ينبثق الفجر .. بعد ظلمة دامسة وتتسلل اشعة الشمس في الأجواء لتعلن بداية يوم جديد و تنتشر أصوات الحياة لتكسر سكون ليلٍ مضى و تمتلئ الطرقات .. كل شخص يتجه إلى عمله في موعده المحدد، العامل .. الموظف .. المعلمين والطلاب ... والجنود والشرطة .. كلٌ يسعى إلى عمله لأهداف مختلفة ... ومنهم من يتقنه ويتفنن فيه لغاية ما .. كزيادة مكسب أو ترفيع درجة .. أو التماس رضا رئيسه..... جميل هذا الإلتزام والإخلاص في العمل ولكن ماذا عن العمل الأساسي الذي خُلقنا لأجله : "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ "( الذاريات 56 ) هل يتم إتقانه كباقي الأعمال .. و هل نخلص فيه ل نجني ثماره التي لا تقدر بثمن ؟؟ هل نعبد الله بإخلاص ووفاء ؟ إن العبادة الحق هي أن نعبد الله كأننا نراه .. وذلك هو الإحسان الذي يكون عندما نستشعر بمراقبة الله لنا في جميع أمورنا وأعمالنا و حين يكون ظاهرنا مرآة لباطننا .. ونلتزم بالعمل الصالح في السر والعلن .. كثير منا يلتزم بعمله لأن هناك من يراقبه ويشرف عليه .. يجتهد كي لا يرتكب أي خطأ خوفاً من غضب رئيسه .. أليس الله أحق أن نخافه ؟؟ وهو لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا السماء و يعلم السر وما أخفى .. هو مراقب دائم لنا وأقرب إلينا من حبل الوريد .. فالأجدر بنا أن نخافه ونتقيه في كل عمل صغير كان أو كبير و نشعر برقابته لنا فنطهر قلوبنا وأقوالنا وأفعالنا فتصبح نقية من المعاصي والرياء فلا تغدو الصلاة مجرد حركات .. والصيام جوع .. والصدقة رياء ومباهاة و الأخوة مصلحة و الصداقة مكسب و استغلال .. عندها يصلح حال المجتمع بصلاح أفراده الذين يؤدون عبادتهم بكل إخلاصٍ وتفانٍ وصفاء نية ويتقن كل منهم صلاته في الخلوة أكثر ما يتقنها في الجماعة .. ويطهر أعماله من كل ما يشوبها وحين تعرض له الفتن ويقول إني أخاف الله .. وعندما يؤدي الأمانات ويشهد بالحق .. عندها فقط يصل إلى أن يعبد الله كأنه يراه .. فإن لم يرى الله فإن الله يراه ....... ما احوجنا اليوم لميثاق إيماني متجدد يعيد لنا عزتنا و يبارك الله بما في ايدينا و تعود المحبة بيننا و تنتشر الفرحة في حدائقنا ازاهرا و ورودا و تحل البسمة في دارنا و يزول الهم و الغم و الحزن و تكون البشاشة واجهة حياتنا.