رئيس منطقة الإسماعيلية الأزهرية يتابع ورش العمل التطبيقية لمعلمي الحصة (صور)    سعر الذهب اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 في الكويت.. عيار 24 ب38.200 دينار    أسعار الخضار والفاكهة اليوم السبت 4 -10-2025 بمنافذ المجمعات الاستهلاكية    جامعة بنها تشارك فى فعاليات معرض تراثنا للحرف اليدوية والتراثية    هل نحن أمة تستحق البقاء؟! (1)    تاريخ الإغلاقات الحكومية فى أمريكا.. بدأت فى 1976 وآخرها كان الأطول    رفع الأثقال، موعد منافسات اللاعبين المصريين في بطولة العالم    إجراءات أمنية مشددة لتأمين مباراة الأهلي وكهرباء الإسماعيلية الليلة    موعد مباراة بايرن ميونخ وفرانكفورت في الدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    إيداع سارة خليفة حجز المحكمة لنظر قضية اتهامها بتصنيع وجلب المخدرات    الجو في الإسكندرية غير أي مكان.. حالة الطقس من عروس البحر المتوسط "فيديو"    الداخلية تضبط 100 ألف مخالفة مرورية فى حملة مكثفة خلال 24 ساعة    فردوس عبد الحميد بندوة تكريمها: أحمد زكى زعل منى فى أحد المشاهد    وزارة التضامن: فريق التدخل السريع تعاملوا مع 662 بلاغا خلال شهر سبتمبر    زكى القاضى: موافقة حماس تنقل الكرة لملعب ترامب.. والخطة لا تشمل الضفة الغربية    رئيس التأمين الصحي يوجه بزيادة عدد العمليات الجراحية في مستشفى النيل بالقليوبية    أستاذ جولوجيا يكشف أسباب ارتفاع منسوب مياه نهر النيل    تشكيل الزمالك المتوقع أمام غزل المحلة بالدوري    وزير الزراعة يعلن تحقيق الصادرات الزراعية المصرية 7.5 مليون طن حتى الآن    90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 4 أكتوبر 2025    بدء أولى اجتماعات اللجنة الخاصة لإعادة دراسة المواد محل اعتراض    إصابة 9 أشخاص في انقلاب ميكروباص بطريق القاهرة – الفيوم الصحراوي    قبل ثاني الجلسات.. ماذا قالت سارة خليفة أثناء محاكمتها في قضية المخدرات؟    «الداخلية» تكشف ملابسات واقعة تسميم كلاب ضالة بالجيزة وضبط المتهمين    95 منظمة دولية وإقليمية تشارك في «أسبوع القاهرة الثامن للمياه»    بينهم طفلان.. 6 شهداء في قصف الاحتلال غزة وخان يونس    أحزاب القائمة الوطنية تعقد اجتماعا اليوم لبحث استعداداتها لانتخابات مجلس النواب    بعد 20 عامًا من الترميم.. افتتاح تاريخي لمقبرة أمنحتب الثالث بالأقصر    وزير الخارجية يلتقي سفراء الدول الإفريقية المعتمدين لدى اليونسكو    صرح عالمي.. تفاصيل الافتتاح المرتقب للمتحف المصري الكبير    «قوته مش دايمًا في صالحه».. 5 نقاط ضعف خفية وراء كبرياء برج الأسد    ستحصل على معلومة جوهرية.. حظ برج القوس اليوم 4 أكتوبر    هالة عادل: عمل الخير وصنع المعروف أخلاق نبيلة تبني المحبة بين البشر    «عاشور»: تنفيذ مشروعات في مجال التعليم العالي بسيناء ومدن القناة بتكلفة 24 مليار جنيه    «الرعاية الصحية»: من بورسعيد بدأنا.. والتكنولوجيا الصحية لم تعد حكرًا على أحد    من غير مواد حافظة.. طريقة عمل الكاتشب في البيت لسندوتشات الأطفال    جراحة قلب دقيقة تنطلق بالتكنولوجيا في بورسعيد    مباريات اليوم السبت 4 أكتوبر 2025.. الأهلي والزمالك في صدارة الاهتمام وظهور محمد صلاح أمام تشيلسي    بداية العمل بالتوقيت الشتوي في مصر 2025.. الموعد والفرق بين مواعيد المحال التجارية    دار الإفتاء توضح: حكم الصلاة بالحركات فقط دون قراءة سور أو أدعية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة قنا    مواعيد مباريات اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة    وزير الخارجية يثمن الدعم الفرنسي للمرشح المصري لرئاسة اليونسكو خالد العناني    «الصحة» تطلق البرنامج التدريبي «درب فريقك» لتعزيز مهارات فرق الجودة بمنشآتها    اليوم.. محاكمة متهم بالانضمام لجماعة إرهابية في بولاق الدكرور    هل إجازة 6 أكتوبر 2025 الإثنين أم الخميس؟ قرار الحكومة يحسم الجدل    الخبراء يحذرون| الذكاء الاصطناعي يهدد سمعة الرموز ويفتح الباب لجرائم الابتزاز والتشهير    اللواء مجدى مرسي عزيز: دمرنا 20 دبابة.. وحصلنا على خرائط ووثائق هامة    فلسطين.. طائرات الاحتلال المسيّرة تطلق النار على شرق مدينة غزة    عبد الرحيم علي ينعى خالة الدكتور محمد سامي رئيس جامعة القاهرة    ثبتها حالا.. تردد قناة وناسة بيبي 2025 علي النايل سات وعرب سات لمتابعة برامج الأطفال    مباشر كأس العالم للشباب - مصر (0)-(1) تشيلي.. الحكم يرفض طلب نبيه    محافظ المنيا يوجه برفع درجة الاستعداد لمتابعة فيضان النيل واتخاذ الإجراءات الوقائية بأراضي طرح النهر    عاجل - حماس: توافق وطني على إدارة غزة عبر مستقلين بمرجعية السلطة الفلسطينية    اسعار الذهب فى أسيوط اليوم السبت 4102025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الأقصر    تفاصيل موافقة حماس على خطة ترامب لإنهاء الحرب    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكتابة فى زمن الخوف
نشر في التغيير يوم 01 - 05 - 2014

عملية مكلفة لابد لها من ثمن. وقبل أن أعرض بعضا من خبرتى فى الموضوع أنبه إلى أننى أعنى بزمن الخوف ذلك الزمن الذى يضيق فيه هامش الحريات ويتراجع القانون أمام تعاظم دور الأجهزة الأمنية. ويقدم الولاء للنظام على الولاء للقارئ والمجتمع. ثم إننى لا أتحدث عن أى كتابة، لأن كتابة الموالين والمدَّاحين مرحب بها ووحدها تعد «النقد البناء»، وأصحابها هم أهل الحظوة والثقة الذين يكافأون ولا يغرمون. كما أننى لا أتحدث عن الكتابة المعارضة لأن الذى يعارض فى بلادنا يعرف مقدما أن معارضته ليست مجانية. تماما كالذى يشارك فى مظاهرة لا يشفع له أن تكون سلمية. ذلك أن الخروج بحد ذاته مغامرة ليست مأمونة العاقبة. ما أعنيه كتابة سقفها أكثر تواضعا، هو تلك المهنية والاحترافية التى تحترم الحقيقة ولا تمانع فى النزول إلى حدها الأدنى لكنها ترفض المشاركة فى الكذب والتدليس وخداع القارئ. إن شئت فقل إنها تلك التى تلتزم بالحياد والاستقلال ولا علاقة لها بالاصطفاف السياسى.
إحدى مشكلات الكتابة فى زمن الخوف أن ضغوطه ترفض حتى الحياد والاستقلال، وإنما تصر على الإلحاق والاستتباع. وهى فى ذلك ترفع شعار «إذا لم تكن معنا فأنت ضدنا». وهو ما ينتهى بتصنيف غير الموالين ضمن المشتبهين وغير المرضى عنهم. وهذا التصنيف يدرجهم ضمن قوائم النظام السوداء. وهذه لها تبعاتها التى لا حدود لمراتب الأذى فيها.
عشنا فى الستينيات زمانا كان الرقيب المعين من قبل الحكومة هو الذى يحدد فى ضوء التلقين المسبق له، ما ينشر ومالا ينشر وما يجوز ومالا يجوز. وفى حالة الاستعصاء فإن المطبوعة ذاتها كانت تصادر بالكامل. لكن الأمر اختلف تماما بعد ذلك حين تقدم الوعى وتطورت وسائل الترهيب والقمع والاحتيال على قيم الحرية والديمقراطية. فما عادت الرقابة يتولاها موظف حكومى، إنما صارت منوطة برئاسة التحرير ومطبخ الجريدة ذاتها. وما عادت الصحف تصادر، وانما أصبحت تحاصر وتخنق كى تموت ببطء. إن شئت فقل إن الصحف المستقلة التى لا تتخير السلطة رؤساءها تتعرض فى زمن الخوف لمختلف صور القهر المقنع. فأجهزة الدولة القابعة فى الظل هى التى تتولى الترهيب والتخويف وتمارس الضغوط. وهو ما يتم من خلال التحذيرات والتهديدات التى تنقل إلى المساهمين وأصحاب رأس المال فمنهم جهاز الإدارة المباشرة. وهذه الرسالة تنقل إلى المسئولين عن التحرير، التى ينقلونها بدورهم إلى المحررين والكتاب، لا فى صورة تعليمات وإنما من خلال النصائح والتنبيهات التى تعبر عن القلق على مصالح المؤسسة وتتعلل بدقة المرحلة وحسابات المصلحة العامة ومقتضيات الملاءمة السياسية. ولا يقف الأمر عند حدود الاستمرار فى النصح والتحذير، ولكن ذلك يتزامن أيضا مع ضغوط أخرى قد تتمثل فى حجب الإعلانات والتلاعب فى التوزيع، والابتزاز القانونى الذى يتم من خلال الضرائب وتوافر شروط الأمن الصناعى وغير ذلك. ولا يخلو الأمر من «نيران صديقة» تطلقها أبواق المؤسسة الأمنية المنتشرة فى المنابر الإعلامية الأخرى. وقائمة الاتهامات جاهزة حيث عباءة الإرهاب تتسع لكل أحد والتسجيلات والشائعات حاضرة لتحقيق ما يلزم.
الضغوط التى تمارس تحشر المسئولين عن التحرير فى مأزق، وهؤلاء يتوزعون على أربع فئات: فمنهم الصامدون الذين يتمسكون بأصول المهنة والولاء للقارئ ويبذلون جهدهم للحفاظ على ذلك الموقف ولذلك يبدون الاستعداد لمراجعة السلطة والحوار معها، ويرفضون الاستسلام لضغوطها. ومنهم المرتعشون الذين يسارعون إلى الالتزام بالتعليمات تأكيدا للولاء وحرصا على كسب رضا السلطة، حتى إذا كان ذلك على حساب الحقيقة والقارئ. ومنهم المزايدون الطامحون الذين يوسعون من نطاق «التجاوب» إلى حد الانبطاح الذى يجعلهم سلطويين أكثر من السلطة ذاتها. أما الفئة الرابعة فتضم الذين حسموا أمرهم من البداية وأصبحوا ممثلين للأجهزة الأمنية فى الجريدة، وهم الذين يوصفون فى خطابنا الإعلامى «بالأمنجية».
مع شيوع التصاغر السياسى واستمراره تراجعت القامات التى تنتسب إلى الفئة الأولى، وصارت القيادات الصحفية الجديدة تتوزع بين فئات المرتعشين والمزايدين والأمنجية. وأصبح صاحب الرأى المستقل ضحية للثلاثة مجتمعين. وبات عليه ان يدفع ثمن استقلاله مرتين، مرة لأنه ليس مرضيا عنه من السلطة وذلك يكلفه الكثير فى بلد تسيطر فيه السلطة على المقدرات والمقاليد. الأمر الذى يهدد أمنه واستقراره وموارده وطموحاته ومصالحه هو وأسرته. ومرة ثانية لأنه يتعرض للمعاناة فى نشر مادته، من جانب المرتعشين والمزايدين والأمنجية. عند الحد الأدنى فإن ما يكتبه يظل دائما واقفا فى الحلق وصعب الهضم. وفى ثقافة القهر الجديدة فإن القيادات الصحفية لا تمنع نشر المادة فى أغلب الأحوال، ولكن الضغوط تمارس على الكاتب لإكراهه على أن يلتحق بصف الموالاة. وإلى أن يتحقق ذلك فإن ما يكتبه يظل موضوع تفتيش وتدقيق فى النص والنوايا. إذ يسلط عليه سيف المواعيد ويراجع من النواحى السياسية والأمنية والقانونية من جانب الأوصياء الذين تشجعهم علاقاتهم بالسلطة على الادعاء بأنهم أكثر وطنية وأدرى منهم فى المصلحة العامة والحسابات الاستراتيجية والملاءمات السياسية، وهو ما يسلحهم بالجرأة على التوجيه والتقريع والتدخل بالتأجيل والحذف وإبراز المكتوب أو الحط من شأنه ودفنه.
ليست هذه صفحة من سجل الذكريات، لكنها سمة لمعاناة مستمرة منذ أربعين عاما فى صحافة الرأى، تستهدف تخيير الكاتب المستقل بين الركوع أو التيئيس والتطفيش. ادعو لنا بالثبات والصبر.
رابط المقال:
الكتابة فى زمن الخوف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.