29% من البنوك المركزية تعتزم زيادة احتياطياتها من الذهب    عيد الخير.. التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى يواصل نشر البهجة بين المواطنين بجميع المحافظات.. توزيع لحوم الأضاحى للأسر الأكثر احتياجا و حفلات ترفيهية وتوزيع الهدايا على الأطفال لاستكمال فرحتهم بالعيد.. صور    النفط يتراجع.. وعوامل تتحكم في أسعاره    مصدر رفيع المستوى: لا صحة لمشاركة مصر في قوة عربية للسيطرة على المعابر مع غزة    الاحتلال يواصل حربه على غزة وسقوط 18 شهيدا وعشرات الإصابات منذ الصباح    وكالة الأنباء السورية: مقتل ضابط جراء عدوان إسرائيلي على موقعين في القنيطرة ودرعا    حسين الشحات ينعي وفاة مشجعتي الأهلي (صورة)    استياء مجلس إدارة الزمالك من جوزيه جوميز بسبب «تسريح» فريق 2003 (خاص)    عكاظ: الوحدة السعودى يستهدف ضم محمد الشناوى حارس الأهلى    رئيس بعثة الحج الرسمية: بدء تفويج حجاج القرعة غير المتعجلين من مشعر منى    إصابة 6 أشخاص في تصادم سيارتين بالقناطر الخيرية    152 سؤالًا لن يخرج عنها امتحان الكيمياء لطلاب الثانوية العامة    تاسع حالة.. وفاة حاجة مصرية من بورسعيد أثناء أداء فريضة الحج بالمشاعر المقدسة    الصحة: تقديم خدمات الكشف والعلاج ل 18 ألف و726 حاجا مصريا    ماذا قال أحمد عز عن تركي آل الشيخ بعد ضجة فيلم ولاد رزق 3؟ (تصريح)    مواليد 4 أبراج فلكية يعشقون النوم.. هل أنت منهم؟    جيش الاحتلال: استهدفنا مبنى عسكريا لحزب الله فى بلدة يارون جنوب لبنان    أجر عمرة.. مسجد قباء مقصد ضيوف الرحمن بعد المسجد النبوي    الصحة: تنفيذ 129 برنامج تدريبي ل 10 آلاف من العاملين بالوزارة    البحرية البريطانية: غرق سفينة استهدفها الحوثيون الأسبوع الماضي    رابع أيام العيد.. محافظ الغربية يتابع جهود رفع الإشغالات والنظافة بالقرى    إيرادات قطاع الضيافة في ألمانيا ترتفع في أبريل    الإسكان: إنهاء 381 مشروعا ب3 مراكز بمحافظات كفر الشيخ والغربية ودمياط ضمن مبادرة حياة كريمة    "لُقب بميسي وتألق تحت قيادة والده".. من هو فرانسيسكو كونسيساو "مُنقذ" البرتغال؟    صباحك أوروبي.. عودة دي يونج.. قلق كامافينجا.. ورحيل شقيق مبابي    ذا صن: سرقة قطعتين من كأس الدوري الإنجليزي    محمد رمضان يعلن غيابه عن دراما رمضان 2025 للموسم الثاني على التوالي    السياحة: ⁠توافد كبير من الزائرين على المواقع الأثرية والمتاحف خلال إجازة عيد الأضحي    مراكز شباب المنيا تواصل استقبال الأهالي في رابع أيام العيد    ما هي الأشهر الحرم وسبب تسميتها؟    «بكم طن حديد عز؟».. سعر الحديد اليوم الأربعاء 19 يونيو 2024 بالمصانع المحلية    استشاري باطنة: المبادرات الصحية في مصر مبتكرة وساهمت في القضاء على أمراض متوطنة    لجنة التدريب ب«القومي للمرأة» تناقش خطة عملها الفترة المقبلة    وفاة جديدة بين سيدات الغردقة أثناء أداء مناسك الحج.. وأسرتها تقرر دفنها في مكة    «إكسترا نيوز» ترصد مظاهر الاحتفال بالعيد في قنا والقناطر الخيرية (فيديو)    «الصحة» تحدد أفضل طريقة لطهي اللحوم الحمراء: لا تفرطوا في تناولها    أول تعليق من اللاعب محمد الشيبي على قرار المحكمة الرياضية الدولية | عاجل    عصابة الماكس.. أفراد تخلت عنهم العائلة وجمعتهم الجريمة    بعد وصف وزارة العمل علاقتها بمصر بأزهى العصور.. تعرف على المنظمة الدولية    القناة 12 الإسرائيلية: الجيش لا يزال بعيدا عن تحقيق مهامه برفح    زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب المناطق الشمالية في باكستان    فعالية «توظيف مصر» برعاية «التحالف الوطنى»    أسعار البيض اليوم الأربعاء    تنسيق الجامعات 2024.. قائمة الجامعات الخاصة المعتمدة بوزارة التعليم العالى    استشهاد 7 فلسطينيين فى قصف إسرائيلى على شمال غربى مخيم النصيرات وغزة    برلين تنتقد قرار موسكو إعلان معهد دي إتش آي الألماني منظمة غير مرغوب فيها    ناقد فني: أعمال عادل إمام توثق مراحل مهمة في تاريخ مصر    هل الأموات يسمعون كلام الأحياء؟ دار الإفتاء المصرية تكشف مفاجأة    سورتان للمساعدة على التركيز والمذاكرة لطلاب الثانوية العامة    «ثورة أخيرة».. مدينة السلام (20)    الحكومة الجديدة والتزاماتها الدستورية    لبيك يا رب الحجيج .. شعر: أحمد بيضون    في ثالث ايام عيد الاضحى.. مصرع أب غرقًا في نهر النيل لينقذ ابنته    احتفالية العيد ال 11 لتأسيس ايبارشية هولندا    «بايدن» يستنجد ب«المستنجد»!    حظك اليوم.. توقعات برج العذراء 19 يونيو 2024    علامتان محتملتان للإصابة بالسرطان في يديك لا تتجاهلهما أبدًا (صور)    بعد وفاة العشرات خلال الحج بسببها.. كيف يمكن أن تكون ضربة الشمس قاتلة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا أوانك..
نشر في التغيير يوم 08 - 10 - 2013

كالعارفين بمواضع استخراج الماء من الصخر أو بمواضع البراكين التى تنفجر تحت الماء فتظهر نارا فى عرض البحر، يبدو أن الفلسطينيين تدربوا على استخراج الأمل من اليأس.
منذ أول القرن والفلسطينيون يقاتلون إذا سالم الناس، ويسيرون إذا توقفوا دونهم، ويتجمعون إذا تفرقوا عنهم، ويثبتون إذا انهزموا من حولهم. ربما لم يكونوا أكثر من غيرهم بطولة، لكن توقيت بطولاتهم عجيب، والبطولة هى توقيت البطولة: «وما وُلِدَ النَّبِيُّ كذا نبياً، لِكُلِّ الناسِ سَاعَتُه النَّبِيَّة»، وإنى لأرجو أن يكون هذا أوانهم، فإن ارتباك الأمة فى أوجه.
●●●
فى عام 1922 كان واضحاً أن الثورة المصرية فشلت فى تحرير مصر من الاحتلال البريطانى وأنها لم تحقق إلا استقلالا إسميا. كان الملك ورئيس الوزراء يومها مثل رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء اليوم، لا حول لهم ولا قوة، أما السيادة الحقيقة على البلاد ففى يد العسكر، وقد كانوا يومها بريطانيين.
كان البريطانيون فصلوا مصر رسميا عن الخلافة العثمانية عند نشوب الحرب العالمية الأولى، وعينوا شخصاً قليل المعنى يدعى حسين كامل سلطانا على مصر، ثم خلفه بعد ذلك السلطان فؤاد بن إسماعيل، والمضحك أنهم عينوهما ولم يعترفوا بهما، سموا كلاً منهما سلطانا ليسميه المصريون سلطانا، لكنهما لم يكونا بالنسبة لهم شيئاً يذكر، بل لم يكونوا يعتبرونهما موظفَيْنِ عندهم لأن لموظفى الحكومة البريطانية حقوقاً، وهذان لا حقوق لهما. وحين انتهت الحرب العالمية الأولى واشتعلت ثورة 1919 للمطالبة بجلاء البريطانيين واستقلال مصر، قرر أكبر تنظيم شعبى فى ذلك الحين، الوفد، أن يتفاوض، كما فعل الإخوان المسلمون فى زمانك هذا. وكما قتل التفاوض ثورتنا هذه القريبة قتل ثورة 1919 ولم تسفر عن شيء يذكر سوى تغيير اللقب، فبدلاً من سلطان بلا سلطة يدعى فؤاد، أصبح لمصر ملك بلا سلطة يدعى فؤاد، وبقى العسكر البريطانى حاكما كما كان، وكتب بيرم التونسى وقتها:
«ولما عِدِمْنَا فى مصر الملوك، جابوك الانجليز يا فؤاد قعدوك، تمثل على العرش دور الملوك، وفين يلقوا مجرم نظيرك ودون وخلوك تخالط بنات البلاد، على شرط تقطع رقاب العباد، وتنسى زمان وقفتك يا فؤاد، على البنك تشحت شوية زتون بذلنا ولسه بنبذل نفوس، وقلنا عسى الله يزول الكابوس، ما شفنا الا عرشك يا تيس التيوس، لا مصر استقلت ولا يحزنون»
●●●
وكان فى المشرق حدث آخر، يشبه ما يجرى اليوم فى سوريا، حدث اختلف الناس فى زمانه وإلى زماننا هذا إن كان ثورة كبرى أم خيانة عظمى، وكان حدثا يخير الناس بين الاستبداد من ناحية وبين الحرب الأهلية والاستعمار من ناحية ثانية، وأعنى به «الثورة العربية الكبرى» والتى كانت تحالفا عسكريا بين بعض العرب والبريطانيين ضد الخلافة العثمانية فى إسطنبول: استعان دعاة القومية على دعاة الخلافة بالاستعمار فى العقد الثانى من القرن العشرين، كما يستعين اليوم، فى العقد الثانى من القرن الحادى والعشرين، بعض دعاة الخلافة على دعاة القومية بالاستعمار...فيا للسعادة!
●●●
كانت كل هذه المصائب تنزل على أهل فلسطين كالمطر، احتل الغزاة الأوروبيون العراق وسوريا ولبنان والأردن وبقيت مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب فى أيديهم، وسقطت الخلافة فى اسطنبول وتفتت المشرق، ثم زاد على هذا كله أن غزاة فلسطين الجدد كانوا قد قرروا أن يقيموا فيها وطناً قومياً لليهود وعينوا لها مندوبا ساميا صهيونى الهوى يدعى هربت صمويل لتسهيل الهجرة اليهودية إليها التزاما بوعد بلفور.
فى هذا الظلام الشامل، وفى فوضى الرصاص المتطاير بين كل أخ وأخيه، انطلق الرصاص فى فلسطين فى الاتجاه الصحيح، وتكونت فى البلاد عام 1922 حركة مقاومة للاحتلال البريطانى والاستيطان الصهيونى بقيادة عز الدين القسام، واستمرت فى عملها حتى استشهاده واشتعال ثورة 1936. وبينما كان الحكام العرب يوقعون فى القاهرة وبغداد اتفاقيات «صداقة وتحالف» مع بريطانيا العظمى، كان متطوعون من كل البلاد العربية بل ومن بلاد أخرى كالهند وتركيا وإيران، يتوافدون على فلسطين للمقاومة، وشكلت حركة «الجهادية» ثم ثورة 36 وعى جيل كامل من العرب فى فلسطين وحولها.
وفى ستينيات القرن العشرين، كانت مصر تعاقب على بطولتها فى الخمسينيات، وبدأت الأمور تتسم بالصعوبة، الوحدة المصرية السورية انتهت بانقلاب ممول من قبل الاستخبارات الأمريكية، والتوتر بين نظام جمال عبد الناصر القومى فى مصر ونظام عبد الكريم قاسم الأقرب إلى الشيوعية فى العراق أضعف الطرفين، ثم ازداد الطين بلة بتورط الجيش المصرى فى حرب طويلة فى اليمن تكاد تكون جرته إليها المملكة العربية السعودية جراً. وفى وسط هذا الانشغال العربى عن فلسطين، وتفضيل العرب أن يقتل بعضهم بعضاً، كان الفلسطينيون ينظمون صفوفهم لمقاومة الاحتلال، وأطلقوا الرصاص فى الجهة الصحيحة مرة أخرى، واستمروا فى إطلاقه حتى بعد هزيمة عام 1967، وألهمت المقاومة الفلسطينية، منذ معركة قرية الكرامة فى غور الأردن عام 1968 جيلاً كاملاً من العرب.
وفى الثمانينيات كان الوضع أكثر كارثية، كانت مصر قد سالمت إسرائيل فاطمأن الغزاة على جبهتهم الجنوبية واندفعوا شمالاً لاجتياح لبنان وطرد المقاومة الفلسطينية منه عام 1982. وخرجنا من بيروت ووقعت مذبحة صبرا وشاتيلا. ثم انقسمت منظمة التحرير على نفسها، فثم فصائل موالية لسوريا وآخرى معادية لها، فوقعت بين المجموعتين حرب أهلية فلسطينية فلسطينية فى طرابلس عام 1983، وأدى هذا إلى قصف المخيمات الفلسطينية فى لبنان وحصار أهلها لعدة سنوات. أما إلى الشرق فقد كان العراق وإيران منهمكين بالتذابح المتبادل، واستخدم العراق السلاح الكيماوى ضد الإيرانيين والأكراد. فى ظل هذا كله، انطلقت الانتفاضة الفلسطينية الأولى، والتى لم يكن فى أيدى القائمين بها إلا الحجارة لترى الأمة الطريق الصحيح.
واليوم، وقد وصلنا إلى ما وصلنا إليه، بعد أن نكبت مصر فى إسلامييها وقوميها إذ قبل كل منهما بقمع العسكر فى مرحلة من المراحل، وبعد أن أصبح عسكرها يسالم إسرائيل ويحارب غزة، وبعد أن جرى فى سوريا والعراق ما جرى، وبعد أن أصبح تاريخنا لمعة على نظارة سوداء لمهزوم فخور، وقتلى يسقطون فى المعارك الخطأ بعشرات الآلاف...أظن أننا نحتاج أن تنقذنا فلسطين من حروبنا مع أنفسنا، إننا نحتاج فلسطين أكثر مما تحتاجنا فلسطين....يا فلسطين، هذا أوانك.
رابط المقال:
http://shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=08102013&id=45d96422-309c-419e-8a52-6e19646401ac


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.