لماذا تحتاج إسرائيل إلى أن يعترف بها الفلسطينيون دولة يهودية؟ هذا السؤال طرحه على أخيرا سياسى رفيع ومؤيد متحمس للسلام، لكن عندما يطلب إليه تقدير احتمال «السلام» يفضل أن يتحدث عن الفصل بين إسرائيل والفلسطينيين مثله مثل آخرين كثيرين من أحزاب اليسار والوسط فى إسرائيل. إن معظم الإسرائيليين لا يؤمنون بإمكان التوقيع على اتفاق سلام مع الفلسطينيين، وهؤلاء ينتمون إما إلى اليسار وإما إلى اليمين. وبينما يحاولون فى أقصى اليمين واليسار الدفع قدما نحو دولة ثنائية القومية، فإن باقى الأطياف تتحدث حول ضرورة الفصل. وفى هذه الأثناء، فإن إسرائيل الرسمية تتحدث عن اتفاق سلام طوباوى، لكنها فى قرارة نفسها تتمنى فصلا واقعيا. فى ضوء ذلك، فإن الجواب عن السؤال الذى طرحه السياسى الرفيع هو: إن الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية ذو مغزى حقيقى فقط لمن يعتقد أنه يمكن التوقيع على اتفاق سلام يحل النزاع من خلال صيغة تتضمن اعترافا متبادلا. فى المقابل، فإن أشخاصا مثلى لا يعتقدون بإمكان إحراز سلام ليسوا بحاجة إلى شىء، وبالتأكيد ليسوا بحاجة إلى اعتراف فلسطينى بدولة يهودية. وفى ظل انعدام السلام يكون الثمن الذى تُطالب إسرائيل بدفعه كى تنفصل أقل، وتصغُر كل الأحلام ولا يعود ثمة وجود لخطوط 1967، ولا تكون المطالب من الفلسطينيين ذات صلة. إذا أرادوا فليعترفوا، وإذا لم يريدوا فلا يعترفوا. إن الفصل خلاف للمفاوضات الحالية، لا يضمن حلا للنزاع، وعمليا لا يضمن شيئا باستثناء الحفاظ على الأغلبية اليهودية. منذ بضعة أعوام يدور جدل حادّ داخل إسرائيل حول الحاجة إلى سنّ قانون أساس: الدولة القومية للشعب اليهودى. وفى الأسبوع الحالى صادقت اللجنة الوزارية لشئون سن القوانين على تعديل مشروع قانون التعليم الرسمى وبموجبه يجب تعزيز قيمة دولة إسرائيل كدولة القومية اليهودية فى مناهج التدريس الرسمية. إن الفكرة صحيحة، غير أنه إلى أن تصل إلى الكنيست ستظهر ذريعة لعدم طرح التعديل للتصويت. فى اليمين سيحاولون الالتفاف على التعديل، وفى اليسار سيظهر أنبياء غضب يدعون أنهم يحمون الديمقراطية بأجسادهم. ولذا ستستمر إسرائيل فى الجدل حول هذه القوانين، لكن من دون أى حسم. وهكذا فى الوقت الذى نطالب فيه الفلسطينيين بالاعتراف بنا كدولة يهودية، فإننا نفرّ من الإجماع الوطنى الواسع حول تعريف الدولة اليهودية. ومعروف أنه فى دولة إسرائيل لا يوجد دستور، والوضع القائم يتشكل من قوانين أساس ومراكز قوى. هذه هى الحال فى شئون الدين والدولة وفى مسألة هويتنا الداخلية. وما بقى لنا هو وثيقة الاستقلال والحلم الصهيونى. إن دولة إسرائيل بحاجة إلى تعريفات وقوانين. وتتعزز هذه الحاجة عندما تتفاقم المسائل الوطنية. إن تعريف الهوية «اليهودية» ضرورى لتجنيد اليهود الحريديم فى الجيش ولمسائل تتعلق بالأقلية العربية داخل دولة قومية ديمقراطية مثل إسرائيل، وهو ذو مغزى أيضا الآن للمفاوضات مع الفلسطينيين. ولا يجوز مطالبة الآخرين بالعمل نيابة عنا، ويتعين علينا نحن أن نعترف بدولة يهودية قبل إحلال السلام بكثير. نوع المقال: القضية الفلسطينية