعدام. وقالت السلطات السعودية ان البريطانيين هاجموا مجموعة منافسة تنشط في بيع وانتاج الخمور في السعودية. وسعى رئيس الوزراء البريطاني توني بلير للافراج عن البريطانيين لدرجة انه او كبار مساعديه التمسوا شهريا من المسؤولين السعوديين العفو عن السجناء، طبقا لما ذكره المسؤولون. وورد ان الامير عبد الله بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي، تلقى التماسا من ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز بهذا الشأن. \r\n \r\n وفي اغسطس (آب) 2000، وطبقا للمسؤولين، قدم السفير الاميركي في السعودية روبرت جوردن، الذي كان محاميا شخصيا لبوش اقتراحا دبلوماسيا الى السعودية. وقال المسؤولون ان جوردن اقترح في البداية، عملية التبادل على كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الاميركية، ولكن عندما علم المسؤولون في وزارة الدفاع بالاقتراح، اعترض العديد منهم، بمن فيهم وزير الدفاع دونالد رامسفيلد. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع جيم ترنر انه لن يناقش المداولات التي جرت مع رامسفيلد او غيره من المسؤولين في وزارة الدفاع بخصوص المعتقلين. \r\n ورفضت السلطات السعودية في البداية المبادرة، حسب روايات الاميركيين ولكن في فبراير (شباط) 2003 تم التوصل الى اتفاق من حيث المبدأ، طبقا لما ذكره اشخاص على معرفة بالمناقشات. وذكر مسؤول اميركي ان السلطات السعودية وضعت قائمة من حوالي 15 مرشحا للافراج عنهم، وهي القائمة التي تجاهلها الاميركيون. وبدلا من ذلك اصدرت وزارة الدفاع الاميركية اوامرها الى ضباط الاستخبارات العسكرية في غوانتانامو بإعداد قائمة خاصة بهم. \r\n ولكن حتى قائمة البنتاغون اصبحت موضع جدال خلال اجتماع مشترك لعدد من الهيئات الاميركية في ابريل (نيسان) 2003. فقد اعترض المسؤولون من وكالة الاستخبارات المركزية ووزارة العدل ووزارة الدفاع - التي اعدت القائمة - على عدد من المعتقلين، طبقا لما ذكره عدد من المسؤولين الذين شاركوا في الاجتماع. \r\n وبالرغم من ان كبار المسؤولين في مجال السياسة الخارجية كانوا يطمحون الى التعجيل بالافراج عن السجناء من غوانتانامو وفكرة تسليم السجناء الى حكومات اجنبية، فإن القضية كانت بمثابة خروج عن الخط مما جعل العديد من المسؤولين يشعرون بعدم الراحة. واوضح مسؤول «ولذا تحرك الجميع بحذر. كانت المشكلة العثور على مجموعة من الناس يحظون بموافقة الوكالات المختلفة». \r\n وقال المسؤولون ان مساعد وزير الدفاع الذي كان يدير الاجتماع، المارشال بيلينغسل، وممثل وزارة الخارجية بيير ريتشارد بروسبر توصلا الى اتفاق مشترك بخصوص 5 معتقلين. \r\n \r\n * خدمة «نيويورك تايمز» \r\n