عندما صوت الأوكرانيون يوم الأحد الماضي لانتخاب رئيسهم الجديد، كان رينو دومينيكو (من «ساوث جيرسي») مراقباً لعملية الاقتراع في مدينة «خيرسون» على الحدود مع شبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا. وكانت أولونا مازوركيفيتش، والمقيمة في منطقة «فيلادلفيا» حيث يوجد أكبر تجمع للجالية الأوكرانية في الولاياتالمتحدة، تراقب الاقتراع في مدينة «أوديسا»، بينما تابعت مارتا فيدوريو (من «ألينتاون» في فلاديفيا) الانتخابات في مدينة «دنيبيربتروفيسك» الأوكرانية. والثلاثة متطوعون دفعوا تكاليف سفرهم وإقامتهم، واتفقوا جميعاً على أن الانتخابات الرئاسية يوم الأحد الماضي كانت ضرورة ملحة، إذا كان مقدراً لأوكرانيا أن تتحمل الضغوط القوية التي تمارسها روسيا. وأوضح دومينيكو، الذي أجرى دورات تدريبية نظمها «الكونجرس الأوكراني في أميركا» ل222 مراقباً أميركياً للانتخابات الأوكرانية، أن أوكرانيا في أمس الحاجة إلى نجاح هذه الانتخابات. وإذا كانت هذه الانتخابات ذات مصداقية، مثلما يؤكد المراقبون الدوليون، فإنها ستقطع الطريق على جهود روسيا الرامية إلى تقطيع أوصال أوكرانيا، وستجبر الكرملين على الاعتراف بالرئيس الأوكراني المنتخب. وهؤلاء المراقبون الثلاثة من منطقة فيلادلفيا كانوا جميعاً على الجبهة الأمامية في المدن الحدودية القريبة من المناطق التي يسيطر عليها موالون لروسيا. وبدأ اهتمام دومينيكو بأوكرانيا عندما كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي السابق، بعد أن أسس برنامج تبادل طلابي طويل الأمد بين مدرسة «سترلينج» في «سوميردال» بولاية نيوجيرسي وإحدى المدارس الأوكرانية الثانوية. وعندما تقاعد في عام 2006، انتقل إلى كييف وفتح «كلية ستيرلنج للتجارة»، بالتعاون مع جامعة «روان»، ويهدف البرنامج إلى تدريب المديرين، وقد شارك في الإشراف على الانتخابات منذ الثورة البرتقالية الأوكرانية في عام 2004، والتي أقصت رئيساً فاز عن طريق أعمال تزوير فجة. لكن الثورة الأوكرانية الثانية في غضون عشرة أعوام، والتي أججت ضغوطاً روسية على كييف للتخلي عن العلاقات التي كان مخططاً لها مع الاتحاد الأوروبي، أدت إلى شلل الحياة الاقتصادية في أوكرانيا. وأشار دومينيكو إلى أنه إذا كانت أوكرانيا ستحصل على بداية جديدة، فستكون بهذه الانتخابات، مضيفاً القول: «أشعر أننا كأميركيين ملتزمون بفعل شيء ما، لما نتمتع به من خبرات في مراقبة الانتخابات». وتابع: «لدي خبرة أربعة عقود في النشاط السياسي في مقاطعة كادمين، ولا توجد ألاعيب انتخابية إلا وأعرفها». ولفت دومينيكو إلى أن مواطني القرم الذين يريدون ويتمتعون بالشجاعة الكافية للتصويت في أوكرانيا، يمكنهم عبور حدودهم الجديدة التي فرضتها الحكومة في موسكو إلى أقرب مدينة أوكرانية للتصويت. وثمة سبب مهم أيضاً دفع فيدوريو كي تأمل أن تكون هذه الانتخابات حرة ونزيهة؛ فقد كانت من أوائل المستثمرين الأميركيين في أوكرانيا خلال حقبة التسعينيات، بعد أن استقلت البلاد عقب تفكك الإمبراطورية السوفييتية السابقة. واستثمرت فيدوريو مدخرات أسرتها في تجديد وإدارة فندق «جراند» في كييف، وكانت أسرتها قد رحلت إلى غرب أوكرانيا عندما وصل السوفييت، لكنها أرادت أن تعود إلى وطنها. بيد أن أحلامها تبددت بسبب موجة الفساد التي تتخذ نمط المافيا الروسية التي لا تزال تقوض أوكرانيا. ومن الناحية القانونية، لابد أن يكون لفيدوريو شريكاً أوكرانياً يمتلك حصة 51 في المئة من قيمة الشركة، وبعد ستة أشهر تم إخبارها أنه استحوذ على الشركة، ولقي قريب زوجها، وهو مواطن أوكراني تم توظيفه كمدير للفندق، حتفه في إطلاق نار. وفي هذه الأثناء، لم تساعدها الشرطة أو المحاكم في استرداد حقها، ومن ثم تأمل أن يتغلب الرئيس الأوكراني الجديد على فساد النظام الحالي. وقالت فيدوريو: «لذلك السبب عدت إلى أوكرانيا»، بينما كانت تراقب عملية التصويت في مدينة رئيسية ذات علاقات وثيقة مع روسيا، وقد أرادت موسكو زعزعة استقرارها لكنها فشلت. أما مازوركيفيتش فكانت نشطة بشكل كبير ومنذ وقت طويل في الشؤون الأميركية الأوكرانية، وراقبت الانتخابات الأوكرانية ثلاث مرات، وكانت في كييف أثناء الثورة البرتقالية. وكثيراً ما زار القادة الأوكرانيون الذين جاؤوا إلى الولاياتالمتحدة منطقة فيلادلفيا حيث توجد أكبر جالية أوكرانية، وعادة ما كانوا يمكثون في منزلها، وكان من بين زوارها مؤخراً أحد البرلمانيين كان من بين قادة ثورة الميدان في كييف. وأوضحت أن سبب قيامها بذلك أنها كرست حياتها لحقوق الإنسان، بينما كانت مجموعة المراقبين تتأهب لمغادرة فندق دنيبرو، الذي يقع على مقربة من أحد المتارس المعمولة من إطارات السيارات، قُتل عنده عدد من المتظاهرين في الميدان. وأفادت مازوركيفيتش، قبل مغادرة أوديسا، حيث أدت استفزازات الانفصاليين المؤيدين لروسيا إلى فاجعة مقتل أكثر من 40 شخصاً، بأن أحد أهم الحقوق الأساسية للإنسان هو التمكن من اختيار قادته. ويأمل المراقبون الأميركيون الثلاثة أن يساعد نجاح الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا على المضي قدماً والإفاقة من الغيبوبة الأخيرة، لذا فهم بذلوا قصارى جهدهم وأدوا دورهم كمراقبين بهدف إنجاحها. نوع المقال: روسيا الولاياتالمتحدة الامريكية