دعا المرصد الوطني التونسي لاستقلال القضاء في بيان، إلى إعادة محاكمات رموز نظام بن علي بعد حصولهم على عقوبات لا تتناسب مع خطورة الجرائم المنسوبة للمتهمين ولأن تغيير الوصف القانوني لجرائم القتل العمد أو المشاركة فيه على سبيل المثال وتعويضه بالقتل على وجه الخطأ أو العنف الشديد الناجم عنه سقوط بدني لا يتلاءم مع حقيقة الأفعال الثابتة في حق المتهمين"، بحسب ما ورد في نص البيان. ووصفت القيادية في حركة النهضة يمينة الزغلامي، أحكام القضاء "بغير المقبولة"، مشيرة إلى أن "كل المؤشرات تقول إن السلطة القضائية لا تضع في أولوياتها إنصاف عائلات الشهداء ومعاقبة من قتل أبناء تونس بغير ذنب". وأكدت أن حركة النهضة تصطف إلى جانب عائلات الشهداء في المطالبة بمعاقبة من أجرموا في حق الشهداء. من جهتها صرّحت نائب رئيس المجلس الوطني التأسيسي التونسي محرزية العبيدي، بأن المجلس سيعقد جلسة خاصة يوم الاثنين 14 أبريل 2014. وعبّر حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (أحد أعضاء الترويكا) في بيان نشره على موقعه الرسمي، عن استنكاره لما أسماه "مهزلة تبرئة نظام بن علي من قتل شهداء الثورة"، معتبرا قرار المحكمة "تواطؤا مفضوحًا مع الرموز القمعية للنظام السابق وتبييضا لصفحة نظام بن علي من قتل المواطنين عمدا"، بحسب نصّ البيان. أما حزب التكتل من أجل العمل والحريات (المكون الثالث للترويكا)، فقد أبدى استغرابه تجاه الأحكام وطالب في بيان نشره على صفحته الرسمية في "فيسبوك"، ب"القطع مع ظاهرة الإفلات من العقاب وتطبيق محاكمات منصفة لقضايا شهداء الثورة وجرحاها". وكانت محكمة الاستئناف العسكرية بتونس العاصمة أصدرت يوم السبت 11 أبريل 2014، أحكامها في قضايا شهداء الثورة بتونس العاصمة ومحافظة القصرين ومدينة تالة (التابعة لمحافظة القصرين). وتتمثل تفاصيل الأحكام، في السجن ثلاث سنوات لرفيق الحاج قاسم وزير الداخلية في عهد المخلوع، وأربعة مسؤولين أمنيين سابقين، وهم علي السرياطي وجلال بوريقة ولطفي الزواري وعادل التويري، بينما أقرت الحكم بالسجن المؤبد في حق الرئيس الأسبق بن علي. في الوقت ذاته أفرجت المحكمة عن المدير العام الأسبق للأمن الوطني عادل التويري بعد "ضم العقوبات المحكوم بها في ما يعرف بقضية تونس الكبرى، وقضية شهداء مدن تالة والقصرين وتاجروين والقيروان، لتصل العقوبة إلى الحكم بثلاث سنوات"، بحسب ما قاله محاميه الصحبي البصلي في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء الرسمية. وحكمت المحكمة أيضا برفع حظر السفر عن جميع المتهمين في هذه القضايا، بينهم مسؤولو دولة في عهد المخلوع وأمنيون، وذلك بعد تنفيذ العقوبات الصادرة ضدهم والتي تراوحت بين السنة الواحدة والخمس سنوات. واستقبل أفراد من عائلات الشهداء الحاضرين في قاعة الجلسة الأحكام بالدموع والعويل وخيبة الأمل الممزوجة بإحساس القهر؛ إذ إنه بعد ثلاث سنوات من الانتظار جاءت الأحكام "صادمة" على حد تعبير عضو هيئة الدفاع عن شهداء الثورة وجرحاها، ليلى حداد. وقالت حداد إن ما حصل "نتيجة لصفقة سياسية، الهدف منها إخلاء سبيل رموز النظام السابق"، مشيرة إلى أن كل الأحزاب السياسية مشمولة بهذه الصفقة و"أيديها ملطخة بدماء الشهداء المهدورة"، محملة القضاء العسكري مسؤولية صدور هذه الأحكام "المخجلة"، على حدّ تعبيرها. يتفق مرصد استقلال القضاء تقريبا مع ذهبت إليه ليلة حداد بخصوص القضاء العسكري، إذ إنه ذكر في بيانه الصادر إثر النطق بالحكم "إن المحاكم العسكرية في وضعها الحالي لا تستجيب لضمانات الحياد والاستقلالية بالنظر إلى أن تسمية القضاة العسكريين تتم باقتراح من وزير الدفاع". وأثارت هذه الأحكام موجة غضب حادة على صفحات شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، تخللتها دعوات للتظاهر في الشوارع للمطالبة بأحكام ثورية. وإثر هذه الدعوات، أُرسلت تعزيزات أمنية إلى محافظة القصرين (صاحبة أكبر عدد من الشهداء)، تحسبا لأي احتجاجات، وبخاصة أن المجتمع المدني هناك ينادي بالخروج للشوارع تنديدا بالأحكام وإنصاف الشهداء.