"تمرد"، حملة دشنها شباب لجمع توقيعات لسحب الثقة من نظام الرئيس الحالي، في المقابل ظهرت أمامها حملة "تجرد" لجمع توقيعات مساندة للنظام، ليبقي الشارع المصري، حائرا بين الحملتين ومستقبلهما، فضلا عن كونهما يمثلان يدا واحدة في عبثية المشهد السياسي الحالي. انطلقت حملة "تمرد" بالشارع المصري منذ شهور لجمع توقيعات من المواطنين لسحب الثقة من النظام السياسي القائم، الحملة فكرتها العامة تشبه كثيرا ما فعلته الجبهة الوطنية للتغيير بقيادة الدكتور محمد البرادعي، قبل ثورة 25 يناير من جمع توقيعات للمواطنين ضد مبارك ونظامه، لكن في المقابل ظهرت حملة مضادة تحمل اسم "تجرد" لديها فكراً مغايراً لكنها تعمل بنفس الآليات. يهدف أنصار حملة "تمرد" لنفي صحة الإدعاءات بأن المعارضين قلة، زاعمين أنه ليس معنى أن الرئيس جاء منتخباً أن نتركه يسير في الطريق الخطأ حتى تتدهور الدولة، وأن المطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة هي ممارسة ديموقراطية لا يشوبها غبار. وتسعى "تمرد" لجمع 15 مليون توقيع أي عدد يفوق العدد الذي انتخب الرئيس مرسي، وكذلك الحشد لمليونية يوم 30 يونيو المقبل، والذي يتزامن مع مرور عام على تقلد مرسي للحكم. كما أن "تمرد" حملة لا تعتبر منظمة، بل هي تقوم أكثر على إسهامات شبابية تأخذ في بعض الأحيان شكلاً عشوائياً، تجد في النهاية شخصاً مسؤولاً من الحملة في كل منطقة يحملها لمقر الحملة المركزية، ولا يوجد إحصاء رسمي حتى الآن لعدد التوقيعات التي جمعتها الحملة. وعن التشابه بين تمرد والجبهة الوطنية للتغيير، فإن تمرد هي كفكرة "أكثر شبابية"، وأكثر استهدافا لرجل الشارع عن النخب كما كان الحال للجبهة الوطنية للتغيير؛ لأن من أطلقها الشباب وانضم لها لاحقاً بعض الرموز والقيادات لذا لا يستطيع أحد شيطنتها أو قول أن من بدأها هذا السياسي أو ذاك". وعلى الجانب الآخر، ظهرت حركة "تجرد" التي تجمع توقيعات مؤيدة لبقاء النظام، رغم أنها لم تحظ بالانتشار الإعلامي مثل منافستها تمرد، حيث يقل ظهور أعضائها في الشارع، إلا أنهم أعلنوا عن تجميعهم 7 ملايين توقيع وفقا لاحصائياتهم الأخيرة. وحركتا "تمرد" و"تجرد" وجهان للعمل السياسي بطرقه السلمية بعيداً عن العنف والمولوتوف الذي أصبح مرفوضاً من المجتمع ولا يجذب الشارع، فأدوات الضغط السلمي أفضل وتمثل الطريق الصحيح وليس أمامها حلاً آخر، ويظل الشارع المصري بكل طوائفه وميوله السياسية حائراً بين الحركتين وقصة النهاية لكل منهما. كما أن ظهور "تجرد" ليس للرد على "تمرد"، هكذا أكد أحمد حسني، المنسق الإعلامي لحركة تجرد بشأن ما يثار حول ظهور حملتهم لمجابهة تمرد فالحملة فكرتها عامة وهي التجرد في الرأي لما فيه صالح البلاد وتوعية المواطن بالرجوع للشريعة عندما تعرض عليه مواقف سياسية وكذلك الحفاظ على التجربة الديموقراطية الوليدة في مصر وعدم الحياد عنها"، وتقوم على جمع توقيعات المواطنين على استمارات تؤيد استكمال مرسي لفترته الرئاسية. ولم ينكر أعضاء تجرد على تمرد حقهما في جمع التوقيعات فهم يدعمون أي صورة سلمية للتعبيرعن الرأي خاصة من الشباب. تأصيل مفاهيمي التمرد أو العصيان هو رفض طاعة الأوامر ، ويمكن تعريفه بأنه مجموعة السلوكيات التي تهدف لتدمير سلطة أو إحلال سلطة محل السلطة القائمة فيما إذا كانت حكومة أو رئيس دولة. ويمكن أن يكون التمرد بدون أساليب عنيفة مثل العصيان المدني أو قد يشمل اساليب عنيفة. ويعرف المتمردون بأنهم أولئك الأشخاص الذين يشاركون في التمرد ولا سيما فيما إذا كان التمرد مسلح. وعلى مر التاريخ، نعتت الجماعات التي تعارض حكوماتها بالمتمردين، فقد حصلت أكثر من 15 ثورة فلاحية في جنوب غرب فرنسا بين أعوام 1990 و1915، واستخدم هذا المصطلح من قبل الجيش القاري البريطاني خلال حرب الاستقلال الأمريكية، وكذلك بالنسبة استخدم في الحرب الأهلية الأمريكية. لم تكن الثورات المسلحة موجهة عموماً ضد نظام السلطة، إنما سعى بعضها إلى تشكيل حكومات جديدة على سبيل المثال ثورة الملاكمين التي هدفت إلى تشكيل حكومة صينية أقوى من الضعيفة الموجودة. مؤيد ومعارض ومستفيد وصف صابر أبو الفتوح القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، التحركات الأخيرة لحملة تمرد التي تسعي لسحب الثقة من الرئيس، واعتزام البعض تنظيم محاكمة شعبية للرئيس ومظاهرات حاشدة يوم 30 يونيو المقبل، هي تحركات ودعوات فاشلة لن يكون لها أي صدي ، مضيفا "أن هؤلاء لن يستطيعوا تحريك المجتمع، خاصة أن جبهة الإنقاذ تتبني العنف والفوضي دائما، وتبنيها لحركة "تمرد" لن يجعل لهم وزن أو قيمة، ولن تكون لهم استجابة كما يزعمون". وتساءل عن حجم تلك القوي الليبرالية واليسارية في المجتمع المصري؟ مؤكدا أنهم لم يستطيعون تحريك أحد سوي أقل من ألف شخص خلال مظاهرات الجمعة قبل الماضية في ميدان التحرير، خاصة أن المجتمع المصري متدين بطبيعته، ومؤيد للقوي الإسلامية، وإذا ما أرادت تلك القوي أن تري المظاهرات المليونية الحاشدة، فعليهم أن يرجعوا للتاريخ ويروا مظاهرات الإسلاميين كيف كانت. وحول موقفهم من حملة "تجرد" التي أطلقها الشيخ عاصم عبد الماجد، عضو مجلس شوري الجماعة الإسلامية، قال:" تجرد أو تمرد أو غيرها من الحملات لا جدوي لها، فهي حملات عبثية لإرباك المشهد السياسي والديمقراطي. وقال الدكتور محمد نور فرحات ، الفقيه الدستورى، إن حركتي تمرد وتجرد ، وسائل سياسية لايترتب عليهما أية آثار قانونية ، مشبها الحملتين بإحدى النكات التى أطلقها الروس أثناء المنافسة الانتخابية لديهم، قائلا على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك": "تذكرنى حملة "تجرد" وما أعلنته عن سعيها للحصول على عشرين مليون توقيع لصالح مرسى فى مقابل ال 15 مليونا التى تستهدفها حركة "تمرد" بالنكتة التى أطلقها الروس أثناء المنافسة الانتخابية بين الرئيس يلتسين ومنافسه سكرتير الحزب الشيوعى زيوجانوف". وتابع فرحات :"توجه مدير حملة يلتسين إليه وأيقظه من نومه قائلا: عندى لك سيادة الرئيس خبران أحدهما سيئ والآخر جيد، قال الرئيس يافتاح يا عليم؛ ابدأ بالسيئ، قال المدير: لقد حصل منافسك زيوجانوف على 70% من الأصوات؛ انهار الرئيس، وصرخ قائلا أغثنى إذن بالخبر الجيد؛ قال المدير: لقد حصلتم سيدى الرئيس على الثمانين فى المائة الباقى"، مؤكدا "هذا كله ليس إلا إهدار للوقت تمرد لن تصل لشيء وتجرد ليست سوى وسيلة تشويش على تمرد. على الجانب الآخر ، قال نادر بكار، مساعد رئيس حزب النور للشئون الإعلامية، إن "حركة "تمرد" ابتكار سلمي للتعبير عن الرأي، لكن لايمكن الاعتماد عليها في التغيير، لأن إسقاط الرئيس محمد مرسي يهدد مستقبل أي رئيس يحكم مصر مستقبلاً"، رافضًا وصف "تمرد" بأنها محاولة لقلب نظام الحكم، مؤكدًا أن ذلك "غير منضبط"، والرد على الحملة يجب أن يكون بزيادة العمل. جاء يكحلها عماها وجاء الشاعر الفاجومي أحمد فؤاد نجم ، المؤيد المستميت لحملة تمرد والمدافع عنها في المحافل الشعرية والنثرية ، المزدري لجماعة الإخوان المسلمين ، يكحلها عماها كما يقول المثل ، خاصة بعد تصريحاته التي شككت في نزاهة حملة تمرد وشفافية التوقيع على استمارات الحملة ، بعدما صرح بأنه وقع على 16 استمارة لحملة تمرد التي تطالب بسحب الثقة من الرئيس محمد مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، مضيفاً: "تمرد إيه العبقرية دي، ورقة أرعبت النظام وأمريكا وإسرائيل، أنا مضيت 16 مرة كل ما آجي ماشي وأقابل ناس أقولهم هاتوا ورقة". ووصف "ما يفعله أعضاء حملة تمرد إبداع جيل ما بعد جيل الثورة، وأنا مُعجب بهم". المستفيد الوحيد نقصد هنا رأس السلطة الحاكمة في مصر الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي الذي صرح مؤخرا معلقا على حركة تمرد قائلا "عملنا انتخابات رئاسة الجمهورية، ونجحت بالعافية، زي ما بيقولوا، بنسبة أصوات 52% ، لكن ما حدش ييجي يقول هنجيب شوية توقيعات، ونقولك مع السلامة، وبعدها ييجي رئيس تاني وتتكرر المسألة". كما لم يحط الدكتور مرسي من قدر معارضيه مثل فعل المخلوع سابقا ، حينما سئل عن البرلمان الموازي آنذاك قائلا "خليهم يتسلوا" ، إلا أن رد فعل مرسي جاء أكثر وقارا بعد وصف حركة تمرد بأنها تضم مجموعة مخلصة تفكر بطريقتها، يمكن أن تشكل حزبا أو جمعية، لكن لا نريد أن نضيع وقتنا، نريد أن نعمل حتى لا نخسر الفرص، ولا بد أن نخطو في كل يوم خطوة، حتى ونحن نتشاجر، ونقطع هدوم بعض، ولا يجب أن ننتظر أن تنتهي الخناقة، ويجب أن نمضي للأمام. عبثية المشهد "جمع تمرد للتوقيعات وسيلة سلمية للإعتراض ، لكنها وسيلة ضعيفة للغاية لن تفضي إلى شيء يذكر ، أما تجرد فهي كعادة التيار الإسلامي تخلق لمواجهة أي فكرة معارضة كظهور حركات مثل قضاة من أجل مصر وجبهة الضمير الوطني" وفي النهاية أدينا بنتسلى بهذه الكلمات استقبل الشارع المصري حملتي تمرد وتجرد وكأنها مبارة بين فريقي الأهلى والزمالك أيهما سيربح في الآخر بغض النظر عما إذا كان هناك دوري في الأساس أم أن الفريقان يلعبان وديا والنتيجة ليست في صالح أي منهما. فأنصار الجماعة الإسلامية على رأسهم مدشن حركة تجرد عاصم عبد الماجد يرون أن هناك إقبال غير مسبوق من الشارع على التوقيع وأن الشعب سيقضي على المتآمرين تمكنت من جمع 2 مليون توقيع الشباب المتطوع في الحملة وصل إلى 6 آلاف شاب وقام بالتوقيع على استمارة حملة تجرد الشيخ محمد حسان الداعية الإسلامي والشيخ محمد عبد المقصود وعاطف عبد الرشيد وفي المقابل ، يرى أنصار تمرد أن جماعة الإخوان المسلمين لم تستطع أن تخفى هواجس الخوف بداخلها إزاء دعوات الحشد ليوم 30 يونيو القادم، هذا فى الوقت الذى ألمحت فيه حركة تمرد عن وصول عدد الموقعين على استمارة سحب الثقة من النظام إلى ما يقرب من 6 مليون . وكشفت الحملة عن توقيع الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي وأسرته علي استمارات سحب الثقة "تمرد" من الرئيس الحالي الدكتور محمد مرسي داخل منزله بقرية الضبعية بالإسماعيلية. وأعلن الأبنودي تضامنه مع الحملة ومع الداعين للتظاهر يوم 30 يوينو وود المشاركة أمام قصر الاتحادية إلا أن طبيبه منعه, كما أعلن الأبنودي تضامنه مع جميع المعتقلين من شباب الثورة وخص بالاسم "احمد دومة وحسن مصطفي وحمادة المصري". واتخذ العلاقة بين الحملتين منحى جديد لتبدأ الملاحقات القضائية ، وذلك بعدما أمر المحامي العام لنيابات المنوفية المستشار "أيمن الورداني" بالتحقيق مع الطبيبة "نجوى سعد عبد الحميد" الطبيبة بمستشفي السادات، وذلك بسبب توزيعها استمارات حملة "تمرد" داخل المستشفى، وذلك حسبما أفاد أحمد عز المحامي بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمنوفية. وأقام حامد صديق الباحث بالمركز القومي للبحوث دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى طالب فيها بإلزام وزير الداخلية بتوقيف أعضاء حركة تمرد والقبض عليهم ومموليهم ومصادرة مطبوعاتها ومطابعها.