جامعة بنها الأهلية تنظم الملتقى الأول للوافدين تحت عنوان "وصال"    الرئيس السيسي يتبادل التهنئة مع ملوك ورؤساء وأمراء الدول بمناسبة عيد الأضحى    "الأعلى للإعلام" يستدعي ممثلي وسائل إعلامية في شكوى طليقة أحمد السقا    عادة كل سنة.. مسيحية بورسعيدية توزع وجبات "فتة ولحمة" على المسلمين لإفطار يوم عرفة    خريطة الأسعار اليوم: انخفاض الدواجن وحديد عز وارتفاع الذهب    «التصديري للأثاث» يثمن برنامج الصادرات الجديد.. و«درياس» يطالب بآليات تنفيذ مرنة وديناميكية    21 ألف جنيه تراجعًا بأسعار "باجاج كيوت" أرخص مركبة جديدة بمصر.. التفاصيل    الجارديان: حظر السفر الجديد الذى أصدره ترامب قد يميز ضد فئات بعينها على أساس العرق    الكرملين: الرد على هجمات كييف سيكون في الوقت والشكل المناسبين    مكتب نتنياهو يرد على ليبرمان: نحارب حماس بطرق مختلفة    مفاجأة.. ماسك طلب تمديد مهمته في البيت الأبيض وترامب رفض    الأهلى يرفع شعار التحدى فى كأس العالم للأندية بعد صفقات الميركاتو    هزات كريت تصل إلى الإسكندرية.. والحديث عن تسونامي لم يعد بعيدًا.. خبيرًا باليونسكو يكشف ل "الفجر"    ألمانيا تسعى لبناء أقوى جيش أوروبي.. تحديات ملحة وخطط طموحة حتى 2029    مؤتمر أنشيلوتي: فينيسيوس لديه قدرة فريدة على إرباك دفاعات المنافسين    الأهلي ل«هاني شكري»: اعتذارك غير مقبول وسب جمهورنا لن يمر دون حساب    العودة للزمالك أو الاستمرار.. رئيس البنك الأهلي يكشف لمصراوي مصير نيمار    عودة إبراهيم عادل وغياب مؤثر.. بيراميدز يواجه الزمالك بالقوة الضاربة    "معقولة بيراميدز يتعاطف مع الزمالك ويمنحه الكأس؟".. شوبير يطلق تصريحات نارية    "الأرصاد": استمرار الاحترار العالمي يعني طقسا أكثر عنفًا الفترة المقبلة    موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية فى دمياط    تامر حسني يشوق جمهوره لرابع أغاني ألبومه "لينا معاد"    متحف الحضارة ونادي 6 أكتوبر يستقبلان عروض قصور الثقافة    «لديهم مغناطيس للثروة».. تعرف على أغنى 5 أبراج    بث مباشر من عرفة الآن.. الحجيج على عرفات وصلاة الظهر والعصر جمعًا والمغادرة عند الغروب    المفتي السابق يوضح حكم الصلاة إذا أخطأ الإمام في تكبيرات صلاة العيد    رئيس هيئة الرعاية الصحية يلتقى محافظ بورسعيد لمناقشة تطوير الخدمات    هيئة التأمين الصحي الشامل تعلن مواعيد العمل خلال إجازة عيد الأضحى    استشاري بالقومي للبحوث تنصح بالتوازن في الغذاء خلال عيد الأضحى    رئيس هيئة التأمين الصحى يتفقد جاهزية مستشفى المقطم    بعد إطلاق خدمات الجيل الخامس.. مصادر ل الشروق: العملاء لن يتحملوا أي رسوم إضافية مقابل الخدمة الجديدة    بث مباشر من عرفات.. مئات الآلآف يقفون على المشعر الحرام    سقوط تشكيلين عصابيين وكشف غموض 28 جريمة سرقة ب"الإسكندرية وبني سويف"    وزير التعليم العالي: إعداد قيادات شبابية قادرة على مواجهة التحديات    الاحتلال يستهدف صحفيين في مستشفى المعمداني واستشهاد 3    التنظيم والإدارة: إعلان باقي مسابقات معلم مساعد لمعلمي الحصة خلال يونيو الجاري    «في وقفة عرفات».. موعد أذان المغرب بالمحافظات    محمد عبده يجري البروفات الأخيرة لحفل دبي ثاني أيام عيد الأضحى    توزيع الحلوى والبالونات.. أماكن صلاة عيد الأضحى بجنوب سيناء    الودائع غير الحكومية بالعملات الأجنبية لدى البنوك تسجل ما يعادل 3.12 تريليون جنيه بنهاية أبريل الماضي    نصوم 15 ساعة و45 دقيقة في يوم عرفة وآذان المغرب على 7:54 مساءً    داعية: زيارة القبور في الأعياد من البر وتذكره بالآخرة    قبل عيد الأضحى.. حملات تموينية بأسوان تسفر عن ضبط 156 مخالفة    إنزاجي: الهلال فرصة عظيمة.. وأرغب بتحقيق البطولات وتقديم كرة ممتعة    آخر كلام في أزمة زيزو.. ليس له علاقة بالزمالك بفرمان الجبلاية    ارتفاع أسعار 3 أنواع من الكتاكيت واستقرار البط اليوم الخميس 5 يونيو 2025    مصرع عامل في حادث انقلاب دراجة نارية بالمنيا    تكثيف الحملات التموينية المفاجئة على الأسواق والمخابز بأسوان    معايدة عيد الأضحى 2025.. أجمل رسائل التهنئة للأهل والأصدقاء (ارسلها مكتوبة)    اليوم وغدًا.. نجوم الإعلام ضيوف معكم منى الشاذلي    الصحة: فحص 17 مليونا و861 ألف مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    الدفاع الأوكرانى: أوكرانيا ستتلقى 1.3 مليار يورو من حلفائها العام الجارى    أسعار البيض بالأسواق اليوم الخميس 5 يونيو    مسجد نمرة يستعد ل"خطبة عرفة"    عالم أزهري: أفضل أيام العشر يوم النحر يليه يوم عرفة    شريف بديع ل الفجر الفني: كنت شاهد على تحضيرات ريستارت..ورسالته مهمه وفي وقتها ( حوار)    حزب الوعي: نخوض الانتخابات البرلمانية على 60% من مقاعد الفردي    الزمالك يواصل التصعيد.. سالم: لا رحيل لأي لاعب قبل يوليو والموسم لم ينتهِ بعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمريكا ومعضلة المرحلة الإمبراطورية المتأخرة
نشر في التغيير يوم 16 - 06 - 2014

يتعرض الرئيس الأمريكي باراك أوباما للهجوم من قِبَل ما يُسمى بالصقور الليبرالية، التي تنتمي إلى يسار الوسط، فضلاً عن الهجوم الذي يشنه عليه أنصار التدخل الناشطون المنتمون إلى جناح اليمين لكونه رئيساً ضعيفاً، يقود أمريكا التي سئمت الحرب (بل وحتى سئمت العالم) إلى التقهقر .
ويعتقد منتقدو أوباما سواء على اليسار أو اليمين أن الولايات المتحدة لديها مهمة فريدة تتمثل في فرض إرادتها على العالم . والفارق الوحيد هنا هو أن المنتمين إلى اليسار يبررون وجهة نظرهم بالحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، في حين لا يحتاج المنتمون إلى اليمين إلى أي مبرر من هذا القبيل لأن أمريكا على أية حال هي أعظم دولة على وجه الأرض .
وفي الحالتين تستند الفرضية القائلة بأن الولايات المتحدة لابد أن تقود بالقوة إلى فكرة مفادها أنه في غياب قوة خيرة مهيمنة تراقب العالم، فسوف يترتب على ذلك انتشار الفوضى وانتقال زمام الأمور إلى قوى أشد خبثاً . وقد عبر مقال حديث للمفكر المحافظ المتخصص في السياسة الخارجية روبرت كاجان عن هذا الرأي بوضوح شديد .
يسوق كاجان حجة مفادها أن البلدان الأخرى لا يمكن الاعتماد على تصرفها بشكل مسؤول في غياب الزعامة الأمريكية القوية . ومثله كمثل الصقور الأخرى، لا يكتفي بالتحذير من تصرف الحكام المستبدين بشكل سيئ إذا سنحت لهم الفرصة، وهو أمر محتمل بكل تأكيد، بل ويؤكد أيضاً أن الحلفاء الديمقراطيين لابد أن يتم وقفهم عند حدهم بقبضة مهيمنة محكمة .
ففي شرق آسيا على سبيل المثال، لابد من "تطويق" الصين بحلفاء أقوياء للولايات المتحدة . ولكن إذا كانت اليابان، الحليفة الرئيسية لأمريكا في المنطقة، "أكثر قوة وأقل اعتماداً على الولايات المتحدة في ضمان أمنها"، فلا يجب أن تكون محل ثقة هي الأخرى .
وقد يكون كاجان محقاً عندما يتصور أن التقهقر الأمريكي المتهور من شرق آسيا قد يؤدي إلى عواقب خطيرة . ولكن هذه الحجة تذكرنا بالمراحل الأخيرة من عمر الإمبراطوريات . فكانت القوى الإمبريالية الأوروبية في القرن العشرين تفكر بشكل دوري في الاحتمال البعيد لحصول رعايا المستعمرات على استقلالهم ولكنها كانت ترى دوماً أن الأوان لم يحن بعد، ليس قبل أن يصبحوا مستعدين للاستقلال، وليس قبل أن يعلمهم سادتهم الغربيون كيف يعتنون بأنفسهم بشكل مسؤول . ولكن لم يقل لنا أحد كم من الوقت قد يكون لازماً لتعليمهم؟
وهنا يكمن تناقض الإمبريالية الاستعمارية . فما دام رعايا المستعمرات تحت العصا الإمبراطورية، فلن يبلغوا مرحلة الاستعداد أبدا، لأن سلطة إدارة شؤونهم بأنفسهم، سواء بشكل مسؤول أو غير مسؤول، كانت مسلوبة منهم .
والإمبراطوريات قادرة على فرض النظام والاستقرار لفترة طويلة؛ ولكن الإمبرياليين مثلهم كمثل العديد من الأمريكيين اليوم ينال منهم الإرهاق والإجهاد ويضيق صدر رعاياهم بمرور الوقت . ويصبح النظام الإمبراطوري هشاً، وكما يلاحظ كاجان بحق فإن الفوضى تأتي غالباً في أعقاب انهيار النظام القديم أخيراً .
هذا ما حدث في الهند في عام 1947 عندما رحل البريطانيون، فقد انفصلت باكستان، ومات ما يقرب من مليون هندوسي ومسلم في مذابح متبادلة . ولكن هل يعني هذا حقاً أن الحكم البريطاني كان لابد أن يدوم لفترة أطول؟ إذا كان الأمر كذلك، فإلى متى؟ قد يكون من المعقول بنفس القدر أن نزعم أن الحكم الإمبراطوري المطول كان ليجعل التوترات العرقية أشد سوءا . فعلى أية حال، كانت تلك التوترات ناجمة إلى حد كبير عن سياسات "فَرق تَسُد" الاستعمارية .
وكذا هي الحال اليوم إلى حد ما في ظل السلام الأمريكي وهو شكل من أشكال النظام العالمي الإمبراطوري الذي لم يكن قط إمبراطورية رسمية . والواقع أنه مقارنة بأغلب الإمبراطوريات السابقة كان حميداً نسبياً، وإن كان من السهل للغاية أن ينسى كثيرون كيف دمرت أمريكا زعيمة "العالم الحر" قادة منتخبين ودعمت حكاماً مستبدين، كما فعلت في شيلي وكوريا الجنوبية والسلفادور والأرجنتين وإندونيسيا وغواتيمالا، وهلم جرا .
الواقع أن هذا "النظام الليبرالي" بقيادة الولايات المتحدة، الذي حظي بقدر كبير من الامتداح والإشادة، كان نتاجاً للحرب العالمية الثانية والحرب الباردة . إذ كان من الضروري الإبقاء على ألمانيا واليابان تحت السيطرة، وكان لابد من احتواء القوى الشيوعية، وكان لزاماً على بلدان أوروبا القديمة أن تتعلم كيف تتعايش في ما بينها في ظل مؤسسات موَحدة لعموم القوميات . وقد أصبح كل هذا ممكناً بفضل أموال أمريكا وقوتها العسكرية العاتية . ونتيجة لهذا، تحول العالم الحر في غرب أوروبا وشرق آسيا إلى تابع معتمد على الولايات المتحدة .
بيد أن هذا الوضع من غير الممكن أن يدوم إلى الأبد . والواقع أن هذه الترتيبات بدأت تبلى وتهترئ بالفعل . ولكن هنا يأتي دور المفارقة الإمبراطورية القديمة . فكلما طال أمد اعتماد الآخرين على الولايات المتحدة، كلما أصبحوا أقل قدرة على الاعتماد على أنفسهم في رعاية شؤونهم، بما في ذلك أمنهم . والواقع أن الولايات المتحدة، مثلها في ذلك كمثل الأب المستبد، تكره غالباً على الرغم من توبيخها لحلفائها لعجزهم عن الاعتماد على أنفسهم أن تتخلى عن رعاياها التابعين الذين أصبحوا جامحين حرونين على نحو متزايد .
عندما وصلت حكومة جديدة إلى السلطة في اليابان عام 2009 وحاولت كسر قالب ما بعد الحرب من خلال تحسين العلاقات مع الصين والسعي إلى تقليل اعتمادها على الولايات المتحدة، سعت إدارة الرئيس أوباما إلى تقويض هذه الجهود . ويبدو أن الإمبراطورية غير الرسمية لا تستطيع أن تتحمل مثل هذا النوع من العصيان والتمرد .
في خطابه الأخير حول السياسة الخارجية في الأكاديمية العسكرية الأمريكية في "وست بوينت"، لم يذكر أوباما شرق آسيا إلا بالكاد . ولكن إذا كان لأي منطقة أن تستفيد من مبدأ أوباما، الذي يَعِد بالتحول من النهج العسكري إلى نهج أكثر ميلاً إلى السياسة في التعامل مع مشاكل المنطقة، فهي منطقة شرق آسيا .
بيد أن فطرة أوباما سليمة . فقد أدرك على الأقل حدود قوة أمريكا في ما يتصل بفرض النظام العالمي بالقوة . ولا يعتمد نجاحه كرئيس على أفعاله الطيبة (برغم كثرتها) بقدر ما يعتمد على التصرفات الغبية التي تجنبها، مثل التورط في المزيد من الحروب غير الضرورية .
وهذا لا يحل المعضلة الإمبراطورية المتأخرة المتمثلة في كيفية تقليل الاعتماد على قوة مهيمنة من دون التسبب في المزيد من الطغيان والعنف . ولكن هذه العملية المؤلمة المحفوفة بالمخاطر لابد أن تبدأ في نهاية المطاف، وسوف يخدم أغراضها على النحو الأفضل أسلوب أوباما الحَذِر وليس الخطاب المتشدد الخشن الذي يجري على ألسنة منتقديه .
نوع المقال:
الولايات المتحدة الامريكية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.