منذ فترة ليست ببعيدة ، كتب لي نائب رئيس أحد أكبر فروع بنك سيتي نيويورك ، والذي كان مسؤولا انذاك عن شؤون الأفراد ، بعد أن قرأ مقالات كنت قد كتبته عن معدل الأداء العقلي . وشرحت رسالته كيف أن تحسنا طفيفا فى معدل الأداء العقلي قد يحقق نجاحا كبيرا للفرد فى عمله . ها هي الرسالة : لقد كان للمقال أهمية خاصة بالنسبة لي لانني شاهد حي على أن ما تقوله حقيقي . ولانني المسؤول عن شؤون الأفراد فى هذا البنك ، فلي حق الاطلاع على ملفات الموظفين ، فى يوم من الأيام ، تصادف أنني اطلعت على ملف أحد زملائي فى الدراسة قديما ويدعى إرف ، وقد كنت وارف انضممنا للعمل فى البنك فى نفس السنة . أما ملفه ، فقد أظهر أننا نحن الاثنين حققنا نفس الدرجة فى اختبار الأهلية الذي سبق التحاقنا بالعمل . وفي السنوات الأولى لنا ، كنت أنا وارف متلازمين بعض الشيء ، ولاننا نقطن فى نفس المنطقة ، كنا نجىء ونذهب معا ، كلانا كانت تحدوه امال عظيمة ، وكان إرف يأخذ دائما أوراق العمل إلى المنزل كي يعكف عليها طوال الليل وفي إجازات نهاية الأسبوع كي ينهيها ، كنت اخصص بعضا من وقتي لتحسين أدائي ومهاراتي العقلية . وكان هذا على ما أعتقد هو السبب فى تحسن أدائي فى العمل ، وتقدم مستواي أثناء الساعات الثمانية التي كنت أقضيها فى المكتب . أما الوقت الذي كان يقضيه إرف فى نهاية العمل فى المنزل فقد ساهم فى علاج بعض المشاكل التي كانت تطرأ فجأة ، لكنه لم يحظ بأي تأثير دائم على البنك أو على مستقبله فيه ، فدائما كانت هناك كومة من الأوراق لابد من الانتهاء منها فى اليوم التالي . أما بالنسبة للوقت الذي أمضيته فى تعلم القراءة بسرعة ، وحل المشكلات بأسلوب أيسر ، وتقوية ذاكرتي ، فقد ظل البنك يجني ثماره طوال السنوات العديدة التي تلت ذلك ، ولاحظ رؤسائي تفوق أدائي وسرعته ، فاختاروني من بين الجميع لكي أنال الترقيات واحدة تلو الآخرى . وإرف كان محط الأنظار ، فقد حظى بتقدير رؤسائه ونال بعض الترقيات ، لكنني الآن عندما أنظر وارجع إلى الوراء ، أدرك الفرق الكبير بين تقدير البنك لي ولإرف . فقد تمتع إرف بشهرة الموظف المجتهد أما أنا فقد كنت ولازال أتمتع بشهرة الموهوب صاحب المهارات الخلاقة .