تعكس ملابس الطفل كثيراً من شخصيته، وذوق والديه، وربما مستوى أسرته اجتماعياً، كما تعد من الأولويات التي تساعد على نشأته والتعايش مع من حوله، خصوصاً في المراحل العمرية الأولية، حيث يحتاج إلى معرفة ما يتناسب مع عمره، حتى يتمكن من القدرة على شراء ملابس يرتاح فيها ويتكيف معها ولا تعيقه في حركته. ويحتاج الطفل إلى زرع الثقة بنفسه، والاستقلال بشخصيته من خلال اختياره ملابسه، حيث يدخل بعض الأطفال في نزاع شديد بينه وبين والدته على نوع معين من الملابس، وعلى الرغم من أنّه قد يكون مناسباً، إلاّ أنّ الأمهات في كثير من الأحيان يجبرونهم على لباس معين؛ مما قد يؤثر على بناء شخصية هذا الطفل وشعوره باستقلالها، ويزعزع قدرته على اتخاذ قرارات مبنية على قدراته الذاتية. قالت الأستاذة "هبة ناصر أحمد بدوي" - مختصة بالصحة النفسية - أنّ اختيار الطفل لملابسه يعد من الأمور المهمة التي تساعد على تنمية شخصيته، وإذا اختار الطفل قميصاً لا يتوافق مع ألوان ملابسه الأخرى فعلى الأم أن لا تعارضه، وأن تعطي له مساحة لحرية الاختيار، مع شرح أسباب رفضها لشراء هذا القميص، مع تركه يفرح بالملابس التي اختارها بنفسه، من خلال السماح له بارتدائها بعض الوقت عند الرجوع إلى المنزل؛ لأنّ هذه اللحظات يمكن أن تظل باقية في ذاكرته مدى الحياة. وأوضحت المختصة بالصحة النفسية أنه هناك أنواع لشخصية الأطفال تظهر من ارتدائهم لملابسهم فالطفل القيادي يختار ملابسه بطريقة معينة كل يوم عن الذي يليه، ويستطيع أن ينوع في اختياراته حسب كل مناسبه، من دون تدخل الأم، والطفل العنيد يظهر من خلال تمسكه باختيار الملابس نفسها كل يوم، وله تركيبة خاصة، يثير العديد من المشاكل مع مدرسيه ويكون أصدقائه لهم طبعه، والطفل المسالم أو العادي يقبل أي ملبس دون اعتراض، ويكون هادئاً مطيعاً لنصائح والديه ومعلميه". وأضافت، بحسب جريدة "الرياض" السعودية، أنّ موضوع زرع الثقة في نفس الطفل أمر في غاية الأهمية، حيث يرى علماء النفس والتربية أنّه مفتاح الشخصية السوية، والطريق الأكيد نحو النجاح في الحياة الأكاديمية والعملية. وأشارت إلى أن الطفل منذ صغره يبدي استعداداً للاستقلالية، ولكن - مع الأسف - فإن بعض الآباء يهملونها، حيث تمنعه الأم من أن يأكل بمفرده، خوفاً على ثيابه من الإتساخ، وتلبسه ملابسه حتى لا يلبسها بصورة خاطئة، ويختار له الأبوان الألعاب، والكتب، التي تعجبهم، من دون أن يسألوه عن رأيه.. وأشارت إلى أنّ الابن عندما يعاني من مشكلة معينة نرى الأباء يتبعون معهم أسلوب الوعظ، والارشاد، والتأنيب، واللوم، أو يلجأون إلى أن يحلوها بأنفسهم، مبيّنةً أنّ كل هذه الأساليب تشعر الطفل بالعجز، والاتكالية، وعدم الثقة في قدراته الذاتية على حل مشكلاته، وهذه من العيوب التي قد تصيب شخصيته في الصغر، وتستمر معه حتى يكبر وتؤثر سلباً في كثير من أموره الحياتية، وهي نتاج لممارسات تربوية خاطئة من الأبوين قد لا يلتفتون إليها أو تصدر عنهم دون قصد. وقالت أنّه من المهم تنفيذ رغبات الطفل في الملبس، وعدم إجباره على زي معين، وتوفير المظهر اللائق له، مع المدح والثناء، وتعزيز ثقته بالنفس واحترام الآخرين، مع مراعاة عدم إجبار الأم لطفلها على ارتداء ملابس معينة، حيث يواجه ذلك بالعناد، فينعكس ذلك على حالته النفسية، فيصبح طفلاً متمرداً على الدوام؛ مما يوجب تلبية رغبة الطفل، إلاّ إذا رأت الأم أنّ هذا الزي غير ملائم، حيث يجب إقناع الطفل بالجيد والصحيح، وأن تعلمه أنّ ارتداء زي معين في الليل أفضل، وزي آخر في النهار أفضل. وأشارت إلى ضرورة إعطاء الأطفال ثقافة في اللبس منذ الصغر، في المرحلة الابتدائية، حيث يجب أن يتعلم الأطفال ما الملابس الجيدة التي يستفاد منها والملابس غير المناسبة؟، وتوعيتهم بالطرق الآمنة للبس، مع مراعاة الجانب النفسي في أزياء الطفل، إذ تتكون معالم شخصية الطفل في مراحل عمره الأولى. وأضافت أنّه الخطأ أن يعتبر الأهل أنَّ فكرة اختيار ملابس أطفالهم معركة عليهم كسبها، وأنَّ رأيهم هو الذي يجب أن يتمَّ تنفيذه، ويمكن للطفل أن يختار الملابس التي يودُّ ارتداءها، ولكن في حال كانت الملابس التي اختارها غير ملائمة للغاية من حيث الشكل واللون، أو من حيث السعر فيحال كان مرتفعاً نسيباً، فإنَّ الأهل يمكن أن ينصحوا طفلهم باختيار ملابس أخرى..