أتى انقلاب 3 يوليو تتويجاً للثورة المضادة التى بدأت باحتواء العسكر لثورة 25 يناير والتضحية بمبارك فى سبيل بقاء تحالف العسكر ودولة الفساد العميقة ، فقد أدار العسكر الثورة المضادة بالتعاون مع اجنحتها فى الداخلية والاعلام والقضاء ورجال أعمال الفساد ، و جاءت الخطوة الاولى للانقلاب فى 14 يونيو 2012 عندما قامت محكمة مبارك اللادستورية بحل مجلس الشعب المنتخب فى حكم سياسى فج غير مسبوق ، بعدها صدر الاعلان الدستورى المكمل عشية 17 يونيو حين ادرك العسكر اقتراب الرئيس مرسى من الفوز وهو اعلان جعل من العسكر شريك فى ادارة البلاد مع الرئيس المنتظر. فى 12 اغسطس وجه الرئيس مرسى ضربة مؤثرة للثورة المضادة بالغائه لاعلان العسكر وتنحية طنطاوى وعنان ، لكنها لم تكن سوى معركة صغيرة قرر بعدها محركى الثورة المضادة فى الخارج وأذنابهم فى الداخل اتباع تكتيكات اخرى تعتمد بالأساس على خنق المصريين بازمات الوقود والكهرباء ، وعلى القضاء المسيس وعلى الاعلام المضلل ، فكان القضاء هو الأداة المثلى لتعطيل المسار الدستورى المدنى والغاء خطوات الرئيس الاصلاحية ، بينما قام الاعلام بحملة شائعات واكاذيب على مدار الساعة حول الرئيس و الاخوان.
وفى النهاية جاء الانقلاب سافراً فقد استطاعت قيادات العسكر و أجهزة المخابرات و الداخلية أن تنجح فى توفير غطاء شعبى سينمائى اتخذوا منه ذريعة واهبة لنسف كل مكتسبات ثورة 25 يناير المجيدة ، فسارع الانقلابيون لنسف الديمقراطية بالغاء كل المجالس التى انتخبها المصريون لتضيع ارادة الملايين الحرة التى عبروا عنها فى خمس جولات تصويتية بدءاً من استفتاء 19 مارس فمجلس الشعب ومجلس الشورى ثم الانقلاب على الرئيس وتعطيل الدستور المصرى الذى لم يمض على اقراره سوى ستة أشهر!!
لقد بدا ان الثورة المضادة قد كسبت المعركة بالكامل ، و ظهر ذلك فى الدعم السريع من الدول المخططة للانقلاب فى الخليج و أمريكا واسرائيل التى قام سفير الانقلاب البرادعى بزيارتها جهاراً نهاراً دون خجل ، وهو ما يعنى ان الرهان الخارجى هو تحكم العسكر الموالى للمشروع الصهيو أمريكى فى البلاد بغطاء مدنى ديكورى ، ثم استبعاد التيار الاسلامى من المشاركة السياسية عبر ملاحقته أمنياً فى سيناريو قد يعود بنا الى أجواء الحظر والغاء الاحزاب الاسلامية فى غضون عدة أشهر بالتوازى مع حملة اعلامية من الدعاية السوداء الفاشية ضد الاخوان المسلمين وضد الثوار ، مع وصف كل من يناهض الانقلاب بانه من الاخوان كتهمة كافية للتشهير والتنكيل.
إن ما يدور الان على أرض الكنانة هى معركة بين الحرية والعبودية وبين الديمقراطية والاستبداد العسكرى فليست المعركة حول الرئيس أو الاخوان، وتلك هى الحقيقة التى يجب التركيز عليها و نشرها بين طبقات المجتمع ، ولنطرح عدة تساؤلات توضح حقيقة الانقلاب العسكرى الدموى:
-لو كان هذا الانقلاب استجابة لرغبة الشعب ، فمن يحدد رغبة الشعب ألم ترددوا طوال عام أن الشعب منقسم لمعسكرين ؟ فكيف تمكنوا من ترجيح كفة أحد المعسكرين ؟
-لو كان الانقلابيون واثقين فى كراهية الشعب للرئيس مرسى فلماذا لم يعلنوا استفتاءاً للشعب حول استمرار الرئيس ؟؟؟ لو كانت تلك ارادة الشعب لاجروا استفتاءاً عاجلاً يشرعنون فيه انقلابهم السينمائى، ولكنهم خشوا من ارادة الشعب التى اعتادوا ان تخذلهم.
- لقد قامت جماهير 30 يونيو المشحونة اعلامياً والممولة فلولياً بالتظاهر ضد شخص الرئيس فلماذا تم حل مجلس الشورى المنتخب ؟ ولماذا تم تعطيل الدستور؟
- واذا تم تعطيل الدستور فلماذا لم يتم احترام ارادة ال 18 مليون الذين نزلوا فى استفتاء 19 مارس 2011 والعودة لدستور 71 المعدل ؟
- ماذا لو فتحتم ميادين التحرير والاتحادية وغيرها أمام الثوار ضد الانقلاب فامتلئت بهم عن آخرها هل سيتم تصويرهم بالطائرات و اعادة الرئيس والدستور و مجلس الشورى ؟
- ان الثورات تقوم ضد الاستبداد والقمع فكيف يقود الثورة ضباط الداخلية قتلة الشهداء و تخطط لها المخابرات ويرعاها العسكر.. هل هذه ثورة أم انقلاب هزلى سخرت منه شعوب العالم الحر؟
- ماذا عن اغلاق الفضائيات ووقف الصحف دون أى سند قانونى ، وماذا عن الرقابة العسكرية على الصحف والتشويش على الفضائيات و أين دعاة الحرية والليبرالية ؟
- كيف يتم اعتقال رموز العمل الاسلامى بين ليلة وضحاها بقضايا ملفقة واهية اضطرت (عمرو حمزاوى) أن يسخر من اعتقال د. سعد الكتاتنى رئيس برلمان الثورة بدعوى تحريضه على العنف ؟
- - ماذا عن شهادة ( هيومن رايتس ووتش) و شهادات الصحف الأجنبية حول مجزرة الحرس الجمهورى التى كذبت رواية المتحدث العسكرى أن سبب الاشتباك راجع إلى قيام مجموعة إرهابية مسلحة بمحاولة اقتحام مقر الحرس الجمهورى. وأكدا أن قصة المحاولة لا أساس لها من الصحة، وأن الصحيح غير ذلك تماما، لأن المعتصمين أمام مقر الحرس الجمهورى كانوا يؤدون صلاة الفجر، وان 12 مدرعة، وأعدادا كبيرة من جنود الأمن المركزى حاصرت المكان وأطلقت النيران على المصلين، الأمر الذى أدى إلى قتل 51 شخصا، وجرح عدة مئات منهم. وقد اعتبرت هيومان رايتس ووتش ان ذلك الحادث يعد الأكثر دموية منذ عصر مبارك.
- من يكتب دستور مصر الآن ومن خول لهم ذلك ؟هل قامت ثورة 25 يناير كى تقوم لجنة اختارها العسكر بكتابة دستور 90 مليون مصرى ؟
ان الرهان الآن هوعلى توفيق الله لقطاع واسع من الشعب المصرى فى الخروج بقوة ضد الانقلاب ولذا فان الاعتصام والتظاهر السلمى يعد خياراً استراتيجياً لا بديل عنه فى هذا السبيل ، وهو ما يتطلب توعية قطاعات كبيرة من ابناء الشعب بحقيقة الانقلاب وجعلهم جزء من المعادلة الثورية القائمة بزيادة حجم المتظاهرين ضد الانقلاب من المصريين غير المنتمين للتيار الاسلامى وهو ما تزايد بوضوح فى الأيام الأخيرة. فنداء لكل لأحرار مسلمين ومسيحيين ومن كافة المشارب السياسية أن هبوا لحماية ثورتكم وحريتكم ومستقبل ابنائكم لكى تنفضوا عنكم قيود الذل والاستعباد فتحيوا كراماً فى وطنكم (وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ) .