لم يكد يهدأ غضب المصريين على مشغلي الاتصالات، لاسيما مع رسوخ الذكريات المؤلمة المرتبطة بقطع الاتصالات يوم جمعة الغضب 28 يناير 2011، تلك الواقعة التي لم تمح بعد من الذاكرة، ولم تتلاش من أذهان المصريين، إلا ويفاجأ المصريون بالجديد من المنغصات وافتعال الأزمات تتفجر من القطاع والشركات العاملة به، سواء من قطع الخدمة وتوقف الإنترنت والحرائق واستقالة الوزراء وأخيرا أزمة شحن المحمول بسبب التلاعب فى الأسعار. استقبل المصريون عام 2013، مودعين عاماً ماضياً مليئاً بالكركبة السياسية والاقتصادية والفكرية، وفي خضم هذه الكركبات لم يفلت أيضاً قطاع الاتصالات، الذي أشعل سخط الثوار والناس أجمعين، خلال الإرهاصات الأولى من ثورة 25 يناير، حينما هم بقطع خدمة الإنترنت والمحمول عن مشتركيه، لتصيبه معرة ووصمة عار على جبينه، محاولين فيما بعد الظهور بدور الضحية التي لا حول لها ولا قوة، وأنهم أذعنوا لإملاءات الجهات السيادية آنذاك، ليس لهم من الأمر شيئاً، بالرغم أن ما أقدموا عليه من قطع الاتصالات أثناء الثورة قد خلق فيما بعد حالة من عدم الاطمئنان والريبة للكثير من الشركات الدولية التي رغبت في الاستثمار بداخل مصر في أعقاب نجاح الثورة. أزمات مفتعلة في نهايات العام الماضي وتحديداً في الحادي عشر من ديسمبر 2012، شب حريق في مبنى سنترال المعادي 2، ولم يسفر عن أي خسائر في الأرواح، وأن قوات الإطفاء والحماية المدنية استطاعت السيطرة على الحريق ، وتم اخماد النيران. واستهل العام الجديد 2013 بأنباء عن استقالة وزير الاتصالات المهندس هاني محمود الذي برر استقالته بعدم القدرة على التكييف مع البيرواقراطية الحكومية المتكدسة ، وهو مايتنافى مع طبيعة شخصيته وحياته المرتبطة بالسلوكيات المهنية للقطاع الخاص البعيدة كل البعد عن البيرواقراطية ، ليخلفه في منصبه المهندس عاطف حلمي. التلاعب بالأسعار وقبيل حلول ذكرى ثورة الخامس والعشرين من يناير لعام 2013 ، فجرت شركة "فودافون مصر" أزمة بعدما رفعت قيمة كروت الشحن بفئاتها المختلفة والشحن على الطاير بنسبة 15 في المائة في إطار عرضها الجديد ، وذلك لتغطية التكاليف ، وذلك اعتبارا من الأحد الماضي الموافق 20 يناير 2013، ونوهت الشركة لعملائها والموزعين والتجار عن تقديمها للعرض الجديد "الكارت كارتين" ، والذي يمنح100٪ رصيد اضافي للمكالمات لارقام فودافون عند الشحن بخمسة جنيه أو أكثر ، وضربت مثالا بأن سعر الكارت ال 10 جنيه يصير الآن 5ر11 جنيه ، و هو متوفر بهذا السعر في كافة فروع ڤودافون و الموزعين المعتمدين. وبرغم تصريحات المسئولين في الحكومة حول عدم زيادة أسعار كروت الشحن من قبل شركات المحمول الثلاث ، فإن معاناة المواطنين مازالت مستمرة، بسبب استمرار التجار وموزعى الكروت فى رفع الأسعار بنسبة 15% لجميع كروت الشركات الثلاث "فودافون وموبينيل واتصالات" بمختلف المناطق، بحجة زيادة الأسعار من قبل الشركات. مواجهات حتمية وكشفت شعبة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أن جميع شركات المحمول استهدفت رفع الأسعار اعتبارا من الأسبوع المقبل، والدليل أن الشركات الثلاث قامت بطبع كروت جديدة، وألغت من عليها كلمة أن الكارت شامل ضريبة المبيعات، وهذه الكلمة تم تغييرها من جميع الكروت، لطبع الجديد بأسعار جديدة. وطالب تجار شعبة مراكز الاتصالات بمقاطعة شركات المحمول الثلاث من التجار والمستهلكين يوم 28 يناير القادم، وهو نفس اليوم الذى قطعت فيه شركات المحمول جميع الشبكات عن المستهلكين توقيت اندلاع ثورة 25 يناير، واعتراضا على رفعها سعر كروت الشحن. ردود أفعال تسارع الأحداث دفع المسئولين في جهات المراقبة الحكومية ومنهم اللواء أحمد الموافى، مدير الإدارة العامة لمباحث التموين، إلى القول بأن أزمة كروت الشحن مفتعلة، خاصة أن شركات المحمول لم تزد أسعار الكروت، وأنه تم تشكيل مجموعات عمل إضافية للمرور على التجار وشركات توزيع كروت الشحن، وتم ضبط 6112 كارت شحن لشركات المحمول الثلاث بحوزة الموزعين والتجار، بسبب البيع بأسعار مرتفعة بمناطق الدقى وحلوان وعين شمس ووسط البلد والجيزة والهرم، وتم تحرير محاضر للمخالفين وعرضها على النيابة العامة. وأدلى اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، بدلوه قائلا "إن الجهاز قام بشن حملات على الموزعين منذ اندلاع الأزمة، وأنه تم تحرير العديد من المحاضر منها 3 فى منطقة فيصل، حيث تبين قيام البعض برفع أسعار كروت الشحن للشركات الثلاث فئة 10 جنيهات إلى 12 جنيهاً، وأنه تم ضبط المخالفين وتحويلهم للنيابة العامة، لافتاً إلى أن الجهاز يقوم حالياً بالتنسيق مع جميع الأجهزة المعنية لرصد الأسعار ومواجهة استغلال البعض الأزمات التى تمر بها البلاد". وخاطب فودافون بعدم تعميم عروضها الخاصة بزيادة الرصيد 100% مقابل زيادة أسعار الكروت 15%، على أن تقوم الشركة بعمل كروت أخرى ليكون للمستهلك حرية الاختيار دون إجباره على الاشتراك فى عرض معين ، والالتزام بقانون حماية المستهلك، وتعزيز الثقة مع المستهلكين، من خلال مراعاة مصالحهم والبعد عن الممارسات المخالفة للقانون، لافتاً إلى أن الإجراءات التى يتخذها الجهاز فى مواجهة المخالفين تصب لصالح التجار الملتزمين بالقانون، مطالباً المواطنين بالإبلاغ عن أى شكوى حتى يتمكن الجهاز من اتخاذ الإجراءات ضد المخالفين وضبط الأسواق، وإرسال أية شكاوى عن طريق الخط الساخن، أو مكاتب البريد المنتشرة فى جميع أنحاء الجمهورية. وتفاقمت تداعيات الأزمة المفتعلة، وخرج علينا الدكتور باسم عودة، وزير التموين والتجارة الداخلية، مؤكدا أن الإدارة العامة لمباحث التموين بدأت، بالتنسيق مع جهاز حماية المستهلك، فى شن حمالات مكثفة على التجار وموزعى كروت الشحن، للتأكد من عدم تلاعبهم فى أسعار البطاقات، مشيراً إلى أن شركات المحمول الثلاث لم ترفع أسعار الكروت، وأن وزارتي المالية والاتصالات لم تفرضا أية ضرائب على شركات المحمول، وبالتالى لن يتم السماح لأحد بزيادة الأسعار على المواطنين. وسار وزير الاتصالات المهندس عاطف حلمي على نفس الدرب نافيا حدوث أي زيادة في أسعار كروت شحن المحمول ، قائلا خلال لقائه برؤوساء شركات المحمول الثلاثة التي تعمل بالسوق المصري (موبينيل – فودافون – اتصالات مصر) بحضور الدكتور عمرو بدوي الرئيس التنفيذي للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات إن شركة فودافون تعيد دراسة أسعار كروت الشحن الخاصة بها في إطار العرض الترويجي الأخير ، وجدوى استمراره في السوق بما يحقق مصلحة المستهلك. ونفى الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات فرض أي ضرائب جديدة على كروت شحن المحمول بالنسبة للمشغلين الثلاثة العاملين بقطاع الاتصالات ، وأهاب بالمواطنين عدم دفع أي مبالغ تزيد عن السعر المعلن من الشركات. وحذرت بعض القوى السياسية والثورية من قطع الاتصالات في يوم 25 يناير القادم، مؤكدين أن توقيت افتعال أزمة أسعار الكروت دون أن يكون هناك مبرر لذلك ليس عشوائيا ويحمل دلالات وأغراض سياسية ، لاسيما وأن أسعار كروت الشحن زادت دون فرض أية ضرائب إضافية، فشركات الاتصالات هي التي فعلت هذا من تلقاء نفسها، حيث بدأتها شركة فودافون وتبعتها الشركات الأخرى، مشيراً إلى أنهم قللوا أعداد كروت الشحن لتحدث أزمة. الأمر الذي قد يعيدنا إلى نظرية المؤامرة مجددا خاصة مع عدم وجود مبرر للغلاء ، وأن مشغلي المحمول قاصدون سعيا لخراب الدولة، لأن التوقيت ليس عشوائيا فهو يسبق 25 يناير بأيام ، إذ أن إقدام تلك الشركات خاصة إذا تطورت الأزمة إلى وقف الخدمة في 25 يناير، فهي تريد إسقاط النظام لأن قطع الاتصالات في أحداث الثورة أثبت أنه أمر ضار جداً وأدى لغضب عارم ضاعف أعداد المشاركين في الثورة ، وعمد على تأجيج الأمور. ولم تتوقف حدود الأزمة عند المسئولين الرسمين فحسب، بل انتقلت إلى صفحات التواصل الاجتماعي عبر موقعي "فيس بوك" و"تويتر" لتتحول إلى ساحة سخرية من شركات المحمول ودعوات لمقاطعتها ، وذلك بعدما عبر عدد من الشباب عن رفضهم لرفع أسعار كروت الشحن بطريقتهم الخاصة باستخدم عدد منهم الجمل الشهيرة لعدد من السياسيين والإعلاميين محاولين ربطها بالحدث. غلق ملف الأزمة أرغم وهج النيران شركة فودافون مصر إلى تعديل عرض "الكارت كارتين" بإلغاء الزيادة ال 15% علي أسعار كروت الشحن مع الإستمرار في منح عملاء الكارت 100% رصيد إضافي عند الشحن و لفترة محدودة ، وذلك استجابة لرغبة عملائها ، برغم ارتفاع التكاليف المختلفة على الشركة واللازمة لتقديم الخدمات و كذلك زيادة أسعار الطاقة والصيانة مع إستيراد معظم مكونات الشبكة من الخارج بالعملات الأجنبية ، مؤكدة توافر كروت شحن فودافون بجميع الفئات بالأسعار القديمة بدأ من 23 يناير 2013 بجميع منافذ بيع فودافون ولدى الوكلاء والموزعين المعتمدين.