بعد أيام معدودة من إعلان وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل أن المخابرات الأمريكية كشفت عن استخدام قوات الأسد غاز السارين على نطاق محدود ضد مقاتلي المعارضة؛ اتهمت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة مقاتلي المعارضة باستخدام السارين. الأممالمتحدة تبرئ الأسد عندما تؤكد الأممالمتحدة أنها لم تر دليلاً على استخدام قوات الأسد الأسلحة الكيماوية، وعلى العكس تتهم ثوار سوريا باستخدام الغازات السامة؛ فهذا مؤشر خطير يدلل على تغير موقف المجتمع الدولي من الوقوف على "الحياد السلبي" إلى الوقوف العلني مع الجزار ضد الضحية التي لا زالت جراحها تنزف. وإذا انضم هذا التغير الجديد للمنظمة الأممية، إلى تلاحق الأحداث من ضربات صهيونية ودعوة إلى احتلال سوريا؛ نستطيع أن نكمل المربعات الفارغة في الكلمات المتقاطعة، وهي الغرب الآن يجهز لاقتحام سوريا ووضع "كرزاي جديد" على مقاسه واستيراد معارضة مستأنسة تسمع وتطيع. وفي ظل هذا الوضع الجديد سيتم إلقاء المعارضة المسلحة بعيدا وراء القضبان، أو مطاردتها حتى ترضخ لشروط المعادلات الدولية الجديدة، بعد أن كانوا قاب قوسين أو أدنى من إسقاط نظام الأسد وتحرير سوريا. تل أبيب تحبط محاولة انقلاب ضد الأسد كشف الشيخ عبد الرحمن العكاري عضو هيئة العلماء الأحرار في سوريا، أن الغارات الجوية الصهيونية على دمشق فجر الأحد استهدفت إحباط عملية انقلاب عسكري ضد نظام الأسد، قائلاً :"كان الحادث عملية انقلاب عسكرية بدرجة ممتازة، حيث قام عدد من الضباط وبتنسيق مسبق مع بعض القوى المعارضة التي تعمل في السر ومعهم أكثر من 100 عنصر بانقلاب من داخل المقرات الأسدية وثكناتهم". وأضاف العكاري، في تدوينة على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، أنهم قاموا باحتجاز الرهائن من الضباط النصيريين والإيرانيين كدروع بشرية خوفاً من قصف طيران العصابة الأسدية لهم وقاموا بتوجيه الدبابات والصواريخ إلى أهداف محققة، موضحاً أن نظام الأسد نسق مع الكيان الصهيوني لضرب هذه المقرات. تل أبيب تلقي بطوق النجاة للأسد أكد الأستاذ صالح العمر الإعلامي المنشق عن التلفزيون السوري أن المسلمة التي لا تقبل الجدال أن إسرائيل تعتبر الأسد حليفا استراتيجيا، وأن تل أبيب هي التي منعت حليفها في دمشق من السقوط طيلة هذه المدة، عن طريق إعاقة أية توجهات عربية أو غربية مساندة للمعارضة السورية المسلحة. وفي السياق ذاته أكد عضو تيار التغيير السوري نزار البابا لصحيفة "التغيير" أن القصف الصهيوني كان هدفه الأساسي التغطية علي جرائم بشار الأسد، ولفت الأنظار بعيدا عنها، مشيرا إلى وجود تنسيق مستمر بين نظام الأسد والكيان الصهيوني منذ اللحظة الأولي لاندلاع الثورة قبل عامين ونصف. ومن جهته صرح عضو الهيئة السياسية ل"الائتلاف الوطني السوري" المعارض، هيثم المالح بأن نظام الأسد يستثمر اعتداءات الكيان الصهيوني التي قام بها مؤخرًا على أهداف داخل الأراضي السورية، وأدان في الوقت ذاته كل أشكال العدوان التي يقوم بها الصهاينة ضد سوريا. وقال المالح إنه لا يشك في كون نظام الأسد مرغوبا فيه ومرحب به من الغرب ومن تل أبيب، مشيرا إلى أنه إذا كانت "عصابة إسرائيل ضربت عصابة دمشق، فإننا نقول كما يقول الخطباء على المنابر اللهم أهلك الظالمين بالظالمين" وأكد المالح في اتصال هاتفي ل "التغيير" أن الصهاينة أضافوا باعتداءاتهم ورقة جديدة إلى الأسد ليلعب بها ضد المعارضة التي ترفض الرضوخ لاستبداد حكم أسرة الأسد. وأنحى المالح باللائمة على بشار الأسد لعجزه عن تسديد أية ضربات للصهاينة في الوقت الذي لم يدخر فيه رصاصة واحدة إلى وأطلقها على الشعب الأعزل، بل فتح نيران المدفعية الثقيلة على المناطق السكنية، وقتل أكثر من 100 ألف سوري. رد الفعل الرسمي "نحتفظ بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين، ولن نُستدرج لمعركة تريدها إسرائيل" هذا ما تمخضت عنه جعبه عمران الزعبي وزير الإعلام السوري الذي ربط تل أبيب والمعارضة السورية, مستغلا الحدث في المزيد من التشويه للمعاضة المسلحة بما فيها "جبهة النصرة" التي اتهمها باستخدام السلاح الصهيوني. وشدد الزعبي على "أن سوريا ليست نادمة على خيارها بدعم المقاومة" متناسيا أن النظام الذي ينتمي إليه، هو من ضرب مخيمات الفلسطينين في سوريا، وأوعز لحلفائه في لبنان بتصفيتهم في جنوب لبنان. تمهيد للتدخل الغربي الكاسح أما الخبير الإستراتيجي العميد المتقاعد صفوت الزيات، فرأى أن الغارة الصهيونية تُغير قواعد اللعبة، وقد تساهم في تخفيف كثافة الصواريخ التي تتعرض لها المدن والبلدات السورية، وتخفف الضغط على الرئيس الأمريكي لعدم تدخله المباشر في سوريا. وأوضح أن كل ما تفعله تل أبيب هو تمهيد لخيار عسكري يبحث فيه أوباما والغرب حاليا، وتحديدا قصف بعض الأهداف لتقليص القدرات العسكرية للجيش النظامي. ورأى في "هذه المرحلة التمهيدية جس نبض" لاحتمال تغيير حلفاء النظام السوري لموقفهم ودعمهم له، وأشار إلى أن هذه الضربات المدعومة من واشنطن تصحح "الخلل في التوازن العسكري، الذي هو في مصلحة النظام" وتأتي في سياق محسوب ومنظم ومقدر من واشنطن، لأن هذه الضربات قد تؤدي لردود أفعال يقوم بها حلفاء النظام لا تستطيع إسرائيل لوحدها التعامل معها، حسب تعبيره. دعوة صريحة إلى احتلال سوريا كتب المفكر الأمريكي توماس فريدمان مقالا في صحيفة نيويورك تايمز عما يجب أن تفعله أمريكا في سوريا، دعا فيه صراحة القوى الدولية إلى الاحتلال المباشر أو ما عبر عنه ب "قوة خارجية أممية أو غيرها تحتل سوريا وتديرها وتعيد بناءها". وقال فريدمان أن أي طريقة أخرى للتدخل غير الاحتلال المباشر ستفشل، "لأن عدم الثقة بين القوى الداخلية عميق ويمنعها من أن تتفق على صيغة للحكم ترضي الجميع". وتضمن المقال الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز صورة قاتمة عن مستقبل سوريا وعن ثورات الربيع العربي والمنطقة كلها، وقال إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما محق في تحفظه وتردده تجاه سوريا. فريدمان يحذر أمريكا من إسقاط الأسد تسود حالة من الذعر في الأوساط الصهيونية الأمريكية من سيناريوهات ما بعد الأسد؛ الأمر الذي دفع توماس فريدمان إلى تحذير إدارة أوباما مما وصفه ب"التورط في سوريا" قبل التأكد من أن إسقاط نظام الأسد سيكون في صالح أمريكا. وقال فريدمان في مقال له نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن القوى المساندة للأسد -وأشار إلى العلويين والمسيحيين والعلمانيين من السنة وغيرهم- لا يمكن التقليل من وزنها. وعلق بأن الدعم الاجتماعي والسياسي الداخلي للأسد هو الذي ساعده على البقاء طوال هذا الوقت، بالرغم من أن كثيرين ظلوا يتنبؤون بسقوطه كل شهر جديد. وأضاف أيضا أن القوى المساندة للأسد تعتقد أن سقوطه لن تنتج عنه إلا الفوضى، وأن المعارضين الذين يحاربونه لن يستطيعوا إقامة نظام مستقر علماني ديمقراطي متعدد الطوائف.