عادت موسكو إلى المناورات الدبلوماسية والتلاعب بالتعبيرات التي تحاول من خلالها إقناع المجتمع الدولي بأنها لم تكن يوما داعمة لنظام بشار الأسد أو مؤيدة لتوجهاته، في الوقت الذي تدرس فيه واشنطن مكاسب أو خسائر التدخل عسكريا في سوريا؛ رغم ما كشفته مصادر صهيونية من أن الولاياتالمتحدة منعت تل أبيب من "القيام بعملية عسكرية محدودة"، تهدف إلى منع تسرب الأسلحة الكيماوية إلى تنظيمات "متطرفة". وقال سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسية في ختام مباحثاته مع نظيره البلجيكي ديديه ريندرس أمس في موسكو: "نحن لم نكن معجبين يوما بهذا النظام (السوري).. ولم نسانده أبدا". وذلك بعد يوم من تصريحات لرئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف قال فيها أيضا إن بلاده "لا تؤيد الأسد ومعارضيه"، مشيرا كذلك إلى أنه "يبدو أن فرص الأسد في البقاء تتضاءل يوما بعد يوم". ومن اللافت أن كل هذه التصريحات جاءت مواكبة لأخرى مماثلة صدرت عن ديمتري بيسكوف الناطق الرسمي باسم الكرملين في حديثه إلى صحيفة "ناشيونال إنترست" الأمريكية قال فيها إن "القيادة الروسية ترى أنه من الضروري أن يقوم جميع المتنازعين بمن فيهم الرئيس الأسد والمعارضون، بتقرير مصير سوريا". وفي الوقت ذاته أشار لافروف إلى ارتياح بلاده لما طرحه الأسد من أفكار للخروج من الأزمة: "نعتقد أن الخطة التي اقترحها الرئيس الأسد تمثل امتدادا لاتفاقات جنيف وتستطيع أن تشكل أساسا جيدا للمحاولات اللاحقة لحل هذه المشكلة". فيما قال لافروف إن بلاده "تعارض بصورة قطعية أن يمد هذا الطرف أو ذاك المعارضة أو أي طرف سوري آخر بالسلاح.. ويجب التوقف". وعلى الجانب الآخر أوضح الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مقابلة مع مجلة "نيو ريبيبليك": أن عليه أن يوازن بين فائدة التدخل العسكري وقدرة وزارة الدفاع الأمريكية على دعم القوات التي ما زالت موجودة في أفغانستان، حيث بدأت الولاياتالمتحدة سحب القوات المقاتلة بعد 12 عاما من الحرب، مشيرا إلى أن عليه اتخاذ قرارات عادلة، وأن يتمكن في نهاية ولايته الثانية من النظر إلى الوراء والقول: إنه اتخذ قرارات صائبة أكثر من قرارات خاطئة. وفي مقابلة مع برنامج 60 دقيقة على قناة "سي بي إس" رد أوباما بغضب عندما طلب منه التعليق على انتقادات بأن الولاياتالمتحدة أحجمت عن المشاركة في قضايا تتعلق بالسياسة الخارجية مثل الأزمة السورية. وقال: إن "سوريا مثال كلاسيكي عندما نقيم مشاركتنا، ونحن نريد أن نتأكد من أن ذلك (التدخل) لا يعزز فقط أمن الولاياتالمتحدة، لكن أيضا أننا نقوم بالشيء الصحيح للسوريين ولجيران سوريا، مثل إسرائيل التي سوف تتأثر بعمق". وأضاف: "لن يستفيد أحد عندما نتعجل في خطواتنا ونقدم على شيء دون أن ندرس بشكل كامل كل عواقبه". وقال: "في بعض الأحيان، كما تعلمون، سيكون هناك عواقب غير مقصودة". وقد شاركت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في برنامج 60 دقيقة مع الرئيس أوباما، ووصفت الوضع في سوريا بأنه "مشكلة فظيعة". وأوضحت أنه لا يوجد مخطط واضح لتدخل الولاياتالمتحدة في سوريا.