رداً على المظاهرات التي نظمها محتجون على عجز الحكومة عن تأمين تحرير أكثر من 230 فتاة لا زلن مختطفين من قبل جماعة «بوكو حرام»، أمرت سيدة نيجيريا الأولى «باتينس جونثان» بالقبض على زعيمي الاحتجاجات، معربة عن شكوكها في وجود أية عمليات اختطاف، واتهمت زعماء المعارضة بالانتماء إلى «جماعة بوكو حرام». وبصورة أكثر وضوحاً، لا يدعو رد السيدة الأولى، التي تتمتع بقدر كبير من النفوذ السياسي على رغم عدم تقلدها لمنصب رسمي، إلى الثقة في قدرة الحكومة على التعامل مع الأزمة. وقد فقدت الفتيات منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، بينما أعلن زعيم بوكو حرام «أبوبكر شيكاو»، في تسجيل مصور له، عن خطط لبيعهن. وسلطت عملية الاختطاف انتباهاً دولياً على نضال نييجريا الطويل مع جماعة «بوكو حرام»، إضافة إلى حقيقة أنه حتى الآن لم تكن أي من جهود الدولة الرامية إلى محاربة الجماعة مثمرة بشكل فعال. وفرضت قوات الشرطة والجيش إجراءات أمنية مشددة على الجماعة في عام 2009، وألقت القبض على زعيمها محمد يوسف، الذي قتل لاحقاً، أثناء محاولة هروب مزعومة، لكنها أعادت تجميع صفوفها وبزغت من جديد أكثر قوة وتدميراً من ذي قبل. ولم تنجح عمليات السحق الأمني اللاحقة التي استهدفت أعضاء الجماعة، من وجهة نظر أحد خبراء مكافحة الإرهاب، إلا في زيادة حنق الرأي العام ضد الحكومة. ولا تعتبر «بوكو حرام» أول جماعة متمردة في شرق شمال نيجيريا، ويبدو على الأرجح أن أعمال العنف الديني ستواصل حصد الرقاب في المنطقة، لما يتم اتخاذ خطوات لمعالجة الفقر وغياب المساواة والفساد الداعمة التي يتغذى عليها العنف. والأهداف المعلنة من قبل جماعة «بوكو حرام» هي ربما التخلص من النفوذ الغربي وتطبيق قوانين الشريعة، ولكن في جوهرها هي أيضاً حركة تعبر عن غضب شعبي بين سكان الشمال بسبب استمرار المحسوبية والفقر في منطقتهم. وقد تركت الحكومة شمال نيجيريا، ذي الأغلبية المسلمة، في أغلب الأحيان بعيداً عن التقدم الاقتصادي الحديث في الدولة، بينما يعيش نحو 70 في المئة من السكان في المنطقة التي تساعد «بوكو حرام» في شمال شرق الدولة، على أقل من دولار واحد يومياً، مقارنة ب 50 في المئة في الجنوب. وتزداد حدة الأمية وسوء التغذية ومشكلات البنية التحتية في شمال نيجيريا. وساعد انتشار الفساد السياسي والشعور المبرر بأن الشمال لا يستفيد من أكثر من 80 مليار دولار تُجنى من صادرات بيع النفط السنوية في جنوب شرق نيجيريا، جماعات مثل بوكو حرام على «تجنيد أعضاء جدد». ومثلما أوضح صحفي نيجيري، أصبح الفساد محفزاً لبوكو حرام، وقد كان محمد يوسف، الزعيم الأول للجماعة، سيجد من الصعوبة بمكان تجنيد كل هؤلاء الأشخاص لو أنه كان يعمل في دولة ناجحة. ولكن تعليمات يوسف لاقت ترحيباً كبيراً بسبب البيئة الخصبة والإحباطات والفساد والظلم الذي جعلها أرضاً ملائمة لنمو أيديولوجيته بشكل سريع جداً مثل النار في الهشيم. وفي الوقت الراهن، في خضم الإحباطات الشعبية المتزايدة، تواجه حكومة الرئيس النيجيري جودلاك جونثان مهمة فورية هي إنقاذ مئات الفتيات من مصير مخيف. ولكن على المدى الطويل، يبدو أنه لن تجدي أية إجراءات مشددة أو تسوية لطرد التطرف الموجود في الشمال، بينما تسعى نيجيريا بشغف إلى وصف نفسها بأنها أكبر اقتصاد في أفريقيا يتخذ خطوات ضد الفقر والجوع. نوع المقال: سياسة دولية