هناك حلا لكل مشكلة ، وفكرة تلبي كل احتياج ، وسأفصل الآن ذلك بعض التفصيل ، والاحتمال القائم كبير بأن ما أنجز تلك الحلول والأفكار موجود ومخزون فى عقلك . والعلماء يقدرون أثناء فترة حياة الإنسان المعتادة أن ما يرسل إلى العقل البشري من البيانات يبلغ 15 تريليون خلية بيانية ، وكل ما اختبرته مسجل فى تلك الخلايا ، فإذا ما كانت هناك تريليونات من البيانات الموجودة فى العقل ، فاذكر فقط كم يمكن أن تشكل منها كميات لا حصر لها بالتآلف المتنوع من المعلومات ، وبكل تلك القدرة تفيدك الإجابة التي تحتاجها . وهذا هو الجزء السار فى الخبر ، أما الجزء السيء فيه هو أن 90% من تلك المعلومات مدفونة فى عقلك الباطن وليس هناك من وسيلة سهلة لتخرجها بإرادتك على حيز الوجود الرحب ، وإنما تخرج من تلقاء نفسها إن أرادت ولا سلطان لك عليها من عقلك الواعي إذا رغبت فيها ، ولا يمكنك ان تأمر عقلك الباطن بإطلاق البيانات الدقيقة التي تحتاجها وقتما تشاء ، فلن تنجح معه بهذا الأسلوب ، فهو فى حاجة إلى الوقت للتمحيص والفرز وإعادة التنظيم ، ثم تأتيك الإجابة فى وقت لا تتوقعها منه . وإليك طريقة عمله والسبب فيها : * أثناء مجاهدتك وكفاحك الواعي لتبدع فكرا أو تفوز بحل ، يعلم عقلك الباطن أيضا بما تنشده . * لا يستقر عقلك الباطن أبدا ، ولا يتوقف عن العمل حتى أثناء نومك فهو دائم العمل على فرز واختيار وترتيب تريليونات من وحدات البيانات الصغيرة التي يحتويها . * ربما بعد دقائق أو ساعات أو حتى أيام من توقفك عن التفكير مليا فى مشكلة معينة ، إذا بالحل يومض بغتة فى ذهنك الواعي ، فقد تخطر على بالك فجأة فكرة او إجابة على مشكلة صعبة ، تأتيك وذهنك فى شغل شاغل ، ويفكر فى أمر آخر . والشخص الذي كان أول من قال : " نم على الموضوع " – شخص حكيم بالفعل ، فأهم الأفكار والاختراعات إنما نبتت خلال فترة من النوم أو فى أعقابها ، وهي أهم من تلك تمت أثناء اليقظة والوعي ، بل إني على يقين من أنها جاءت جميعا من العقل الباطن . ولابد أن سير والترسكوت كان يعلم بذلك ، فلم يكن ليسمح لأفكاره ومشاكله أن تقلق منامه وتضايقه ، وأدرك أن فى معظم الحالات سيأتيه صباحا الجواب الشافي عند نهوضه من الفراش ، وكانت " لاينشتاين " نفس الرؤية ، راويا عن نفسه أن أبدع أفكاره هبطت عليه أثناء حلاقة ذقنه ، وكان " توماس إديسون " – بعد فترة من المحاولة المضنية لحل مشكلة صعبة وفشله فى ذلك – يأخذ قرارا بترك الأمر كله لفترة أربع وعشرين ساعة ، وفى لحظة ما من فترة الأربع وعشرين ساعة ، وبلا ادنى شك بعد فترة من النوم ، كان الحل يأتيه طائعا ، كما روى موزار لأصدقائه أن بعضا من أعذب ألحانه ألفها أثناء إغفائه ، ليدون كتابة عندما يستيقظ – الكم الوافر من موسيقاه التي سمعها أثناء نومه . ولكنني فى حاجة لأؤكد على شيء واحد – حتى لا تخطىء فيما أرمي إليه – وهو أن كلا من الأشخاص المذكورين كان له باع طويل فى مجاله ، فلم يكن لينمي عبقريته من الأفكار التي تهبط عليه خلال نومه ، فليس بإمكان العقل الباطن إلا فرز واستخرج المعلومات التي اكتسبها بالفعل بتعاقب السنين ثم إبلاغك بهذه المعلومات عند الحاجة . وهذا هو السبب فى أن الأشخاص المبدعين يعتمدون على عقلهم الباطن ليس كدعامة وسند أساسي وإنما كأداة تعاونهم على التخزين فى عقولهم لمعظم ألوان المعرفة وآفاق الإبداع التي يلمون بها ويستفيد أقصى الاستفادة كل من يألفون إنجازات العقل الباطن " كما أصبحت انت الآن " وكل من يعلمون – من خلال تجاربهم الطويلة – ان فى وسعهم الاعتماد عليه