ما بين مؤيد ومعارض .. أثار مشروع "إقليم قناة السويس" الأوجاع .. المؤيدون أكدوا أن رافضي مشروع قناة السويس ما هم إلا مجموعة من "الحاقدين" الذين لا يرغبون إلا في القضاء على الإخوان المسلمين والتعتيم على نجاحاتهم .. في حين رأي المعارضون أن المشروع في حد ذاته يعتبر بيعًا لتراب الوطن ولقناته التي مات في حفرها أكثر من 100 ألف مواطن وضحى الشباب بأرواحهم لاستعادتها في حرب 1973، وما بين المؤيد والمعارض وقع الشعب في مأساة تصديق القابلين أو الرافضين. مؤيد من النظام ومؤيد من القناة انتقد حزب الحرية والعدالة، الهجوم الذي يتعرض له مشروع تنمية قناة السويس باعتباره اختراقاً للأمن القومي المصري، واعتبر الحزب الهجوم غير مبرر أو منطقي، هدفه تشويه المشروع دون تقديم بديل. وقال الدكتور محمد شحاتة، عضو اللجنة القانونية لحزب الحرية والعدالة التي شاركت في وضع قانون المشروع، :"إن الهجوم الذي تشنه المعارضة، تشويه للمشروع دون تقديم بديل للاستفادة من المنطقة المميزة، التي ستدر نحو 100 مليار دولار"، مشيراً إلى أن هناك رغبة في وضع قانون خاص على هوى المعارضة. وأضاف شحاتة أن القانون سينقذ الاقتصاد المصري من حالته الحرجة التي يمر بها الآن ويضع المنطقة على قمة خطوط الملاحة والصناعة في ظل قوانين هيئة الاستثمار. ورداً على اتهامات اختراق الأمن القومي تحت ستار شركات متعددة الجنسيات، قال شحاتة :"القانون يحافظ على الأمن القومي، ووزارتا الدفاع والداخلية تضمنان ذلك، كما أن الاستفادة بالأرض تقتصر على حق الانتفاع فقط، ومن حقنا أن نمنع أية شركة نشك في نشاطها حسب قوانين هيئة الاستثمار، كما أن مجلس النواب يراقب كل نشاطات المشروع إلى جانب الجهاز المركزي للمحاسبات". وقال المهندس صبري عامر، عضو الهيئة العليا للحزب :"ناقشنا المشروع في وقت مجلس الشعب السابق بحضور كل من الدكتور عصام شرف وطارق وفيق، قبل أن يصبح وزيراً للإسكان"، مؤكداً على أهمية المشروع لمصر. وأضاف أن الهجوم على المشروع في هذا التوقيت غير منطقي، وما تردده المعارضة من اتهامات لا أساس لها من الصحة، والدليل أن مشروع تنمية منطقة القناة كان محوراً في برامج كل المرشحين في الانتخابات الرئاسية. ووصف التخويف من تأثيره على الأمن المصري ب "الفزاعة غير الصحيحة"، خصوصًا أن التعاقد مع الشركات العالمية سيكون واضح المعالم دون تملك للأراضي. وقال وائل قدورة عضو اللجنة الاستشارية السابق لقناة السويس :"إنه لا يمكن أن يتم دمج تنمية قناة السويس في قانون واحد ولكل منطقة طبيعتها الخاصة". وأضاف قدورة أن مشروع تنمية قناة السويس أمل مصر ولكنه يحتاج للتخطيط .. ورئيس الوزراء السابق الدكتور كمال الجنزوري حد من اختصاصها. الرافضون يتحدثون الشيخ حافظ سلامة، قائد المقاومة الشعبية بالسويس، أكد أن المستفيد الوحيد من قانون مشروع تنمية قناة السويس، هو دولة الكيان الصهيوني، مؤكدًا عدم الوقوف أمام المشاريع التي تخدم مصر ومستقبل مصر، لكن توجد مشاريع أغلقت بسبب السياسات الارتجالية. وأشار سلامة - في بيان له - إلى أن الهيئة المزمع إنشاؤها طبقاً للقانون الجديد المعد تجمع سبع محافظات تنسلخ من جمهورية مصر العربية بقرار رئيس الجمهورية، كما لا تخضع هذه المحافظات للقوانين السارية لجمهورية مصر العربية، وبالتالي من حق هذا الرئيس المعين من رئيس الجمهورية أن يكون له اختصاصات جميع الوزارات ورؤساء الهيئات العامة في نطاق الإقليم وعلى محافظو الإقليم الاشتراك مع مجلس إدارة الهيئة في تنفيذ أحكام هذا القانون وعدم الرجوع إلى أي وزير من هؤلاء الوزراء؛ إلا إذا اقتضى الأمر دعوته كما نصت المادة "6"، أي أن السيد الرئيس الذي عينه بقرار منه السيد رئيس جمهوريتنا اختار له رئيس جمهورية جديد لهذه التخصصات وكأنه يرأس وزارة جديدة مشكلة له، وأضاف قائلا للرئيس مرسي :"المركب اللي فيها ريسين تغرق". وأشار سلامة، إلى أن المادة "13" من القانون الجديد تنص :"تؤول إلى الهيئة ملكية جميع الأراضي المملوكة للدولة والواقعة داخل قطاعات الإقليم فيما عدا الأراضي التابعة للقوات المسلحة ووزارة الداخلية والأراضي اللازمة للإدارة هيئة قناة السويس، كما تؤول إلى الهيئة الحقوق والالتزامات المترتبة على العقود". وأوضح قائد المقاومة الشعبية بالسويس، أن الرئيس محمد مرسي، باع وتنازل للهيئة الموقرة عن ثلث مساحة جمهورية مصر العربية لسيادة الرئيس الجديد ليتولى هو جميع الاختصاصات الممنوحة لكل وزير في وزارته كما أعطى لنفسه ضم أراضى سبع محافظات لسيادة. وتساءل سلامة، من خلال البيان، "لقد قمنا بثورة 25 يناير وضحينا في سبيلها بفلذات أكبادنا، بعد استبداد أكثر من 60 عاماً، وتأتى أنت يا مرسي لتجدد الاستقلالية بقوانين تفرضها على البلاد وينفذها العباد، فقط أعطيت للرئيس الجديد اختصاصات وتنازلات ليس من سلطتك كرئيس جمهورية أن تمنح وتعطى وتتنازل عن ثلث مساحة جمهورية مصر العربية ونزع ملكيته بلا مقابل للدولة من الدولة الجديدة، إن الثورة قامت للتحرير من حكم الفرد الواحد، واختتم البيان، بقول الله تبارك وتعالى "وأمرهم شورى بينهم" "وشاورهم في الأمر". من جهتها أعلنت جبهة الإنقاذ الوطني، أنها تؤمن أن منطقة قناة السويس، كغيرها من مناطق مصر، غنية بمقومات التنمية الحقيقة وفي مقدمتها ثرواتها البشرية وطاقاتها الشبابية التي يمكن أن تغير وجه الحياة على أرض الوطن إذا وجدت القيادة الرشيدة والرؤية الصحيحة والمنظومة الملائمة. وأكدت الجبهة، في بيان لها، أنها تدعم أي مشروع يحقق تنمية حقيقية في منطقة قناة السويس، وفي محافظات صعيد مصر المحرومة من الصناعة، كما في مختلف مناطق الوطن وعلى كل شبر من أرضه، وأن أعضاءها سيكونون سنداً لأي مشروع يساهم في تنمية الاقتصاد ويخلق فرص عمل متزيدة ويقوم على رؤية واضحة ويتسم بالشفافية ويحافظ على سيادة الوطن. وأضافت الجبهة أن التنمية الحقيقية لابد أن تقوم علي تخطيط متكامل لمنطقة القناة وسياسة صناعية تستند إلى المزايا النسبية والتنافسية التي تتمتع بها مصر كي تحقق حاجات شعبها الملحة وتساهم في حل مشكلة البطالة المتفاقمة فيها. وأشارت الجبهة إلى أن المشروع الذي أعدته الحكومة تغيب عنه الرؤية الشاملة، كما أنه لا يضيف جديدًا إلى ما كان مطروحًا في ظل النظام السابق تحت مسمى مشروع شرق التفريعة ومشروع شمال غرب السويس ووادي التكنولوجيا، ويغلب عليه الطابع الدعائي، فضلا عن أنه يفرط في ملكية الأراضي المصرية تحت ستار حق الانتفاع بلا ضوابط ولا رقابة ولا محاسبة. ونبهت الجبهة شعب مصر صاحب المصلحة في تنمية حقيقية طال انتظاره لها إلى أن مشروع القانون الذي أعدته الحكومة يحمل في طياته أخطارًا هائلة على جزء عزيز من أرض الوطن ومستقبل أبنائه وسيادة الدولة المصرية عليه، لأسباب أرجعتها الجبهة فيما يلي: أولاً: إن مشروع القانون يؤدي من الناحية الفعلية إلى تنازل الدولة المصرية عن ولايتها على منطقة قناة السويس بدعوى توفير المرونة اللازمة لهيئة جديدة ينشئها هذا القانون بقرار منفرد من رئيس الجمهورية ويضعها فوق الدولة وسيادتها ومؤسساتها الوطنية ويحميها من المحاسبة سواء البرلمانية أو المحاسبية. ثانيًا: إن مشروع القانون يمنح هذه الهيئة (الهيئة العامة لتنمية إقليم قناة السويس) سلطة مطلقة ويضعها فوق مؤسسات الدولة وأجهزتها الوطنية كافة، ويجعل هذه السلطة قابلة للامتداد إلى المحافظات المجاورة، حيث يتيح لرئيس الجمهورية أن يقتطع من أرض الوطن ما يضعه تحت ولاية تلك الهيئة، وينص مشروع القانون على أن ''رئيس الجمهورية هو الذي يحدد الأبعاد والحدود والمناطق الخاصة والمشروعات الداخلة في نطاق الهيئة''. ثالثًا: أن هذه الهيئة، والتي يُراد وضعها فوق مؤسسات الدولة ووضع جزء عزيز من أرض الوطن تحت سلطانها، لا رقيب عليها ولا صلة للبرلمان بها إلا أن ترسل له تقريرًا سنويًا لا يوضح مشروع القانون مصيره ولا يحدد دورًا للبرلمان حتى في مناقشته، فالنظام الأساسي للهيئة يضعه رئيس الجمهورية بقرار منفرد منه وفقًا للمادة الثانية من مشروع القانون رغم أنها تستحوذ على اختصاصات الوزراء في المنطقة التي ستصبح تحت ولايتها بمنأى عن مؤسسات الدولة وسيادتها، وستؤول إليها وفقاً للمادة 13 ''ملكية جميع الأراضي المملوكة للدولة والواقعة داخل الإقليم'' بما فيها المواني والمطارات، وسيكون لمجلس إدارتها أن ينزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة، وينفرد بإقرار العقود التي تكون الهيئة طرفاً فيها دون عرضها على آية لجنة قانونية أو قضائية في الدولة، كما أنه يضع موازنة للهيئة (وبالتالي للإقليم) موازية للموازنة العامة للدولة ودون عرضها على البرلمان. رابعًا: يمنح مشروع القانون إعفاءً ضريبياً للمستثمرين في إقليم قناة السويس لمدة عشر سنوات، ويبدد بالتالي حقاً أساسياً من حقوق الشعب دون مبرر بعد أن ثبت أن هذا الأسلوب في حفز الاستثمار ليس مجدياً، فلم تعد الضرائب ضمن المعايير الرئيسية التي تشجع المستثمرين، ويبدو أن من وضعوا المشروع خارجين لتوهم من كهف مكثوا فيه طويلاً، لأن قصة الإعفاءات الضريبة لم يعد لها مكان في التنافس على الاستثمارات في العالم منذ أكثر من عقدين. خامسًا: من أخطر ما يتضمنه مشروع القانون أيضًا وفقًا للجبهة، عدم سريان القوانين المنظمة للعمل في الدولة على هذه المنطقة التي تواجه خطر انحسار السيادة الوطنية عليها، حيث تستحوذ الهيئة المذكورة أيضًا على سلطة وضع نظام العمل والتأمينات بما يعنيه ذلك من خطر على حقوق العمال وغيرهم من العاملين الذين هم أصحاب الحق الأساسي في ثمار التنمية في آية منطقة على أرض مصر.