رسخت التعديلات الضريبية الجديدة التي أقرها مجلس الشورى مؤخرا ، المفاهيم التي دعت إليها ثورة الخامس والعشرين من يناير ، ورفعت شعارات "عيش ، حرية ، عدالة اجتماعية" ، لتسهم هذه التعديلات بشكل كبير في تحقيق هذه الشعارات للمصريين ، لتنحاز لمحدودي الدخل علي حساب أصحاب الشرائح الأكبر ، وتصب في صالح الفئات المهمشة محدودة الدخل ، فضلا عن كونها لاتفرض أي اعباء جديدة على الشعب المصري ، وتزف بشرى لجميع الموظفين بالدولة والعاملين بالقطاع الخاص. ومن المقرر أن تسري هذه التعديلات للمرتبات من راتب يونيه المقبل ، حيث عدل مجلس الشورى شرائح ضريبة الدخل ليصل اجمالى الدخل المعفى من ضريبة المرتبات الي 12 الف جنيه ، بعد ذلك ، الشريحة الثانية أكثر من 5 الاف جنيه وحتي 30 الف جنيه تدفع ضريبة 10% والشريحة الثالثة اكثر من 30 الف وحتي 45 الفا تدفع 15% والشريحة الرابعة اكثر من 45 الفا وحتي 250 الف جنيه تدفع 20% ثم الشريحة الخامسة والاخيرة اكثر من 250 الف جنيه تدفع 25% وهو الحد الاقصى للضريبة يطبق على الافراد الطبيعيين ليتساوى مع سعر الضريبة على الاشخاص الاعتبارية. بعد موافقة مجلس الشورى بصفة نهائية علي تعديل قانون الضريبة علي الدخل, وأدخل تعديلا جديدا علي شرائح الضرائب يقضي باستمرار اعفاء الشريحة الأولي والتي تصل إلي خمسة ألاف جنيه. أما الشريحة الثانية الأكثر من خمسة ألاف جنيه وحتي30 ألف جنيه ستصبح نسبة الضريبة10%. والشريحة الثالثة من أكثر من30 ألف جنيه إلي45 ألفا ستصل إلي15%, والشريحة الرابعة لأكثر من45 ألف جنيه إلي250 ألفا ستصل إلي20%, أما الشريحة الخامسة ستكون لأكثر من250 ألفا بنسبة25%, وبذلك فقد رفض المجلس اقتراح حزب الوسط باضافة شريحة جديدة لأكثر من500 الف جنيه بنسبة30% وكانت الشريحة الثانية في القانون الذي تم تعديله والتي تتراوح بين5 إلي20 ألف جنيه بنسبة10%, والثانية من20 إلي40 ألفا بنسبة15%, والثالثة من40 ألفا إلي10 ملايين جنيه بنسبة 20%, والرابعة لأكثر من10 ملايين جنيه بنسبة25% المؤيدون أجمعت معظم الاحزاب السياسية علي أهمية التعديلات الجديدة في حين طالب ممثل حزب النور بتأجيل الموافقة عليه, وتحفظ ممثل حزب السلام الديمقراطي علي معظم مواد القانون ورفضته النائبة المستقلة سوزي ناشد. المؤيدون لهذه التعديلات يرون أن زيادة سعر الضريبة على الشرائح العليا وزيادة حد الإعفاء نسبيا للطبقات الأقل دخلا ، يعد ترسيخا لمبادئ العدالة الاجتماعية والتي قامت لأجلها الثورة ، كون الدولة ستتحمل أعباء مقابل رفع حد الإعفاء الضريبي تصل إلي41 مليار جنيه سنويا ستذهب إلي الموظف الصغير بما يعني إنتعاش الأسواق وزيادة الرقم الحقيقي للحد الأدني للأجور ، فضلا عن مساعدتها لمصر في مفاوضاتها للحصول على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي . علاوة على أن تلك التعديلات لا تفرض أي ضرائب علي البورصة لتبعث برسالة للبورصة المصرية أن الدولة ليست ضد نشاطها فضلا عن رفض كل الضرائب التي كانت ستفرض علي التوزيعات الرأسمالية وعمليات الاستحواذ والدخول في السوق لأول مرة في البورصة ، كما تبعث برسالة قوية للمتهربين من الضرائب كونها ستسد منافذ التهرب الضريبي ومواجهة التخبط الضريبي. التعديلات الضريبية الجديدة تلغي الضريبة علي توزيعات الأرباح سواء بالنسبة للأشخاص الطبيعيين أو الأشخاص الاعتباريين حرصا علي استقرار التشريع الضريبي ومناخ الاستثمار كما تحقق العدالة الاجتماعية من خلال إلغاء التمييز في المعاملة الضريبية بين غير المقيمين من خلال إخضاع غير المقيمين للضريبة علي المرتبات وفقا للقواعد المطبقة علي المقيمين. وتلغي التعديلات حوافز سداد المتأخرات الضريبية لما له من آثار سلبية علي العدالة الضريبية حيث يعد بمثابة مكافأة للمتقاعس عن السداد وعقوبة للملتزم ، فضلا عن ضبط الإعفاء الضريبي لأرباح المشروعات الممولة من الصندوق الاجتماعي للتنمية وضبط الإعفاء الضريبي لدخل أصحاب أصحاب المهن الحرة للحد من حالات التهرب الضريبي, ونطاق فرض الضريبة علي التصرفات العقارية وتحصيلها ، وضبط قواعد تحصيل وتوريد المبالغ التي يتم إضافتها تحت حساب الضريبة وضبط قواعد المحاسبة بنظام العينة لصغار الممولين. إن زيادة شرائح الضريبة على الدخل تطبيق لمبدأ الضرائب التصاعدية كما هو متبع فى العديد من دول العالم، بما يحقق العدالة الاجتماعية، ودعم مساهمة رجال الأعمال المصريين فى حل المشكلات المالية التى تمر بها البلاد من أجل تجاوز تلك الظروف الاقتصادية الصعبة ، ويتوقع المؤيدون للتعديلات ألا يكون لتطبيقها تأثير سلبي مباشر على رجال الصناعة كما يشيع البعض ، كونها ضريبة على الدخل وما يحقق من أرباح ، وبالتالي فالمصنع أو الشركة التي ستتكبد خسائر لن يقوم ملاكها بدفع ضرائب ، ولأن الضرائب التصاعدية ليست بدعة ولكنها متبعة فى عدد كبير من الدول خاصة الرأسمالية منها. وتمكن المتحصلات من التعديلات الدولة من توفير مناخ الاستثمار وقيامها بالأدوار المنوطة بها بتوفير الأمن والمرافق وتوفير مناخ العمل والإنتاج ، وذلك انطلاقا من مبدأ أن المستثمر يحقق أرباحا لابد أن يسدد ضرائب وكلما زادت ربحيته من الطبيعى أن يخضع لشريحة أعلى بسعر مرتفع وفقا لقواعد العدالة الضريبية المتبعة فى الدول المتقدمة. المعارضون على الجانب الآخر ، الرافضون للتعديلات ، يرون أنها تبعث برسائل سلبية عن مناخ الاستثمار في مصر،وتزيد الأعباء الضريبية على المستثمرين، في الوقت الذى يدخل فيه الاقتصاد المصرى مرحلة كساد غير مسبوقة بالتزامن مع تفاقم مشكلات الصناعة، وعلى رأسها الطاقة والكهرباء وإمدادات الخامات نتيجة ندرة العملات الأجنبية. ويزعم أنصار هذا الفريق أن الحكومة بدأت تلجأ للحلول السهلة لمحاولة الخروج من المأزق الذي تمر به بعد أن تفاقمت المشكلات المالية وزاد عجز الموازنة ، وأن تلك التعديلات تمثل انتكاسة وعودة للخلف إلى ما قبل الإصلاح المالي الذي اتخذه وزير مالية المخلوع يوسف بطرس غالي ، الذي قام بعدة خطوات إصلاحية خلال السنوات الماضية بعد إقرار قانون الضرائب الحالى رقم 91 لسنة 2005، ونجح في مضاعفة الحصيلة الضريبية وشجع العديد من الفئات على الانضمام لمنظومة الضرائب الرسمية والتسجيل في سجلات المصلحة. وأضاف واصف أنه من المفترض أن يكون الشغل الشاغل للحكومة فى الفترة الراهنة بعث رسائل إيجابية عن الاقتصاد ومناخ الاستثمار في مصر، بدلا من اتخاذ قرارات ترسل رسائل سلبية لمجتمع الأعمال العالمى والمستثمرين فى كل دول العالم. وتوقعوا انخفاض الحصيلة الضريبية عقب بدء تطبيق تلك الشرائح على عكس ما هو مخطط من واضعى تلك التشريعات ، علاوة على تباطؤ قطاعات الاقتصاد الوطني وتراجع محتمل لمعدلات النمو ، فضلا عن انخفاض في معدلات تنافسية المنتجات المصرية بالخارج. ويرتكز أنصار هذا الفريق إلى وجود عدة اتفاقيات لتجنب الإزدواج الضريبى بين مصر وعدة دول، أهمها ألمانيا وفرنسا، وهو ما يدفع إدارات تلك الشركات للمفاضلة بين الدول الأقل ضريبة ، فإذا كانت مصر تدفع أرباحها فيها وإذا كانت الدولة الأم التي تنتمى إليها الشركة أو المؤسسة فتقوم بتحويل أرباحها وتدفع الضريبة عليها وفقا لقانون تلك الدولة ، كما أن التذبذب في السياسات الضريبية يفقد الثقة والمصداقية في مناخ الاستثمار بشكل عام وفى التعامل مع المصلحة بشكل خاص.