بعدما شارك في مايو الماضي في مناظرة مع الجنرال الصهيوني عاموس يدلين بالعاصمة البلجيكية بروكسل، دعاه فيها لزيارة القدس ، وأعرب عن استعداد نتنياهو لزيارة مكة ، قال رجل الاستخبارات السعودي السابق الأمير تركي الفيصل اليوم بنشر مقال في صحيفة اسرائيلية يقول فيه : "أتمنى زيارة القدس ويسعدني أن أدعو الإسرائيليين لزيارة الرياض" . وهو ما يعتبره مراقبون بوادر تطبيع رسمي بين السعودية وإسرائيل خصوصا مع توافق مصالحهما حاليا ضد الإسلاميين في مصر والعالم العربي وضد إيران ، وضد داعش في العراق . حيث نشرت صحيفة هأرتس الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، مقالًا للأمير تركي الفيصل، وهو الرئيس السابق للاستخبارات العامة في المملكة العربية السعودية في الفترة ما بين 1977 و2001، وسفير المملكة لدى بريطانيا وأيرلندا في الفترة ما بين عامي 2002 و2005، وسفير المملكة في الولاياتالمتحدة بين عامي 2005 و2006 ،زعم فيه أن مبادرة السلام العربية لعام 2002 ما زالت تشكل القالب المناسب لإيجاد حل عادل للصراع بين إسرائيل والفلسطينيين والعالم العربي . "الفيصل" قال في مقدمة مقاله، أنه "في بعض الأحيان، وفي أحلك اللحظات، ما يهمّ هو أن الرجال والنساء الذين يتمتعون بالشجاعة والخيال لا يقومون فقط بالتمسك بفكرة السلام، ولكن أيضًا يحاولون تخيل ما قد يبدو عليه هذا السلام" . حلم دولة إسرائيل وعلى حد تعبيره قال : "ليس هناك من مكان تتجلى فيه الحقيقة السابقة بصدق مثل ما هي عليه في الشرق الأوسط ، حيث هناك شعبان فلسطيني وإسرائيلي يسعيان إلى تحقيق حلمهم في إقامة دول لهم .. حلّ الدولتين فقط هو ما يمكن أن يعطي الحياة لهذا الحلم، ولتلبية طموحات الشعبين الوطني" . الفيصل قال أيضا : "كان مثل هذا الحل في قلب الرؤية التي وضعتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار التقسيم عام 1947، ولكن المجتمع الدولي فشل في تنفيذ هذه الرؤية في ذلك الحين، وكثير من عمليات السلام الأخرى فشلت أيضًا في جلب هذا الحلم إلى حيز الوجود" . وأضاف : "نتيجة هذا الفشل الدولي في إنجاح عملية السلام كانت، وفق تعبير الكاتب، مأساةً إنسانية، بالنسبة للفلسطينيين الذين يعيشون تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي الظالم، وأيضًا بالنسبة للإسرائيليين، المحاصرين في وضع يقوي من عزلتهم الدولية مع مرور الوقت. هذه النتيجة، بالإضافة إلى فشل الجهود الأخيرة التي بذلها وزير الخارجية الأمريكي، وخيبة الأمل المتزايدة نتيجة هذه الانتكاسة في الدبلوماسية الأميركية، تفرض الآن، وأكثر من أي وقت مضى، وفقًا لمقال الفيصل، على جميع الناس من ذوي النوايا الحسنة تخيل حدوث السلام. المبادرة العربية السعودية هي الحل وعن الحل لهذه المشكلة ، يقول الفيصل في مقاله : "أن المبادرة العربية للسلام، والتي اقترحت لأول مرة من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، والتي اعتمدتها جامعة الدول العربية في عام 2002، لا تزال توفر قالبًا للسلام، وصيغة للتوصل إلى حل عادل وشامل للصراع الإسرائيلي، ليس فقط مع الفلسطينيين ولكن أيضًا مع العالم العربي" . ويضيف بأنه يجب أن يكون هناك "قناعة راسخة بأنّ لا حلّ عسكري يمكن أن يعطي البلدان في المنطقة السلام والأمن المرغوبين . وتنص مبادرة السلام العربية لعام 2002 علي أن جميع دول المنطقة ستقيم علاقات طبيعية مع إسرائيل، وذلك بمجرد انسحاب الأخيرة من الأراضي التي احتلتها في حرب حزيران 1967، وقبولها قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدسالشرقية. كما إنه يجب الاتفاق خلال المفاوضات على رسم الحدود الدقيقة والتوصل إلى حلٍّ عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وفقًا للمبادئ الدولية . أراضي لبنانوسوريا للأمم المتحدة ! وعن الحل المقترح في لبنان ، يقول الفيصل : " يمكن التنازل عن الأراضي التي تحتلها إسرائيل هناك إلى الأممالمتحدة، حتى يكون هناك حكومة لبنانية قادرة على تسلمها. وفي سوريا، يمكن كذلك وضع هضبة الجولان المحتلة تحت إدارة الأممالمتحدة، حتى تشكيل حكومة سورية جديدة يمكن أن تستلمها". 12 عام وإسرائيل تتجاهل المبادرة وعبّر الأمير فيصل عن حزنه لعدم وجود رد فعل من الحكومة الإسرائيلية تجاه مبادرة السلام العربية، على الرغم من أن العالم العربي استمر في تجديد موافقته على هذه المبادرة في كل قمة لجامعة الدول العربية على مدى السنوات ال 12 الماضية، وكذلك في كل قمة من قمم منظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي . وقال الفيصل: "ذهب وفد عربي إلى إسرائيل لتسليمها مباشرةً إلى الشعب الإسرائيلي. مرات عديدة، كان هناك أولئك العرب الذين قالوا بأنها لن تعمل، وينبغي التخلص منها والتخلي عنها. ولكننا تمسكنا بها ومستمرون في التمسك بها؛ وهي لا تزال راسخة جدًّا على الطاولة" . من إسرائيل للسعودية بالطائرة ! وفي نهاية مقاله، يطلق الفيصل عنان خياله حالمًا بما سيكون عليه الحال إذا ما وافقت إسرائيل على توقيع مبادرة العرب للسلام. ويقول: "دعونا نحلم للحظة واحدة بما ستكون عليه هذه الأرض المضطربة بعد حدوث اتفاق بين هؤلاء الناس" . ويضيف : "اسمحوا لي أن أحلم أيضًا، بأن أتمكن من الصعود على متن طائرة في الرياض، لتطير بي مباشرةً إلى القدس، لأصعد هناك على متن الحافلة أو سيارة أجرة، وانتقل إلى قبة الصخرة أو المسجد الأقصى لأداء صلاة الجمعة، ثم أقوم بزيارة حائط المبكى وكنيسة القيامة" وقال : "سيكون من دواعي سروري أيضًا أنني سأكون قادرًا على دعوة ليس فقط الفلسطينيين، ولكن أيضًا الإسرائيليين، لكي نجتمع ويأتون لزيارتي في الرياض ، حيث يمكنهم زيارة بيت أجدادي في الدرعية، والتي عانت على أيدي إبراهيم باشا نفس معاناة القدس على يد نبوخذ نصر والرومان" . وختم بقوله عن "البديل في حال عدم تحقق هذه الأحلام" ، أنه يخشى بأن يكون استمرار الصراع ، وأن "الحقائق على أرض الواقع، ولا سيما المشروع الاستيطاني الجاري في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تدفعنا بشكل وثيق وأقرب إلى اليوم الذي سوف لن يعود فيه من الممكن تحقيق حل الدولتين، والذي سيسيطر فيه الصراع وسفك الدماء على أنه القاعدة" ، وتساءل : "هل هذا حقًّا ما تريده إسرائيل؟" . أقرأ أيضا : على خطى السادات والكنيست: نتنياهو مستعد للذهاب إلى مكة !