في لقاء أنابوليس بالولايات المتحدة، كان المجتمع الدولي شاهدا على ما تم في هذا اللقاء، وما اتفق عليه بين الاطراف المتصارعة، وفي المقدمة انطلاق المفاوضات لحل الصراع بعد مناقشة وتفاوض صريح جدي على المسائل الرئيسية التي تشكل جوهر الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، والدول العربية حضرت اللقاء تعزيزا للموقف الفلسطيني، وقيل الكثير في هذا اللقاء توقيتا وجدول اعمال وأهدافا ونتائج.
انتهت أعمال اللقاء وطرح كل طرف موقفه ورؤيته ، وبدأت الاستعدادات لجولات التفاوض الصعبة بهدف احلال السلام واشاعة الأمن والاستقرار، لكن، قبيل انطلاق هذه المفاوضات صفعت تل ابيب المجتمع الدولي والعرب الذين شاركوا في لقاء انابوليس عندما أكدت تعنتها واصرارها على أن تظل عامل التفجير وسبب التوتر في المنطقة والرافض للسلام، أيا كانت الجهود، وأيا كان المشاركون في لقاءات ومحطات السلام... تل أبيب، أكدت استمرار سياسة الاستيطان في الاراضي الفلسطينية المحتلة، وتحديدا على مشارف القدس، مغلقة بذلك كل الأبواب في طريق عملية السلام، مواصلة سياسة فرض الأمر الواقع ، التي تفرغ أية مفاوضات من مضامينها.
والآن، في ضوء الخطوات الاسرائيلية الرافضة للسلام، التي أعقبت لقاء انابوليس ، وضربها عرض الحائط بكل الامال والجهود وحسن النوايا من الجانب العربي، ورغبة المجتمع الدولي في حل الصراع الدموي المستمر منذ عقود طويلة ، فان هناك مسؤولية ومهام مطروحة على الدول العربية، وتحديدا تلك التي شاركت في لقاء انابوليس برعاية القطب الأوحد الذي زعم بأنه حريص على توفير كل العوامل والأسباب والأجواء لانجاح مسيرة التفاوض وصولا الى السلام الدائم.
مطلوب من الدول العربية ، أن تعلن موقفها صراحة من الانتهاكات الاسرائيلية المستمرة في الاراضي الفلسطينية دون اكتراث للنوايا الطيبة، ومسلسل منح الفرص، وآماني وتمنيات المجتمع الدولي، فاسرائيل تقدم يوميا ما يؤكد تعنتها ورفضها للسلام، وبالتالي، ماذا سيفعل العرب، وما هي خططهم لمواجهة هذا التحدي الاسرائيلي المستهتر والمستخف والمستهزىء بالامة العربية، وبالمجتمع الدولي والشرعية الدولية!!
أما فلسطينيا، فان القيادة الفلسطينية مدعوة الى دراسة الأمر بدقة وجدية، وتقييم هذا التطور، وتعزيز جدران الوحدة الوطنية، والبحث عن سبيل متفق عليه جماهيريا لمواجهة سياسة الأمر الواقع الاسرائيلية التي تستهدف تهويد الأرض وتغيير المعالم واستمرارية الاحتلال .
وبالتأكيد أن اللجوء الى واشنطن للضغط على اسرائيل لوقف حملات التهويد والاستيطان، كما كان يحصل في السابق عند كل انتهاك واستخفاف اسرائيلي، فهي طريقة احتجاج لا تجدي نفعا، تستغلها واشنطن لمزيد من الضغوط على الجانب العربي، ما دام هذا الجانب لا يريد لا يفكر في نفض غبار العجز عن كاهله، فالادارة الامريكية غير معنية بتاتا بالضغط على اسرائيل، هذا اذا كانت قادرة على ممارسة الضغط او راغبة به اصلا، وأمريكا لن تكون الحكم كما يشاع، فالحكم يكون نزيها، لا منحازا وبشكل سافر.
وهنا، من حقنا، أن نتساءل: هل كان الرئيس بوش عندما دعا الى لقاء في انابوليس يهدف حقا الى حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي أم أنه كان استدراجا للعرب للتطبيع الكامل مع اسرائيل ودفعهم الى الاصطفاف في الخندق المعادي للشعب الفلسطيني؟!
ان تطورات وأحداث ومواقف ما بعد انابوليس تسهل الاجابة على هذا التساؤل، الذي نطرحه.