أكد الشيخ هاشم إسلام -عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف- حرمة الانقلابات العسكرية شرعا وكل ما يترتب عليها باطل وفاسد، لكونها اغتصابا للسلطة وقفزا على شرعية الإمام المبايع والمختار من الأمة عن طريق الانتخاب الحر المباشر، مشددا على أن هذا الحكم ينطبق على الانقلاب العسكرى الذى حدث فى 3 يونيه الماضى. وكشف إسلام فى حواره مع "الشعب" عن تحذير النبى من علماء السوء والفقهاء الكذبة الذين يعينون الحكام الظلمة والوزراء الفسقة، مؤكدا أن نهج العلماء الربانيين البعد عن الحاكم والسلاطين حتى لو كانوا يخافون الله ويتقوه ويراعونه فى حكمهم، مؤكدا أن المؤامرة على الأزهر لشريف قديمة منذ عصر محمد على وأكملها عبد الناصر ومن خلفه حتى عصر المخلوع مبارك. وشدد الشيخ هاشم مؤسس الاتحاد العالمى لعلماء الأزهر الشريف على أن علماء السلطان يخدمون ومن ينافقونهم من الانقلابيين الصهاينة ويحققون رغبات الماسونية العالمية، مؤكدا حرمة السلام الدائم مع الكيان الصهيونى أو الاشتراك فى محاصرة أشقائنا الفلسطينيين.. وإلى نص الحوار. -لماذا أفتيت بحرمة الانقلابات العسكرية بصفة عامة وإسقاط الحكم على ما حدث فى مصر فى 3 يونيه الماضى؟ - لأن الانقلاب العسكرى اغتصاب لسلطة شرعية والخروج على اختيار الأمة لحاكمها وإمامها وأميرها، وينطبق عليها الأحاديث الخاصة بمقاتلة من يطلب الإمارة فى وجود الأمير المبايع أو المنتخب، ولا يصح فيها القول بطاعة الأمير المتغلب بالسيف أى بالقوة؛ لأن هذا الأمر استثناء وليست القاعدة، وتكون فى حالة الحاكم المتغلب مثله وليس المختار من الأمة، والقاعدة الأساسية هى مقاومة من يحاول سلب الحكم والقفز على الشرعية من الأمة جميعا، والإسلام دين عدل ومشورة وحرية وليس دين السلب أو نهب الحكم من الحاكم الشرعى، وقد خلط علماء السلطان وكهان الحكام بين الإمام المحجور التى وصف بها د. مرسى بالخطأ لأنه ينطبق عليه الإمام المأسور والمغدور، وقد أوجب جمهور العلماء على الأمة بأسرها العمل على استعادته وتحريره من الخطف، ومقاومة الغادرين بالسبل المشروعة والأمة كلها مطالبة بذلك ما استطاعت إلى ذلك سبيلا. كما أن علماء السوء خلطوا ودلسوا فى كثير من الأمور منها خطأهم فى توصيف أهل الحل والعقد وإسقاطها على مؤدى الانقلاب من بقايا عصر مبارك فى المؤسسات السيادية والقضائية، وهذا الوصف يخالف إجماع علماء المسلمين على مدار تاريخ الإسلام. أما من الناحية السياسية البحتة فنقول لمؤيدى الانقلاب إن ما نهض حكم عسكرى بدولة ولا بنى أمة ولا رفع شان شعب، ولنرى ماذا فعلت الانقلابات العسكرية فى تركيا وباكستان والجزائر، ولنسترجع كيف تسلم عبد الناصر مصر وتنازل عن ثلثى مساحتها بعدما وافق على فصل السودان عن مصر وسلم سيناءوغزة للصهاينة! وأعيد التأكيد أن هذا الانقلاب لا ينطبق عليه حكم الأمير المتغلب لأنه جاء على إمام شرعى منتخب "مبايع"، ولذلك ما يحدث فى هذا الانقلاب هو أسر للحاكم وعلى الأمة جميعها استنقاذه من الأسر، والمنقلب ليس إماما ولا متغلبا، ووظيفة الإمام حراسة الدين وسياسة الدنيا، وهو غير متوافر فى الانقلاب، أما عن تغلبه فهو غير متغلب حيث لم تستقر له الأمور فى الدولة حتى الآن، ولو أنه كان متغلبا ومكتمل الشروط فإنه باطل ووجبت مقاومته بكل السبل المشروعة وإعادة الإمام الشرعى المنتخب المبايع "د. مرسى" إلى مكانه وممارسة كافة صلاحياته، ويجب على الأمة مقاومة الانقلاب وإقصائه من مكانه بكل السبل المشروعة. كما أنه بالفرض الجدلى أن هذا الانقلاب كان إماما شرعيا مبايعا بالانتخاب الحر المباشر وارتكب هذه الجرائم والمجازر بدءا بمجزرة العريش والنهضة 1و2و3 والحرس الجمهورى 1و2 والمنصة وفض رابعة والنهضة ومذابح رمسيس 1و2و3 والدقى والمنصورة وطنطا والشرقية وسائر ميادين ومحافظات مصر، وقتل المساجين فى أبو زعبل، وكذلك اعتقال الشرفاء وترويع الآمنين وسجن النساء الحرائر وتلفيق التهم للأبرياء والولاية للأعداء من الصهاينة والأمريكيين والمساس بهوية مصر الإسلامية.. فهذا كله ينزع عنه شرعيته لو كان شرعيا، فما بالنا وهو غير شرعى وباطل شرعا وعرفا وقانونا وكل ما ترتب عليه باطل وفاسد ومنعدم، فلجنة الدستور باطلة والتعديلات التى أداروها باطلة، واتفاقياتهم كلها باطلة والمسمى بالرئيس المؤقت ورئيس الوزراء ووزرائه والنظام بأكمله باطل وساقط هو وكل ما ترتب عليه باطل ولاغ ومنعدم وفاسد. السياسة الشرعية -كيف تصف تناقض الانقلابيين بقولهم بانفصال الدين عن السياسة ثم يستعينون بعلماء موالين لهم لتوطين حكمهم؟ -هذا موضوع يحتاج لشرح طويل، وألخصه فى أن السياسة لا تنفصم ولا تنفصل عن الإسلام، ويوجد فرع فى الفقه الإسلامى يسمى السياسة الشرعية، وكذلك توجد مصنفات لكبار علماء المسلمين خاصة الأحكام السلطانية، والعلماء الربانيون كانوا يتحاشون الاحتكاك بالحكام حتى الصالحين منهم، ويزداد النهى عن الالتصاق والتردد على الحكام الظالمين وذلك لوجود أحاديث كثيرة تأمر بهذا الاجتناب، وأذكر منها: "أخرج أبو داود، والترمذى وحسنه، والنسائى، والبيهقى فى "شعب الإيمان"، عن ابن عباس، رضى الله عنهما، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلاطين افتتن"، وأخرج أحمد فى مسنده، والبيهقى بسند صحيح، عن أبى هريرة رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من بدا جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلطان افتتن، وما ازداد أحد من السلطان قربا، إلا ازداد من الله بعدا». وأخرج ابن عدى عن أبى هريرة رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن فى جهنم واديا تستعيذ منه كل يوم سبعين مرة، أعده الله للقراء المرائين فى أعمالهم، وإن أبغض الخلق إلى الله عالم السلطان»، وأخرج ابن ماجه بسند رواته ثقات، عن ابن عباس رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إن أناسا من أمتى سيتفقهون فى الدين، ويقرءون القرآن، ويقولون نأتى الأمراء، فنصيب من دنياهم، ونعتزلهم بديننا ولا يكون ذلك كما لا يجتنى من القتاد إلا الشوك، كذلك لا يجتنى من قربهم إلا الخطايا"، وأخرج الترمذى وصححه، والنسائى، والحاكم وصححه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيكون بعدى أمراء، فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فليس منّى، ولست منه، وليس بوارد على الحوض، ومن لم يدخل عليهم، ولم يعنهم على ظلمهم، ولم يصدقهم بكذبهم، فهو منى، وأنا منه، وهو وارد على الحوض". المؤامرة على الأزهر وقد كان الأزهر الشريف فى الماضى هو الذى يقود الثورات ضد الفرنسيين والإنجليز وغيرهم من المستعمرين، وعندما تولى محمد على باشا الحكم أدرك أن الأزهر هو القادر على واجهته لأن الأزهر هو الذى جاء به، ولذلك جعل محمد على الأزهر مؤسسة تابعة للدولة المصرية، وعندما جاء إبراهيم باشا طلب منه شيخ الأزهر وقتها استقلال المؤسسة الدينية وإعادتها إلى سابق عهدها فرفض إبراهيم، وخنق الشيخ وقال له بالحرف "أبى ملكنى الأزهر" وأنت تريد أن تأخذه منى والله لا يكون أبدا، وتوالت المؤامرات العالمية والاستجابة المحلية لها حتى جاء عهد الزعيم جمال عبد الناصر وكان من أولى القرارات التى اتخذها هى إلغاء هيئة كبار علماء الأزهر المنتخبة وليست المعينة، وإخضاع الأزهر للسلطة التنفيذية لأول مرة بمعنى أن مؤسسات الدولة الأمنية والبوليسية لها سلطان على الأزهر وأصبح علماؤه مهددين بالسجن ورهن الاعتقال عند خروجهم عن الخط الذى تريده الدولة، وبعد ذلك حدث تطوير الأزهر فى عهد عبد الناصر وتوالى هذا التطوير ووصل لتغيير المناهج عدة مرات بهدف غير معلن، وهو القضاء على الأزهر لأنهم قالوا: مادام القرآن الكريم ومكة المكرمة وصلاة الجمعة والأزهر الشريف، فلا سبيل لنا على القضاء على الإسلام والمسلمين، وبناء عليه كان المطلوب هو تفريغ الأزهر من محتواه وبالتالى تخريج دفع أزهرية ضعيفة علميا غير مؤهلة ربانيا ولا تصلح لقدوة الأمة إلا ما رحم الله، وفى الوقت ذاته محاولة القضاء على المعاهد الأزهرية عن طريق تصعيب التعليم ووضع مناهج جامدة لا تلبى احتياجات العصر بمعنى أنها لا تجمع بين الأصالة والتجديد وتصعيب الامتحانات، وكثرة المساوئ فى العملية الدراسية والتعليمية وفتح الباب للتحويل للتربية والتعليم ومنع العكس من ذلك، بالإضافة إلى سوء المعاملة والروتين، حتى حول عشرات الآلاف من الطلاب فى العامين الماضيين فقط، وكانت الأنظمة الديكتاتورية المتعاقبة وخصوصا الثلاثة الأخيرة عبد الناصر والسادات وانتهاء مبارك تحاول استمالة من تجد فيه الولاء والتبعية والإخلاص لها وتستخدمه فى المناصب الكبرى، واستطاعت زراعة العلمانية فى نفوس بعض أبنائه فضلا عن البعثات التعليمية وأثارها الضارة رغم وجود بعض المنافع بها. شيوخ الحزب الوطنى واستمر الوضع على نحو ما سبق ذكره حتى جاء عهد مبارك فكان شرطا أن من يتولى مشيخة الأزهر أو الإفتاء أو وزارة الأوقاف لا بد أن يكون من أبناء الحزب الحاكم "الوطنى"، والكبير يولى الصغير ويأتى برجاله فى جميع المناصب صغرت أو عظمت قلت أو كثرت، وبالتالى تم إقصاء أشرف العلماء، ولعلنا نجد كثيرا من العلماء الربانيين ليس لهم نصيب من المناصب الكبرى التى هم أولى الناس بها، لأن الحكام يخشون كلمة الحق التى يقولها هؤلاء العلماء الربانيون وانحياز الناس لهم، فعلى سبيل المثال عندما كان الشيخ جاد الحق ينزل للمناطق فى بعض الأماكن، وعندها فطنت السلطة وقتها لذلك، فحالت بينه وبين الناس، وهنا استطاع هؤلاء الحكام الظلمة فى ظل الديكتاتورية والقهر والدولة البوليسية توطين ثلة من علماء السلاطين الذين يدينون بالولاء الكامل لهم؛ ففتاواهم تحت إمرة الدولة الثيوقراطية الكهنوتية الدينية، فإن أرادوها حلالا فهى حلال وإن أرادوها حراما فى حرام، وعلى سبيل المثال فوائد البنوك أحلوها رغم حرمتها المطلقة، والجدار الفولاذى العازل المقام لحصار أهلنا فى غزة أحلوه رغم أنه ينافى صريح الإسلام لأنه خيانة لله والدين والرسول فضلا عن الوطن لأنه حصار للمسلمين وعون للصهاينة الكافرين، والله سبحانه وتعالى قال: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ"، وقال أيضا " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ"، وقال: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ"، وقال كذلك: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ"، وقال أيضا: "وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً"، فى هذا الجدار عون للصهاينة أعداء الإسلام والدين والوطن بل والإنسانية كلها، وركون للظالمين، وهو يناقض قول الله تعالى: "وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ"، وقال أيضا " لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا".. كما أنه خذلان للمسلمين، وأكرر ما قلته مرارا أن قضية فلسطين هى قضية الأمة المحورية، وولاية لهؤلاء الصهاينة ومن والاهم، والاشتراك فى تجويع وقتل وهزيمة المسلمين بدلا من الجهاد والنصرة والولاية والمحبة والله يقول "وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ"، وآيات الجهاد كثيرة، كما أن الدفاع عن فلسطين هو من صميم الإسلام ومن أرقى درجات الجهاد ومسئولية كل العرب والمسلمين لا الفلسطينيين، وكل من يحارب المجاهدين الذين يحاربون الصهاينة فهو صهيونى آثم خائن لدينه وأمته وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم. الفرق بين الهدنة.. والسلام الجائر الدائم قد يرد على ذلك بقوله تعالى: "إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ" ويسقطون ذلك على معاهدة السلام؟ - هناك فرق بين الهدنة وبين معاهدة السلام فالهدنة جائزة لفترة من الزمان كما فعل النبى -صلى الله عليه وسلم- للاستعداد والتجهز للتقوى على العدو، أما معاهدة السلام التى ادعوا فيها أنها صلح بين العرب والصهاينة فإنه من المقرر فى السنة النبوية أن الصلح مشروع إلا صلح أحل حراما أو حرم حلالا، ومعاهدة كامب ديفيد أحلت الحرام وحرمت الحلال. -كيف ذلك؟ - علينا مراجعة فتاوى علماء الأزهر على مدار خمسين عاما بعد الاحتلال الصهيونى أنهم حرموا التطبيع والصلح والتعاون بكافة أشكاله وصوره مع العدو الصهيونى وهذا الصلح وما سبقه من معاهدات مثل معاهدات التقسيم، فهذه المعاهدات باطلة شرعا، ومحرمة شرعا إلى يوم القيامة وكل الآثار المترتبة فى الماضى والحاضر والمستقبل باطلة وفاسدة ولاغية ومنعدمة شرعا، لأنه لا يجوز لجيل من الأجيال أن يتنازل عن شبر واحد من فلسطين لأنها وقف إسلامى صرف مقدس لا يجوز لحاكم أو جيل التنازل عن شبر منه ، وأؤكد أن الإسلام دين المرسلين جميعا من لدن آدم حتى نبينا -صلى الله عليه وسلم-، وكانت معجزة الإسراء والمعراج تأكيد لوراثة أمة محمد لميراث النبيين جميعا وكذلك القبلة المقدسة والله يصف هذه الأرض هى المباركة والمقدسة، وصدقت السنة النبوية على ذلك، ثم يقول الله تبارك وتعالى فى هذه الوراثة للعالم أجمع "إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ"، ولذلك فنحن أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- نحن الأمة الوارثة، أمة الإسلام والمسلمين، ولا وارث غيرنا وإن كانوا يدعون أنهم أصحاب الرسل لأن الرسل كانوا على الإسلام فإن كانوا يريدون الاشتراك فى هذا الميراث فليؤمنوا بالنبى محمد -صلى الله عليه وسلم- وليدخلوا فى دينه وعندها نقول لهم أهلا وسهلا بكم، أما إن ظللتم على ما أنتم عليه فلا حق لكم فى هذا الميراث، بالإضافة إلى أنكم أيها اليهود كنتم أشتاتا فى الأرض متفرقين ولا حق لكم فى هذا الديار ولا هذا البلاد ولا هذه المقدسات، وأقول لعلماء الماسونية ألم تقرأوا فى أحد أسفاركم فى الكتاب المقدس أن الرب سبحانه وتعالى قال لإبراهيم عليه السلام "لنسلك أعطى هذه الأرض من النهر العظيم بمصر إلى النهر الكبير بالفرات"، لذلك فهم يحلمون بإمبراطوريتهم القائمة من مصر والشام إلى العراق والخليج العربى وما بنيهم وعاصمتها أورشليم القدس، وعندما فتح الكيان الصهيونى سفارته فى مصر عرضت عليه الحكومة المصرية مقرا شرق النيل فرفضوا وأصروا على أن تكون سفارتهم غرب النيل، وقالوا لن تكون لنا سفارة فى أرضنا، وسفارتهم حتى الآن وبعد نقلها الأخير توجد غرب النيل، اى أنهم يريدون احتلال مصر والسودان والشام والعراق والسعودية ويحلمون باستخراج جثمان الرسول -صلوات الله عليه وسلامه- ولذلك ينادون الآن بيهودية إسرائيل ويطالبون العرب والمسلمين بالاعتراف بيهودية إسرائيل التى تعنى أن حقهم من النيل إلى الفرات، ونرد على ذلك أنه بفرض صحة هذا السفر فنحن المعنيون بهذا القول المنصوص عليه فى ذلك السفر، إن أولى الناس بإبراهيم، وأيضا نذكر قول الله تعالى: " مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ"، والسؤال المطروح لعلماء السلاطين وعلماء الماسونية والعلمانية أيضا لماذا تخضع مؤسساتنا الدينية للأنظمة الديكتاتورية البوليسية الظالمة ولا تجرى فيها انتخابات حرة لكى تكون المؤسسة الدينية مستقلة تعبر بربانية عن جوهر هذا الإسلام وتترسم خطى النبى -صلى الله عليه وسلم- بينما نلاحظ أن الحاخامات على قمة الحرية فلا تستطيع الدولة التدخل فى شئونهم مطلقا، والأحزاب الدينية فى الكيان الصهونى قائمة وفاعلة على قدم وساق، والكنيسة عندنا لا تستطيع الدولة التدخل فى شئونها، وهى تفعل ما تشاء، حتى وإن مارست السياسة فلا جناح عليها رغم أنه من المعلوم عن المسيحية أنه ليس بها سياسة، ولكن الهدف الأسمى من كل ما سبق هو ضرب الإسلام فى مقتل؛ بتفريغ الأزهر من محتواه وقيادة الحرب على الإسلام بثلاثة محاور، محور ظاهر وآخر خفى، والمحور الأخطر هو محاربة الإسلام فى صورة بعض الجماعات "بغض النظر إن كانت أخطأت أو أصابت"، وذلك ينطوى ضمن مؤامرة كبرى لقيادة حرب إعلامية صهيونية ممولة على فلسطين والقضية الفلسطينية والتى كما قلنا هى القضية المحورية ومحاولة للقضاء على معسكر الممانعة والصمود والمقاومة والجهاد من أجل استرداد الوطن والمقدسات والحقوق المسلوبة، وقد صولوا فى مخططهم حتى صوروا غزة على أنها بؤرة الإرهاب وزرعوا فى عقول الناس أن أبطال المقاومة إرهابيون ومجرمون، أما العدو الصهيونى فهو الصديق والرفيق والحبيب، وأصبحت إسرائيل هى الجارة التى يحرم التعرض عليها ويجب أن نتعاون معها، وأقول صراحة: للأسف الشديد أصبح لدينا قطاع قليل لكنه يتصدر الساحة من علماء ومشايخ السلاطين وهم يصدرون فتاوى بغير علم مستتر بسروال المناصب وقيادة المؤسسات الدينية العريقة والتى تم اغتصابها من الأنظمة الديكتاتورية فأحلوا الحرام وحرموا الحلال وضيعوا شريعة الله وميعوا الأمور وضلوا وأضلوا.. فأصبح الناس فى كرب عظيم يلمسون سبل النجاة ويبحثون عن كلمة الحق وتلبس عليهم الأمور، بل إن الأخطر من ذلك أن هؤلاء العلماء المذكورين بفتاواهم المتناقضة ففى عهد مبارك يصدرون الفتاوى تباعا لصالحه، وفى عصر د. مرسى يصدرون فتاوى ضده مناقضة لما قالوه فى عصر المخلوع، ثم بعد الانقلاب يعودون لفتاوى مبارك المختلفة عما أصدروه فى عصر د. مرسى، كما أن منهم من أفتى لمبارك بجواز بناء الجدار العزل بيننا وبين أشقائنا الفلسطينيين وهو كما قلت معاداة لله ورسوله وحصار للمسلمين وموالاة للكافرين ومعاداة للمسلمين. فتاوى ماسونية والخطورة فى هذه القضية أن فتاوى هؤلاء تصب فى مصلحة الماسونية العالمية شاء هؤلاء أم أبوا علموا أم لم يعلموا وتحارب الإسلام والمسلمين، بل إن علماء الباطل أرادوا تكميم أفواه العلماء الصالحين الذين يقولون كلمة الحق وذلك خدمة لإلههم فرعون وآلهتهم المزعومة من الماسونية ومن والاها، بل أصبحت الدعوة للتنكيل بالعلماء الصالحين بشتى الأنواع والدعوة لاستباحة الدماء المحرمة والدعوة إلى قلب الحقائق وتزيين الباطل وإلباسه، ثوب الحق وتزييف الحق بثوب الباطل وهى أكبر جريمة فى هذا العصر الذى نعيشه وهم شركاء فى كل ما يحدث من الجرائم والضلالات وشيوع الباطل هم شركاء فيه ومسئولون عنه مسئولية كاملة أمام الله والتاريخ وأمام شعوبهم، ولا عذر لهم إلا بإعلان التوبة ورد الحقوق إلى أصحابها والاعتذار للشعب وترك هذه المناصب لقول الله تعالى "إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ".