كأس العالم فى الدوحة يستحيل إقامتها صيفا.. ومن الصعب أن تلعب شتاء.. فلماذا اختيرت قطر أو كيف؟ إعادة التصويت على بطولة قطر.. تعنى أيضا كأس روسيا 2018 توقعت مبكرا تلك الأزمة التى تهدد صناعة كرة القدم فى العالم. وأعنى بها مونديال 2022 فى قطر.. وهى أزمة عاصفة معززة بوثائق كشفت عنها صحيفة صنداى تايمز البريطانية وأيضا صحيفة الجارديان، وصحف أخرى إنجليزية وهذا فى الواقع تهديد قديم يعود إلى ملف فساد يطارد الفيفا منذ عام 1990 حين كشفت صحيفة التايمز البريطانية عن واقعة رشوة النيجيرى أموس أدامو والتاهيتى رينالد تيمارى، ثم فضيحة رشوة ثلاثة أعضاء آخرين كشفها برنامج بانوراما بهيئة الإذاعة البريطانية. وقد ظهرت العديد من الكتب التى تكشف عن فساد الفيفا، ومنها كتاب: إنهم يسرقون اللعبة.. وتجلت شكوك الفساد حين امتنع تشارلز ديمبسى مندوب الأقيانوس عن التصويت لتفوز ألمانيا بتنظيم كأس العالم عام 2006 على حساب جنوب إفريقيا التى عوضت بتنظيم مونديال 2010.. على حساب المغرب وليس مصر التى كانت خارج السباق تماما من البداية وهو أمر موثق بتصريح بلاتر الذى تساءل فيه عن أسباب غضب المصريين ونحن لم نرهم أصلا فى السباق؟! توقعت مبكرا تلك الأزمة العاصفة.. فى يوليو 2011 تحت عنوان «شتاء على شاطئ دخان، ودخان أحد شواطئ الدوحة التى تطل على الخليج» وقلت: «ولا أذكر من كان أول من تحدث عن إقامة كأس العالم عام 2022 فى قطر خلال الشتاء.. لكنى أذكر أن بيكنباور وفابيو كابيللو وبلاتينى أشاروا إلى ذلك، والآن أثق أن هناك اتفاقا مسبقا على إقامة تلك البطولة فى الشتاء، بعد أن توالت الاقتراحات والمناقشات.. وآخرها كان من جوزيف بلاتر الذى قال بأنه «يتوقع» أن تقام نهائيات مونديال قطر فى فصل الشتاء. وقال بلاتر قبل حضوره افتتاح كأس آسيا بالدوحة: «إقامة النهائيات فى فصل الشتاء أكثر منطقية وأتوقع أن تكون كأس العالم فى الشتاء لأنه عندما تلعب كرة القدم عليك أن تحمى الأشخاص الأساسيين، اللاعبين».. وقلت: «أعرف كيف يفكر بلاتر، وأعرف أنه مثل أصحاب مراكز ومناصب عليا، يجيد فن «جس النبض» بالتسريب، فيطرح ما يريده على الرأى العام فى صورة خبر، ثم يكبر الخبر ويصبح فكرة ثم يكبر أكثر ويصبح تقريرا، ثم يكبر ويطرح للنقاش فى الإعلام.. ثم يكبر ويكبر ويصبح حقيقة.. ثم فى 28 سبتمبر 2013 وعلى مساحة 8 أعمدة وتحت عنوان: مونديال 2022.. مأزق الفيفا الكبير.. وكانت العناوين تشير إلى الأزمة التى تهدد كيان الفيفا ولعبة كرة القدم.. مثل «سكان قصر جمهورية كرة القدم فى زيوريخ محاصرون بأخطر مشكلة تواجه اللعبة الشعبية الأولى فى كوكب الأرض».. وطرحت أربعة أسئلة محددة: هل تقام البطولة صيفا.. ويقبل العالم بدرجات الحرارة المرتفعة التى لا تحتمل؟ هل يمكن أن تقام كأس العالم فى الشتاء.. ويتعرض الفيفا إلى مشاكل مالية وقانونية مكلفة وخطيرة؟ هل تسحب البطولة من قطر.. وتفتح أبواب الحساب وعواقبه مع جوزيف بلاتر ورفاقه؟ هل تؤجل اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولى اتخاذ القرار لمزيد من المعلومات والدراسة والترتيب للأمر؟! وفيما يتعلق بالسؤال الأخير فقد طرحته لأن الفيفا كان أعلن أنه بصدد إصدار قراره فى الأمر خلال اجتماعات لجنته التنفيذية فى يومى 3 و 4 أكتوبر. وتأجل اتخاذ القرار بالفعل كما ورد فى صيغة السؤال، فقد كان نوعا من الأسئلة التى تحمل إجابات.. وأضع النقاط على الحروف هنا، فكل ما توقعته كان بناء على يقين بأنه من المستحيل أن تقام بطولة كأس العالم 2022 فى قطر صيفا. وكل ما توقعته أيضا كان بناء على شك فى أمر أسباب التصويت على تنظيم بطولتين لكأس العالم مرة واحدة.. وقد رد بلاتر على هذا الشك بقوله: «لأسباب تسويقية»..؟ لكنى أنهيت التقرير الذى نشر فى الشروق يوم 28 سبتمبر 2013 بما يلى: يبقى أخطر التوابع لتلك المشكلة، وهو أن يسفر الضغط فى النهاية عن سحب البطولة من قطر. وفى تلك الحالة لن تسكت الدولة، وستطالب بحقها المشروع فى فوزها بالمونديال بعد دخولها فى سباق نزيه مع دول أخرى.. لكن ماذا لو لم يكن السباق نزيها..؟ إذا ثبتت عدم نزاهة التصويت، فإن ذلك سيكون أمرا بالغ الخطورة على اللعبة الشعبية الأولى، ولجنة التحقيق التى شكلها الفيفا وبصدد إعلان تقريرها عقب انتهاء مونديال البرازيل هى لجنة مرفوضة، والعالم لن يقبل بنتائج هذا التحقيق. إذ قال رئيس غرفة التحقيق فى لجنة الأخلاق التابعة للاتحاد الدولى ميكايل جارسيا ونائبه كورنيل بوربلى: «نتوقع انهاء مرحلة تحقيقنا قبل 9 يونيو وعرض التقرير على غرفة التحكيم (التابعة للفيفا) بعد نحو 6 أسابيع بعد ذلك».. وميكايل جارسيا هو المدعى الأمريكى السابق.. وإذا كان الأمر يتعلق بموعد المونديال شتاء أم صيفا فإن المشكلة معقدة للغاية، لأن البطولة لا يمكن إقامتها صيفا، ويصعب جدا إقامتها شتاء لهذه الأسباب التى أكررها: أولا: اعتراض الأندية الأوروبية والهيئات التى تدير المسابقات المحلية. كما طالبت إستراليا بتعويض قدره 40 مليون دولار، وهو ما يعادل المبلغ الذى أنفقته البلاد فى إعداد ملفها بشأن نفس البطولة.. ثانيا: إن إقامة البطولة فى الشتاء ترفضه محطة تليفزيون فوكس ومحطة إن بى سى الأمريكيتين اللتين تعاقدتا مع الفيفا بمبلغ مليار دولار مقابل نقل أحداث 2018 و 2022 إلى أمريكاالشمالية، وذلك على أساس إقامة البطولة صيفا. إذ إن أهم الأنشطة الرياضية الأمريكية مثل مباريات كرة القدم الأمريكية ( من أكتوبر إلى ديسمبر ) تنقل يوم الأحد من كل أسبوع فى تلك الفترة على الهواء مباشرة بينما تنقل ومباريات الجامعات يوم السبت.. وفى حالة إقرار إقامة المونديال القطرى فى الصيف فإن المحطتين سوف تقاضيان الفيفا، وقد يدفع تعويض مالى كبير للغاية لهما.. ثالثا: نقل المونديال للشتاء يعرض الفيفا أيضا إلى مشاكل قانونية مع منافسى قطر على استضافة هذا المونديال. وهؤلاء المنافسون ( أمريكا، كوريا الجنوبية، اليابان، أستراليا) قد يتوجهون إلى القضاء لإعادة التصويت على البطولة، التى شاركوا فيه باعتبارها «بطولة صيفية».. رابعا: يعرقل نقل المونديال للشتاء أمر آخر وهو الدورة الأوليمبية الشتوية، وهذا يعنى صداما آخر بين الفيفا وبين اللجنة الأوليمبية الدولية. وإذا كان نقل المونديال للشتاء يقصد به الفترة من منتصف أكتوبر إلى منتصف ديسمبر من عام 2021، فإن تلك الفترة تظهر فيها عقبة أخرى وهى موعد انتهاء التصفيات القارية لهذه البطولة، وموعد بطولة الأمم الأوروبية عام 2020.. ثم إلى أى شتاء تنقل البطولة إذا نقلت؟ شتاء 2022 أم شتاء 2021.. ترى هل يوافق العالم على ارتباك كامل لأجندته الرياضية؟ يبقى أن تلك الوثائق التى أشارت كما هو واضح وظاهر بأصبع الاتهام إلى محمد بن همام وقطر وتقديم رشاوى مالية حسبما أعلنت الجارديان وصنداى تايمز تشير أيضا، من الباطن، إلى روسيا التى فازت بتنظيم مونديال 2018، وهو حسب ظنى، عمل من أعمال أجهزة قدمت تلك الوثائق حماية لحق إنجلترا فى تنظيم مونديال 2018 وقد كانت تنافس روسيا بجانب إسبانيا والبرتغال كملف مشترك وهولندا وبلجيكا كملف مشترك.. وبذلك ستكون إعادة التصويت على مونديال قطر قرارا بإعادة التصويت على مونديال 2018. أو ربما الأمر يأتى أيضا، حسب ظنى، فى سياق حملة الغرب ضد روسيا بسبب أزمة القرم، وقد يكون ذلك خيالا ولكن بعض الظن يصنعه بعض الخيال؟! رابط المقال: مونديال 2022.. يعصف بالفيفا وبكرة القدم